تاريخ عسكري

هكذا سقطت إمبراطورية الفرس بيد الإسكندر
إعداد: د. أحمد علو
عميد متقاعد

من أشهر معارك التاريخ جوجاميلا

معطيات جيوتاريخية
 

• بلاد الفرس:
استطاع الفرس منذ منتصف القرن السادس قبل الميلاد وبفضل ملوكهم «قورش»، و«قمبيز»، و«دارا الكبير» بناء إمبراطورية  مترامية الأطراف امتدت من نهر السند في الشرق حتى بحر إيجيه، ومن المحيط الهندي حتى بحر قزوين وحتى مصر جنوباً عبر الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وكل ذلك خلال خمس وعشرين سنة، كما يقول المؤرخ الأميركي جيمس هنري برستد. ويذكر المؤرخ ذاته أن هذه الإمبراطورية امتدت في الغرب حتى شارفت نهر الدانوب في أوروبا، وسيطرت على المدن اليونانية، مما حتّم وقوع الصدام الحربي بين هذه الإمبراطورية وبلاد الإغريق في ما بعد، والتي يرى المؤرخ أنها كانت العامل الأساسي في تطوير بعض الأمم الصغيرة مثل الإغريق. ويتابع المؤرخ قائلاً: إن الإمبراطورية الفارسية كانت أعظم إمبراطورية شهدها العالم القديم، تمتّعت بحكومة عادلة رحيمة، لم تعادلها أي حكومة سبقتها في بلاد الشرق وقد استمرت حوالى القرنين (إنتهت حوالى 330 ق.م).
كذلك يرى المؤرخ أن الشعوب الشرقية هي أول من ابتدع الفن والهندسة والأدب والعلوم والقوانين المكتوبة وبينهم ظهرت أول عقيدة نادت بوحدانية الله، أي «الزرداشتية» ورعايته الأبوية لجميع البشر، والتي تمّ نشرها في أنحاء الإمبراطورية.
 

• بلاد الإغريق (اليونان ومقدونيا):
بلاد اليونان أو Hellade (الإسم القديم والرسمي لهذه البلاد)، يضم ممالك ودولاً متعددة، مستقلة عن بعضها البعض، ولعل طبيعتها الجغرافية المشتملة على مجموعة كبيرة من الجزر المنتشرة في البحر المتوسط، فرضت عليها هذا الواقع الإجتماعي والسياسي المبني على استقلالية ناتجة عن الإكتفاء الذاتي لعدد من تلك المجموعات التي شكّلت كل منها مدينة - دولة.
إلا أن ما كان يجمع هذه المدن - الدول هو اللغة، الدين، والألعاب الأولمبية، وأشهر مدن هذه البلاد كانت: أثينا - إسبارطة - طيبة - كورنثيا.
اليونانيون شعب بحري، رجال أعمال، وتجار، ومستعمرون أقاموا ثغوراً على الشاطئ الآسيوي لبحر إيجيه (تركيا الحالية) مما دفع الملك الفارسي دارا الى فرض ضرائب سنوية على مدنها وإنشاء مواقع عسكرية فيها. ثارت المدن اليونانية على دارا، الذي أخمد الثورة، واحتل بلاد اليونان. اعتباراً من العام 490 ق.م غرقت بلاد اليونان في حروب ضد الفرس، وأقامت حلف ديلوس في ما بينها للوقوف ضد الفرس، وبعد ذلك وقعت في حروب أهلية (حروب البيلوبونيز) التي كانت انتحاراً لها والتي انتهت بفوز إسبارطة.
وبعد ذلك هزمت إسبارطة أمام تحالف: طيبة - أثينا - كورنثيا.
كان من نتيجة إنهاك المدن اليونانية وتجزيئها من جراء المعارك الداخلية أن أصبحت فريسة سهلة لملك مقدونيا فيليبوس الذي سحق أثينا في معركة كيرونيا 338 ق.م (Cheronea) وبذلك أصبح ملكاً على بلاد الإغريق، ولما توفي الملك فيليبوس العام 336 ق.م خلفه إبنه الإسكندر وعمره عشرون سنة.

 

أسباب الحرب
تتمثل أبرز أسباب الحرب التي خاضها الإسكندر ضد الفرس بما يأتي:
- رغبة الإسكندر في القضاء على الخطر الفارسي الماثل دائماً في البر وعلى خطوط مصالح بلاده في البحر.
- الإنتقام من الدولة الفارسية التي احتلت بلاده.
- المحافظة على تحالف المدن اليونانية تحت حكمه وتوحيدها ضد عدوها الخارجي.
- رغبته في احتلال الشرق وبناء إمبراطورية ينشر فيها أفكاره التي أخذها عن معلمه أرسطو.
- إعجابه بمؤسس الإمبراطورية الفارسية (الاخمينية) قورش.

 

مسرح العمليات الحربية

وميدان المعركة
عبر الإسكندر مضيق الدردنيل وحارب الفرس في غرانيكوس (334 ق.م) ثم في ايسوس (333 ق.م) وانتصر عليهم ثم تابع سيره عبر الشريط الساحلي السوري واللبناني حتى صور فحاصرها (332 ق.م) مدة سبعة أشهر حتى سقطت وتابع الى غزة فمصر، حيث أسس مدينة الإسكندرية، وبذلك أمِن الإسكندر خطوط مواصلاته البحرية، وحرم الفرس من فرصة طعنه في الظهر، ومن ثم انتقل الى الداخل عبر سوريا والعراق من دون مقاومة، ووصل حيث كان الملك الفارسي داريوس الثالث بانتظاره، في سهل فسيح يسمى تل جومل أو جوجاميلا قرب أربيلا (50 كلم غرب - جنوب).
وكان داريوس قد وصل قبل الإسكندر الى المكان وعمل على تمهيده وإزالة العوائق والأشجار وكل ما يعيق سير العربات المنجلية التي أحضرها لمعركته، وكان ذلك في مطلع تشرين الأول العام 331 ق.م كما يتفق معظم المصادر.

 

القوى المشتركة
في المعركة

قدّرت المصادر القوات المشتركة في معركة جوجاميلا كما يأتي:
 

• الفرس:
- حوالى 100 ألف من المشاة (مع النساء والأطفال وعناصر التموين وغيرهم وأفراد الأسرة الملكية) وبينهم 10 آلاف من المرتزقة اليونانيين.
- 35 ألفاً من الفرسان (من مختلف أنحاء الإمبراطورية).
- 200 عربة منجلية.
- 15 فيل قتال هندي.
يجدر بالإشارة أن هناك اختلافاً حول هذه الأرقام بين عدد من المؤرخين والمصادر التي أرّخت لهذه المعركة، ما يظهر مبالغة في تقدير عديد قوى الفرس.
 

• الإغريق:
- 40 ألفاً من المشاة (الفالانكس).
- 7500 فارس وخيال.
- معدات حصار واقتحام وعناصر تموين...

 

أساليب التدريب والتنظيم والتربية العسكرية لدى الطرفين
 

• الجيش الفارسي:
بذل الفرس جهوداً مضنية بعد معركة ايسوس 333 ق.م لإعادة بناء جيش يتمكّن من الصمود بوجه جيش محترف تقوده عبقرية فذّة، وعلى الرغم من تحقيقها بعض النجاح في هذا المجال، إلا أن القيادة العسكرية لم تستطع ثني الملك داريوس الثالث عن قيادة الجيش في ساحة القتال.
كانت فرقة الفرسان أفضل وحدات الجيش، وقد أُعيد تسليحها بالرماح القصيرة بدلاً من الطويلة لإعطائها مزيداً من حرية الحركة عند صدامها مع المشاة.
واجهت القيادة الفارسية مشكلة نقص في عديد المشاة، فالمرتزقة الإغريق الذين كانت تعتمد عليهم سابقاً، أصبح من المتعذر شراء خدماتهم بعد سيطرة الإسكندر على معظم بلاد الإغريق وسوريا وآسيا الصغرى.
ولذلك كانت القيادة العسكرية الفارسية ترى ضرورة تحاشي الاشتباك في معركة فاصلة، ومحاولة استخدام الفرسان ومهاراتهم لإنهاك الإسكندر في معارك جانبية، ولكن بسبب إصرار الملك على أن كرامته وهيبته الملكية لا تحتملان الكرَّ والفرّ، وتستلزم الإلتحام بصورة رسمية، ولما كانت قوى الفرسان وحدها لا تستطيع حسم المعركة، رأت القيادة ضرورة إحياء سلاح فارسي قديم، هو سلاح العربات المنجلية (عربة ضيقة من الخشب المصفّح تتسع لسائق ورامٍ ويجرها حصان سريع أو أكثر، وقد ثبت على محور إطارها من الجانبين أنصال جارحة وبارزة)، لتدعم بها المشاة من خلال تأثيرها في تشتيت جبهة الخصم المتراصة، وحصد المشاة المعادية بمناجلها.
 

• جيش الإسكندر:
كانت الكتيبة (La phalange) هي التشكيل العسكري المعروف في بلاد اليونان خصوصاً أثينا وإسبارطة، وهي تتألف من ثلاثة عناصر:
- البسيليت (Le psilite)، هي مشاة خفيفة مؤلفة من الفقراء والمرتزقة، أي من نوع الخفاف، مهمتها: استطلاع العدو، نصب الكمائن، احتلال المرتفعات ومشاغلة العدو، وسلاحها المقلاع والقوس والرمح.
- الهوبليت (Hoplite)، مشاة الصدم (Choc)، يصطفّون بالمرافق على ثمانية، عشر أو إثني عشر صفاً بالعمق وأحياناً أكثر، سلاحهم الرمح الطويل والحربة والدرع ويلبسون الخوذة.
- الخيّالة، كانت الخيّالة اليونانية قليلة العدد، تركز أحياناً على الجوانب، وتعمل أحياناً أخرى على فصم جبهة العدو، واقتحامها. هذه التشكيلة اليونانية كانت مسلحة بأسلحة الهوبليت.
كان تشكيل الكتائب اليونانية قليل الطواعية، وكانت هذه الكتائب شديدة الإعورار على الجوانب، لا تنسجم دائماً مع طبيعة الأرض وليس لديها قوات استثمار.
أدخل الملك فيليبوس والد الإسكندر تحسينات على هذه التشكيلة، فقسمها الى وحدات صغيرة من الرماحين لينة وسهلة العريكة، وقادرة على المناورة في الأراضي المختلفة وحماية مؤخرتها وجوانبها.
ولما كانت مقدونيا بلاد تربية الخيول، فقد عزّز فيليب جيشه بكتائب من الفرسان المدربين.
- الخيّالة الثقلية (Cataphracte)، شديدة التدريع ومجهّزة للصدم: فارس مدرّع وحصان مدرّع جزئياً ويحمل الفارس رمحاً طويلاً ويعتمر خوذة ويحمل ترساً.
- الخيّالة الخفيفة (Sarissophores)، فرسان يحملون الرمح ويقلبونه بمهارة، وكانت مهمة الخيّالة حماية الجوانب وملاحقة العدو.
ورث الإسكندر هذا الجيش عن والده، وعمل على تحسينه فأضاف الى قواته فرقة البلتاست وتستعمل لاستثمار النصر، وهي مشاة منقولة على ظهور الجياد وتحارب على أقدامها بحماية الخيّالة التي تقلّها، وبهذا تجمع بين خفة البسيليت ومناعة الهوبليت.
كذلك أنشأ الإسكندر فرقة من نخبة خيالته دعاها «الفرسان الرفاق» (Companion Cavalry) وجهّزها بأفضل الأسلحة وأفضل الخيول. وكذلك فعل بالنسبة الى فرقة حرسه من نخبة المشاة (Foot Companions).
اهتم الإسكندر بتدريب جيشه، وكان يشرف على ذلك بنفسه، وجمع حوله هيئة أركان من قادة فرقه وبعض العلماء الجغرافيين، كما أنه أحاط جيشه في أثناء تقدّمه بعناصر حيطة (طليعة - حماية جوانب ومؤخرة).
 

شخصيات القادة
• الإسكندر: عني والده الملك فيليبوس بتربيته عناية خاصة، فنشأ على التقشف وحب الفروسية، تتلمذ على يدي الفيلسوف أرسطو فاطلع على جميع علوم عصره مما وسّع مخيلته الخلاقة، كان صاحب ذهن وقّاد، وسرعة خارقة في العمل، وبُعد نظر شاسع وأحلام لا تحد سعى الى تحقيقها بقوة وعزم.
كان دائماً يقود جنوده وهو في الطليعة، يحارب معهم وأمامهم، وقد جرح عدة مرات في أثناء المعارك، وقد امتاز بفكر استراتيجي متقدّم على عصره، خصوصاً استراتيجية التقرّب غير المباشر القائمة على ضرب جذور عدوه بدلاً من ضرب قواته المسلحة بصورة مباشرة، ولعله أول من طبقها في الحرب.
وعلى هذا الأساس نجد أنه حين قرّر مهاجمة الإمبراطورية الفارسية، وجّه قواته جنوباً ابتداءً من آسيا الصغرى وموانئ الساحل السوري حتى مصر، لضرب تجارة بلاد فارس التي يقوم عليها اقتصادها، بدلاً من التوجّّه شرقاً وضرب القوات الفارسية بصورة مباشرة.
• داريوس الثالث: آخر ملوك الإمبراطورية الفارسية التي استمرت حوالى القرنين من الزمن، في حكم بلاد الشرق (550 - 330 ق.م) لم يكن داريوس بمستوى ذكاء الإسكندر وعزيمته، ولو أنه حاول دائماً أن يكون على رأس جيشه في معاركه مع الإسكندر، ولعل التنوّع والإختلاف في العناصر التي شكّلت جيوشه وانتماءاتها المختلفة الى أقاليم الإمبراطورية، وعدم الترابط واللحمة التي كانت تتوافر في الجيش المقدوني، لم تعطه الفرصة لإثبات ذاته كقائد ميداني، أو لاعتقاده بأن ملك الملوك لا يمكن أن يُهزم.

 

خريطة رقم 1: تمركز وخطط عمليات المعركة وفكرة المناورة
• تمركز القوى المتحاربة قبل ابتداء المعركة:

 

- قوات الفرس: وضع داريوس مشاته في خط طويل يؤلف القلب والجناحين، وحشد خيالته في الأمام وسترها بـ200 عربة منجلية على الجناحين والوسط، وبقيت الفيلة خلفها، وجعل مقره في وسط القلب (الخط الخلفي).

 

- قوات الإسكندر: وضع الإسكندر المشاة في القلب والفرسان على الأجنحة، وجعل مقرّه مع حرسه الخاص في أقصى اليمين، وجعل فرقة الخيّالة (الرفقاء) تحت إمرة بارمنيون خلف يساره، وستر الخيّالة بمشاة خفيفة وكلّفهم مهمة اقتناص راكبي العربات الفارسية بنبالهم، كما وضع خلف جناحيه أرتالاً من الخيّالة والمشاة متجهة نحو نصف اليمين، ونصف اليسار لمقاومة أية حركة شق أو إحاطة يمكن أن يقوم بها الخصم، وإذا لم يقم العدو بذلك، تتقدم هذه الأرتال الى الأمام مستديرة الى الداخل لتعزيز القوى التي تقوم بالهجوم. كما جعل مركز التموين في الخلف تحرسه كتيبة مشاة.

 

• فكرة مناورة الفريقين:

 

- فكرة المناورة عند الإسكندر: بعد استطلاع قوى الفرس وأرض المعركة كانت فكرة المناورة لدى الإسكندر بسيطة وتقوم على الآتي: جذب الخيّالة الفارسية من الوسط الى الجوانب ليتسنى له إحداث فجوة في جبهة الفرس يستطيع من خلالها توجيه ضربة قوية وسريعة للملك داريوس في الوسط، وذلك من خلال القيام بمناورة محكمة واغتنام التوقيت الملائم.

 

- فكرة المناورة عند داريوس: معتمداً على كثافة الحشد والقوى التي بحوزته لجأ داريوس الى إطلاق العربات المنجلية لتفصم جهازية الجيش المقدوني (الفلانكس) وخلفها الفيلة، ثم الخيّالة لتكمل الإجهاز على قوات الإسكندر وخيّالته، خصوصاً أن خيّالته متفوّقة على خيّالة الإسكندر بنسبة 5/1.

 

خريطة رقم 2: سير المعركة
تقدّم الإسكندر بجيشه مع استرعال أجنحته الى الخلف بزاوية 45 درجة، لإغراء خيّالة الفرس للمباشرة بالهجوم، وتابع التقدّم ببطء مع انحراف نحو اليمين، تردّد داريوس في بادئ الأمر في إطلاق الهجوم، لأنه لا يريد أن يكون أول من يهاجم بعد أن رأى ما حدث في معركة إيسوس ضد هكذا تشكيلة قتالية، ولكنه في النهاية أُجبر على بدء الهجوم.
أطلق عرباته المنجلية، وقد تمّ اعتراض بعضها من قبل رماة النبال، ولكنها عندما وصلت الى الخط الأمامي لجبهة الجيش المقدوني تنحّى الخط الأول جانباً وجعلها تدخل الى الخط الثاني الذي تلقّفها برماحه الطويلة التي فتكت بالجياد فلم تستطع الجري خلال غابة من الرماح والأسنّة، وبذلك دخلت هذه العربات في «مصيدة الفئران»، وعندما توقفت أمام الخط الخلفي كان بوسع الرماحين قتل ركابها على مهل.
تقدّم الإسكندر في هذا الوقت نجو جناح الفرس الأيسر، الذي تقدّم لصدّ هجوم الإسكندر، واستطاع الإسكندر أن يصمد، ولما تتابع تدفّق هجوم خيّالة الجناح الأيسر الفارسي لتطويق الجناح الأيمن المقدوني، حدثت ثغرة في وسط جهازية داريوس نتيجة تدفّق المشاة الفرس لدعم ميسرتهم، استغل الإسكندر هذه الثغرة، فاندفع مع خيّالته النخبة وحرسه ومن تمكّن من جمعه، وشكّل إسفيناً ضخماً (Wedge) رأسه باتجاه وسط الفرس وداريوس، الذي بدأ يتراجع.
في هذا الوقت كانت ميمنة الفرس تخوض معركة ناجحة ضد ميسرة الإسكندر وتكاد تطوّقها، وكاد قائد الميسرة بارمنيون يهلك، فأرسل بطلب المساعدة من الإسكندر.
في هذه اللحظة الحرجة من المعركة والحاسمة، وبدلاً من أن يعزّز داريوس ميمنته، فإنه سحب بعض القوى لحمايته، وبدلاً من أن يطوّق فرسان ميمنة الفرس ميسرة الإسكندر، فقد تابعوا تقدّمهم الى مراكز التموين المقدونية في الخلف وسلبوها، ولكنهم في أثناء عودتهم اصطدموا بالإسكندر الذي قدِم لنجدة ميسرته فوقعت بين الطرفين مواجهة عنيفة، فقَدَ الإسكندر فيها العشرات من نخبة فرسانه.
في هذا الوقت تردّد أن داريوس ترك أرض المعركة فلحق به الكثير من قواته، ولكن الإسكندر عمل على مطاردته حتى الليل.
وبذلك حقّق الإسكندر انتصاره على داريوس الثالث الذي فرّ الى أربيلا ومنها الى داخل البلاد الفارسية وبدأ يجمع جيشه لمتابعة القتال.

 

نتائج المعركة

• عسكرياً:
- انتهت المعركة بانتصار الإسكندر عسكرياً على داريوس وهي معركة فاصلة في التاريخ، غيّرت تاريخ المنطقة والعالم، في ذلك الوقت.
- قدّرت خسائر الإسكندر بحوالى 1500 - 2000 قتيل وجريح.
- قدّرت خسائر الفرس بحوالى 50 ألف قتيل وجريح (أرقام المصادر الاغريقية).
 

• سياسياً:
سقطت إمبراطورية الفرس بيد الإسكندر بعد أن احتل بابل من دون معركة.
وتابع سيره الى عاصمة الفرس في برسيبولس حيث أحرق قصر الملك داريوس. حاول الملك داريوس إعادة تنظيم قواه وبعث القوة في أنصاره لمتابعة الحرب، ولكنه اغتيل العام 330 ق.م على يد أحد مساعديه.
وهكذا زال الخطر الفارسي نهائياً عن بلاد اليونان.
- أصبح الإسكندر ملكاً على بلاد شاسعة تمتد من الهند حتى نهر الدانوب في أوروبا ومصر في أفريقيا.
- عمل الإسكندر على التقرّب من الشعوب التي احتل بلادها وأقرّ حكاماً وطنيين على الولايات التي كانت تشكّلها الامبراطورية الفارسية السابقة، إنما تحت رقابة مساعدين إغريق.
- بنى الكثير من المدن، والطرقات وعمل على تمازج الحضارتين الإغريقية (الهللنية) والحضارة الشرقية بما عُرف في ما بعد بالحضارة الهللينستية.

 

الدروس المستفادة من المعركة
يمكن اختصار أبرز دروس هذه المعركة بالآتي:
- تحقيق المفاجأة بفضل السير المنحرف (Oblique) نحو العدو.
- تجزئة الكتيبة سهّل حرية المناورة لها.
- التدريب الجيد والمعنويات العالية والإنضباط والقيادة المباشرة عوّضت عن دونية العدد بالنسبة الى الجيش المقدوني.
- إنشاء الخط الثاني على الجناحين وفي الوسط وتكليفه وقف الهجمات الاكتنافية التي قام بها العدو المتفوّق عددياً، سمح للخط الأول بأن يقاتل وظهره محمي.
- التدرّب على استيعاب هجوم العربات المنجلية بفتح ثغرة لها عبر الخط الأول وإيقافها عند الخطوط الخلفية شلّ دورها، كما أن الفيلة لم تُستخدم بشكل فعّال ومفيد في المعركة.
- إكتشاف نقطة الضعف في جهازية الفرس واستغلالها في اللحظة المناسبة، والضرب بقوة حاسمة أمّنت النصر.

 

المراجع:
- إنتصار الحضارة: جيمس هنري برستد - ترجمة دكتور أحمد فخري - مكتبة الإنجلو المصرية - القاهرة 1962.
- المعارك الفاصلة في التاريخ: حنا خبّاز - دار الكتاب العربي - بيروت 1959.
- الفكر العسكري: مجلة تصدر عن: الأكاديمية العسكرية العليا - دمشق العدد الثالث 1978 والعدد الرابع 1979.
- بطاقات تدريب التاريخ العسكري: المدرسة الحربية - السنة الثانية - إعداد العميد الركن فرنسوا جينادري - الجهاز العسكري الإغريقي في الحقبة الهلينية والهيلينستية.
- A guide to the study and use of military history u.s. government printing office, washington D.C. 1982.
- The general ship of Alexander the great: J.F.C fuller new york - Minerva press 1968.
- The greek and Macedonian art of war: F.E. adcock university of California press 1962.
- www.wikipedia.org-Battle of gaugamela.
- Google image Result for http://all empires.com/articles/Gaugamela/gaugamelad.gif.