كلمتي

هذا هو الإرهاب
إعداد: العميد الركن صالح حاج سليمان
مدير التوجيه

مرة جديدة يظهر الإستهتار الإسرائيلي بالمجتمع الدولي وقد زاد عن حدّه هذه المرة، وطفح كيله، بعد المجزرة الساخنة التي اقترفها مسلّحوها بأيدٍ باردة ضد أسطول «الحرية».
أسطول «الحرية» هذا كان مدجّجاً بلعب الأطفال والمعلبات والأطعمة وأكياس الطحين. دم الأبرياء الذين استقلوا سفنه متطوّعين لخدمة الإنسانية كاد أن يجعل البحرين، الأبيض والأحمر، يتماهيان في بحر واحد: البحر الأحمر المتوسط... والعصي التي حاول الضحايا استخدامها في دفاع عفوي عن النفس قد تصبح محرّمة دولياً، وقد يتحوّل، في المقابل، الأسلوب الإسرائيلي في الاستخدام الفوري للرصاص، ضد العزّل، أسلوباً منهجياً يتمّ تدريسه في أكاديميات العالم الذي ترغب إسرائيل تكوينه على هواها، وضمن مزاجها، ووفق مبادئها العنصرية المتعصّبة.
المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تلقي المسؤولية على عاتق الضحايا، وهي ترى أن مجرميها، وهم جنود نخبتها، قد أقدموا على ما أقدموا عليه دفاعاً عن النفس، وبالتالي تأديباً لأصحاب الرؤوس العنيدة من رُسل الإنسانية الذين أصرّوا على نجدة الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة منذ سنة واثنتين وثلاث... خصوصاً وأن هذا الحصار هو وهمي بالعرف الإسرائيلي، وليس من داعٍ لهذه الضجة، ولا الى هذه القافلة الإنسانية، ولا الى هذا التعب، وكان من الأجدى أن تحضر سفن الأسطول فارغة لكي تنقل الصادرات الغذائية والألبسة والأدوية والمحروقات من غزة الى العالم.
غزة هذه تفيض بالمواد على أنواعها، وفقدان وسائل الحياة فيها شائعة من الشائعات. والحصار؟ لا أساس لهذه الكلمة، يستطيع الفلسطيني أن يزور عواصم العالم كاملة عبر الأنفاق. الأنفاق تلك تقيه حرّ الشمس، وتحميه من حوادث السير ومن كوارث الطيران. الأدوية؟ عنده أعشاب نبتت فوق جذوع أشجار الزيتون التي اقتلعتها إسرائيل. الألبسة؟ أما آن للشعب الفلسطيني أن يكتفي بقطع صغيرة من القماش ترويجاً للعري الذي تنادي به حضارة العالم المعاصر؟
والآن، هناك جهتان محاصرتان: غزة التي يحاصرها الجيش الإسرائيلي، ودولة إسرائيل التي تحاصرها جريمة إرهاب الدولة، وهذا جزء من الإرهاب الدولي الذي يدّعي بعض دول العالم محاربته، لا بل هذا هو الإرهاب الدولي كاملاً، بأمه وأبيه، وبناته وأبنائه الشّرعيين!