ناس وحقوق

وزارة العدل وكاريتاس يوقّعان اتفاقية لحماية ضحايا الإتجار بالبشر
إعداد: جان دارك أبي ياغي

على الرغم من الاتفاقيات والبروتوكولات العديدة التي وضعتها الأمم المتحدة لمكافحة جريمة الإتجار بالبشر وصادقت عليها غالبية الدول، فإنّ هذه الجريمة ما زالت مستشرية تحت أشكال كثيرة، والقضاء عليها يتطلّب, إلى الجهود الرسمية، تعاون المجتمع المدني. وفي هذا الإطار وقّعت اتفاقية بين وزارة العدل في لبنان وبين كاريتاس بهدف حماية ضحايا الإتجار بالبشر.


تذكير...
وفق تعريف الأمم المتحدة، فإنّ الإتجار بالبشر يشمل نقل أو توظيف أو تقديم ملاذ لأشخاص بهدف استغلالهم. وفي هذا الإطار تقوم منظّمات وعصابات بالإيقاع بالضحايا وإجبارهم أو استدراجهم لممارسة أشكال مهينة من الأعمال لمصلحة المتاجرين بهم، مثل البغاء والتسوّل وبيع الأعضاء... وتفيد تقارير الأمم المتحدة إلى أنّه ثمة نحو 27 مليون ضحية في العالم يحقق المتاجرون بهم أرباحًا تصل إلى 8 مليارات دولار سنويًا.
وتحضرنا هنا كوارث إنسانية يعانيها المهاجرون غير الشرعيون من بلدانهم الفقيرة أو التي تشهد الحروب إلى بلدان أكثر استقرارًا، إذ تعتبر هذه الهجرات نوعًا من الإتجار بالبشر، ولطالما عاش ضحاياها المآسي بأنواعها، من ضروب النصب والاحتيال والاعتداءات الجنسية إلى تركهم عرضة لأسماك البحار، أو عالقين على حدود برية... مآس غالبًا ما تنتهي بالموت أو الاعتقال أو الاستغلال.
وقد شهد العالم في الفترة الأخيرة أبشع أنواع الإتجار بالبشر في المناطق التي سيطرت عليها داعش والنصرة، حيث تسبى النساء وتباع بأبخس الأثمان، كما تباع أعضاء القتلى والمصابين وفق ما ذكرت تقارير صحفية.
لبنان من بين الدول التي تعيش حالة قلق من قضية الإتجار بالبشر، في ظل غياب معلومات دقيقة حول عدد الضحايا. تتحدّث تقارير عديدة عن مارسات تعتبر من أوجه الإتجار بالبشر، ومنها بيع الأعضاء وتزويج القاصرات والدعارة واسترقاق الخدم...

 

الاتفاقية
من بوابة المخاطر التي تحتاج إلى جهود دولية ووطنية ومجتمع مدني لمكافحتها، خطت كاريتاس لبنان خطوة مهمة في مسار حماية ضحايا الإتجار بالبشر بالتعاون مع وزارة العدل، ففي 26/1/2015 وقّع وزير العدل اللواء أشرف ريفي ورئيس رابطة كاريتاس الأب بول كرم اتفاقية حماية ضحايا جريمة الإتجار بالأشخاص. تضمّنت الاتفاقية بنودًا هامة حول حماية الضحايا الذين تعهدت كاريتاس بحمايتهم ومساعدتهم أيًا كانوا، ومن دون الالتفات إلى جنسيتهم أو عرقهم أو لونهم أو دينهم، لا سيما النساء والأطفال منهم. وتشمل وسائل المساعدة والحماية تأمين مكان لائق ومجهز بالمعدات اللازمة لإيوائهم، والتعاقد مع اختصاصيين وذوي خبرة لمساعدتهم، كما تلتزم كاريتاس تطبيق خطة وقائية وعلاجية واضحة في إطار الحماية والمساعدة قابلة للتطبيق والتعديل برضى الفريقين والمراجع المختصة. كما تتعهّد تأمين المهمات التي تتيح التعافي الجسدي والنفسي والاجتماعي للضحايا، ومنها توفير السكن، وتقديم المشورة والمعلومات خصوصًا في ما يتعلق بحقوقهم القانونية، والمساعدة الطبية والنفسانية والمادية ومحاولة تأمين فرص عمل...
دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ بدءًا من 1/2/2015، وقال الوزير ريفي إنها «ستتيح للقضاء الجزائي النهوض بدوره الحمائي أسوة بواجبه العقابي، لا سيما أن حماية الضحايا قد أضحت وسيلة وغاية في آن، إذ غالبًا ما تكون الضحية هي الدليل إلى تاجرها».
أمّا الأب كرم فشدّد على ضرورة مواكبة لبنان الأنظمة الدولية مشيرًا إلى أنّه يشهد عمليات «بيع أطفال» من دون أن يعطي صورة واضحة عن مدى استفحال مسألة الإتجار بالبشر فيه.