مقال الوزير

وزير الدفاع الوطني: لبنان يرفض الحرب على العراق لما ترتبه من أخطـار على المنطقـة

مثمّناً أجواء الوحدة اللبنانية إزاء الأوضاع السائدة.

 

ثمّن معالي وزير الدفاع الوطني في حديثه الى مجلة “الجيش”, أجـواء الوحدة اللبنانيــة التي نتجـت عن الموقف الموحد الرافض للحرب الأميركيـة على العراق, وما ترتبه من أخطـار على استقـرار الدول العربيـة وعلى العلاقات الدوليـة.
الوزير الهراوي رأى أن الحرب على العراق تشكل مفصلاً في العلاقات الدولية لعدة أسباب:
أولاً, لأنها تأتي خروجاً على الشرعية الدولية, ومن دون قـرار من مجلـس الأمن.
ثانيـاً, أنها أحدثت انقساماً بين مؤيد ورافض لها على المستوى الدولي.
ثالثاً, أنها تستهدف ترتيب أوضاع منطقة الشرق الأوسط, بما يناسب طموحات ومصالح الولايات المتحدة الأميركية كقوة عظمى. ومن انعكاسات هذا الواقع تغيير نظرة شعوب العالم الى أميركا من قطب دولي, تلجأ إليه الشعوب المستضعفة لحمايتها ودعمها, الى دولة استعمارية ذات مصالح اقتصادية وسياسية كبرى في العالم تعمل على تأمينها بالدرجة الأولى.
وهذا ما يظهر من الحرب على العراق التي تفوح منها رائحة النفط, مهما قيل عن دوافعها من أنها تهدف الى تحرير الشعب العراقي, أو الى نشر الديموقراطية التي لا يمكن بأي حال أن تأتي من فوهة المدفع, كما لا تستقيم ديموقراطية مستوردة خارج نتائج مسار تثقيفي وطني وممارسة أهلية.
وزير الدفاع اعتبر أن رفض لبنان الكلي للحرب يأتي من هذا المنطلق, نظراً لما ترتبه من أخطار على المنطقة نتيجة تصادم المصالح بين القوى العظمى من جهة, وشعوب هذه المنطقة من جهة أخرى. ولقد أظهر لبنان موقفاً عربياً متقدماً متجانساً مع التطلعات المشروعة للشعب العربي, وهذا ما يحد من انعكاسات الحرب الأميركية على الداخل اللبناني, حيث الموقف موحد بين الدولـة والشعب, فلبنان يتحصن في مواجهة الأخطار التي تجتازها منطقـة الشرق الأوسط, بالوحدة الوطنية التي تجلت موقفاً سياسياً عاماً رافضاً للحرب على العراق, بين مختلف مكونات المجتمع اللبناني السياسية والروحية والشعبية. وأشار الوزير الهـراوي الى أن هذا الواقع انعكس في خطـاب رئيس البلاد في القمـة العربيـة في شرم الشيخ والذي جاء تعبيراً عن الإجماع اللبناني لرفض الحرب, فكان ليس فقط متجانساً متجاوباً مع صوت شعبه بل أيضاً مع تطلعات الشعب العربي الذي يناهض الحرب والذي يجد في مواقف لبنان وسوريا صدىً لصوته المكبوت.
الوزير الهراوي أوضح أن الأجواء التي يعيشها لبنان في هذه الفترة تثبت أننا تخطينا مرحلة الإنقسام والتشرذم التي عانينا منها في العقود الأخيرة من القرن الماضي, حيث كانت النزاعات الإقليمية وحتى الدولية تنعكس انقساماً بين اللبنانيين وتجاذباً وصل الى حد الإقتتال. فكانت التدخلات الخارجية تلعب على الوتر الطائفي, وتسعّر المخاوف لخلق اضطرابات تغذّي تدخلها في لبنان. أما اليوم وبفضل مسيرة الوفاق الوطني التي انطلقت في الطائف, والتي أثمرت إعادة التواصل بين اللبنانيين وتوافقهم على مشروع وطني لبلدهم ورؤية لدوره في منطقته والعالم, فقد ظهر لبنان نقيضاً لشعار صراع الحضارات الذي بشّر به البعض إثر اعتداءات 11 أيلول. ولقد أعطت صيغة العيش المشترك في لبنان نموذجاً حياً لحوار الحضارات وتواصل الأديان من ضمن التنوع الحضاري. إن هذا النموذج الذي يقف على طرفي نقيض مع الطرح الصهيوني ونموذجه الإستعماري المتطرف, المتمثّل بالكيان الإسرائيلي, يضع لبنان في موقع متقدّم لتعميم حوار الحضارات وقيم التواصل والحوار وتقبل الإختلاف والتفاعل من ضمنه.