- En
- Fr
- عربي
تحية لها
في زمن المطالبة بإعلاء سلطة القانون وتحقيق استقلالية القضاء كمدخل إلزامي لإنقاذ لبنان ومعالجة أزماته، تتسلّم حقيبة العدل امرأة. البروفسور ماري كلود نجم تحمل إلى الوزارة علمها وخبرتها الطويلة في مجال القانون، كما تحمل إصرارها على كسب أحد أصعب الرهانات.
في نظر وزيرة العدل، «تربح المرأة من خلال دخولها ميدان السياسة إمكانية المشاركة في صنع القرار، فتسهم في القرارات المصيرية من أجل النهوض بالبلاد، وتحديث القوانين وتحقيق العدالة في المجتمع. وهذا ما يؤثّر بشكل أكيد على مكانة المرأة في المجتمع وتعزيز دورها فيه، ورفع الغبن الذي يلحق بها جرّاء القوانين المجحفة بحقها والذهنية الذكورية السائدة».
في المقابل هي لا ترى أنّ انخراط المرأة في العمل السياسي يرتب أي خسارة، «فدورها الطبيعي أن تشارك في الحياة العامة، وقد سبقتنا العديد من الدول في ذلك». لكنّها تشير إلى أنّ ممارسة السياسة بروح المسؤولية وبتأنٍ خصوصًا في هذه الأوقات الصعبة، تتطلّب الكثير من التضحية على صعيد الحياة الشخصية، وهذا ما ينطبق على النساء والرجال معًا.
تحية
تحيّي وزيرة العدل نساء لبنان اللواتي وقفن وقفة الأبطال بوجه الفساد للمطالبة بحقوق اللبنانيين واللبنانيات واستعادة كرامتهم. وتقول: «لقد رأينا النساء في الصفوف الأمامية للحراكات الشعبية منذ أزمة النفايات وخصوصًا بعد 17 تشرين الماضي، وبذلك دخلن الحياة العامة من بابها العريض. وكان لا بد من أن ينعكس هذا التغيير على مراكز الحكم، فيُتاح للنساء وكذلك للشباب تولّي المناصب العامة وذلك من باب الكفاءة والمسؤولية وليس عن طريق الوراثة كما اعتدنا سابقًا.
وهنا أوّد أن أشكر رئيس الحكومة الذي أصرّ على وجود ست نساء في الحكومة وتسليمهن بعض الوزارات السيادية، وكذلك رئيس الجمهورية وباقي الفرقاء الذين أيّدوا هذا التوجّه».
ما الذي ينتظر الوزيرات؟
تؤكد وزيرة العدل: «لا شكّ في أنّ بانتظارنا عملًا شاقًا، هذا ما أدركناه منذ اليوم الأول لتولّينا مسؤولياتنا. ولكنّني أؤمن بالجهد وبالعمل الجاد، ونحن جميعًا نعمل بمسؤولية، بغية إنجاز الإصلاحات التي يطمح إليها الشعب اللبناني».
في الحكومة كما داخل الوزارة، ثمة علاقة تعاون بين الرجال والنساء تقوم على الاحترام المتبادل والتقدير. «نوحّد جهودنا ونعمل من أجل إنقاذ لبنان وتحقيق آمال اللبنانيين واللبنانيات».
بالنسبة إلى وزيرة العدل، تولّي المرأة مسؤوليات سياسية يخدم مسألة المساواة في الحقوق والواجبات بين اللبنانيين.
«فالمرأة هي عنصر أساس في مجتمعنا وهي أيضًا العنصر الذي تعرّض وما زال عرضة لظلم كبير في مجتمعنا العربي وفي لبنان، وهي تناضل للحصول على حقوقها. وتوليها مسؤوليات سياسية يشكل ضمانة وسندًا قويًا للمساواة بين اللبنانيين واللبنانيات في حقوقهم وواجباتهم، وذلك من خلال المشاركة في إقرار قوانين جديدة من شأنها تحقيق العدالة والمساواة».
ورشة في الوزارة
تعتمد الوزيرة نجم خطة عمل تقوم على مبادئ الشفافية والفعالية والمشاركة في القرارات، وتنطلق من وجوب تحقيق استقلالية القضاء وتعزيز فعاليته وشفافيته، لتمكينه من مكافحة الفساد واستعادة ثقة الناس به. وهي توضح أنّ «العمل لتحقيق ذلك يتمّ على الصعيدَين التشريعي واللوجستي. فمن ناحية أولى، هناك حاليًا ورشة إصلاحية واسعة وشاملة، تطال القوانين التي ترعى التنظيم القضائي. والمقصود ليس فقط القضاء العدلي، بل أيضًا القضاء الإداري الذي يؤدي دورًا في غاية الأهمية في العلاقة بين الدولة والمواطن».
وتضيف: «نعمل أيضًا على تحديث القوانين التي تؤمّن الشفافية وتعزّز المساءلة والمحاسبة، ما يسهم في مكافحة الفساد والتهرّب الضريبي، وتشمل هذه القوانين رفع السرّية المصرفية ومكافحة الفساد واسترداد الأموال غير المشروعة، وغيرها. كما يتمّ تحديث القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان كالقانون المتعلق بتنظيم السجون ومكافحة التعذيب. ويجري ذلك كله من خلال التداول مع فعاليات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية التي عملت على هذه المشاريع، إذ يتمّ إشراكهم في ورش العمل.
وعلى صعيد آخر، نعمل على تعزيز دور القضاء وتفعيله بالتعاون مع مجلس القضاء الأعلى ومجلس شورى الدولة. كما نتواصل مع هيئة التفتيش القضائي، لتفعيل دورها لكونها تشرف على مراقبة حسن سير عمل القضاء وعمل القضاة، وسوف نعمل أيضًا على تعزيز دور معهد الدروس القضائية.
كذلك، نتعاون بشكل إيجابي ومتواصل مع النيابات العامة، من أجل تفعيل دورها بما يؤمن حماية الحريات العامة والحقوق الأساسية والمحافظة على أمن الناس وأملاكهم».
لا يموت حق وراءه مُطالب
لدى الوزيرة نجم ابنة وحيدة، رسالتها لها ولشباب لبنان وشاباته هي العلم. «تعلمـوا، فالعلـم هو سـلاح كـل مرء.
لا تيأسوا، استثمروا طاقتكم كلها للتغيير، وتسلّحوا بالعلم والرجاء، القرار بين أيديكم، لا تستسلموا، واصلوا النضال سلميًا وحضاريًا، لا يموت حقّ وراءه مُطالب».