نصّ مشروع الشرق الأوسط الكبير

نصّ مشروع الشرق الأوسط الكبير
إعداد: جريدة الحياة - لندن - 13/2/2004

يمثل «الشرق الأوسط الكبير» ([1]) تحدّياً وفرصة فريدة للمجتمع الدولي. وطالما تزايد عدد الأفراد المحرومين من حقوقهم السياسية والاقتصادية في المنطقة، سنشهد زيادة في التطرّف والإرهاب والجريمة الدولية والهجرة غير المشروعة. إن الإحصائيات التي تصف الوضع الحالي في «الشرق الأوسط الكبير» مروّعة:

- مجموع إجمالي الدخل المحلّي لبلدان الجامعة العربية الـ22 هو أقل من نظيره في إسبانيا.

- حوالي 40 في المئة من العرب البالغين - 65 مليون شخص هم أميون، وتشكّل النساء ثلثي هذا العدد.

- سيدخل أكثر من 50 مليوناً من الشباب سوق العمل بحلول العام 2010، وسيدخلها 100 مليون بحلول العام .2020 وهناك حاجة لخلق ما لا يقلّ عن 6 ملايين وظيفة جديدة لامتصاص هؤلاء الوافدين الجدد إلى سوق العمل.

- إذا استمرت المعدلات الحالية للبطالة، فسيبلغ معدل البطالة في المنطقة 25 مليوناً بحلول 2010 .

- يعيش ثلث المنطقة على أقل من دولارين في اليوم. ولتحسين مستويات المعيشة، يجب أن يزداد النمو الاقتصادي في المنطقة أكثر من الضعف من مستواه الحالي الذي هو دون 3 في المئة إلى 6 في المئة.

- في إمكان 1,6 في المئة فقط من السكان استخدام الإنترنت، وهو رقم أقل مما هو عليه في أي منطقة أخرى في العالم، بما في ذلك بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

- لا تشغل النساء سوى 3,5 في المئة فقط من المقاعد البرلمانية في البلدان العربية، بالمقارنة، على سبيل المثال، مع 8,4 في المئة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

- عبّر 51 في المئة من الشبّان العرب الأكبر سناً عن رغبتهم في الهجرة إلى بلدان أخرى، وفقاً لتقرير التنمية البشرية العربية للعام   2002 والهدف المفضل لديهم هو البلدان الأوروبية.

تشير هذه الإحصائيات إلى أن المنطقة تقف عند مفترق طرق. ويمكن للشرق الأوسط الكبير أن يستمر على المسار ذاته، ليضيف كل عام المزيد من الشباب المفتقرين إلى مستويات لائقة من العمل والتعليم والمحرومين من حقوقهم السياسية. وسيمثل ذلك تهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة، وللمصالح المشتركة لأعضاء مجموعة الثماني.

البديل هو الطريق إلى الإصلاح. ويمثل تقرير التنمية البشرية العربية نداءات مقنعة وملحة للتحرك في الشرق الأوسط الكبير. وهي نداءات يرددها نشطاء وأكاديميون والقطاع الخاص في أرجاء المنطقة. وقد استجاب بعض الزعماء في الشرق الأوسط الكبير بالفعل لهذه النداءات واتخذوا خطوات في اتجاه الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي. وأيدت بلدان مجموعة الثماني، بدورها، هذه الجهود بمبادراتها الخاصة للإصلاح في منطقة الشرق الأوسط. وتبيّن «الشراكة الأوروبية-المتوسطية»، و«مبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط»، وجهود إعادة الإعمار المتعددة الأطراف في أفغانستان والعراق، إلتزام مجموعة الثماني بالإصلاح في المنطقة.

إن التغيرات الديموغرافية المشار إليها أعلاه، وتحرير أفغانستان والعراق من نظامين قمعيين، ونشوء نبضات ديموقراطية في أرجاء المنطقة، بمجموعها، تتيح لمجموعة الثماني فرصة تاريخية. وينبغي للمجموعة، في قمتها في سي آيلاند، ان تصوغ شراكة بعيدة المدى مع قادة الإصلاح في الشرق الأوسط الكبير، وتطلق رداً منسّقاً لتشجيع الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المنطقة. ويمكن لمجموعة الثماني أن تتفق على أولويات مشتركة للإصلاح تعالج النواقص التي حدّدها تقرير الأمم المتحدة حول التنمية البشرية العربية عبر:

- تشجيع الديموقراطية والحكم الصالح.

- بناء مجتمع معرفي.

- توسيع الفرص الإقتصادية.

وتمثل أولويات الإصلاح هذه السبيل إلى تنمية المنطقة: فالديموقراطية والحكم الصالح يشكلان الإطار الذي تتحقق داخله التنمية، والأفراد الذين يتمتعون بتعليم جيّد هم أدوات التنمية، والمبادرة في مجال الأعمال هي ماكينة التنمية.

 

أولاً - تشجيع الديموقراطية والحكم الصالح

"توجد فجوة كبيرة بين البلدان العربية والمناطق الأخرى على صعيد الحكم القائم على المشاركة ...  هذا النقص في الحرية يضعف التنمية البشرية، وهو أحد التجليات الأكثر إيلاماً للتخلّف في التنمية السياسية." (تقرير التنمية البشرية 2002)

إن الديموقراطية والحرية ضروريتان لازدهار المبادرة الفردية، لكنهما مفقودتان إلى حد بعيد في أرجاء الشرق الأوسط الكبير. وفي تقرير «فريدوم هاوس» للعام 2003, كانت إسرائيل البلد الوحيد في الشرق الأوسط الكبير الذي صُنّف بأنه «حر»، ووصفت أربعة بلدان أخرى فقط بأنها «حرة جزئياً». ولفت تقرير التنمية البشرية العربية إلى أنه من بين سبع مناطق في العالم، حصلت البلدان العربية على أدنى درجة في الحرية في أواخر التسعينات. وأدرجت قواعد البيانات التي تقيس «التعبير عن الرأي والمساءلة» المنطقة العربية في المرتبة الأدنى في العالم. بالإضافة إلى ذلك، لا يتقدّم العالم العربي إلاّ على أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى على صعيد تمكين النساء. ولا تنسجم هذه المؤشرات المحبطة إطلاقا مع الرغبات التي يعبّر عنها سكان المنطقة. في تقرير التنمية البشرية العربية للعام 2003, على سبيل المثال، تصدّر العرب لائحة من يؤيد، في أرجاء العالم، الرأي القائل بان «الديموقراطية أفضل من أي شكل آخر للحكم»، وعبّروا عن أعلى مستوى لرفض الحكم الاستبدادي.

ويمكن لمجموعة الثماني أن تظهر تأييدها للإصلاح الديموقراطي في المنطقة عبر التزام ما يلي:

 

مبادرة الإنتخابات الحرة

أعلنت بلدان عدة في الشرق الأوسط الكبير ([2]) نيّتها إجراء انتخابات رئاسية أو برلمانية أو بلدية في الفترة بين 2004 و 2006.

وبالتعاون مع تلك البلدان التي تظهر استعداداً جدياً لإجراء انتخابات حرة ومنصفة، يمكن لمجموعة الثماني أن تقدّم بفاعلية مساعدات لمرحلة ما قبل الانتخابات بـ:

- تقديم مساعدات تقنية، عبر تبادل الزيارات أو الندوات، لإنشاء أو تعزيز لجان انتخابية مستقلة لمراقبة الإنتخابات والإستجابة للشكاوى وتسلم التقارير.

- تقديم مساعدات تقنية لتسجيل الناخبين والتربية المدنية، إلى الحكومات التي تطلب ذلك، مع تركيز خاص على الناخبات.

الزيارات المتبادلة والتدريب على الصعيد البرلماني.

من أجل تعزيز دور البرلمانات في دمقرطة البلدان، يمكن لمجموعة الثماني أن ترعى تبادل زيارات لأعضاء البرلمانات، مع تركيز الإهتمام على صوغ التشريعات وتطبيق الإصلاح التشريعي والقانوني وتمثيل الناخبين.

 

معاهد للتدريب على القيادة خاصة بالنساء

تشغل النساء 3,5 في المئة فقط من المقاعد البرلمانية في البلدان العربية. ومن أجل زيادة مشاركة النساء في الحياة السياسية والمدنية، يمكن لمجموعة الثماني أن ترعى معاهد تدريب خاصة بالنساء تقدم تدريباً على القيادة للنساء المهتمات بالمشاركة في التنافس الانتخابي على مواقع في الحكم أو إنشاء/تشغيل منظمات غير حكومية. ويمكن لهذه المعاهد أن تجمع بين قياديات من بلدان مجموعة الثماني والمنطقة.

 

المساعدة القانونية للناس العاديين

بينما نفذّت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والبنك الدولي مبادرات كثيرة لتشجيع الإصلاح القانوني والقضائي، فإن معظمها يجري على المستوى الوطني في مجالات مثل التدريب القضائي والإدارة القضائية وإصلاح النظام القانوني. ويمكن لمبادرة من مجموعة الثماني أن تكمّل هذه الجهود بتركيز الانتباه على مستوى الناس العاديين في المجتمع، حيث يبدأ التحسس الحقيقي للعدالة. ويمكن لمجموعة الثماني أن تنشئ وتموّل مراكز يمكن للأفراد أن يحصلوا فيها على مشورة قانونية بشأن القانون المدني أو الجنائي أو الشريعة، ويتصلوا بمحامي الدفاع (وهي غير مألوفة إلى حدّ كبير في المنطقة). كما يمكن لهذه المراكز أن ترتبط بكليّات الحقوق في المنطقة.

 

مبادرة وسائل الإعلام المستقلة

يلفت تقرير ألتنمية البشرية العربية إلى أن هناك أقل من 53 صحيفة لكل 1000 مواطن عربي، بالمقارنة مع 285 صحيفة لكل ألف شخص في البلدان المتطورة، وأن الصحف العربية التي يتم تداولها تميل إلى أن تكون ذات نوعية رديئة. ومعظم برامج التلفزيون في المنطقة تعود ملكيته إلى الدولة أو يخضع لسيطرتها، وغالباً ما تكون النوعية رديئة، إذ تفتقر البرامج إلى التقارير ذات الطابع التحليلي والتحقيقي. ويقود هذا النقص إلى غياب اهتمام الجمهور وتفاعله مع وسائل الإعلام المطبوعة، ويحدّ من المعلومات المتوافرة للجمهور. ولمعالجة ذلك، يمكن لمجموعة الثماني أن:

- ترعى زيارات متبادلة للصحافيين في وسائل الإعلام المطبوعة والإذاعية.

- ترعى برامج تدريب لصحافيين مستقلين.

- تقدم زمالات دراسية لطلاب كي يداوموا في مدارس للصحافة في المنطقة أو خارج البلاد، وتمول برامج لإيفاد صحافيين أو أساتذة صحافة لتنظيم ندوات تدريب بشأن قضايا مثل تغطية الإنتخابات أو قضاء فصل دراسي في التدريس في مدارس بالمنطقة.

 

الجهود المتعلقة بالشفافية / مكافحة الفساد

حدّد البنك الدولي الفساد باعتباره العقبة المنفردة الأكبر في وجه التنمية، وقد أصبح متأصلاً في الكثير من بلدان الشرق الأوسط الكبير. ويمكن لمجموعة الثماني:

- أن تشجع على تبنّي «مبادئ الشفافية ومكافحة الفساد» الخاصة بمجموعة الثماني.

- أن تدعم علناً مبادرة منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية/ برنامج الأمم المتحدة للتنمية في الشرق الأوسط - شمال أفريقيا، التي يناقش من خلالها رؤساء حكومات ومانحون ومنظمات غير حكومية استراتيجيات وطنية لمكافحة الفساد وتعزيز خضوع الحكومة للمساءلة.

- إطلاق واحد أو أكثر من البرامج التجريبية لمجموعة الثماني حول الشفافية في المنطقة.

 

المجتمع المدني

أخذاً في الاعتبار أن القوة الدافعة للإصلاح الحقيقي في الشرق الأوسط الكبير يجب أن تأتي من الداخل، وبما أن أفضل الوسائل لتشجيع الإصلاح هي عبر منظمات تمثيلية، ينبغي لمجموعة الثماني أن تشجع على تطوير منظمات فاعلة للمجتمع المدني في المنطقة. ويمكن لمجموعة الثماني أن:

- تشجّع حكومات المنطقة على السماح لمنظمات المجتمع المدني، ومن ضمنها المنظمات غير الحكومية الخاصة بحقوق الإنسان ووسائل الإعلام، على أن تعمل بحرية من دون مضايقة أو تقييدات.

- تزيد التمويل المباشر للمنظمات المهتمة بالديموقراطية وحقوق الإنسان ووسائل الإعلام والنساء وغيرها من المنظمات غير الحكومية في المنطقة.

- تزيد القدرة التقنية للمنظمات غير الحكومية في المنطقة بزيادة التمويل للمنظمات المحلية (مثل «مؤسسة وستمنستر» في المملكة المتحدة أو «مؤسسة الدعم الوطني للديموقراطية» الأميركية) لتقديم التدريب للمنظمات غير الحكومية في شأن كيفية وضع برنامج والتأثير على الحكومة وتطوير استراتيجيات خاصة بوسائل الإعلام والناس العاديين لكسب التأييد. كما يمكن لهذه البرامج أن تتضمن تبادل الزيارات وإنشاء شبكات إقليمية.

- تموّل منظمة غير حكومية يمكن أن تجمع بين خبراء قانونيين أو خبراء إعلاميين من المنطقة لصوغ تقويمات سنوية للجهود المبذولة من أجل الإصلاح القضائي أو حرية وسائل الإعلام في المنطقة. (يمكن بهذا الشأن الاقتداء بنموذج "تقرير التنمية البشرية العربية").

 

ثانياً - بناء مجتمع معرفي

"تمثل المعرفة الطريق إلى التنمية والإنعتاق، خصوصاً في عالم يتسم بعولمة مكثفة. (تقرير التنمية البشرية العربية، 2002)

لقد أخفقت منطقة الشرق الأوسط الكبير، التي كانت في وقت مضى مهد الاكتشاف العلمي والمعرفة، إلى حد بعيد، في مواكبة العالم الحالي ذي التوجه المعرفي. وتشكّل الفجوة المعرفية التي تعانيها المنطقة ونزف الأدمغة المتواصل تحدياً لآفاق التنمية فيها. ولا يمثل ما تنتجه البلدان العربية من الكتب سوى 1,1 في المئة من الإجمالي العالمي (حيث تشكّل الكتب الدينية أكثر من 15 في المئة منها). ويهاجر حوالي ربع كل خريجي الجامعات، وتستورد التكنولوجيا إلى حد كبير. ويبلغ عدد الكتب المترجمة إلى اللغة اليونانية (التي لا ينطق بها سوى 11 مليون شخص) خمسة أضعاف ما يترجم إلى اللغة العربية.

وبالاستناد على الجهود التي تبذل بالفعل في المنطقة، يمكن لمجموعة الثماني أن تقدم مساعدات لمعالجة تحديات التعليم في المنطقة ومساعدة الطلاب على اكتساب المهارات الضرورية للنجاح في السوق المعولمة لعصرنا الحاضر.

 

مبادرة التعليم الأساسي

يعاني التعليم الأساسي في المنطقة من نقص (وتراجع) في التمويل الحكومي، بسبب تزايد الإقبال على التعليم متماشياً مع الضغوط السكانية، كما يعاني من اعتبارات ثقافية تقيّد تعليم البنات. وفي مقدور مجموعة الـ 8 السعي إلى مبادرة للتعليم الأوّلي في منطقة الشرق الأوسط الكبرى تشمل هذه العناصر:

- محو الأمية: أطلقت الأمم المتحدة في 2003 «برنامج عقد مكافحة الأمية» تحت شعار «محو الأمية كحرّية». ولمبادرة مجموعة الـ 8 لمكافحة الأمية أن تتكامل مع برنامج الأمم المتحدة، من خلال التركيز على إنتاج جيل متحرر من الأمية في الشرق الأوسط خلال العقد المقبل، مع السعي إلى خفض نسبة الأمية في المنطقة إلى النصف بحلول .2010 وستركز مبادرة مجموعة الـ ,8 مثل برنامج الأمم المتحدة، على النساء والبنات. وإذا أخذنا في الاعتبار معاناة 65 مليوناً من الراشدين في المنطقة من الأمية، يمكن لمبادرة مجموعة الـ 8 أن تركّز أيضا على محو الأمية بين الراشدين وتدريبهم من خلال برامج متنوعة، من مناهج تدريس على الإنترنت إلى تدريب المعلمين.

- فرق محو الأمية: يمكن لمجموعة الـ 8، سعياً إلى تحسين مستوى القراءة والكتابة لدى الفتيات، إنشاء أو توسيع معاهد تدريب المعلمين مع التركيز على النساء. ولمعلمات المدارس والمختصات بالتعليم القيام في هذه المعاهد بتدريب النساء على مهنة التعليم (هناك دول تحرم تعليم الذكور للإناث)، لكي يركزن بدورهن على تعليم البنات القراءة وتوفير التعليم الأولي لهن. للبرنامج أيضاً استخدام الإرشادات المتضمنة في برنامج «التعليم للجميع» التابع لـ«يونيسكو»، بهدف إعداد «فرق محو الأمية» التي سيبلغ تعدادها بحلول 2008 مئة ألف معلمة.

- الكتب التعليمية: يلاحظ تقرير التنمية البشرية العربية نقصاً مهماً في ترجمة الكتب الأساسية في الفلسفة والأدب وعلم الاجتماع وعلوم الطبيعة، كما تلاحظ «الحالة المؤسفة للمكتبات» في الجامعات. ويمكن لكل من دول مجموعة الـ8 تمويل برنامج لترجمة مؤلفاتها «الكلاسيكية» في هذه الحقول، وأيضاً، وحيث يكون ذلك مناسباً، تستطيع الدول أو دور النشر (في شراكة بين القطاعين العام والخاص) إعادة نشر الكتب الكلاسيكية العربية الخارجة عن التداول حالياً والتبرع بها إلى المدارس والجامعات والمكتبات العامة المحلية.

- مبادرة مدارس الاكتشاف: بدأ الأردن بتنفيذ مبادرته لإنشاء «مدارس الاكتشاف» حيث يتم استعمال التكنولوجيا المتقدمة ومناهج التعليم الحديثة. ولمجموعة الـ 8 أن تسعى إلى توسيع هذه الفكرة ونقلها إلى دول أخرى في المنطقة من طريق التمويل، من ضمنه من القطاع الخاص.

- إصلاح التعليم: ستقوم «المبادرة الأميركية للشراكة في الشرق الأوسط» قبل قمة مجموعة الـ 8 المقبلة (في آذار/ مارس أو نيسان/ أبريل) برعاية «قمة الشرق الأوسط لإصلاح التعليم»، التي ستكون ملتقى لتيارات الرأي العام المتطلعة إلى الإصلاح والقطاع الخاص وقادة الهيئات المدنية والاجتماعية في المنطقة ونظرائهم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وذلك لتحديد المواقع والمواضيع التي تتطلب المعالجة، والتباحث في سبل التغلب على النواقص في حقل التعليم. ويمكن عقد القمة في ضيافة مجموعة الـ 8 توخياً لتوسيع الدعم لمبادرة منطقة الشرق الأوسط الكبرى عشية عقد القمة.

 

مبادرة التعليم في الإنترنت

تحتل المنطقة المستوى الأدنى من حيث التواصل مع الإنترنت. ومن الضروري تماماً «جَسر الهوّة الرقمية» هذه بين المنطقة وبقية العالم نظراً إلى تزايد المعلومات المودعة على الإنترنت وأهمية الإنترنت بالنسبة للتعليم والمتاجرة. ولدى مجموعة الـ8 القدرة على إطلاق شراكة بين القطاعين العام والخاص لتوفير الإتصال الكومبيوتري أو توسيعه في أنحاء المنطقة، وأيضاً بين المدن والريف داخل البلد الواحد. وقد يكون من المناسب أكثر لبعض المناطق توفير الكومبيوترات في مكاتب البريد، مثلما يحصل في بلدات وقرى روسيا. وقد يركز المشروع أولا على بلدان الشرق الأوسط الأقلّ استخداماً للكومبيوتر (العراق، أفغانستان، باكستان، اليمن، سورية، ليبيا، الجزائر، مصر، المغرب)، والسعي، ضمن الإمكانات المالية، إلى توفير الإتصال بالكومبيوتر إلى أكثر ما يمكن من المدارس ومكاتب البريد.

ومن الممكن أيضاً ربط مبادرة تجهيز المدارس بالكومبيوتر بـ«بمبادرة فرق محو الأمية» المذكورة أعلاه، أي قيام مدرّسي المعاهد بتدريب المعلمين المحليين على تطوير مناهج دراسية ووضعها على الإنترنت، في مشروع يتولى القطاع الخاص توفير معداته ويكون متاحاً للمعلمين والطلبة.

 

مبادرة تدريس إدارة الأعمال

لمجموعة الـ 8 في سياق السعي إلى تحسين مستوى إدارة الأعمال في عموم المنطقة إقامة الشراكات بين مدارس الأعمال في دول مجموعة الـ 8 والمعاهد التعليمية (الجامعات والمعاهد المتخصصة) في المنطقة. وبمقدور مجموعة الـ8 تمويل هيئة التعليم والمواد التعليمية في هذه المعاهد المشتركة، التي تمتد برامجها من دورة تدريبية لمدة سنة للخرّيجين إلى دورات قصيرة تدور على مواضيع محددة، مثل إعداد خطط العمل للشركات أو استراتيجيات التسويق.

النموذج لهذا النوع من المعاهد قد يكون معهد البحرين للمصارف والمال، وهو مؤسسة بمدير أميركي ولها علاقة شراكة مع عدد من الجامعات الأميركية.

 

توسيع الفرص الاقتصادية

إن جَسر الهوّة الاقتصادية للشرق الأوسط الكبير يتطلب تحوّلاً اقتصاديا يشابه في مداه ذلك الذي عملت به الدول الشيوعية سابقاً في أوروبا الشرقية. وسيكون مفتاح التحوّل إطلاق قدرات القطاع الخاص في المنطقة، خصوصاً مشاريع الأعمال الصغيرة والمتوسطة، التي تشكّل المحرّكات الرئيسية للنمو الإقتصادي وخلق فرص العمل. وسيكون نمو طبقة متمرّسة في مجال الأعمال عنصراً هاماً لنمو الديموقراطية والحرية. ويمكن لمجموعة الـ 8 في هذا السياق إتخاذ الخطوات التالية:

 

مبادرة تمويل النمو

تقوية فاعلية القطاع المالي عنصر ضروري للتوصل إلى نسب أعلى للنمو وخلق فرص العمل. ولمجموعة الـ 8 أن تسعى إلى إطلاق مبادرة مالية متكاملة تتضمن العناصر التالية:

- إقراض المشاريع الصغيرة: هناك بعض المؤسسات المختصة بتمويل المشاريع الصغيرة في المنطقة، لكن العاملين في هذا المجال لا يزالون يواجهون ثغرات مالية كبيرة، إذ لا يحصل على التمويل سوى خمسة في المئة من الساعين إليه، ولا يتم عموماً تقديم أكثر من 7,0 في المئة من مجموع المال المطلوب في هذا القطاع. وبإمكان مجموعة الـ 8 المساعدة على تلافي هذا النقص من خلال تمويل المشاريع الصغيرة، مع التركيز على التمويل بهدف الربح، خصوصاً للمشاريع التي تقوم بها النساء. إن مؤسسات الإقراض الصغير المربح قادرة على إدامة نفسها ولا تحتاج إلى تمويل إضافي للاستمرار والنمو. ونقدّر أن في إمكان قرض من 400 مليون دولار إلى 500 مليون دولار يدفع على خمس سنوات، مساعدة 2,1 مليون ناشط اقتصادي على التخلص من الفقر، 750 ألفاً منهم من النساء.

- مؤسسة المال للشرق الأوسط الكبير: باستطاعة مجموعة الـ8 المشاركة في تمويل مؤسسة على طراز «مؤسسة المال الدولية» للمساعدة على تنمية مشاريع الأعمال على المستويين المتوسط والكبير، بهدف التوصل إلى تكامل اقتصادي لمجال الأعمال في المنطقة. وربما الأفضل إدارة هذه المؤسسة من قبل مجموعة من قادة القطاع الخاص في مجموعة الـ8 يقدمون خبراتهم لمنطقة الشرق الأوسط الكبير.

- بنك تنمية للشرق الأوسط الكبير: في إمكان مجموعة الـ 8 وبمشاركة مقرضين من منطقة الشرق الأوسط الكبير نفسها، إنشاء مؤسسة إقليمية للتنمية على غرار «البنك الأوروبي للإعمار والتنمية» لمساعدة الدول الساعية إلى الإصلاح على توفير الاحتياجات الأولية للتنمية. كما تستطيع المؤسسة الجديدة توحيد القدرات المالية لدول المنطقة الأغنى وتركيزها على مشاريع لتوسيع انتشار التعليم والعناية الصحية والبنى التحتية الرئيسية. ولـ«بنك تنمية الشرق الأوسط الكبير» هذا أن يكون مذخراً للمساعدة التكنولوجية واستراتيجيات التنمية لبلدان المنطقة. إتخاذ قرارات الاقراض (او المنح) يجب أن تتحدد بحسب قدرة البلد المقترض على القيام بإصلاحات ملموسة.

- الشراكة من أجل نظام مالي أفضل: بمقدور مجموعة الـ ,8 توخياً لإصلاح الخدمات المالية في المنطقة وتحسين اندماج بلدانها في النظام المالي العالمي، أن تعرض مشاركتها في عمليات إصلاح النظم المالية في البلدان المتقدمة في المنطقة. وسيكون هدف المشاركة إطلاق حرية الخدمات المالية وتوسيعها في عموم المنطقة، من خلال تقديم تشكيلة من المساعدات التقنية والخبرات في مجال الأنظمة المالية مع التركيز على:

- تنفيذ خطط الإصلاح التي تخفض سيطرة الدولة على الخدمات المالية.

- رفع الحواجز على التعاملات المالية بين الدول.

- تحديث الخدمات المصرفية.

- تقديم وتحسين وتوسيع الوسائل المالية الداعمة لاقتصاد السوق.

- إنشاء الهياكل التنظيمية الداعمة لاطلاق حرية الخدمات المالية.

 

مبادرة التجارة

إن حجم التبادل التجاري في الشرق الأوسط متدنٍّ جداً، إذ لا يشكل سوى ستة في المئة من كل التجارة العربية. ومعظم بلدان الشرق الأوسط الكبير تتعامل تجارياً مع بلدان خارج المنطقة، وتوصلت إلى اتفاقات تجارية تفضيلية مع أطراف بعيدة جداً بدلاً من جيرانها. ونتيجة لذلك، أصبحت الحواجز الجمركية وغير الجمركية هي الشيء المعتاد، فيما لا تزال التجارة عبر الحدود شيئاً نادراً. ويمكن لمجموعة الـ 8 أن تنشئ مبادرة جديدة مصمّمة لتشجيع التجارة في الشرق الأوسط الكبير، تتألف من العناصر التالية:

الانضمام/ التنفيذ على صعيد منظمة التجارة الدولية وتسهيل التجارة

يمكن لمجموعة الثماني أن تزيد تركيزها على انضمام البلدان في المنطقة إلى منظمة التجارة الدولية. ([3]) وستتضمن برامج محددة للمساعدة التقنية توفير مستشارين يعملون في البلد ذاته في شأن الانضمام إلى منظمة التجارة الدولية وتحفيز التزام واسع من مجموعة الـ 8 لتشجيع عملية الانضمام، بما في ذلك تركيز الإهتمام على تحديد وإزالة الحواجز غير الجمركية. وحالما ينجز الانضمام إلى منظمة التجارة الدولية، سيتحول مركز الاهتمام إلى توقيع التزامات إضافية لمنظمة التجارة الدولية، مثل «الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية» و«اتفاق مشتريات الحكومة» وربط استمرار المساعدة التقنية بتنفيذ هذه الالتزامات الخاصة بمنظمة التجارة الدولية. ويمكن لهذه المساعدات التقنية أن تربط أيضاً ببرنامج على صعيد المنطقة برعاية مجموعة الـ 8 بشأن التسهيلات والجوانب اللوجستية المتعلقة بالرسوم الجمركية للحدّ من الحواجز الإدارية والمادية بوجه التبادل التجاري بين بلدان المنطقة.

 

المناطق التجارية

ستنشئ مجموعة الـ 8 مناطق في الشرق الأوسط الكبير للتركيز على تحسين التبادل التجاري في المنطقة والممارسات المتعلقة بالرسوم الجمركية. وستتيح هذه المناطق مجموعة متنوعة من الخدمات لدعم النشاط التجاري للقطاع الخاص والصلات بين المشاريع الخاصة، بما في ذلك «التسوق من منفذ واحد» للمستثمرين الأجانب، وصلات مع مكاتب الجمارك لتقليل الوقت الذي يستغرقه إنجاز معاملات النقل، وضوابط موحدة لتسهيل دخول وخروج السلع والخدمات من المنطقة.

 

مناطق رعاية الأعمال

بالاستناد على النجاح الذي حققته مناطق التصدير ومناطق التجارة الخاصة في مناطق أخرى، يمكن لمجموعة الـ 8 أن تساعد على إقامة مناطق محددة خصيصاً في الشرق الأوسط الكبير تتولى تشجيع التعاون الإقليمي في تصميم وتصنيع وتسويق المنتجات. ويمكن لمجموعة الـ 8 أن تعرض منافذ محسّنة إلى أسواقها لهذه المنتجات، وتقدّم خبراتها في إنشاء هذه المناطق.

 

منبر الفرص الاقتصادية للشرق الأوسط الكبير

لتشجيع التعاون الإقليمي المحسّن، يمكن لمجموعة الـ 8 أن تنشئ «منبر الفرص الاقتصادية للشرق الأوسط» الذي سيجمع مسؤولين كباراً( من مجموعة الـ 8 والشرق الأوسط الكبير) مع إمكان عقد اجتماعات جانبية لمسؤولين وأفراد غير حكوميين من وسط رجال الأعمال (لمناقشة القضايا المتعلقة بالإصلاح الاقتصادي.(

ويمكن للمنبر أن يستند في شكل مرن على نموذج رابطة آسيا - المحيط الهادئ للتعاون الاقتصادي - أبك، وسيغطي قضايا اقتصادية إقليمية، من ضمنها القضايا المالية والتجارية وما يتعلق بالضوابط.

 


[1]  يشير «الشرق الأوسط الكبير» إلى بلدان العالم العربي، زائداً باكستان وأفغانستان وإيران وتركيا وإسرائيل.

[2]  تخطط أفغانستان والجزائر والبحرين وإيران ولبنان والمغرب وقطر والسعودية وتونس وتركيا واليمن لإجراء انتخابات.

[3]  البلدان التي قدمت طلباً للانضمام إلى منظمة التجارة الدولية (شكّلت لجنة عمل تابعة للمنظمة): الجزائر ولبنان والسعودية واليمن. بلدان قدمت طلباً للانضمام (لم يُنظر بعد في الطلب): أفغانستان وإيران وليبيا وسورية. بلدان طلبت منحها صفة مراقب: العراق.