أفكار ومشاريع

نظام يوفّر أحد أهم الحلول لأزمة الكهرباء في لبنان
إعداد: العقيد المهندس جورج الجمل


توليد الطاقة الكهربائية من الشمس وتخزينها لأوقات الذروة
إن التحدي الذي يواجهه أي نظام كهربائي، هو تقديم طاقة موثوقة ومستمرة لتلبية احتياجات الاقتصاد في جميع الأوقات بتكلفة منافسة.
يعاني قطاع الكهرباء في لبنان من عدم الكفاءة، وسوء الصيانة وعدم توافر قطع الغيار. وهو منذ أعوام يكلّف الدولة نحو 2 مليار دولار سنويًا لسدّ العجز الحاصل.
يقدّر إنتاج لبنان من الطاقة الكهربائية بحوالى 2300 ميغاواط، ويتكوّن نظام توليد الطاقة الحالي من 8 محطات توليد بالطاقة الحرارية بقدرة 2100 ميغاواط، و13 محطة بالطاقة المائية بقدرة 272 ميغاواط، وقد تمّ بناء جميع محطات الإنتاج المائية خلال الستينيات وانخفضت طاقتها الإنتاجية بنسبة 15٪.


الخسائر (LOSSES)
تقدّر الخسائر الفنية في نقل الكهرباء وتوزيعها في لبنان بـ15٪، في حين تتجاوز الخسائر غير التقنية، مثل السرقة والجباية غير المنتظمة، الـ20٪ من الكميات المنتجة. أما حجم الطلب على الطاقة حاليًا فيقدّر بـ4000 ميغاواط، مما يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي بمعدل 10-12 ساعة يوميًا، كما أن الطلب على الطاقة الكهربائية يزداد بنسبة 7٪ سنويًا.
 

الطاقة المتجددة في لبنان
تؤدّي الطاقة المتجددة حاليًا دورًا هامشيًا في توازن الطاقة في لبنان. فالطاقة المولّدة منها لا تتجاوز نسبة 5٪ من إجمالي الطاقة المطلوبة، وأقل من 10٪ من إنتاج الكهرباء. الطاقة المائية هي المصدر الوحيد من الطاقات المتجددة المستخدمة في توليد الكهرباء، على الرغم من أن لبنان لديه قدرة عالية من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
• الطاقة الشمسية:
لدى لبنان ما يقارب 300 يوم مشمـس في السنة، مع متــوســط إشعاع يومي يقدر بـ4.8 kwh/m2 ويصل إلى أقصى مستوياته في حزيران وتموز.
يعترض إنتاج الطاقة الكهربائية من الشمس (PHOTOVOLTAIC) في لبنان العديد من الحواجز التي تؤدي إلى عدم انتشار هذه التقنية وانخفاض الإقبال على تركيبها والاستفادة منها. ومع ذلك، يمكن في الوقت الحاضر اعتبار هذه التكنولوجيا حلًا جيدًا للمناطق المعزولة التي تعاني من انقطاع التيار الكهربائي.


•الطاقة الكهرومائية:
يستفيد لبنان من كمية متساقطات تقدر سنويًا بـ750 ملم من الأمطار والثلوج, حيث يتم استغلال 20٪ فقط منها بشكل مفيد لإنتاج الطاقة. في العام 2009 تمّ انتاج نحو 4.5٪ من إجمالي الطاقة الكهربائية المولّدة من المياه. ويمكن زيادة هذا المعدل في المستقبل عن طريق بناء سدود جديدة على بعض الأنهار.
الطاقات المتجددة هي عادة متقطعة وغير ثابتة على وتيرة محددة، ولا يمكن التنبؤ بها، إضافة لذلك، فإنّ إنتاج الكهرباء بواسطتها لا يمكن اعتباره موثوقًا من دون استعمال وسائل لتخزين الطاقة.
من خلال توظيف نظام تخزين الطاقة (Energy storage system)، يمكن تخزين الفائض منها وعندما يتجاوز الطلب كمية الطاقة المولّدة، يتمّ الإفراج عن المخزون لتغطية الطلب المرتفع. لذلك يعتبر نظام التخزين عنصرًا حاسمًا وشريكًا قويًا لضمان إمدادات مستدامة من الطاقة المتجددة.
إن تخزين الطاقة الشمسية خلال ساعات النهار (حين يكون الطلب منخفضًا على الطاقة) واستعمالها خلال ساعات الليل (حين يكون الطلب مرتفعًا) بواسطة نظام تخزين للطاقة، يعتبر حلًا لأنّه يجعل العرض متزامنًا مع فترات ذروة الطلب.
في هذه الدراسة، نقترح استخدام نظام هجين على أساس الجمع بين الطاقة الشمسية وضخّ التخزين المائي (pumped hydro storage system PHS) لتوليد الكهرباء خلال وقت الذروة من الطلب (بين 5:00 بعد الظهر حتى 10:00 مساءً).

 

• الطاقة الهوائية:
تعتبر الثانية من حيث القدرة المنتجة بعد الطاقة الكهرومائية، إذ تنمو هذه الطاقة بشكل كبير، وقد وصلت الاستثمارات فيها إلى حوالى 50 مليار يورو (العام 2009)، مع تأمين نحو 450 ألف فرصة عمل، وهي ما زالت تحتل المركز الأول لناحية حجم الإستثمار والقدرة الإنتاجية.
في «الأطلس الوطني للرياح في لبنان (national wind Atlas of Lebanon) تظهر نتائج إيجابية للغاية – وخصوصًا في اليابسة، وقد قدرت طاقة لبنان بحوالى 6.1 GW.
 

نظام تخزين الضخ الضوئي Photovoltaic pumped hydro storage system
أول تطبيق لهذا النظام كان في العام 1890، وهو حاليًا يمثّل التكنولوجيا الأكثر انتشارًا لتخزين الطاقة على نطاق واسع، إذ تقدّر طاقتها بنحو 99% من سعة التخزين العالمية للطاقة، علمًا أن كفاءة النظام تراوح بين 50 و60%.


• منحنى الطلب على الطاقة وتغيراته خلال النهار إضافة الى منحنى الإنتاج - الرسم الرقم (1):
المنطقة الحمراء تشير إلى النقص في إنتاج الطاقة الكهربائية، بينما تشير المنطقة الزرقاء إلى الزيادة في إنتاج هذه الطاقة.


• طريقة التخزين - الرسم الرقم (2):
من أهم طرق تخزين الإنتاج الفائض ضخ كمية من المياه إلى ارتفاع معين، وعند ارتفاع الطلب إلى الحدّ الذي يفوق الإنتاج، يصار إلى تشغيل التوربينات لتوليد مزيد من الطاقة الكهربائية بواسطة انسياب كميات المياه المخزنة عليها، وذلك كما يظهر في الرسم الرقم (2).


• أقسام النظام - الرسم الرقم (3):
كما يبين الرسم الرقم (3)، فإنّ النظام مؤلف من الآتي:
1- خلايا شمسية ضوئية (photovoltaic cell) وهي التي تولّد الطاقة الكهربائية نتيجة لضوء الشمس.
2- مجموعة المضخات التي تعمل خلال النهار بضخ كمية من المياه من الخزان الأسفل إلى الخزان الأعلى، حيث يصار الى تخزين الطاقة (تخزين الطاقة المائية التي يتم ضخها).
3- خزان المياه الأسفل، نهر، بحيرة، خزان تجميع... الخ (lower reservoir).
4- خزان المياه الأعلى (upper reservoir).
5- توربين/مولد (turbine/generator) لتوليد الطاقة الكهربائية التي تعمل خلال الليل أو عند الطلب، وذلك بتدفق المياه من الخزان الأعلى إلى الأسفل، الأمر الذي يؤدي لتشغيل التوربين ودورانه وتوليده للطاقة الكهربائية.
6- محطة التحكم (control station).
7- نظام تحويل الكهرباء (AC/DC inverter) لتحويل التيار الكهربائي من مستقيم (direct current) إلى متناوب (alternative current).
8- تمديدات التحكم بجريان المياه المزدوج (double penstock)، الأول لتعبئة الخزان الأعلى والآخر لتدفق المياه نزولًا. وبذلك يمكن أن تحدث عمليتا التعبئة والتفريغ، في وقت واحد. ويستخدم هذا النظام المزدوج (penstock) كونه يحقق الاستقرار في الجهد والطاقة والتردد.
يؤمن تحويل الطاقة الكهربائية المتجددة (الطاقة الشمسية) إلى طاقة ميكانيكية وتخزينها، التوازن بين العرض والطلب.

 

مدى ملاءمة المشروع للواقع اللبناني
مسـاحة لبنـان 10.452 كلم2، وهو يطلّ من ناحيته الغربية على البحر الأبيض المتوسط ويتميّز بتنوع تضاريسه. فيه 17 نهرًا رئيسًا، ويقدّر متوسط مجموع الجريان السطحي السنوي بحدود 3100 مليون متر3.
لا يوجد نظام ضخ التخزين المائي في لبنان. ولم يسبق أن وضع تخطيط له، وذلك على الرغم من وجود العديد من الأماكن الملائمة على الساحل أو في الداخل.
إنّ المواقع التي تتمتع بالخصائص اللازمة لتنفيذ النظام المشار إليه، هي وفق الآتي:


• على الساحل:
- رأس الشقعة ووجه الحجر (منطقة شكا-لبنان الشمالي).
- الجيه ورأس النبي يونس (كلاهما في جبل لبنان).
- رأس البياضة ورأس الدريجات (محافظة الجنوب).


• في الداخل:
- المغيتة (حمانا في جبل لبنان)، المرج الطويل (قرب بحيرة القرعون في منطقة البقاع)، بلاط، إبل السقي، ودير ميماس (مرجعيون –الجنوب)، إضافة الى العديد من المواقع الأخرى.
تتمتع محطات توليد الطاقة الكهربائية وتخزينها بالخصائص الآتي ذكرها:
1- توليد طاقة نظيفة غير ملوثة للبيئة.
2- تكنولوجيا تمّ اختبارها منذ عقود وتم التعرف إلى مشاكلها ومعالجتها.
3- استجابة ديناميكية وسريعة للحفاظ على شبكة كهربائية مستقرة.
4- توفير احتياطي طوارئ يمكن استخدامه عندما تدعو الحاجة.

 

دراسة حالة
تم اختيار هضبة في قضاء مرجعيون - جنوب لبنان على بعد 2.5 كم شمالي بلدة بلاط تتمتع بالمواصفات اللازمة لتنفيذ المشروع المشار إليه. وبنتيجة دراسة الجدوى الاقتصادية، يتبيّن أنّ نظام توليد الطاقة الكهربائية وتخزينها يتيح الكثير من المزايا التي تشمل الآتي:
1- تكلفة إنتاج منافسة جدًا لسعر إنتاج مؤسسة كهرباء لبنان الذي هو أصلًا تحت مستوى التكلفة.
2- توليد الطاقة الكهربائية وتخزينها مع التحكم بالتوليد وفق الحاجة.
3- توفير أحد أهم الحلول لمشكلة النقص الحاصل في إنتاج الكهرباء خصوصًا في ساعات الذروة في لبنان.
4- كفاءة طاقة مرتفعة تراوح ما بين 50٪ و60٪.
5- تحقيق إنخفاض في انبعاثات غاز CO2 الذي يعمل على زيادة الاحتباس الحراري.
6- تأمين حوالى 43000 كيلوات/ ساعة، ما يعني تغطية حاجة حوالى 50.000 شخص من الكهرباء كحد أدنى (قرى بلاط، مرجعيون, دبين, إبل السقي, الخيام).