سلامتكم تهمنا

واجباتنا كسائقين على الطريق!
إعداد: الدكتور الياس ميشال الشويري
رئيس الجمعية اللبنانية للسلامة العامة (LAPS) وممثل منظمة السلامة العالمية لدى الأمم المتحدة

إن ظاهرة الحوادث المرورية
موضوع خطير ومرعب، وذلك
لأهميته وتأثيره على المجتمع بكل
فئاته ومؤسساته. لقد أصبحت حوادث
السير كمرض وداء خطير ينتشر
ويقضي على أفراد المجتمع وممتلكاتهم، من دون إمكان إيجاد حلٍ سريع وجذري له أو على الأقل الحد من إنتشاره. إن الإحصاءات بعدد حوادث السير في إزدياد مستمر، بحيث أصبح من المألوف (ولسنا نبالغ) مشاهدة هذه الظاهرة منتشرة في الشوارع وكأنها القدر المحتوم! بل وكأن كل واحد منا (لا سمح الله) ينتظر دوره ليكون ضحية القلق والخوف من إنتشار هذه الظاهرة الفتاكة.
والحقيقة إن حوادث السير هي قمة الجوانب السلبية الناتجة عن حركة السيارات على الطرق. وهذه الحوادث لا تحصل مصادفة وإنما نتيجة لطبيعة الطريق، أو خلل في السيارة، أو سوء تصرف السائق، أو مستعملي الطريق، أو بالتداخل ما بين هذه العوامل الأربعة التي تشكل أسباب حوادث السير.

 

كيف نتجنب حوادث السير؟
تحتاج القيادة داخل المدينة وخارجها، وفي الطرق المزدحمة بالمشاة إلى عناية كبيرة وإنتباه أكبر، فعلى سائقي السيارات:
• إفساح الطريق للغير مع ملاحظة إشارات المرور.
• إعطاء الإشارة الصحيحة عند الرغبة في تخطي سيارة.
• إعطاء الإشارة الدّالة على الرغبة في الإنحراف إلى أحد الشوارع الجانبية.
• عدم إيقاف السيارة عند تقاطع الطرق أو في مسار السير الطبيعي للسيارات الأخرى.
• عدم ترك السيارة أمام ممرات دخول السيارات وخروجها أو عند المرافق العامة.
• خفض السرعة عند الإقتراب من تقاطع طرق.
• مراعاة ترك المسافة المناسبة بين السيارة التي نقودها والتي أمامنا.
• إلتزام قائد السيارة الجانب الأيمن للطريق، والإنتباه إلى شاخصات المرور والعمل بها ومعرفة مدلولها لتوفير الحماية والسلامة على الطريق.
• عدم قيادة السيارة في حال الإجهاد أو المرض.
• عدم ترك السيارة والمفاتيح بداخلها! وعدم ترك أبوابها ونوافذها مفتوحة عند وقوفها.

 

ما الذي ينبغي أن تفعله في حال وقوع حادث في الطريق؟
- أولاً: أوقف سيارتك بصورة صحيحة:
• ركن السيارة على الجانب المنخفض من الطريق وشد فراملها جيداً.
• ضبط النفس وعدم القيام بأية حركات عنيفة أو عصبية.
- ثانياً: إجراءات فورية:
• ضع علامات تحذيرية للسيارات على بعد 50 - 150 متراً من الحادث، وإذا لم تجد علامات تحذيرية إجعل زميلاً لك (إذا كان برفقتك أحد) يقوم بتحويل حركة مرور السيارات.
• حاذر وجود مواد خطرة في الموقع مثل مواد قابلة للإشتعال، مواد كيماوية...
• وجّه إهتمامك قبل كل شيء إلى السيارة المصابة، أوقف محركها بقطع الوصل الكهربائي (من لوحة القيادة) أو من أسفل مقعدها لتقلل من خطر إندلاع حريق، وإذا تعذر عليك إيجاد مكان الوصل الكهربائي فانزع عندئذ الأسلاك الموصلة للبطارية.
• تأكد من أن هذه السيارة لن تستطيع التحرك! وذلك بشد فراملها اليدوية أو بوضع قطع من الحجارة تحت عجلاتها.
• منع كل من حول السيارة من التدخين إمتناعاً تاماً.
• إذا وقع الحادث ليلاً، فلا تستعمل أعواد الثقاب، بل عليك، إذا لم يكن بحوزتك مصباح كهربائي، أن تُضيء مكان الحادث بمصابيح سيارة أخرى (في حال كان ذلك ممكناً) من دون أن تبهر أنوارها أعين سائقي السيارات العابرة لتلك الطريق.
• إذا كان محرك السيارة مشتعلاً، فالجأ إلى إستعمال جهاز إطفاء الحريق، وفي حال عدم توافر مثل هذا الجهاز أطفئ اللهيب بأي غطاء أو بأية قطعة من القماش مبللة بالماء (إذا أمكن ذلك) ويمكنك أيضاً إطفاء الحريق بالرمل أو التراب واحذر كل الحذر أن تحاول إطفاءه بالماء.
• إذا كانت السيارة منقلبة على جانبها، ويوجد ركاب بداخلها، لا تحاول تقويمها، ولكن تأكد من أنها لن تتدحرج أو تنزلق من مكانها.
• إنظر داخل السيارة لتبحث عن أطفال صغار ربما يكونون قد سقطوا من مقاعدهم.

 

كيف تسعف المصابين
في الحوادث المرورية؟
تتوقف حياة الكثير من الناس على المهارة التي تطبق بها الإسعافات الأولية في حوادث الطرقات، فكم من الناس قد وقعوا ضحية هذه الحوادث لأن الإسعاف الأولي لم يتم بالسرعة والطريقة المناسبة، ولا تعتبر السلطات الرسمية هي وحدها المسؤولة عن هذا التقصير، بل إن الناس والأطباء معاً كثيراً ما يشتركون في هذه المسؤولية.
لذلك علينا جيداً إدراك ما يفترض القيام به:
• لا تدع أحداً في داخل السيارة المصابة، ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، فإحتمال نشوب حريق فيها، ولو بعد دقائق معدودة من وقوع الحادث، أمر كثير الحدوث، ولا سيما في حالات السيارات المنقلبة على ظهرها.
• لا تجذب المصابين من السيارة لأن ذلك ربما يتسبّب لهم بالضرر، وإذا كان الموقف يحتاج إلى تحريك المصاب، فيجب أن يتم ذلك بعناية وحرص، لأن تحريك المصاب بطريقة غير سليمة قد يضره أكثر من إصابته الأساسية، ويجب أن تتأكد من وجود عدد كافٍ من الناس لمعاونتك في نقل المصاب.
• إذا كان المصاب ملقى تحت السيارة، وهناك حاجة إلى نقله قبل وصول خدمات الطوارئ بسبب الخوف من الحريق يجب أن تحرك السيارة بعيداً عن الشخص المصاب إذا أمكن، وإذا تعذّر ذلك فأمّن فرملة اليد أو ضع حجراً أمام عجلات السيارة وحرّك المصاب بلطف كلما أمكن.
• إذا كان من الضروري نقل السيارة المصابة بعيداً لفتح الطريق أمام السيارات الأخرى العابرة، لا تنسَ تحديد مكان السيارة المصابة أو الشخص المصاب قبل تحريك أي منهما لأن ذلك يسهل كثيراً أمر دراسة ظروف الحادث من قبل المختصين.
• قد تجد أمامك جرحاً بالغ الخطورة (نزيف مميت) يتطلب الإسعاف السريع قبل أن تحرك المصاب، وهذا ما يحدث بصورة خاصة في حالات جروح العنق أو جروح الأطراف، ففي هذه الحالة ضمّد بسرعة الجرح المفتوح بقطعة نظيفة من القماش، وإذا كان الجرح في أحد الأطراف طبّق على هذا الطرف رباطاً شاداً يقع بين الجرح وبين القلب ولا تنسَ أن العمل الإسعافي الأولي هنا هو  إيقاف النزيف.
• ضع الجرحى بعيداً عن السيارة المصابة، وضع الجريح بوضعية الإستلقاء الظهري، إلا إذا كان الظهر مصاباً، وليكن الرأس مرتفعاً قليلاً، ولتكن الذراعان بمحاذاة الجسم، والساقان ممددتين وليغطّ الجريح بغطاء.
• الأشخاص المصابون في الرأس أو العنق أو الظهر أو بأية كسور بالساق أو الحوض، يجب أن يظلوا في حالة استلقاء، وتصنع لهذه الأجزاء المصابة دعائم وجبائر أو ألواح خشبية لتحفظ العضو المصاب وتمنعه من الحركة، وفي بعض الأحيان لا بد من أن يتحرك المصاب قليلاً حتى تستطيع تدعيم الجزء المصاب من جسمه، ولكن لا بد من أن تكون هذه الحركة برفق ومن دون أي أذى أو ألم للمصاب.
• مصابو الحوادث ربما يكونون محشورين في سياراتهم لفترة، لذلك يجب مراقبتهم بعناية لأنهم إذا كانوا فاقدي الوعي ربما يسقط اللسان إلى خلف الحلق ويغلق مجرى التنفس... ولتجنب حدوث هذا يجب أن يكون رأس المصاب في وضع يسمح بفتح مسالك الهواء، مع وجوب مراقبة الشخص المصاب المحشور بإستمرار لحين وصول فريق خدمات الطوارئ.
• عند تحريك المصاب وحمله من مكانه يقوم بعض المساعدين بحمل جسم المصاب، بينما يحافظ المساعدون الآخرون على ثبات أجزاء الجسم وأطرافه من الحركة، والمفاصل من الإنثناء.
إن عملية نقل المصاب برفق فيها صعوبة بالنسبة إلى الأشخاص غير المتدربين، لأنهم قد لا يعملون برفق كمجموعة واحدة عند رفع المصاب، ولهذا فإنهم بحاجة إلى توجيهات مستمرة في أثناء مساعدتهم للمسعف الرئيس، ومن الأفضل أن يقوموا بإجراء تجربة على رفع شخص سليم كنموذج قبل أن يرفعوا الشخص المصاب في مكان الحادث.
• لا تنس أبداً أن تخبر - بأسرع وقت - أقرب طبيب أو مركز للصليب الأحمر وأقرب مركز لقوى الأمن الداخلي... لإتخاذ الإجراءات اللازمة.

 

حقيبة الإسعاف
تعتبر حقيبة الإسعافات الأولية من اللوازم الأساسية والمهمة جداً لسائقي السيارات، حيث أنها يجب أن تحتوي على بعض المواد الضرورية مثل: علب ضمادات جاهزة من قياسات مختلفة - ضمادات ضاغطة - صبغة اليود - المركيروكروم (دواء أحمر) - أقراص الأسبرين والنوفالجين - أربطة من الشاش الطبي ومن البلاستر - قطن طبي - كورامين - دبابيس (شكالات) - مرهم لمعالجة الحروق.
وكذلك، عزيزي السائق، لا تنس منديلك، وربطة عنقك (الكرافات) وحتى رباط الحذاء... إذ يمكن أن تساعد كلها في صنع ضماد ضاغط أو رباط قاطع للنزيف يُشد بواسطة قلم الكتابة أو سكين مغلقة.
ولا تنس، أخيراً، أن إقتناءك مصباحاً كهربائياً وجهازاً لإطفاء الحريق قد يفيدك كثيراً في إنقاذ الآخرين وربما أفادك في إنقاذ حياتك أنت!

 

العبرة لمن يعتبر
أخذ العالم يدرك بشكل أوسع مدى أهمية سلامة المرور على الطرق بالنسبة إلى الفرد والمجتمع، وبأن مشكلة المرور أخذت تتفاقم طرداً مع إزدياد عدد السكان والسيارات في العالم، وما صاحب ذلك من تطور سريع في جميع المجالات، وأخذ بعض خبراء المرور يرددون المعادلة الصعبة التي تقول بأنه كلما تطورت صناعة السيارات وكلما تقدّمت مواصفات الطرق، تضاعفت مشكلات المرور، ولا بد من التأكيد هنا أن منع وقوع الحوادث على الطرق يبقى مسألة معقدة وشائكة وذلك بسبب تداخل مجموعة من العوامل هي:
• العنصر البشري وظروفه المختلفة.
• الطريق ومتناقضاته العديدة.
• السيارات ومدى جهوزيتها.
• النصوص القانونية وكثير من العوامل المتعلقة بها.
ومهما يكن من أمر فإن الإرشادات والنصائح والتحذيرات التي أوردناها في مقالنا هذا ينبغي أن تحتفظ بها في ذاكرتك وفي سيارتك أيضاً... وإننا إذ نقدمها لك، نرجو مخلصين ألا تقع في خطأ من تلك الأخطاء التي سلف ذكرها، كما نرجو أن تستطيع بواسطتها أن تتصرف إزاء أي حادث يقع أمامك على الطريق، تصرفاً شريفاً وحسناً في الوقت نفسه. وإنك إذا ما شهدت حادثاً من حوادث الطرق، أو وصلت إلى المكان بعد وقوع حادث فيه، فاذكر أن الشهامة والمروءة والأنظمة والقوانين أحياناًَ تلزمك كلها مدّ يد العون إلى من هم في محنة أو حالة الخطر. ولا يُخفى على أحد أن الإسعاف الأولي إذا تمّ في الدقائق الأولى بعد وقوع الحادث يكون له أثر كبير في الحد من المخاطر المترتبة على حوادث الطرق.
ولعل قراءة كتاب عن الإسعافات الأولية أصبحت الآن من الأمور البدهية المعروفة للجميع، وإذا إتبع كل منا ما سبق أن ذكرناه من وسائل وإحتياطات فسوف نتجنب الكثير من المشكلات ونحقق السلامة على الطريق.