تحية لها

وزيرة الداخلية والبلديات السابقة ريّا الحفّار الحسن: المضايقات أكسبتني قوّة

هي أول امرأة تتسلّم وزارة الداخلية في لبنان. عاشت البلاد خلال تولّيها هذه المسؤولية فترةً دقيقةً وصعبة. أعلنت منذ البداية أنّها تتسلّم تحدّيًا، وسعت إلى أن تكون لها بصمتها الخاصة في وزارة خدماتية بامتياز، فضلًا عن طابعها الأمني.

 

تركّز سعيها على جعل الوزارة التي تحمّلت مسؤوليّتها وزارة تنفيذ القانون وخدمة المواطن. وتوضح الوزيرة الحسن: «من هذا المنطلق، رفعت عدّة عناوين للملفات التي رغبت في تنفيذها والتي تهمّ المواطن بالأساس، ومن شأنها أن تؤمّن راحته وأمنه وأن تحسّن حياته. والأهم من ذلك، كله أن تعمل على إعادة ترميم الثقة المفقودة بينه وبين الدولة. وعليه، انصبّت كل جهودي من أجل بلوغ هذه الأهداف وتنفيذ مشاريع إصلاحية، وتمكّنت، مع فريق عملي وكل العاملين في الوزارة، من تحقيق إنجازات عديدة كان يمكن لو استُكملت إلى نهايتها، أن تشكّل فارقًا كبيرًا في عمل المؤسسات التابعة للوزارة». وتذكّر في هذا السياق بملف السلامة المرورية، وتحسين وضع السجون، وتعزيز الإجراءات الأمنية في مطار رفيق الحريري الدولي، كي تتماشى مع المعايير الدولية المطلوبة، واتخاذ العديد من الخطوات والتدابير في ملف الأحوال الشخصية التي من شأنها أن تسهل عمل المواطن، ووقف كل أنواع التلوث والتعدي على الموارد الطبيعية من خلال التشدّد في تنفيذ القرارات المتّخذة وغير المنفّذة، وسوى ذلك. هنا تنوّه الوزيرة الحسن بالعلاقة التي تمّ تعزيزها مع المجتمع المدني وأثمرت تعاونًا شكّل جزءًا مهمًّا من عمل الوزارة.
وتتابع قائلةً: «التطوّرات السياسية التي حصلت مع استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري ردًّا على التظاهرات التي جابت المناطق اللبنانية، وضعت حدًّا للتنفيذ الكامل للخطط والأولويات، إذ تحوّل همّي إلى حماية المتظاهرين السلميين ذوي المطالب المحقة رغم ضغوط تعرضتُ لها منذ البداية في محاولة لقمع الثورة.
لا شكّ في أنّ تجربتي في وزارة الداخلية كانت مختلفة عن تلك التي كانت لي في وزارة المالية قبل عشر سنوات. يومها، كنت تحت الأضواء لأول مرّة، لاسيّما إعلاميًّا. وتعرّضت إلى العديد من المضايقات بسبب انتمائي السياسي، لكنّها رغم ذلك أكسبتني قوة في التعاطي مع الملفات كافةً وفي مواجهة الانتقادات».
ترى الوزيرة الحسن أنّ عدم مشاركة المرأة في صنع القرار خسارة للمجتمع، فمن دون هذه المشاركة، لن تتمكّن أيّ دولة من تحقيق سلام مستدام، ولن تتمكن من الوصول إلى تنمية مستدامة.
وتشير إلى أنّ «المرأة في لبنان، تمكّنت من اقتحام ميادين عديدة، رغم أنّ تمثيلها ما زال متدنيًا. لكنّ نسبة قبولها بالمشاركة في الحياة السياسية باتت أكبر، بحيث كنا أربع وزيرات في حكومة الرئيس سعد الحريري ليرتفع العدد اليوم إلى ست وزيرات بينهن وزيرة للدفاع، ما يمثل تعزيزًا أكبر لدور المرأة في الملفات الأمنية وعلاقتها بالأجهزة الأمنية والعسكرية».
وتضيف موضحةً: «هذا التقدم المُحرَز لا يلغي أهمية إقرار مبدأ نظام الكوتا النسائية، وأنا شخصيًا من الداعمين لاعتمادها من أجل تأمين وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار. وهو ما سعيت إليه في التعديلات التي اقترحتها على قانون البلديات بهدف تأمين مشاركة أوسع للمرأة في المجالس البلدية».

 

المرأة ألغت فكرة ضعفها
وتقول: «هناك مسؤوليات عديدة ملقاة على عاتق المرأة. وأنا، في هذه المناسبة، أدعوها إلى أن تعزّز ثقتها بنفسها، وأنْ تتأكّد من قدرتها على الإنجاز، لأنّ الكفاءة هي التي ستكون طريقها إلى النجاح».
وتتابع الحسن قائلةً:
«لقد سجّل لبنان في العام 2019 تقدّمًا في مجال تمكين المرأة لا سيما في الشأن السياسي، وذلك من خلال تعيين 4 وزيرات في حكومة الرئيس الحريري. وهنا لا بدّ لي من القول إنّ تعييني لتولّي حقيبة الداخلية شكّل مفاجأة للجميع، وهذا كان نتيجة إيمان الرئيس الحريري بدور المرأة.
عندما تسلمت حقيبة الداخلية، أدركت أنّ تقبّل الآخرين لتسلّم امرأة حقيبة أساسية تبدّل إيجابًا خلال السنوات العشر التي أعقبت تولّيّ لوزارة المالية، إذ حصلت على تأييد واسع لا سيما من الجمعيات النسائية التي دعمتني بشكل كامل، وعلى تقبّل نسبة كبيرة من الرجال لمنصبي. وهذا الأمر ينطبق على الوزيرات الأخريات اللواتي حقّقن الكثير في وزاراتهن في وقت قصير، ما يعني أنّ المرأة نجحت في إلغاء فكرة ضعفها وعدم قدرتها على تسلّم مسؤوليات كانت حكرًا على الرجال لتصبح منافِسةً لهم بامتياز، لا بل رائدة في إيصال المشاريع إلى خواتيمها في التنفيذ».
في ما خصّ تجربتها في التعامل كمسؤول أعلى مع أجهزة أمنية وعسكرية، قالت وزيرة الداخلية السابقة: «يمكنني القول هنا إنني نجحت في تعزيز التنسيق بين الأجهزة الأمنية المختلفة التي ترتبط بوزارة الداخلية. وكان تعاملي مع مديري الأمن الداخلي والأمن العام على مستوى عالٍ من التنسيق شبه اليومي بهدف ضمان استمرار الاستقرار الأمني في البلد. فالقوى الأمنية هي صمّام أمان للوطن والمواطن، وضمانة لدولة القانون والمؤسسات.
هذا من جهة الارتباط بمديريّات الوزارة، أمّا من جهة الجيش، فقد كان التنسيق مع قائده العماد جوزاف عون بشكل دوري لاسيّما في فترة التظاهرات. كما أنّ التعاون والتنسيق الأمني مع الجيش كان يتمّ من ضمن إطار مجلس الأمن المركزي وقد انعقد مرات كثيرة خلال فترة توليَّ وزارة الداخلية».
أخيرًا، رأت الحسن أنّ «تولّي المرأة منصبًا سياسيًا يساعد في إرساء المساواة بين اللبنانيين كونها تولي الملفات والمواضيع المرتبطة بها أهمية خاصة. ويجدر بنا الاعتراف هنا بأنّ الرجل اللبناني بات يؤمن أكثر فأكثر بضرورة تكافؤ الفرص والتساوي بالحقوق والواجبات مع المرأة، وهو أمر مهمّ جدًّا على طريق التكامل لتحقيق النموّ المستدام في مجتمعنا».