ورشة عمل

ورشة عمل في مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية
إعداد: تريز منصور

«الأمن القومي في لبنان - أي سياسة مائية؟»

 

نظّم مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش اللبناني بالتعاون مع «ملتقى التأثير المدني»، ورشة عمل تحت عنوان «الأمن القومي في لبنان – أي سياسة مائية»، وذلك بمشاركة وزراة الطاقة والمياه، وممثلين عن القطاع الأكاديمي وضباط متخصصين.
 

كلمة المركز
بعد النشيد الوطني اللبناني، ألقى مدير مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في الجيش العميد الركن فادي أبي فرّاج كلمة اعتبر فيها أن «الأمن القومي مفهوم مركّب، يتمثل في استثمار الإمكانات التي تتمتّع بها الدولة، وحمايتها من الأخطار الداخلية والخارجية، وتطوير نواحي القوة ومعالجة نواحي الضعف في الكيان السياسي والاجتماعي. فالأمن القومي لأي دولة هو عبارة عن الإجراءات التي تتخذها الدولة في حدود طاقاتها، للحفاظ على كيانها ومصالحها في الحاضر والمستقبل، مع مراعاة المتغيّرات الإقليمية والدولية».
وأضاف: «يرتبط العديد من المفاهيم والتصوّرات بمفهوم الأمن القومي، ومن هذه المفاهيم ما يتعلّق بالبيئة، حيث وجب على الدول، ولا سيّما النامية منها، أن تعمل لتعزيز مكانتها على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، وذلك بالاهتمام بالأمن القومي البيئي من خلال ما يأتي:
- حماية الموارد الطبيعية للدولة والحفاظ عليها من خطر الاستنزاف.
- تأمين بيئة نظيفة صالحة لحياة أفراد المجتمع (هواء- ماء- تربة...)».
وأوضح أن «بيئة لبنان قد شكّلت تاريخيًا إحدى أبرز ثرواته نظرًا لتميّز لبنان بموقعه الجغرافي، ومناخه المعتدل صيفًا وشتاءً وطبيعته المميّزة، المكوّنة من جبال عالية وصخور كلسية تتفجّر منها مياه عذبة، بفعل خزانات المياه المتوافرة فوق الطبقات الصلصالية، وبفضل الثلوج المتراكمة في أماكن عديدة، والمعدّلات المرتفعة من الأمطار».
وأشار إلى أنّ القسم الأكبر من الثروة المائية يتدفق مباشرة إلى البحر، وهناك قسم آخر يضيع بين التبخر والجريان إلى البلدان المجاورة، بحيث لا يستفيد لبنان إلّا بنسبة 12 في المئة من هذا الكنز الجوفي.
في المقابل، فإن النموّ السكاني في تزايد مستمر في لبنان وفي العالم، ما يعني زيادة الطلب على المياه، بغية الحصول على مستوى معيشي أرقى وأفضل. وهذا ما يحتّم ضرورة ترشيد استخدام المياه في مختلف القطاعات وإعادة استعمال المياه المبتذلة بعد معالجتها، نظرًا لمحدودية الموارد المائية الطبيعية».
وقال العميد أبي فرّاج أيضًا: من بين آلاف المركّبات الطبيعية، لا يوجد مركّب آخر يماثل المياه في خصائصها الفيزيائية والكيميائية. وعلى الرغم من التقدم العلمي الهائل الذي وصلت إليه البشرية في جميع العلوم البحثية والتقنية، فإنّها لم تتوصّل إلى إيجاد بديل صناعي آخر يحلّ محلّ الماء. وانطلاقًا من هذه الحقائق، يجب العمل على نشر الوعي البيئي، وتحقيق الشراكة بين القطاعين العام والخاص للحفاظ على الثروة الطبيعية والمائية التي لا تقدر بثمن.
أخيرًا، اعتبر أن للتعليم دورًا أساسيًا في معالجة المشكلة، من خلال تنشئة الأجيال الشابة وتوجيهها خصوصًا أنها الأكثر تضررًا من جراء تفاقم الأزمة.

 

الصائغ
ثم كانت كلمة للمدير التنفيذي في ملتقى التأثير المدني الدكتور زياد الصائغ الذي اعتبر أنَّ «المياه عصب الحياة، وأنَّها الشريان الأساس في الثروات الطبيعيَّة اللبنانيَّة، وهي جزء مؤسِّس في أمن لبنان القَوْمي، خصوصًا وأنَّها ترتبط، بمفهوم «الاقتصاد الجامع» القائم على توحيد اللبنانيّين حول مصالحهم المشتركة، ناهيك بالتحوّلات العالميَّة التي باتت تَضع الحروب المقبلة حول مصادِر المياه في أولويَّات النّزاعات بين الدّول والجماعات المكوِّنة لها، على غرار النّفط بل وأكثر منْه».
وأضاف أنَّ «الحوار العلمي وحْده يحمي لبنان بثرواته وكفاءاته، ولقد آن أوان أن نذهب معًا إلى قرارات عمليَّة لبناء سياسات اقتصاديَّة – اجتماعيَّة مستدامة تتفاعل في نظام تشغيلي تسوده الفاعليَّة والإنتاجيَّة والشفافيَّة والمحاسبة. وأكثر ما يعنينا هو هذه الشراكة المتوازنة بين القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني».

 

كنج
ثم قدّم ممثل مدير عام وزارة الموارد المائية المهندس وسام كنج في كلمته عرضًا للخطة العشرية التي أعدّتها مديرية الموارد المائية في وزارة الطاقة، والتي تندرج في إطار تأمين الموارد المائية الإضافية عبر مشاريع السدود والبحيرات وتغذية طبقات المياه الجوفية، ومشاريع مياه الشفة، ومياه الري، والصرف الصحي، وتقويم مجاري الأنهر والينابيع البحرية، وشؤون الطاقة الكهربائية.
وأكّد كنج أنّ إصلاح هذا القطاع يهدف الى تحقيق ما يأتي:
- بناء مؤسـسة تعنى بإدارة السدود في لبنان ورفدها بالعنصر البشري اللازم.
- بناء مؤسسات المياه ورفدها بالعنصر البشري اللازم مع استعمال الموارد المائية بطريقة مستدامة.
- تطبيق قانون المياه 221 وتعديلاته، وفي هذا الإطار، يجب وضع الخطوط النهائية لبرنامج مفصل يعزّز الجهاز البشري واللوجستي في كل من وزارة الطاقة والمياه، ومؤسـسات المياه الإقليمية والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، بالإضافة إلى تنفيذ جميع المراسيم التطبيقية العائدة لهذا القانون...
وحذّر في ختام كلمته من أنّ عدم الأخذ بهذه الاستراتيجية التقنية والتنظيمية سيؤدي إلى عدم استغلال لبنان لمياهه المتجددة، وبالتالي إلى حرمان اللبنانيين من هذا المورد الهام للتنمية الاقتصادية، ولتأمين الأمن الاجتماعي والغذائي بصورة مستدامة...

 

السقّال
بعد ذلك كانت لرئيس مجلس إدارة ملتقى التأثير المدني، المهندس فهد السقّال، مداخلة عرض فيها الأهمية الاستراتيجية للمياه وارتباطها بالأمن القومي من خلال أربعة محاور: العرض والطلب وإدارة المياه ونوعيّتها، مؤكدًا أنه يجب التطلّع إلى المياه على أنها ثروة سيادية. ولفت السقال إلى أن الإشكالية الأساسية تكمن في سوء إدارة قطاع المياه في لبنان، مشدّدًا على ضرورة إيجاد إطار تخطيطي في مجلس الأمن القومي يعنى بهذا القطاع.

 

مصالح المياه
كذلك عرض كل من، المهندس أحمد نظام (مصلحة مياه لبنان الجنوبي)، والمهندس جمال كريّم (مصلحة مياه لبنان الشمالي)، والمهندس مارون مسلّم (مصلحة مياه لبنان البقاعي) ماهية دور مصالح المياه وسبل إصلاح القطاع.
كما عرض الرائد الإداري عبدالله الريحاني (أركان الجيش للتجهيز –مديرية الشؤون الجغرافية) المعطيات المتوافرة عن قطاع المياه في لبنان، والتي تشكّل مقاربة علميّة لا بدّ منها لبناء سياسات مستدامة.

 

التوصيات
بعد حلقتي نقاش حول الخلل البنيوي السائد في قطاع المياه، أُقرّت التوصيات على النحو الآتي:
- إنشاء جهاز تخطيط للموارد المائية.
- إستحداث مجلس أعلى لإدارة المياه.
- إطلاق برنامج رصد القطاع المائي والمناخي وجمع البيانات في مركز موحّد يضم وزارة الطاقة والمياه ووزارة الزراعة ومصلحة الطيران المدني.
- إقرار قانون المياه Code de l’eau.
- حماية المصادر المائية.
- دعم مؤسسات المياه بشريًا وماديًا.
- تغذية المصادر المائية الجوفية.
- معالجة مياه الصرف الصحي.
- إتّباع الأساليب الحديثة في مشاريع الري.
- إعتماد الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني.
- إستعمال الطاقة المتجددة في استخراج المياه.
- دعم السياسيين لمؤسسات المياه.
- برمجة الأولويات لبناء السدود المقترحة.
- تحضير قاعدة بيانات اجتماعية، اقتصادية وبيئية، لجميع الأحواض المائية.
- توجيه دراسات الجامعات نحو قضية المياه.
- التشديد على عدم إطلاق فكرة هدر المياه في لبنان.
- إعادة النظر في الخطط المطروحة لزيادة البعد الساحلي للإدارة المتكاملة للمياه، خصوصًا في ما يتعلّق بالترسبات والمواد العضوية التي يسبّبها فيضان الأنهر في المنطقة الساحلية.
- وضع خطة للمياه تتلاءم مع التغيير المناخي.