تجهيزات

هبة إيطالية لمجلس البحوث العلمية
إعداد: جان دارك أبي ياغي

«قانا» مركب علمي متعدّد المهام

برعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة ووزراء الأشغال العامة والنقل غازي العريضي، والزراعة الياس سكاف، والخارجية فوزي صلوخ، والصحة محمد جواد خليفة، والبيئة أنطوان كرم، وبحضور السفير الإيطالي غبريال كيكيا وممثل وزير الدفاع وقائد الجيش مسيّر أعمال القوات البحرية العميد الركن علي المعلم، والسيدة رندة بري، ورئيس مجلس إدارة المجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور جورج طعمة، والأمين العام للمجلس الدكتور معين حمزة، والمدير العام للجمارك العميد البحري المتقاعد أسعد غانم وعدد من الضباط والباحثين ومهتمين، تمّ تدشين المركب العلمي «قانا» في القاعدة البحرية في بيروت.

 

د. طعمة
بعد النشيدين اللبناني والإيطالي وترحيب من مدير مركز علوم البحار التابع للمجلس الوطني غابي خلف، إستهل الكلام الدكتور جورج طعمة فقال: «منذ أن التحقنا بالجامعة اللبنانية كنا نشتاق الى اليوم الذي نتمكّن فيه من القيام بأبحاث في علم المحيطات. فأستاذنا كان يتوجّه كل صيف الى محطة بحثية إيطالية حيث كان يمضي معظم وقته باحثاً عن الأسماك، وسعى بعدها الى إقناع من يلزم بوجوب تخصيص مبلغ لإنشاء محطة بحثية مشابهة».

 

د. حمزة
ثم تحدّث الدكتور معين حمزة الذي قال: «منذ إنشائه العام 1962، يتولى المجلس الوطني للبحوث العلمية تقديم المشورة العلمية والتقنية من خلال مراكزه البحثية الأربعة، ومن خلال التعاون القائم مع الجامعات العريقة في لبنان... ومن المبادرات التي أعطاها طابع الأولوية، العمل على تطوير البحوث وحماية البيئة البحرية، التي تشكّل المتنفس الطبيعي لسبعين بالمئة من اللبنانيين، يعيشون ويتمركز نشاطهم الحياتي على امتداد المئتي كلم من الشاطئ...».
وأشار حمزة الى عرض «الجانب الإيطالي تقديم هبة قيّمة للمجلس، عبارة عن مركب علمي بهدف دعم البحوث والدراسات البحرية في لبنان»، ونوّه بموافقة رئاسة مجلس الوزراء وتشجيع قيادة الجيش اللبناني «التي وافقت على إيواء المركب في قاعدة بيروت البحرية وتأمين صيانته في مشاغلها». وأضاف: «يتمحور برنامج عمل المركب العلمي حول عدد من المشاريع التي تتّسم بطابع أولوي وملحّ تنفّذ في مراكز المجلس. وسوف يمكّننا الدعم الإيطالي الجديد من تجهيز المركب بمعدات إضافية وتدريب الفريق البحثي اللبناني لتنفيذ هذه الحملة».

 

الدكتور لاشير ينيولا
من جهته، قال مدير «المركز الدولي للدراسات الزراعية المتوسطية المتقدمة» الدكتور كوزيمو لاشير ينيولا إن المركب «بات في خدمة الأبحاث العلمية اللبنانية، وهو دليل ملموس على نجاح تعاوننا المتوسطي، ورمز صداقة مميزة بين دولتينا». ثم قدّم درع المركز الى الرئيس فؤاد السنيورة.


السفير كيكيا
اعتبر السفير الإيطالي غبريال كيكيا أن المركب «خطوة مهمة الى الأمام نحو تعميق المعرفة بالشاطئ اللبناني، فهو هبة من منظمة «Feder Pesca» قام معهد باري بإعادة تأهيله وتجهيزه، وذلك بفضل التعاون بين المؤسسات الإيطالية والمركز الوطني للبحوث العلمية».

 

الرئيس السنيورة
رأى رئيس مجلس الوزراء الأستاذ فؤاد السنيورة «أن الحفل فريد من نوعه، إن على مستوى لبنان، أو على مستوى منطقة البحر الأبيض المتوسط».
وقال: «أن يصبح للبنان باخرة مخصصة للأبحاث العلمية، حدث بالغ الأهمية إذ يدل على أن لبنان قد حقّق تقدّماً هاماً في مجال البحث العلمي، وخصوصاً مجال المراقبة البيئية»، مؤكداً «أن بيئة لبنان كانت وما تزال تشكّل ميزته التفاضلية وأحد الأسس التي يقوم عليها إقتصاده. ولكن لهذا الحدث أهمية إضافية، إذ إن مياه البحر المتوسط ليست مياهاً لبنانية فقط، بل هي مياه نتشارك فيها مع دول تعيش مثلنا حول هذا الحوض المائي والذي يجب أن نحرص عليه جميعاً لأنه بالنسبة الينا مسألة حياة».
وأشار الى «أن الحكومة اللبنانية كانت قد أطلقت العام 2006 برنامجاً لتعزيز سياسات العلوم والإبداع أعدّه المجلس الوطني للبحوث العلمية بالتعاون مع منظمة الأونيسكو وخبراء لبنانيين ودوليين للوصول الى تدعيم أسلوب المشاركة مع الأطراف المعنية في منطقة المتوسط، وهو ما يشكّل خطوة هامة تتيح لنا تحليل العوامل الإقتصادية والإحتياجات الإجتماعية في لبنان، وصولاً الى بلورة أولويات برامج البحوث في مجالات العلوم الأساسية والهندسية والصناعة وحفظ البيئة والزراعات الواعدة والعلوم الطبية والصحية والغذاء والتغذية، كما في علوم الإنسان والمجتمع، ونحن نثمّن ونقدّر ما يقوم به هذا المجلس من أعمال».
وأكد السنيورة «إن الباخرة هي هبة مشكورة من الدولة الإيطالية، وهي بحق هبة متكاملة، إذ إن الحكومة الإيطالية قد تحمّلت كل الكلفة المترتبة على شراء المركب وتأهيله وإعداد الكوادر البشرية اللبنانية وتدريبها للعمل بفعالية في بحوث البيئة البحرية...».
ووجّه الشكر بإسمه وبإسم الحكومة والشعب اللبناني الى الدولة الإيطالية رئيساً ومسؤولين، والتهنئة الى المجلس الوطني للبحوث العلمية والقيّمين عليه «على هذا الإنجاز الهام الذي لهم دور كبير في ما وصلنا اليه اليوم، ودور أكبر في المستقبل للحفاظ على هذا النمط من الإنجازات». وفي الختام، سلّم لاشير ينيولا درع مركز «سيام» الى السنيورة الذي جال مع الوزراء والحضور في أرجاء الباخرة، حيث اطلعوا على التجهيزات والآلات التي جهّزت بها السفينة «قانا».


مؤتمر صحافي وجولة للإعلاميين
سبق حفل التدشين جولة خاصة للإعلاميين على متن المركب ومؤتمر صحافي للأمين العام للمجلس الدكتور معين حمزة بحضور ممثل السفارة الإيطالية أنطونيو ريغاتي، وممثل مركز الدراسات الزراعية العليا في دول المتوسط (سيام - باري) بيار جودي ترليتزي، ومدير مركز علوم البحار التابع للمجلس غابي خلف وخبراء وباحثين.
إستهل اللقاء بترحيب من حمزة الذي أوضح «أن مركب «قانا» هو أول مركز علمي لبحوث البيئة البحرية وبحوث قعر البحر في لبنان، وأول مركز بهذا الحجم والمواصفات الفنية في عدد كبير من دول شرق المتوسط، (بطول 28 متراً وبوزن 155 طناً)، وهو مركب مدني وعلمي مئة في المئة، وليس لديه إستخدامات أخرى».
ولفت الى أن المركب الذي يحمل إسماً رمزياً إنسانياً للبنانيين، سيقوم بجولات إستكشافية وبحثية على طول الشاطئ اللبناني (200 كلم)، تمكّنه من معرفة ملوحة المياه وحرارتها ودراسة سرعة التيار البحري واتجاهه ونسبة التلوّث وتحديد الفترات المخصصة للصيد، بالإضافة الى المهمة الأساسية للمركز وهي «رسم خريطة قعر البحر اللبناني».
وسيـسـعى المـجـلس الوطني للبحـوث العلمية الى تطبيـق الإتفـاقــات الدولية المتعلقـة بموضوع البيئة البحـريـة، التي وقّـع عليهـا لبنان، وذلك بنـاءً على نتائج البحـوث العلميـة التـي يقـوم بهـا بواسطـة المـركـب الجـديـد، والتـي تستغــرق بيــن الـ6 و9 أشهــر مــن العـمـل والإبحار.
كما سيقوم المركب بجولات بحرية لاكتشاف «ينابيع المياه العذبة الضائعة في البحر»، وتحديد أماكن التلوّث وأنواعه، وتقديم التوصيات الى الدولة اللبنانية ومؤسساتها المعنية.
ووفق حمزة، فالجهد الأساسي يقع على البلديات التي تأخذ البحر مكاناً تصب فيه مياه الصرف الصحي، وعلى المواطنين اللبنانيين.
ولا تقتصر مهمة المركب على البحوث العلمية وإصدار التقارير والتوصيات الى الجهات المعنية، بل يقوم بجولات توعية على الشاطئ اللبناني لتلامذة المدارس وطلاب الجامعات، لتعريف المواطن الى أخطار تلوّث البيئة البحرية وأهمية المحافظة عليها وحمايتها.
ويفيد المجلس الوطني، أن 80 في المئة من شواطئ لبنان ملوثة، ولا يجب صيد الأسماك فيها أو القيام برياضة السباحة في مياهها، وقد تقدّم المجلس بتقرير الى الدولة عن هذا المسح.
وأكد حمزة «أن قيادة الجيش في قاعدة بيروت البحرية ستدعم كل أعمال الصيانة التي تتم على المركب بشكل دوري، كما تساهم في تسهيل التحرك والإبحار في المياه اللبنانية».
وتخلل الجولة أخذ عيّنة مياه لدراسة الحيوانات والنباتات الهائمة ولقياس نسبة الملوحة والأعماق والحرارة ونسبة المغذيات والبكتيريا.

 

تصوير:
طلال عامر