تحية لها

هم وهنّ

يكرّم شهر آذار المرأة في أكثر من مناسبة، فهو يحتفل بيومها العالمي في الثامن من أيامه، ويجعل بداية الربيع موعدًا للاحتفال بأمومتها. «الجيش» تشارك في هذا التكريم من خلال ملف خاص هو باختصار: تحية لنضالات المرأة ونجاحاتها وأيضًا لمعاناتها، في مختلف المجالات، ومن مواقعها المتعددة كشريكة في الخلق والبناء والصمود.


لقد شهد المجتمع اللبناني في تاريخه الحديث تجارب كثيرة لنساء رائدات كسرن القوالب النمطية السائدة ولمعن إلى جانب الرجل في مجالات القانون والطب والأدب والتربية والثقافة والاقتصاد والفن وسوى ذلك، من دون أن يتخلّفن عن الدور الأساسي الذي خصّهنّ به الخالق.


وخلال فترة الحرب الطويلة برزت المرأة كمناضلة حقيقية إلى جانب رفيق دربها، وأمام أولادها وإخوتها ورفاقها وخلفهم أيضًا. ناضلت من أجل لقمة العيش وتوفير الملجأ وبناء المستقبل، صبرت على آلام كثيرة وقدّمت التضحيات من أجل الوطن.


بعد الحرب واصلت نضالها، واستفادت من تجارب وخبرات راكمتها، ومن نجاحات حققتها، لتخرج إلى ميادين الحياة شريكًا حقيقيًا، مع ذلك ظل التمييز في حقها قائمًا على المستويين القانوني والاجتماعي. فبسبب تقاليد وأعراف بالية ظلت نساء كثيرات ضحية الظلم والقهر من دون أن يوفر القانون الحماية لهنّ. وعلى صعيد العمل والأحوال الشخصية ما زال الطريق طويلًا لتحقيق المساواة. وفي ما خلا حالات قليلة ظلت المرأة بعيدة من مواقع صنع القرار، فالباب الذي تمرّ منه إلى هذه المواقع ظل ضيقًا وبالكاد مفتوحًا.


اليوم نحن أمام تجربة جديدة: حكومة ثلثها من النساء تنبري لمهمة شبه مستحيلة، إنقاذ وطن منهك بفعل الأزمات العميقة. هل نحن أمام تحوّل تاريخي على صعيد الإقرار بالجدارة كمعيار لتولّي المسؤولية بعيدًا من الاعتبارات التي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه، ومن بينها ما يتصل بالجندرة؟ هل وصل مجتمعنا إلى مرحلة الاقتناع بالشراكة الكاملة بين الرجل والمرأة كضرورة أساسية للنهوض؟ كيف يخدم وصول المرأة إلى مواقع صنع القرار مسألة المساواة في الحقوق؟ وإلى أي حد يسهم في مكافحة الفساد؟


في هذا الملف يناقش كل من: فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري، دولة رئيس مجلس الوزراء حسّان دياب، وقائد الجيش العماد جوزاف عون مسألة وجود المرأة اللبنانية في مواقع القرار المتقدمة. وتتحدث دولة نائب رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع الوطني زينة عكر في مقابلة أجريناها معها بعد فترة من توليها مسؤولياتها الوزارية. كما تتحدث الوزيرات الباقيات في الحكومة الحالية، بالإضافة إلى عشرات من النساء اللواتي تركت كل منهنّ بصمة مشرقة في مجالها أو من خلال موقعها، أو واجهت بشجاعة الألم والظروف الصعبة.


وفي جانب آخر من الملف تجارب وأسماء نساء من محيطنا العربي ومن العالم.
في النهاية، يتضمن هذا الملف عينة من النساء اللواتي من خلالهنّ نوجّه التحية إلى مثيلاتهنّ، فالمجال مهما اتسع يظل أضيق بكثير من احتواء تجارب ونضالات تستحق الوقوف أمامها باحترام، وما أكثر هذه التجارب في وطننا وفي العالم، غير أنّه كان لا بد من الإكتفاء بعيّنة هي جزء من كل.

التحرير