ورشة عمل

ورشة عمل في مديرية الهندسة
إعداد: تريز منصور

«نحو الطاقة المستدامة وترشيد استهلاك المياه»

 

في إطار السعي العالمي للحدّ من مخاطر الانبعاثات الغازية المؤدية إلى الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الأرض، يعدّ الجيش اللبناني - مديرية الهندسة، خطة لاعتماد الطاقة المستدامة وترشيد استهلاك المياه في الجيش.
ولهذه الغاية، نظّمت مديرية الهندسة وعلى مدار خمسة أيام، ورشة عمل تحت عنوان «نحو الطاقة المستدامة وترشيد استهلاك المياه».

 

الافتتاح
حضر افتتاح الورشة مدير الهندسة العميد الركن فؤاد القسيس، رئيس قسم التنمية المستدامة في بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان مارسيللو موري، مدير مشروع سيدرو CEDRO في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان الدكتور حسان حراجلي، رئيس مجلس لبنان للأبنية الخضراء السيد ربيع خيرالله، وعدد كبير من الضباط المهندسين من جميع القطع والوحدات العسكرية في الجيش، إضافة إلى مهتمّين في مجال الطاقة المتجددة.
تحدّث في الجلسة الافتتاحية، العقيد المهندس نبيل صرّاف (المكلّف من قيادة الجيش التنسيق مع مشروع سيدرو)، فرحّب بالضيوف المحاضرين، موضحًا اهتمام قيادة الجيش بقضية استدامة الطاقة والمياه في المؤسـسة العسكرية والخطة الإستراتيجية التي تعدّها مديرية الهندسة والمتعلّقــة بهذا الشأن، لافتًا إلى جهوزيــة مشاريــع استخــراج الطاقــة الشمسيــة للانطــلاق.

 

موري
ثم ألقى رئيس قسم التنمية المستدامة في بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان مارسيللو موري كلمة أعرب فيها عن سروره لمشاركته للمرة الثانية في ورشة عمل بإشراف مشروع سيدرو، معتبرًا أنها مناسبة مميّزة جدًا، ليس فقط لأنها أتاحت أمامه فرصة الإضاءة أو التأكيد على العمل الممتاز الذي قامت به المؤسـسة العسكرية، موفّرة بذلك بيئة نظيفة للبنانيين، بل للتأكيد على دعم الاتحاد الأوروبي الدائم لأهم مؤسـسة في لبنان.
وقال، إن لبنان ملتزم الاتفاقيات الدولية الصادرة عن مؤتمرات الاحتباس الحراري والمتعلقة بتخفيض نسبة الحدّ من الانبعاثات الغازية، وكان آخرها المؤتمر المتعلّق بالاحتباس الحراري الذي عقد في فرنسا في تشرين الأول الماضي، والهادف إلى رفع معدل كفاءة الطاقة من 3 في المئة إلى 10 في المئة في حلول العام 2030، إضافة إلى العمل على الحدّ من الانبعاثات الغازية في المساكن، وحفظ الطاقة في الأبنية الخضراء بمعدل 27 في المئة، من خلال الاعتماد على الطاقة المتجددة. وأكد موري في هذا الإطار أن الإتحاد مستمر في دعم المشاريع اللبنانية المتحوّلة إلى الطاقة المتجددة، ولا سيّما العسكرية منها.   
ونوّه أخيرًا بفريق عمل الجيش – مديرية الهندسة المتعاون مع مشروع سيدرو في إعداد الخطة الإستراتيجية للطاقة المستدامة في الجيش، وتمنّى لورشة العمل النجاح المثمر.  

 

حراجلي
بعد ذلك، كانت الكلمة لمدير مشروع سيدرو في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان الدكتور حسان حراجلي الذي تناول المواضيع التي ستبحثها الورشة وأبرزها: المباني الخضراء، كفاءة الطاقة، نظام إدارة الطاقة ISO 50001، المصاعد الكهربائية، المضخات وكفاءة الطاقة، جودة البيئة الداخلية IEQ) Indoor Environment Quality)، أنظمة تسخين المياه وتكريرها وغيرها من المواضيع.
وإذ أشار إلى أن ورشة العمل هذه هي جزء من الدراسة التي يعدّها الجيش في مجال الطاقة المتجدّدة، أكد أنها ستكون القاعدة الأساس التي ستضع مواصفات ومعايير مشتريات الجيش للقطع والمعدات التي تؤمّن ترشيد الطاقة. كما شكر الجيش اللبناني، وخصوصًا مديرية الهندسة على حسن التعاون، والاتحاد الأوروبي لدعمه الدائم للبنان في عدة مجالات، ولا سيّما في مجال الطاقة المستدامة...

 

العميد الركن القسيس
وتحدّث مدير الهندسة العميد الركن فؤاد القسيس الذي قال: «بعد انتهاء الأحداث اللبنانية المدمّرة، وفي أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وُضعت خطّة لتجهيز الجيش وإعادة تأهيل معدّاته، ما استوجب بناء منشآت جديدة لتحلّ مكان الأبنية القديمة العهد، وتلبّي الحاجات التي طرأت نتيجة الزيادة في عديد الجيش وعتاده، وتلا ذلك تضخّم في مصروف الطاقة الكهربائية، فكان مشروع إدارة اشتراكات الكهرباء وتيويمها، الذي أنجزته مديرية الهندسة في أواخر العقد المذكور».
وأضاف: «مع بداية العام 2000، بدأ استشعار ازدياد الحاجة أكثر فأكثر للطاقة والمياه، إذ ارتفعت الفاتورة الكهربائية السنوية للجيش من سبعة مليارات ليرة لبنانية وما دون في العام 2008، إلى حوالى عشرة مليارات في العام 2013، ما استوجب مقاربة هذا الملف بطريقة جديدة، والبحث عن حلول ناجعة لتخفيض استهلاك الطاقة والمياه. فبوشر العمل على إدخال فكر جديد على الدراسات الهندسية، يقضي بالاتجاه نحو ترشيد استهلاك الطاقة والمياه، وزيادة الاعتماد على الطاقات البديلة أو المتجددة الصديقة للبيئة».
وتابع قائلاً: «نشأ مشروع CEDRO بعد مؤتمر باريس-3، بهدف إعادة إعمار قطاع الطاقة في لبنان، بالاعتماد أكثر على الطاقة المتجددة التي تحافظ على البيئة، وذلك عبر المؤسسات الحكومية، ومن ضمنها المؤسـسة العسكرية. وقد أبدت قيادة الجيش تجاوبًا كاملاً مع الموضوع، فكلّفت مديرية الهندسة بالمتابعة وتمكّنت من إنجاز عدّة مشاريع لمصلحة بعض وحدات الجيش، ما ساهم في الحدّ من استهلاك المحروقات والطاقة الكهربائية المنتجة، وذلك باعتماد الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء لاستعمالات مختلفة، خصوصًا لجهة تسخين المياه».
وأوضح العميد القسيس أن كلفة المشروع بلغت حوالى النصف مليون دولار أميركي، وقد موّلته الحكومة الإسبانية، وكانت نتائجه توفير ما يقارب الـ45 طنًّا من الديزل سنويًا، و140 طنًا من انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. كما أشار إلى أنه في العام 2014، بدأ مشروع إعداد استراتيجية للطاقة المستدامة والمياه في المؤسـسة العسكرية بتمويل من الاتحاد الأوروبي، وقد أدّى الدكتور حسّان حراجلي مدير CEDRO، دورًا محوريًّا في جعل هذا المشروع يبصر النور.
يتضمن مشروع إعداد استراتيجية للطاقة المستدامة والمياه في الجيش، دراسة ميدانية لجمع المعلومات عن مصروف الطاقة والمياه في المباني العسكرية، ثم دراستها وتحليلها لاستنتاج الحلول الآيلة إلى ترشيد الاستهلاك، وبالتالي تخفيف العبء المالي والانبعاثات الغازية المضرّة بالبيئة. وتأتي ورشة العمل هذه ضمن سياق اقتراح أفكار هندسية جديدة، تأخذ بالاعتبار المحافظة على البيئة وترشيد استهلاك الطاقة والمياه.
وأمل العميد الركن القسيس أن تعود ورشة العمل هذه بالفائدة على المؤتمرين وعلى المؤسـسة العسكرية على حدٍّ سواء، متمنيًّا المزيد من التعاون مع مجلس لبنان للأبنية الخضراء، ليكون الجيش السبّاق في هذا المضمار.

 

جلسات العمل
عالجت ورشة العمل خلال خمسة أيام عدة مواضيع متعلقة بالطاقة المستدامة والمياه في الجيش، فتناولت المباني الخضراء وكفاءة الطاقة ونظام إدارتها وسوى ذلك من العناوين.
المباني الخضراء:
حدّد المشاركون في الجلسة الأولى الشروط الواجب توافرها في المبنى لكي يسمّى مبنى أخضر، وهي تتعلق بموقعه وباستخدام المياه والطاقة فيه، وجودة البيئة الداخلية واعتماد الضوء الطبيعي، وانخفاض معدل الضجيج وإمكان الوصول إلى النقل المشترك بصورة سهلة...
واعتبروا أن المبنى الأخضر هو بناء صديق للبيئة، عند تصميمه تؤخذ بعين الإعتبار جميع مراحل حياة المواد المستعملة في إنشائه، وكيفية تأثيرها على البيئة، إضافة إلى إمكان تغيير وجهة استعمالها... وذلك بهدف المحافظة على الموارد، وإعادة تدويرها واستعادة الطاقة، بالإضافة إلى الوقاية من التلوث، وتخفيض إنتاج النفايات.

 

كفاءة الطاقة (الكهرباء والمياه والمحروقات)
لحظ المناقشون في الجلسة الثانية أن كفاءة الطاقة هي مجموعة من الأنظمة التي تستعمل ليصبح استخدام المبنى أكثر راحة، باستهلاك الكمية المطلوبة من الطاقة. علمًا أن كفاءة الطاقة هي من ضمن الشروط الواجب توافرها في مفهوم المباني الخضراء...

 

نظام إدارة الطاقة ISO 50001
 تناولت الجلسة الثالثة نظام إدارة الطاقة ISO 50001، وهو نظام عالمي وضع بهدف تأمين الفائدة المادية لجميع المؤسسات الإدارية، إضافة إلى الصيانة (الصغيرة والكبيرة)، عن طريق إدارة الطاقة بصورة أسلم، حيث بالإمكان تأمين وفر يصل إلى 60 في المئة من الطاقة المستهلكــة في حــال تــمّ إعتمــاد هــذا النظام.
ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أن الطاقة تشكل الكلفة الأساسية من مجمل كلفة التشغيل، وقد تكون الكلفة الأكبر في الإنتاج بغض النظر عن المنتج.

 

المصاعد الكهربائية
ركّزت الجلسة الرابعة على المصاعد الكهربائية، التي تستهلك كمية كبيرة من الطاقة، بينما ثمّة تقنية جديدة تساعد على الإستفادة من الحركة الميكانيكية للمصعد (أثناء هبوطه بحمل كامل أو صعوده بحمل خفيف)، فهو ينتج في هذه الحالة طاقة يمكن تعبئتها في ركائم، ومن ثم استخدامها للإنارة أو لتشغيل المصعد عند إنقطاع التيار الأساسي.

 

المضخات وكفاءة الطاقة
في الجلسة الخامسة تناول المحاضرون المضخّات وكفاءة الطاقة. فاستعمال المضخات واسع جدًا في النقل البحري وصناعة الغذاء والأدوية، والصناعات الكيميائية، ومحطات تكرير المياه، ومصانع الورق، ومحطات توليد الكهرباء والتعدين إلخ... وبالتالي لا بدّ من ابتكار طرق لتوفير الطاقة من خلالها.

 

جودة البيئة الداخلية (IEQ)
جودة البيئة الداخلية كانت عنوان الجلسة السادسة، وهي تشمل تأمين بيئة صحية سليمة للعاملين أو للقاطنين لناحية الإضاءة، والتهوئة، والتدفئة، والتبريد، ومستوى الضجيج والإنبعاثات من المواد المستعملة في البناء. وركّز المشاركون على ضرورة تأمين المساحة اللازمة والمريحة للشاغلين مع التوفير في الطاقة المستخدمة.

 

الأداء العالي لأجهزة الإنارة
تطرّق المناقشون في الجلسة السابعة إلى أنواع أجهزة الإنارة المستعملة حاليًا، مشيرين إلى نوع جديد منها وهو الدايود الباعث للضوء (LED) والذي تبيّن أنه الأكثر كفاءةً.

 

الراحة الحرارية
الجلسة الثامنة كانت عن الراحة البصرية، وهي الشرط الذي يعبّر عنه العقل عند ارتياحه للبيئة الحرارية. وتتأثر الراحة البصرية بعاملين، الأول قوة الضوء وموقعه نسبة للهدف، أما الثاني فهو انتظام توزيع الضوء في المكان. وأوضح المشاركون أن نوع الإنارة ومستواها يؤثران على الإنتاجية، والشعور بالتعب أو الراحة، وبالتالي على اتخاذ المواقف السليمة.

 

أنظمة تسخين المياه وكفاءة الطاقة
الجلسة التاسعة تطرّقت إلى الممارسات الشائعة التي تؤدي إلى هدر في الطاقة، مثل تسخين المياه على درجات حرارة مرتفعة جدًا من أجل الاستخدام اليومي، واقتناء سخّانات مياه كبيرة من دون أن يكون ثمّة حاجة لذلك، أو استخدام سخانات غير كفوءة.

 

الضوضاء البيئية Environmental Noise
لحظ المشاركون في الجلسة العاشرة أن الضوضاء البيئية هي مجموعة من التلوّث الضوضائي الخارجي الصادر عن حركة المرور (النقل)، وأعمال البناء، والمصانع والأعمال الترفيهية الجماعية الخارجية، وأشاروا إلى تأثير الضوضاء على الإنسان.

 

تكرير المياه Water treatment
خصّصت الجلسة الحادية عشرة، لموضوع المياه التي يزداد الطلب عليها، والتي ينبغي إدارتها من خلال حماية مصادرها وبناء محطات تكرير (مياه الشفة، مياه منزلية، مياه للصناعة)، وإنشاء شبكة بنى تحتية لتوزيعها، وتخفيض استهلاكها، وإعادة تدويرها...

 

اللواقط الشمسية PV system (الألواح الفوتوفولطية)
ألقت الجلسة الثانية عشرة الضوء على الألواح الفوتوفولطية التي تُصنّع من مادة السيليكون والتي عند تعرضها لضوء الشمس، تولد طاقة كهربائية ذات تيار مستمر (DC). ويمكن استخدام هذه الألواح لإنارة الشوارع والطرقات وتغذية المنازل بالطاقة الكهربائية، خصوصًا أن هذه التقنية تتميّز بانخفاض الكلفة التشغيلية وانعدام التلوث، والأمان، واسترداد قيمة الاستثمار في غضون 5 إلى 8 سنوات، وإمكان إعادة تدوير الخلايا، وتخفيض بصمة الكربون والمساهمة في محاربة الإحتباس الحراري، وتوفير الكهرباء، وهي تقنية خضراء وصديقة للبيئة.

 

محطات الطاقة الكهرومائية
في الجلسة الأخيرة تحدّث المشاركون عن محطات الطاقة الكهرومائية التي تعتبر تقنية قديمة بالنسبة للتقنيات الأخرى (حرارية، نووية وغازية...)، لكنها موثوقة وتعتبر الأفضل (نسبيًا) بكلفة الكيلووات/ ساعة، كونها تعتمد على الطاقة المتجددة. كفاءة هذا النوع من المحطات مرتفعة وتصل إلى ما بين 50 في المئة و80 في المئة، كما أن كلفة صيانتها وتشغيلها منخفضة، وهــي تلائــم طبيعــة لبنــان الجغرافيــة.