البطولة ملء الساحات

وإلى مزيد من التفاصيل
إعداد: ندين البلعة

هكذا يقاتلون ويصمدون ويرفعون العلم عزيزاً عالياً

«العريف الشهيد علي موسى»، هكذا وقّع شهيدٌ وصيته وقد كتبها على وصفة طبية، وأعاد كتابتها على الحائط. عرف أن الواجب يناديه فاستجاب. كان يشعر أنه سيقدم حياته فداءً للوطن. فكتب وصيته ومضى الى واجبه شجاعاً مقداماً لا يرهبه الموت.
حاله حال جنودنا على أرض المعركة، ببسالة يقاتلون ويستشهدون ليبقى لنا وطن.
على أرض المعركة في مخيم نهر البارد، شاهدنا جيشنا كتلة متراصة، يخوض القتال ببسالة تفوق التصور وبجدارة تليق بحامي الوطن.

 

السرية 522: النصر أو الاستشهاد
على تلة المحمّرة، تمركزت غرفة عمليات اللواء الخامس، في ملاّلة. من هناك ينكشف المخيم، الذي يتصاعد منه الدخان وعلى دوي المدافع والرشاشات، يتنقل العسكريون منتظرين الأوامر لتطبيقها، يتملكهم الاندفاع للنزول الى أرض المعركة ومساندة الرفاق. فالوجود في مكان آخر بنظرهم مضيعة للوقت.
تنقلنا بينهم وحاولنا نقل الوقائع التي يعيشونها والمشاعر التي يحسّون بها.
النقيب ميشال بردويل، آمر السرية 522 (الكتيبة 52 في اللواء الخامس) وصف المعركة بـ«معركة الجيش كله».
وقال:
«بُلّغنا سقوط حاجز المحمّرة الساعة الخامسة فجراً فانتقلنا الى «العبدة» مع خمس ملالات من السرية 522. وفي الساعة العاشرة من صباح يوم الأحد 20 أيار، تلقينا الأمر بالتقدم واحتلال المركز حيث كان يتمركز عناصر «فتح الاسلام»، بينما تقدم من الجهة المقابلة (طرابلس - عرمان) فوج المغاوير.
نظراً الى كثافة إطلاق النار من قبل المعتدين، أصيب من سريتي الملازم علي نصار، الرقيب الأول أحمد الحاج والجندي أحمد زيتون.
ولكن ذلك لم يمنعنا من متابعة التقدم حتى دهم بنايات داخل المخيم واحتلال 30 مبنى تقريباً كمرحلة أولى، ثم التمركز على خط السكة كمرحلة ثانية...».
وشدد النقيب بردويل على أن «الكل معني، فالاعتداء على عسكرنا، وكل واحد منا يعرف صديقه الذي غُدر واستشهد. جنودنا متحمسون يرفضون الرجوع، يتخطون الخوف ويتقدمون بتنسيق تام بين الرمايات والمدفعية والملالات... التقدم أو الشهادة!».
وعن الصعوبات التي واجهها العسكريون يشرح: «نحن ندخل الى مخيم حيث يقيم عناصر «فتح الاسلام» منذ زمن طويل. لذا فهم عالمون بكل تفاصيل أرضهم من ممرات تحت الأرض ومخابئ لم يكن باستطاعتنا اكتشافها في بداية المعركة. كما أن التفخيخ هو من أصعب العراقيل. وعلى الرغم من التدريبات، لم نستطع تحاشي الاصابات، فالظروف التي تحيط بنا بالغة الصعوبة».
وقال:
«لا يخفى على جيشنا تعاطف الناس ودعمهم، الذي يؤثر إيجاباً على العسكر ويدفعهم الى مزيد من العطاء»، لا راحة! من يُصاب يرفض نقاهته، يُعالج في مكانه ويعود ليتابع القتال الى جانب رفاقه. ووجود مستشفى ميداني على أرض المعركة يسهل عودة المصابين بجروح طفيفة».
وختم بالقول:
«سقوط أحد الجنود شهيداً قرب رفاقه، يؤثر فيهم لكنهم يعودون بسرعة الى القتال كي لا يذهب دم رفيقهم سدى».
«لا مجال للتراجع، فالأهم هو كرامتنا وكرامة الجيش والوطن كله».

 

«لبنان يستحق أرواحنا وأكثر»
يؤيد العسكر آمر سريتهم النقيب ميشال بردويل، مؤكدين كل مرة على المعنويات والشجاعة التي يتمتعون بها. فلا يمكن أن تمر باللواء الخامس من دون أن تشهد لشجاعة اللواء على أرض المعركة. كثر منهم أصيبوا وما زالوا يقاتلون.
العريف الأول حسين القبيسي «يدعو رفاقه الى المتابعة كما فعل هو بعد إصابته، ويعتبر أن سقوط أحد الرفاق شهيداً أمر يحصل يومياً ويزيدهم اندفاعاً».
أما الرقيب علي الأشقر فقد رفض الإستراحة داعياً الى الإستفادة من كل لحظة كي لا تطول مهمة القضاء على الإرهابيين.
وعبّر العريف الأول عاصم خير الله عن حماسته مشدداً على إلتزام ما يعتبره الشعار الأساسي للجيش «إما النصر وإما الشهادة...».
المجند خالد درحاني من السرية 523، تعرّض للقنص عدة مرات، وأُصيب عدد من أصدقائه قربه ولكنه ما زال في سريته يقاتل إكراماً لدم الشهداء «الذين ماتوا لتبقى راية لبنان مرتفعة».
الرقيب إيلي البيطار من الكتيبة 53 (السرية 533) يشير الى أهمية التلاحم بين العسكريين لتخطي هذه المرحلة الصعبة، ويشدد رفيقه الجندي محمد مصطفى من السرية نفسها على المتابعة حتى آخر جندي، فهذه «الطريق نحن اخترناها ولن نتراجع أو نضعف، والله سوف يقدرنا على الإرهابيين».
العريف سلمان الحسنية، المجنّد خضر عبيد والمجنّد حسين أبو وسيم يعبّرون بدورهم عن أهمية التماسك لتحقيق الأهداف التي نذروا حياتهم للجيش من أجلها: «بسط الإستقرار والأمن على أرض هذا الوطن ليعيش المواطنون بأمن واستقرار، في ظل العلم اللبناني». ويضيف الرقيب الأول محمد عبد الله «كل ما نقدمه لهذا الوطن ليس كثيراً عليه، حتى حياتنا وأرواحنا».
وتتتابع الشهادات الحية، نشعر بمزيد من الحماسة والفخر، ولا تخفى علينا دمعة تلوح في عين تأثراً.
النقيب حسن قاسم، آمر السرية 543 مدرعات (الكتيبة 45)، أصيب خلال الهجوم ولكنه عاد ليدعم عناصر سريته. «لم نكن نتوقع هذا الدعم الذي يقوّي به العسكريون بعضهم البعض. هذه المعركة لهم جميعاً وقد اكتشفوا خلالها كم يملكون من إمكانات تضحية تجاه المؤسسة العسكرية وتجاه لبنان». وختم بالقول: «الجيش خلال السلم يتدرب وهو الآن يطبّق كل ما تعلمه، في «امتحان» سيخرج منه متفوّقاً».
قبل أن نودعهم، أصرّ عسكريو اللواء الخامس الذين التقيناهم أن يحمّلونا نداء الى العماد قائد الجيش: «لا نريد التوقف قبل إبادتهم»، والى أهالي رفاقهم الشهداء: «نحييكم ودماء رفاقنا أمانة في أعناقنا».

 

«إكراماً لدماء كل شهيد»
من مركز اللواء الخامس في تلة المحمّرة، انتقلنا الى مركز عمليات الفوج المجوقل في مبنى معمل الحلاب للحلويات. هنا نرى وقائع المعركة على أرض المخيم على شاشة كبيرة.
عناصر من الفوج يتابعون الأحداث، آخرون يجرون اتصالات لمعرفة كل جديد والجميع في حركة دائمة من دون توقف.
هناك التقينا المقدم منصور دياب، رئيس الفرع الرابع في الفوج المجوقل الذي أصيب في المعركة وها هو بين العسكريين قدوة لهم في الاندفاع.
سألناه عن ظروف إصابته، قال:
«خلال تقدمنا باتجاه مركز لفتح الاسلام يقع لجهة البحر قرب «استراحة النورس» (مركز خطر لفتح الاسلام)، وفي أثناء مطاردتنا بعض العناصر، اشتبكنا معهم، وتعرضت للتقنيص من قبل عنصر كان مختبئاً في أحد المباني. خرقت الرصاصة الدرع الذي كنت أرتديه وأصابتني بكتفي حيث كنت قد أصبت عدة مرات في معارك سابقة».
على أثر الإصابة نُقل المقدم دياب الى المستشفى ولكنه رفض نقاهته معتبراً أنه يجب أن يكون القدوة للعسكريين، بالاندفاع وعدم الاستسلام.
المجند الممددة خدماته بلال حسن من السرية الثانية في الفوج المجوقل يقول بدوره: «نريد أن نستبسل في الدفاع عن الوطن، فإما أن نستشهد وإما أن ننتصر ونعيش».  
الرقيب الأول طانيوس الليطاني، الذي فَقَدَ في المعركة إبن شقيقه النقيب مارون الليطاني، أكد على العزم والمتابعة إكراماً لدماء كل شهيد سقط فداءً لجيشه ولوطنه.
ودّعنا العسكريين في غرفة العمليات وانتقلنا مع المقدم غسان فاضل، رئيس الفرع الاول في الفوج المجوقل، الى داخل المخيم، من جهة مركز الخان الذي كان من أهم المراكز التابعة لـ«فتح الاسلام» وأسقطه الجيش. سرنا باتجاه المحور البحري حيث يعمل الفوج المجوقل، ليتقدم باتجاه استراحة الوحش.


عسكريونا...
كما الذهب المعتّق

دروع وقبعات واقية للحماية، تنقلنا بها بين المراكز التي نظفها الفوج لنصل الى آخر نقطة يتمركز فيها الجيش مقابل الإرهابيين. المجوقلون يحتمون من القنص والضربات الموجهة نحوهم، يضحكون ويفيضون حيوية وأملاً، خلف السواتر الترابية يتنقلون، البحر يحرسهم وعين الله ترعاهم، يلتفّون واحدهم على الآخر، يحذّرون بعضهم ويتناقلون التوجيهات.
بين بقايا الذخائر والرصاص، وعلى صوت القصف يعنف تارة ويهدأ تارة أخرى، دخلنا الى غرفة معتمة في مبنى اتخذه أفراد الفوج المجوقل مركزاً لهم.
الرائد يوسف حداد، آمر سرية المساندة والدعم في الفوج المجوقل يعطي التوجيهات اللازمة ويخبر العناصر بالمستجدات. أصيب بيده خلال إحدى الهجمات ولكنه عاد مصمماً أكثر من ذي قبل على البقاء: «لست قديماً في الجيش، ولكن الخبرة التي اكتسبناها من هذه الحرب فريدة. هي حرب شوارع والعدو ليس تقليدياً. هو إرهابي ويستعمل الوسائل التخريبية والخبيثة كافة (قنص، غدر، تفخيخ...). لا يهمه الحفاظ على الأرض أو الممتلكات أو الحياة، هدفه أن يؤذي الجيش بقدر ما يستطيع. في الايام الأولى واجهتنا صعوبات لكننا تأقلمنا بسرعة وعملنا قدر المستطاع على عدم تكبّد الإصابات».
وتحدث الرائد حداد قائلاً: «سريتي تسلّمت العمليات من الجهة الشمالية للمخيم على المحور البحري (مركز الخان باتجاه استراحة النورس، استراحة الوحش، مدارس الاونروا). إننا نتقدم بدقة وندرس كل خطوة لذلك تأخذ العملية وقتاً أطول. خطواتنا بطيئة ولكن ثابتة وبالتنسيق مع الافواج كافة من هندسة ومدفعية، مدرعات ومشاة.. للتقدم على خط مشترك».
وأشار الى أن العسكريين يتعرضون خلال عمليات الدهم للكثير من المخاطر والصعوبات، إلا أن التصميم والارادة والاندفاع في الحفاظ على الوطن وأبنائه، جعلنا نتخطى كل الصعوبات وحفّز العسكريين على الكثير من التعاون، وسقوط شهيد أو جريح يزيدنا قوة وإرادة للمتابعة. نعمل بطريقة مميزة وبتخطيط دقيق، فنحن أمام قضية وطنية والشعب كله يدعمنا في تأدية واجبنا. الجيش هو خشبة الخلاص بالنسبة الى اللبنانيين وهذا ما أثبتته هذه المعركة».
وأشاد الرائد حداد بجهود عناصر سريته، لافتاً الى أن بعضهم كان سيتقاعد «ولكنهم انخرطوا في المعركة وأعطوا كل ما عندهم باندفاع وكأنهم حديثو الخدمة... الذهب القديم لا يبوخ».
المعاون الأول جورج عبريني (رامي مضاد) والمعاون غطاس طربيه من سرية المساندة والدعم في الفوج المجوقل، اعربا عن شكرهما لقيادة الجيش التي أمنت للمقاتلين المستلزمات جميعها، وكعناصر قدامى في الجيش، عبّرا عن فخرهما بكل المجندين الشباب الجدد الذي «يتحلّـون بالشجاعة والانضباط، فوسط كل المخاطر وعلى الرغم من قلة خبرتهم بالحرب، أبدوا اندفاعاً لا مثيل له».  

 

الى الأمام دوماً
غادرنا الفوج المجوقل وانتقلنا الى مركز عمليات فوج المغاوير داخل المخيم حيث كان العسكريون يتحضرون للنزول الى أرض المعركة.
النقيب إيلي مخول، آمر سرية المغاوير الأولى، لاحظ «أن معنويات العسكريين مرتفعة جداً، خصوصاً أن الجميع على الأرض: الضباط والرتباء والأفراد من أصغر الرتب الى أعلاها يعمل الجميع جنباً الى جنب». وأكد على أهمية المتابعة بعزم لأن «التردد يعرّض العسكري لمواقف أكثر خطورة».
وتابع: «من المعروف أن المغوار يسير دائماً الى الأمام، يضع كل الاحتمالات السيئة أمامه ويطحش». ولم تخفَ علينا دمعة الحزن في عين النقيب مخول عندما أتى على ذكر رفيقه النقيب الشهيد مارون الليطاني، واصفاً إياه بأنه كان متميزاً ومقداماً واستشهاده كان حافزاً لرفاقه لكي يكملوا، لأنهم «هم أمل لبنان ورمز بقائه».
من جهة «النورس» وصل النقيب وسيم علوية، آمر السرية الثانية «صدم» في فوج المغاوير، بعد انتهائه من مهمة استطلاع في الجبهة البحرية للمخيم. «العسكريون يتسابقون لتنفيذ المهمة» بهذه العبارة اختصر نظرته الى معنويات المقاتلين معتبراً أنه «ممنوع المسّ بالمؤسسة العسكرية مهما كلف الأمر من تضحيات».
الرائد جورج صقر، آمر السرية الرابعة في فوج المغاوير يقول من جهته، «الروح القتالية التي ظهرت عند العسكر فاجأتنا، لم نتوقع كل هذا الزخم في القتال ولكننا كنا أكيدين أنهم سيكونون على قدر عالٍ من المسؤولية والبطولة». المغاوير لا يعرفون معنى الأخذ بالثأر، لكن استشهاد رفيقهم، النقيب المغوار مارون الليطاني، دفعهم الى القتال حتى آخر نَفَس، هذا هو الوضع، اليوم هو استشهد، وربما دورنا غداً...».
الرائد صقر عبّر عن امتنان الجيش لدعم الشعب الذي «عرف أخيراً أنه يريد هذا الجيش الأبي، حامي الوطن والمواطن».
وننتقل الى الرائد صبحي العاقوري آمر سرية المدرعات في فوج المغاوير، لقد أصيب بشظية في كتفه في أثناء تفجير أفخاخ، ولكن ذلك لم يثنه عن متابعة التقدم مع الباقين بعد تضميد جراحه، وهو يشدد على ضرورة الصمود حتى إنجاز المهمة وتحقيق الهدف المرجو».
ويختم: «نراكم قريباً في مركز الفوج في رومية لنحتفل بالانتصار».
الرقيب المغوار كميل نصار من السرية الأولى، يقول:عناصر «فتح الاسلام» إرهابيون، إنهم حثالة المجتمع. ويضيف: «تلاحمنا وبقاؤنا يداً واحدة وقلباً واحداً، كما كنا دائماً يبقينا على يقين بأننا سننتصر على كل معتد بإذن الله».
الرقيب المغوار ناصر أبو زور، المسعف الميداني في السرية الأولى، أعرب عن افتخاره بشجاعة المقاتلين الذين كانوا يصابون ويرفضون حتى نقلهم الى المستشفى، يعالجون في أماكنهم ويعودون الى المعركة، وهذا ما كان يزيدنا عزماً لنقضي على العدو.
وقد أخذنا وعداً على أنفسنا بتحقيق العدالة كي لا يذهب دم شهدائنا هدراً».

 

هكذا رفعنا العلم
لم تختلف الأجواء والمعنويات كثيراً لدى فوج مغاوير البحر بقيادة العقيد الركن جورج شريم. فالعسكر كله في حركة مستمرة ومتابعة دائمة ينتظر كل جديد.
أما الاندفاع فلا يمكن تقديره إلا لدى النزول الى الميدان...
في جولة مع النقيب حيدر سكيني، آمر مجموعة زوارق القتال الثالثة، استطلعنا كيفية دخول مغاوير البحر في المعركة، ورفعهم أعلام لبنان والجيش على سطوح كل مبنى يحتلونه.
«تدخلنا لإخلاء ثلاثة شهداء من اللواء الخامس، وهذا يبرهن عن روح التعاون بين كل الافواج والقطع. نحن لا نترك شهيداً في ساحة المعركة مهما كانت الظروف قاسية، وقد نفذنا مهامنا بقلب شجاع».
على تخوم حي التعاونية دخلنا مع النقيب سكيني الى مبنى تمركزت فيه مجموعة زوارق القتال الثالثة، وأقامت المتاريس. يستقبلك علم لبنان وقد كتب عليه عناصر المجموعة:
«إذا تغيّر المكان والزمان ستبقى مغاوير البحر هي الضمان».
«أنتم في دمي يا شهداء لبنان، جيشنا بوفائه وحده الأمان».
التسلل الى مراكز العدو أمر دقيق فيه الكثير من المخاطر، كما يشرح لنا الملازم شبيب أبي خرس. ويضيف: «الأهم أن يحافظ المتسللون على أنفسهم ورفاقهم وهنا تكمن الصعوبة». ويؤكد لنا: «إصابة عسكري تعطي دفعة إيجابية لكل رفاقه، تجعلهم يقدمون أفضل ما عندهم وفاءً لتضحيات الشهيد أو الجريح».
ويختم بالقول:
«بدايـة كانـت الصعـوبـة في التـأقلـم خصـوصـاً بالنسبــة الى العسكـر الجديـد. ولكـن بعــد ذلـك سيطـرنـا على الوضـع وتلاشـت كــل الحواجـز مـن أمامنـا».
الرقيب الأول شربل زينون من المجموعة نفسها لا يندم على مشاركته في هذه الحرب على الرغم من إصابته. فقد تعالج من الشظايا في رأسه وعاد الى أرض القتال. «مؤسسة الجيش هي المؤسسة الوحيدة التي تحافظ على الوطن ونحن فخورون بالانتماء اليها».
وقفتنا الأخيرة كانت مع المعاون الأول أيوب مهنا، رتيب مجموعة المداهمة في زوارق القتال الثالثة، الذي «نوه بجهود عناصر المجموعة وتعاونهم والتفافهم حول رفاقهم المصابين، كل عسكري يجري دمه في دم رفاقه، كل منا يريد بقاء لبنان وتأمين السلام لأولادنا مستقبلاً».


دم واحد وروح واحدة
في هذه المعركة، الجندي كالرتيب والضابط والقائد... جميعهم روح واحدة. الرئيس يقوي مرؤوسيه، يزيد من معنوياتهم وحماسهم، يبقى الى جانبهم ويشعل الاندفاع في نفوسهم. فالجميع في أرض المعركة «واحد» عندما ينادي الواجب، وهناك لا رتب ولا شارات، فقط عسكر يقاتل ببطولة.

 

وصية شهيد
مضى الى واجبه شجاعاً مقداماً لا يهاب الموت، عندما استشهد حملته زنود الرفاق.
على وجهه إمارات العزّة وراحة ضمير شهيد بار أنجز واجبه حتى آخر رمق، وفي جيبه ورقة (كانت وصفة طبية) مطوية بعناية وقد خطّ عليها وصيته موقعة كما يلي:
الشهيد علي موسى
الشهيد أوصى زوجته بالشجاعة طالباً منها أن تفرح لأنه في جنان الخلد.  طلب منها أن تعتبر أهله أهلها. وأن تخلص ذمته مع الآخرين. وأوصاها بالإحسان والبر.
أما أهله واخوته فقد ودّعهم بكلمات مؤثرة موصياً كل فرد منهم بمحبة الآخر.
هوذا شهيد بار نموذج لشهداء أبرار كانوا قدوة في تضحياتهم
وأرادوا أن يكونوا قدوة في استشهادهم.