قضايا عسكرية

هل توصّل العدوّ الإسرائيلي إلى امتلاك منظومة الدفاع الجوي المناسبة؟
إعداد: شارل أبي نادر
عميد متقاعد

نستطيع القول إنّ «العدو الإسرائيلي» نجح حتى الآن في حماية حدوده البرية والبحرية بشكل شبه كامل، من خلال امتلاك منظومة دفاع أمنية وعسكرية متفوقة ومتطورة، مستعينًا بتفوق جوي، بالإضافة إلى قدرات ضخمة في الرصد والمراقبة والتنصت.


الهاجس الأكبر
مع بعض الاستثناءات، نجحت المقاومة الفلسطينية المحلّية بتنفيذ عدد من العمليات، انطلاقًا من قطاع غزة أو من الضفة الغربية، استهدفت فيها جنودًا أو مستوطنين إسرائيليين داخل الأراضي المحتلة والمستوطنات، ولكن الهاجس الأكبر لدى العدو الإسرائيلي يأتي من الجو، وتحديدًا من القذائف والصواريخ والطائرات من دون طيار، المعدّة للتصوير، أو المجهّزة بصواريخ موجّهة. وبعد حرب تموز 2006، بدأت إسرائيل العمل على حماية أجوائها، أولًا، من خلال «القبة الحديدية»، ولاحقًا من خلال منظومة «حيتس» أو «السهم» بنماذجه المتعددة، وأخيرًا من خلال «مقلاع داوود».
فما هي باختصار المميزات العامة لتلك المنظومات؟ وهل يمكن للعدو أن يعتمد عليها بشكل كامل لحماية أجوائه؟

 

نماذج من المنظومة الدفاعية الجوية

• القبة الحديدية:
ظهرت الحاجة الملحّة إلى نظام دفاع جوي فاعل يحمي إسرائيل بعد حرب تموز 2006، إذ سقط في الجليل أكثر من 4000 صاروخ كاتيوشا قصير المدى، وعدد محدود من الصواريخ المتوسطة، طالت عمق الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى تعرّضها لصواريخ تطلقها الفصائل الفلسطينية من قطاع غزة من وقت لآخر.
«القبة الحديدية» نظام دفاع جوي بالصواريخ ذات القواعد المختلفة، طورته شركة رافائيل الإسرائيلية لأنظمة الدفاع المتقدمة، والهدف منه اعتراض الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية.
فشلت القبة الحديدية في العام 2012 باعتراض صورايخ حماس من غزة، ولم تنجح حينها إلا باعتراض 13 صاروخًا من أصل 200.
أيضًا انتُقِدت «القبة الحديدية» لتكلفتها الباهظة حسب البعض، حيث تقدّر تكلفة الصاروخ المُعترِض بما بين 35 ألف و50 ألف دولار أميركي، بينما لا يتجاوز سعر صاروخ «القسّام» أو القذيفة، الألف دولار.

 

• حيتس (السهم) 1-2-3:
بعد هذه التجربة غير المشجعة في «القبة الحديدية»، لناحية نسبة النجاح المتدنية، أو لناحية التكلفة الباهظة مقارنة بتكلفة الهدف البسيطة، تابعت إسرائيل تجاربها وأعمالها لامتلاك منظومة أخرى. وتوصّلت إلى إنتاج منظومة السهم «أرو» (دراسة وتصنيع وتمويل مشترك مع الولايات المتحدة الأميركية)، والتي ظهر منها حتى الآن ثلاثة نماذج (حيتس 1 و2 و3)، تمّت تجربتها بنجاح مقبول ووضعت في الخدمة.
«حيتس» أو «أرو»، نظام دفاع صاروخي مضاد للصواريخ البالستية البعيدة المدى، يعترض أهدافه في الفضاء الخارجي على ارتفاع يراوح بين 20 و65 كلم.
يتكوّن النظام من عدة منظومات: إدارة إطلاق النار، مركز مراقبة الإطلاق، ومنصة لإطلاق الصاروخ.
تملك منظومة «حيتس» إمكانات مقبولة في مجال حماية كيان العدو الإسرائيلي من الصواريخ البالستية الاستراتيجية الإيرانية أو الكورية، والتي قد تستهدفه إنطلاقًا من إيران مباشرة، كالصاروخ شهاب 3، الذي يصل مداه إلى 1.300 كم، ويمكن تزويده رأسًا نوويًا ناسفًا أو مدمرًا، أو من سوريا بصواريخ كوريّة شمالية مثل هواسنغ 6، الذي يصل مداه إلى ألف كلم، وبغيرها من الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية، أو حتى رؤوس تقليدية تتجاوز الـ500 كلغ من المتفجرات ذات الفاعلية التدميرية الشديدة.
مع ذلك، تعرّضت هذه المنظومة لعدة انتقادات، من بينها، أنّها لا تتعامل مع الصواريخ البالستية ذات الرؤوس المنفصلة، وهذا ما أثبتته تجارب أُجريت في العام 2009 في مكان لم يعلن عنه.
كما أن إطلاق صاروخ «حيتس» يكلف ثلاثة ملايين دولار، مع العلم أن الحديث عن الكلفة الاقتصادية لا يبدو أولوية في حال الدفاع ضد صواريخ نووية أو تقليدية دقيقة الإصابة ومُدمّرة.
آخر تجربة ناجحة لصاروخ حيتس 3 أُجريت في ولاية ألاسكا الأميركية بالتعاون مع الوكالة الأميركية للدفاع الصاروخي. وقد كان هدف التجربة التصدي لصواريخ بالستية شبيهة بالصواريخ الإيرانية المتطورة، وذلك وفق ما أفاد به التلفزيون الإسرائيلي - القناة الثانية العربية.

 

• مقلاع داوود:
منظومة دفاع جوي صاروخي إسرائيلية، تنتجها شركة رافائيل الدفاعية المتقدمة، دخلت الخدمة تجريبيًا في العام 2015 بغرض إحلالها محل منظومة باتريوت أم إي أم 104 ومنظومة أم إي أم 23 هوك.
طُوِّرت منظومة «مقلاع داوود» أو «العصا السحرية» لاعتراض القذائف والصواريخ المتوسطة والطويلة المدى. وقد تمّ تطويرها بمشاركة شركتي «رافائيل» الإسرائيلية «ورايثون» الأميركية، وهي تعتبر منظومة متطورة وحديثة، والصاروخ المضاد فيها، ثنائي المرحلة، يحمل في خرطومه منظومتي بحث وتوجيه رادار ومستشعر إلكتروني مرئي. صُمم «مقلاع داوود» لاعتراض صواريخ من نوع أم 600 وفجر، وبعض الصواريخ الموجودة بحوذة حركة حماس، بالإضافة إلى اعتراض الطائرات من دون طيار.

 

العودة إلى البداية
كانت إسرائيل قد اعتبرت أنّها قطعت شوطًا مهمًا في امتلاك منظومات الدفاع الجوي المطلوبة لحماية أجوائها، بعد أن وضعت في الخدمة «مقلاع داوود» و«القبة الحديدية» ولاحقًا «حيتس»، بالإضافة إلى الاستمرار باعتماد منظومة الباتريوت الأميركية. لكن مع نهاية العام المنصرم جاء إسقاط القاذفة أف 16 الإسرائيلية فوق الجولان المحتل بواسطة صاروخ م/ط سوري «إس 200» (سام 5) روسي الصنع من الطراز القديم (في بداية الثمانينيات)، ليعيد هاجس الدفاع الجوي إلى نقطة البداية، وليضع كيان العدوّ في دوامة الفاعلية المشكوك بها دائمًا في حماية أجوائها.
أخيرًا، قد يكون خير دليل على تلك الشكوك، والتي توحي بأنّ العدو لم يتوصل حتى الآن إلى امتلاك منظومة دفاع جوي مناسبة، ما تميّزت به مناورة «جونيبر كوبرا» الإسرائيلية - الأميركية المشتركة لهذا العام، عبر إدخال باقة واسعة من منظومات الدفاع الجوي الأميركية والإسرائيلية في صلب برنامج المناورة. فنقطة التركيز الأساسية خلال المناورة كانت التوصل إلى أقصى درجة ممكنة من القدرة على الحماية ضد الصواريخ، من خلال إشراك القدرات الأميركية الأكثر تطورًا في الدفاع الجوي، والتي يبدو أنّها ستكون جاهزة عمليًا لدعم الوحدات الإسرائيلية في أي حرب مقبلة.

 

المراجع:
- www.ar.Wikipedia.org
- www.youtube
- www.skynewsarabia.com/middleeast.