- En
- Fr
- عربي
في ثكناتنا
التماشي مع العصر والتكنولوجيا مع الحفاظ على الركائز الأساسيّة للمسار التعليمي، هو المبدأ الذي انطلقت منه الكلية الحربية في استخدام نظام Moodle الذي يواكب الحداثة والتطور مع الحرص على سرية المعلومات التي يفرضها أمن المؤسسة العسكرية. فكيف يعمل هذا النظام؟ وما هي أبرز فوائده في تطوير العملية التعليمية داخل الكلية؟
تبنّى عديدٌ من الجامعات والمؤسسات التعليمية أنظمة حديثة تهدف إلى تعزيز التفاعل بين المدرّس والطالب، بالإضافة إلى تقليل الاعتماد على الورق وخفض تكاليف التنقل (أنظمة التعليم عن بُعد). وانطلاقًا من هذه التوجهات الحديثة، أدخلت الكلية الحربية نظام «مودل» (Moodle)، وهو نظام إدارة تعلم (Learning Management System) يتيح إنشاء الدورات التعليمية وإدارتها عبر الإنترنت.
في حديثه عن هذا النظام، يوضح قائد الكلية، العميد الركن جورج صقر أنّ المؤسسة العسكرية لا يمكنها استخدام شبكة الإنترنت العادية للتعليم عن بُعد بسبب متطلبات أمن المعلومات وسريتها. لذلك، كان من الضروري إيجاد حل يتماشى مع الحداثة والتطور، وفي الوقت عينه، لا يتعارض مع سياسة الجيش في ما خص سرية المعلومات. من هنا، تم اعتماد نظام Moodle عبر شبكة إنترانت داخلية Intranet مخصصة لقاعات التدريس.
كيف يعمل النظام داخل الكليّة؟
التحدي الأبرز في إطلاق نظام «مودل» كان في تعديله ليتماشى مع احتياجات الكليّة الحربيّة. ويؤكّد العميد الركن صقر أنّ كلفة المشروع بلغت نحو 14 ألف يورو، تمّ تأمينها بالتنسيق بين مكتب التعاون اللبناني - الفرنسي ومديرية التأليل في الجيش اللبناني، وتمّ إنشاء شبكة داخلية خاصة بالنظام «إنترانت» مع تأمين المعدات اللازمة لتشغيله.
واقع نظام Moodle
حتى كتابة هذا التقرير كان قد تمّ تجهيز ست قاعات موزّعة ضمن مباني الكلية بال Router الذي يشغّل النظام، والعمل جارٍ ليشمل باقي القاعات في مرحلة لاحقة.
زُوّدت الكلية عتادًا متطورًا من أجل تشغيل نظام ،Moodle ما جعل الولوج إليه سريعًا رغم وجود عدد كبير من المستخدمين المتصلين بالنظام في الوقت نفسه.
ومن أجل عدم فقدان أي معلومة أو مادة من النظام، يقوم المشرفون بتخزين المعلومات والاحتفاظ بها بشكل دوري backup.
الخطوات العملية
بدايةً، كان الهدف الأساسي الحصول على feedback من التلامذة عبر شبكة داخلية من دون تحميل المواد أو الاختبارات، يقول مسيّر أعمال قسم التأليل في الكلية، الرائد الياس البلعة. ويضيف أنّه مع تقدّم العمل، تقرّر إنشاء شبكة مستقلة كليًا تتأسّس من الصفر وتتضمّن نظام «مودل». وفي هذا الإطار، تمّ التنسيق مع مديرية التأليل وبدأ العمل على المشروع، فأُنشئت غرفة خوادم، ووُزّعت الشبكة على القاعات التي جُهّزت للعمل بهذا النظام. وقد وُضع في كل قاعة جهاز توجيه Router لبثّ النظام بمجرّد شبك الجهاز اللوحي بالشبكة، وهي طريقة عمل نظام «مودل».
بعدها، مُـنح كل طالب اسم مستخدم (Username) مكوّن من رقم رمزي حفاظًا على نظام السرية وخصوصية المستخدمين، بالإضافة إلى كلمة مرور خاصة به. وبات بإمكان كل تلميذ الولوج إلى المواد المطلوبة منه دون سواها (تلميذ السنة الأولى يلج فقط إلى مواد السنة الأولى وتلميذ السنة الثانية يمكنه الاطّلاع على مواد السنة الثانية من دون الأولى...)
في هذا السياق، يشدّد رئيس قسم الدروس والعمليات في الكلية العميد الركن الطيار موسى النداف على أنّ النظام يعتمد على توزيع الصلاحيات لضمان التحكم الكامل بالمحتوى. فكل مستخدم يمتلك صلاحيات محدودة لا يمكنه تخطّيها. فالطلّاب، مثلًا، يمكنهم فقط تصفّح المواد والمعلومات التي تمّ تحميلها من دون القدرة على إضافة أو إزالة أي مادة أو فيديو أو اختبار، فيما يمتلك المدرّبون الصلاحية لتحميل مواد واختبارات جديدة، ولكن لا يمكنهم إزالة أي محتوى موجود. وحدهم المشرفون على النظام Admins يمتلكون الصلاحيّة الكاملة لتحميل أي محتوى أو تعديله أو إزالته عن النظام.
من فوائد نظام Moodle أنّه وضع في متناول كل تلميذ جميع بطاقاته التدريبية على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، ممّا يسهّل الحصول على المعلومة التي تنقصه بسرعة كبيرة ويعزز كفاءة التعليم.
نقلة نوعية في التدريب العسكري
إضافةً إلى ذلك، أحدث النظام نقلة نوعية في العملية التعليمية، وفق العميد الركن الطيار النداف، إذ عزّز التفاعل بين التلامذة والمدربين بطرق أكثر سرعة وابتكارًا. كما أسهم في تحسين شكل استمارة الـ feedback المطلوب تعبئتها من قبل التلامذة لمساعدة الكلية على تطوير مستوى التعليم بشكل مستمر. فالأسئلة التي تُطرح في التقييم أصبحت أكثر تحديدًا ودقة مقارنةً بما كانت عليه سابقًا.
في السياق نفسه، وفّر النظام للمدربين مرونة أكبر في تقديم المواد التعليمية، إذ أصبح بإمكانهم إضافة أمثلة تعليمية بسهولة ما يساعد على توضيح الفكرة واستيعابها من دون الحاجة إلى وقت أو جهد إضافي. كما أصبح بالإمكان تحضير اختبارات فورية بسهولة وسرعة بفضل الاستغناء عن الأوراق والطباعة. حتى أنّ نتيجة الاختبارات أصبحت فورية، إذ يستطيع المشرفون على البرنامج معرفة نتيجة كل سؤال في الاختبار فور كتابته.
كذلك، أسهم نظام Moodle في تخفيض تكاليف الطباعة من خلال إلغاء الحاجة إلى الأوراق المطبوعة التي غالبًا ما كانت تُتلف بعد الاستخدام، مما يُعد هدرًا للموارد.
تجربة ناجحة
للمرة الأولى في تاريخ الكلية الحربية، نُظم اختبار تحديد مستوى اللغة الفرنسية باستخدام نظام Moodle وقد أثبت فعاليته وكفاءته في تحسين جودة الاختبارات.
في هذا الإطار، يؤكّد العميد الركن الطيّار النداف أنّ النظام مكّن الكليّة من تقديم اختبارات أكثر تخصصًا وتنوعًا، مثل إدراج أسئلة تقييمية جديدة تتطلب استماع التلميذ إلى نصوص أو مقتطفات سمعية وتحليلها، بالإضافة إلى الكتابة وغيرها.
ويضيف: «في السابق، كنا نلتزم تقسيم التلامذة إلى دفعات لإجراء الاختبارات، ما كان يشغل قاعة مختبر اللغة الذي نحتاجه في محاضرات ومواد وتدريبات أخرى. أما الآن، فقد أصبح بإمكاننا إجراء الاختبارات بشكل أكثر كفاءة ومن دون تعطيل سير البرامج الأخرى.»
في السياق عينه، يشير الرائد البلعة إلى أنّ النظام سمح بتقديم اختبارات تتناسب مع مستوى كل تلميذ، بعدما كانت الاختبارات موحّدة لجميع التلامذة بصرف النظر عن مستوياتهم، ويؤكد أنّ هذا التطور يسهم في رفع مستوى اللغة الإنكليزية لديهم وصولًا إلى معايير جامعية متقدّمة.
أمن المعلومات والخصوصية
حرصًا على سرية البيانات وحماية المعلومات، زُوّد نظام Moodle ميزة Logs التي تراقب حركة المرور داخله. وتتيح هذه الخاصية تعقب أي دخول غير مصرح به وإيقافه، بالإضافة إلى مراقبة المستخدمين لضمان عدم وصولهم إلى مواد أو معلومات غير مخصصة لهم.
يُعتبر اعتماد نظام Moodle في الكلية الحربية نقلة نوعية في مجال التعليم وخطوة رائدة نحو تطوير العملية التدريبية.