مشاكل حياتية

نقص المستلزمات الطبية يتفاقم
إعداد: باسكال معوّض بومارون

الطبابة العسكرية: استدركنا الحاجات مسبقًا


يعاني القطاع الطبي في لبنان أزمة متفاقمة، إذ حذّرت المستشفيات اللبنانية من احتمال تعرّضها للتوقّف إذا ما استمرّ الوضع كما هو عليه حاليًا، وإذا لم تتوافر العملات الأجنبية المطلوبة لاستيراد الدواء والمستلزمات الطبية. هذا الواقع كان محور حديث للـ«الجيش» مع كلٍ من نقيب المستشفيات الدكتور سليمان هارون ورئيس الطبابة العسكرية العميد الركن جورج يوسف...

 

بدايةً يشرح النقيب هارون أنّ المشكلة الحالية ذات شقّين: الأول هو أنّ الدولة لم تدفع مستحقّات المستشفيات التي بلغ مجموعها المتراكم منذ العام ٢٠١٢ (كسر في موازنة الاستشفاء كل عام وكامل موازنة العام الحالي) تخطّت الألفي مليار ليرة لبنانية، إضافة إلى مشكلة عدم القدرة على تحويل الأموال إلى الخارج، وتسعيرة الدولار المتداولة حاليًا.
وهو يضيف قائلًا: لقد أصدر المصرف المركزي التعميم ٥٣٠ الذي ينصّ على توفير المصارف التجارية الأموال بالعملة الأجنبية بنسبة ٨٥ بالمئة، بينما يؤمّن التاجر ١٥ بالمئة من المبلغ المطلوب، لاستيراد الأدوية بالسعر الرسمي للدولار الأميركي. هذا الاتفاق ما زال ساريًا حتى الآن لكـن بصعوبـة.
وأضاف أنّه حتى خلال فترة التظاهرات وأزمة إقفال الطرقات، كان مورّدو الأدوية والمستلزمات الطبية يرسلون موظفيهم فنؤمن لهم المنامة حتى يؤمنوا طلبيات المستشفيات والصيدليات من دون تأخير.

 

المشكلة المتفاقمة
أما المشكلة المتفاقمة حاليًا، فهي المستلزمات الطبية والمعدات وقطع الغيار التي يتم استيراد غالبيتها من الخارج، والتي لم يُعطَ الإذن لتغطية كلفتها بالدولار الأميركي من قبل مصرف لبنان عبر المصارف التجارية؛ فالآلية المعمول بها بالنسبة للأدوية لم تشملها، رغم أنّها بأهمية الدواء وربما أكثر. فهي تشمل الأدوات التي تُستعمل في المستشفيات، من الغرف العادية مرورًا بالعيادات وصولًا إلى غرف العمليات.
هنالك شح في المعدات والمستلزمات الطبية (بعض القياسات من براغي العظام وصمّامات وروسورات القلب، فلاتر غسيل الكلى وأكياس الدم، كواشف المختبر، الغازات الطبية، مستلزمات أجهزة التنفّس، بالإضافة إلى عدد كبير من قطع غيار الأجهزة) ونحن أمام خط أحمر في القطاع الصحي في لبنان.
المخزون المتبقي لا يكفي أكثر من بضعة أسابيع، فيما استحالة استيراد الأجهزة والمستلزمات وقطع الغيار، ستؤدي إلى عدم التمكّن من تشخيص المرضى ومعالجتهم وإجراء العديد من العمليات الجراحية. الكميات المتوافرة تتناقص تدريجًا رغم أنّنا ندير المخزون بأفضل الطرق الممكنة. وينبّه نقيب أصحاب المستشفيات، إلى أنّ كل ما ذُكر سيؤدي إلى فوضى في القطاع الاستشفائي لجهة التعرفات، خصوصًا وأنّه إذا أرسلت الطلبيات إلى الخارج اليوم، سوف يستغرق وصول البضائع حوالى الشهرين أو الثلاث.
وفي الختام دعا المستشفيات إلى استعمال الأدوية المحلية لأنّها ذات جودة عالية، وفي الوقت نفسه تشجّع الصناعة الوطنية وتوفّر الدفع بالعملات الأجنبية.

 

الوضع في الطبابة العسكرية
من جهته لفت العميد الركن يوسف أنّ الجيش استدرك الوضع الحساس الذي عصف بالبلد، وقام بتأمين طلبياته مع احتياطٍ كافٍ من الأدوية والمستلزمات الطبية في حال استمرار الظروف الاستثنائية الحالية. المؤسسة العسكرية متحسّبة دومًا لأيّ عمل أمني أو خضّة في البلد، خصوصًا وأنّ الجيش في المواجهة عرضة للخطر في كل الأوقات، لذا فإنّ الطبابة على جهوزية تامة لتأمين المطلوب.
وفي هذا الإطار فإنّ المستشفيات والمستوصفات العسكرية لم تعانِ خلال الأزمة الراهنة نقص أي دواء أو مستلزمات طبية من أي نوع. وفي حالات قليلة، طلبت مستشفيات مدنية من الطبابة العسكرية تأمين بعض الأدوية أو المستلزمات الطبية للمرضى العسكريين لديها، فلبّينا طلباتها وقمنا بتغطيـة هـذا النقـص، وذلـك بفضـل مخـزون الاحتيـاط الموجـود لدينـا وحِرصنـا علـى سلامـة المرضى.
ويشير رئيس الطبابة إلى أنّ المؤسسة العسكرية قامت بالمعاملات الإدارية اللازمة لتلزيم الأدوية والمواد واللوازم الطبية، وفق الاعتمادات التي رُصدت لهذه الغاية من قِبل وزارة المالية، حيث سيتم استلام الكميات الملزّمة في أوائل العام ٢٠٢٠. وقائد الجيش يولي أهمية كبيرة لهذا الموضوع، ويتابع الأمور عن كثب، ويبذل جهده للمساعدة على حل المشكلات الطبية الطارئة. وحاليًا، نتابع كطبابة عسكرية تواصلنا مع الشركات، التي تبدي بغالبيتها تعاونًا وتجاوبًا كبيرين معنا.
وطمأن العميد الركن يوسف أنّ وضعنا في المستقبل القريب جيد نوعًا ما، لأنّ في مخازننا من الأدوية والحاجات الطبية ما يكفينا حتى نهاية العام، ولدينا من بعض الأنواع ما يكفي حتى شباط المقبل. على أمل أن تُحل الأمور حتى ذلك الحين، وتسير نحو الأفضل.