ناس وحقوق

هل يعرف العاملون والموظفون في لبنان حقوقهم؟
إعداد: ريما سليم ضوميط

أكّدت دراسة قام بها «المرصد اللبناني لحقوق العمّال والموظفين»، أن هناك جهلًا للحقوق المنصوص عنها في قانوني العمل والضمان الاجتماعي، ليس فقط لدى الأجراء العاملين، بل أيضًا لدى محامين ونقابيين من الذين يقعون في فخ الأخطاء الشائعة حول هذه الحقوق. وعلى سبيل المثال لا الحصر، الاعتقاد أن التسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يتمّ بعد الشهر الثالث من بدء العمل، في حين أنّ هذا التسجيل يجب أن يحصل بعد 15 يومًا من بدء العمل، على أن يفيد الأجير من تقديمات الضمان بعد الشهر الثالث.

 

مسح إحصائي
 في إطار عمله في التعريف بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية وفي دعم الأجراء المتضررين من تعسّف أصحاب العمل، أجرى المرصد مسحًا إحصائيًا ليتبيّن حجم المشكلة لدى الوافدين الجدد إلى سوق العمل. شمل المسح عيّنة مؤلفة من 400 عامل وأجير جدد من جميع المناطق اللبنانية، ومن مختلف الاختصاصات والجامعات باستثناء اختصاصات المهن الحرة. وتبيّن من خلاله أن 63.3 في المئة من المتخرّجين قد درسوا قانوني العمل والضمان الاجتماعي، مقابل 36.7 في المئة منهم لم يطّلعوا عليهما خلال سنوات الدراسة. رغم ذلك، يؤكّد 56 في المئة من المتخرّجين العاملين أنّهم لم يتعرفوا إلى عقود العمل خلال سنوات الدراسة، مقابل 44 في المئة اطّلعوا عليها.

 

الجامعات لا تدرّس قوانين العمل
أظهرت اللقاءات الميدانيّة والمواد التي جرى الاطّلاع عليها في الجامعة اللبنانية، أنّ معظم الكلّيات التي تمنح الطلاب إجازات تعليميّة لا تتضمّن مقرراتها أيًّا من قوانين العمل والضمان الاجتماعي، بل إنّ هؤلاء يُدرَّسون مقرّر حقوق الإنسان، علمًا أنّ نصف المتخرجين منهم تقريبًا، يعمل لاحقًا في مؤسسات التعليم الخاص. والحال نفسها لدى طلاب الاختصاصات الأخرى، حيث يدرسون مقرّر حقوق الإنسان، الذي غالبًا ما يتضمّن معلومات عامة يعود اختيارها الى المدرّس، بسبب عدم وجود توصيف دقيق لما يجب أن يكتسبه الطالب من هذا المقرّر.
في الجامعات الخاصة، الحال ليس بأفضل، حيث أظهرت اللقاءات والاتصالات أن مقرّراتها لا تشمل أي فصل أو عنوان مرتبط بقانوني العمل والضمان الاجتماعي، باستثناء بعض الجامعات وفي اختصاصات محدّدة جدًّا مثل إدارة الأعمال، والإدارة الماليّة.

 

غياب ثقافة الأطر المؤسساتيّة
من جهة أخرى، أظهرت الدراسة أن 91.5 في المئة من المتخرّجين العاملين الذين شملتهم الدراسة، لم يخضعوا لدورات تدريبية حول قانوني العمل والضمان الاجتماعي، ما يؤكد أن غالبية مؤسسات العمل لا تعير الأمر أهمية، وهذا ما يتطابق مع مصالحها. هذه المسألة تنطبق أيضًا على الانتساب إلى النقابات المهنية، إذ لم تتخطّ نسبة المنتسبين إليها من بين الذين شملتهم الدراسة، الـ35 في المئة، وذلك بالرغم من وجود نقابات في القطاعات التي يعملون فيها. وتشير الدراسة إلى أننا أمام واقع أكثر ملاءمة لإثارة النقاش، ليس فقط لجهة بيئة العمل النقابي في لبنان، إنما أيضًا لجهة حضور ثقافة الأطر المؤسساتية وأثرها في بيئة العمل وجديّتها.
ومن نتائج الدراسة أن هناك نسبة 21.3 في المئة من العقود الشفهية، و12.3 في المئة لم يجر تنسيبهم إلى الضمان الاجتماعي، وهي نسبة كبيرة بالنسبة إلى القطاعات التي شملتها الدراسة والتي تتّصف بالديمومة والإنتاجية والاستقرار. كما تبيّن أنه كلّما ازدادت نسبة المنتسبين إلى النقابات، كانت عقود العمل خطية تحفظ حقوق الموظف، وازداد عدد المنتسبين إلى الضمان الاجتماعي.
وعلى صعيد معالجة المشاكل التي يتعرّض لها العمّال، أظهرت الدراسة أن 10.7 في المئة فقط من الأشخاص الذين شملتهم الدراسة أبلغوا نقاباتهم عن مشاكلهم في العمل. أما الغالبية الساحقة فتوزعّت بين من رضخ للأمر الواقع وسكت عن تعسف أصحاب العمل (34.01 في المئة)، وبين من حاول مناقشة أصحاب العمل للوصول إلى حل (42 في المئة)، في حين أنّه لم يتم اللجوء إلى وزارة العمل أو مجلس العمل التحكيمي للتدخل في حل هذه النزاعات الناشئة.
وخلصت الدراسة إلى ضرورة تطوير الأطر النقابية والمدنيّة التي تساعد العاملين والموظفين على فهم أعمق للحقوق والواجبات، عبر التواصل المباشر معهم في مؤسسات العمل، ومع المؤسسات التعليمية وتنفيذ البرامج المشتركة لإعداد المتخرّجين قبل دخولهم إلى ســوق العمل.