تحية لها

هيام صقر: من يطلب يجد ومن يحلم يصل

بالإصرار والإرادة والمثابرة والشغف تغلّبت السيدة هيام صقر على صعوبات كثيرة واجهت مسيرتها وأحلامها، لكن الأحلام تحققت بفضل الجهود الكبيرة والعمل الدؤوب. المسيرة التي بدأت بتأسيس سلسلة مراكز لتعليم اللغات، توصلت إلى بناء صرح جامعي يرفد الأجيال بالعلم والقدرات والكفاءات. كيف تصف مراحل مسيرتها؟ وما الدروس التي يمكن استخلاصها من هذه المسيرة؟

 

بدأت مسيرتها المهنية والعملية بتأسيس سلسلة مراكز لتعليم اللغات في مختلف المناطق اللبنانية تحت اسم American Lebanese Language Center. ثم أنشأت سلسلة من المدارس المهنية في مختلف المحافظات اللبنانية تحت اسم American Universal College) AUC) وطوّرتها بمواد جامعية حصلت على ترخيص لها من مؤسسات جامعية أميركية، فباتت معهدًا جامعيًا مستقلًا. بعدها عملت على تطوير المعهد الجامعي إلى أن أصبح جامعة مستقلة تمنح شهادات البكالوريوس والماجستير باسم الجامعة الأميركية للعلوم والتكنولوجيا American University of Science and Technology AUST وحازت ترخيصًا كاملًا للمؤسسة الجامعية في العام 2000. اليوم أصبحت المؤسسة من الجامعات المعروفة في لبنان وذات سمعة أكاديمية ممتازة. تطلّب الوصول إلى هذه النتيجة عملًا دؤوبًا، استمر لسنوات مع فريق عمل وكفاءات إدارية وعلمية ذات مستوى عالٍ. كان همنا الأول بناء المواطن الصالح، تقول السيدة صقر مشيرة ًإلى أنّ الـAUST اختيرت كواحدة من أفضل عشر جامعات لبنانية (من بين مئة جامعة عربية) للعام 2019 بحسب تصنيف كيو أس «كواكاريلي سيموندز» العالمي لجامعات الدول العربية 2019 (QS Regional Ranking).

 

إرادة الانتصار
في ما خص الصعوبات التي واجهتها، تؤكد السيدة صقر أنّها كانت كثيرة بالنسبة لسيدة تؤسس صرحًا أكاديميًا في مجتمعنا، ولكنّها انتصرت عليها بالإصرار والإرادة والمثابرة والشغف، وبفضل الجهود الكبيرة التي بُذلت والعمل الدؤوب والمتواصل لتحقيق حلم ببناء أجيال متحصّنة بالعلم والثقافة، في وطن يستحق أن يبقى منارة إشعاع وفكر ومعرفة. وتضيف: «استطعنا التغلب على الصعوبات أيضًا بالانفتاح على التطور الأكاديمي العالمي ومواكبته، وربط الـ AUST بما يزيد على 40 جامعة عالمية من خلال اتفاقيات تعاون وبرامج تبادل وشهادات مشتركة في أميركا وأوروبا وآسيا، وإرسال عشرات الطلاب لاستكمال تعليمهم العالي في أهم الجامعات في الخارج. وكذلك، بإقامة توأمة مع جامعة State University of New York. ,SUNY Empire State College، وانضمام AUST إلى اتحاد الجامعات العربية، وتوسيع فروعها وتحديثها».
تعطي السيدة صقر نماذج عن سلوكيات كانت تواجهها كسيدة، فتقول: «في إدارات الدولة كنت أواجَه بعدم الاكتراث وبالقليل من الاهتمام وكأنّهم يقولون: هل يمكن لامرأة أن تكون لديها أسباب وجيهة للحضور إلى دوائر الدولة؟ ولماذا لم ترسل لنا رجلًا بدلًا منها ؟ ولكن الأمور تغيرت كثيرًا اليوم، وفي وقت قصير نسبيًا حسب رأيي، فالتغيير الاجتماعي يتطلب وقتًا أطول من الذي يتطلّبه التغيير التكنولوجي. والمرأة اليوم مقبولة ومحترمة في دوائر الدولة، فالكثير من الصعاب التي واجهتها قد زالت من أمام المرأة القديرة اليوم».

 

الإحاطة والحبّ والجهد
تؤمن السيدة صقر بقدرات المرأة المتعددة والكبيرة، «فهي أثبتت أنّ باستطاعتها أن تؤدي كل الأدوار المناطة بها على أكمل وجه، ولدينا أمثلة لا تحصى في التاريخ والحاضر حول دور المرأة الكبير في المجالات كافة. وبصرف النظر عن الجندرية، على المرأة انطلاقًا من دورها كإنسان في البداية، التوفيق بين كل ما أُعطي لها لتستطيع النجاح في كل المهمات الموكلة إليها. من هذا المنطلق، قررت أن تبرع في كل ما تقوم به، وذلك بتخصيص كل مهمة بما يلزمها من إحاطة وحب وجهد من دون التقصير في الأخرى، وإن كان الثمن مزيدًا من التعب». فمن يطلب يجد، ومن يحلم يصل إلى تحقيق حلمه، ولكن بالرؤية والتنظيم والمسؤولية والجدية، تقول صقر التي تضيف: «كنتُ الزوجة والأم والرئيسة والصديقة والمربية وسيدة المجتمع، من دون أن أشعر بالتعددية، قمت باحتواء هذه الأدوار وأدائها بمحبة وبذل وعطاء. وزوجي كان سندًا كبيرًا لي، بل إنّه كان في بعض الأحيان مؤمنًا بقدرتي أكثر من إيماني بها».

 

نؤمن بالمساواة ونسعى إلى تحقيقها
نسبة الحضور الأنثوي بين الإداريين والهيئة التعليمية في جامعة AUST مرتفعة وتصل إلى 40 في المئة، وعنها تقول السيدة صقر: «لأنّنا لا نميز بين الجنسين ونؤمن بالمساواة ونسعى دائمًا إلى تحقيقها كما أنّنا نضع حقوق الإنسان والكفاءة عامةً في أولوية اهتماماتن، وثانيًا لأنّ حضور المرأة في القطاعات كافة بات كبيرًا نسبيًا في لبنان. وليس هناك أي اختلاف في الأداء بين الرجل والمرأة، إلا في ما يخص شخصية المرأة التي تتميّز بلمسة أنثوية تترك أثرها في أي مجال تعمل فيه. كما أنّ حضورها المحبّب، وعطاءها اللامتناهي واحتضانها وأمومتها الفطرية، يجعلها مختلفة دائمًا».


ليس وراءه ولا أمامه
«ثقي بنفسك وناضلي للمساواة الكاملة فهذه مسؤوليتك لبناء مستقبل واعد لأبنائك وللأجيال القادمة». هذه النصيحة توجّهها صقر إلى الطالبة الجامعية، مضيفة: كوني معه جنبًا إلى جنب... ليس وراءه ولا أمامه... أنتما رفيقا الدرب. ثابري واعلمي أنّه لا بد من عثرات على سلم النجاح. تقبّلي العثرات على أنّها دروس على درب النجاح. آمني بقدرتك وتحلّي بالصبر والنفس الطويل، ومهما قست الأيام حافظي على بسمتك وعلى الروح الحلوة في التعاطي مـع الآخرين».
أما نصيحتها الأخيرة للمرأة فكانت: «احرصي على ألّا يكون نجاحك في مسيرتك العلمية والعملية على حساب حياتك العائلية، فأنت زوجة وأم وأخت قبل كل شيء».