معًا في مواجهة التحديات

وضع النقاط على الخط الأزرق

عمل يقتضي أحيانًا السير في حقول الغام وحمل مواد البناء على الأكتاف

ما هو الخط الأزرق؟ ولماذا يتم تعليمه على الأرض، وما الفارق بينه وبين الحدود الدولية والسياج التقني؟ هذه الأسئلة وأخرى ذات صلة أجاب عنها العميد الركن أنطوان مراد في مقابلة أجراها الزميلان يوري كوشكو ورانيا بدير من وحدة الإذاعة التابعة لقوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان.
في ما يلي نص المقابلة التي أضاءت على كل ما يتعلق بالخط الأزرق.


- ما هو الخط الأزرق ولماذا من المهم أن نحترمه؟
- الخط الأزرق هو خط الإنسحاب (Withdrawal line) الذي وضعته الأمم المتحدة في العام 2000 بهدف وحيد هو التحقق من الإنسحاب الإسرائيلي.
من المهم احترام الخط الأزرق لأن لبنان أعلن احترامه للقرار 1701، وهذا القرار يشدّد وخصوصًا في الفقرتين الرابعة والثامنة منه، على الاحترام التام للخط الأزرق، لذا فإن أي خرق لهذا الخط هو خرق للقرار 1701، بالإضافة إلى أنه قد يتسبّب بحوادث أمنية. مثلًا جيش العدو الإسرائيلي قام بعدة عمليات خطف رعاة لبنانيين بحجة أنهم تجاوزوا الخط الأزرق.


- لماذا بدأت عملية تعليمه على الأرض؟
- بعد حرب تموز 2006 وصدور القرار الدولي 1701، انتشر الجيش اللبناني إلى جانب اليونيفيل في منطقة جنوب الليطاني وصولًا إلى الخط الأزرق، وبما أن القرار 1701 يشدّد على احترام هذا الخط كان من الضروري تعليمه من أجل تسهيل مراقبته. وقد ظهرت الحاجة أكثر الى تعليمه بعد الخرق الإسرائيلي في مارون الراس بتاريخ 7/2/2007 ، حيث فتح الجيش اللبناني النار على جرّافة لجيش العدو الإسرائيلي خلال محاولتها القيام بأعمال بالقرب من الخط الأزرق بحجة أن العمل يتم جنوب هذا الخط. وبعد أن تمّ أخذ القياسات الدقيقة تبين أن جيش العدو الإسرائيلي خرق الخط الأزرق لمسافة 50 مترًا تقريبًا.
 

 

- كيف يتم وضع العلامات المرئية؟
- تقترح اليونيفيل النقاط على الجانبين وبعد أخذ موافقة الطرفين تضع خطة عمل.
تقوم اليونيفيل بإجراء قياسات على كل نقطة بعمل مشترك ومنفصل مع الجانبين اللبناني والإسرائيلي. وبذلك يصبح لدينا ثلاثة قياسات (الجيش اللبناني، اليونيفيل، جيش العدو الإسرائيلي)، في حال كانت الفوارق دون 50 سنتمترًا تتم الموافقة على اعتماد النقطة الوسطية للنقاط الثلاثة، وتقوم اليونيفيل بتثبيت العلامة النهائية على هذه النقطة. يتحقق الجانبان من العلامة النهائية وفي حال كان الفرق بين إحداثيّات العلامة النهائية وبين إحداثيات النقطة دون المتر الواحد تتم الموافقة وتكون العملية قد أنجزت، أمّا في حال وجود فوارق أكبر فتعاد العمليّة للتحقق من السبب ومعالجته.
بموجب هذه الآلية يكون الفارق الأقصى المسموح به نتيجة مجموعة القياسات هو متر واحد، ولكن دقة العمل تصغّر هذه الفوارق إلى الحد الأقصى الممكن.


- ما الذي تم إنجازه حتى الآن في هذا الصدد؟
- تمّ لتاريخه تثبيت العلامات النهائية على 214 نقطة، وثمة 35 نقطة تمّ التوافق على تعليمها على أن تقوم فرق الهندسة في اليونيفيل بتثبيت العلامات النهائية عليها.
وأشار العميد الركن مراد إلى أمرين:
1- إن عدد النقاط التي تم تعليمها يغطي كامل الخط الأزرق من الناقورة حتى الوزّاني (80 كلم) باستثناء المناطق التي يتحفّظ عليها لبنان منذ العام 2000 والنقاط التي يرفض الجانب الإسرائيلي تعليمها.
2- إن مقارنة بسيطة بين العلامات الحدودية في المراحل الثلاث: ترسيم 1923، ترسيم 1949 وتعليم الخط الأزرق تظهر تطوّر العمل (راجع الجدول).


- ما الذي سيتم القيام به في المستقبل؟
- إن مخططنا هو وضع أكبر قدر ممكن من العلامات على الخط الأزرق لجعله ظاهرًا للعيان. أما في مناطق التحفظ فنحن نحترم الخط الأزرق ولكننا نرفض خلق أي أمر واقع جديد، ونذكّر دائمًا بالتعريف الصحيح لخط الإنسحاب في موازاة رفضنا كل محاولات الجانب الإسرائيلي للتصرف في هذه المناطق بحجة أنها جنوب الخط الأزرق. مع ذلك نحن نوافق على وضع اليونيفيل بعض الإشارات الميدانية التي تساعدها في تنفيذ مهمتها وإنما من دون تثبيت كما في باقي النقاط. ما بدأنا به وما سنتابع عمله هو:
1- متابعة تعليم النقاط المتوافق عليها خارج مناطق التحفظ.
2- السعي إلى تصحيح الخط الأزرق في مناطق التحفظ (عبر اليونيفيل والأمم المتحدة) من أجل إعادة هذه المناطق إلى السيادة اللبنانية.
3- السعي إلى إعادة إحياء مهمة فريق المراقبين الدوليين أي مراقبة خط الحدود الدولية.


- كيف يتم التعاون بين الجيش اللبناني واليونيفيل في عملية التعليم؟
- إن العبء الأكبر في هذه العملية يقع على اليونيفيل، فهي تقوم باقتراح النقاط ووضع خطط العمل والتنسيق بين الأطراف وتقريب وجهات النظر. بالإضافة إلى ذلك تقوم بعمل شاق في فتح المسالك عبر حقول الألغام لمسافات طويلة وفي طبيعة أرض وعرة وصعبة، كما تقوم بإجراء القياسات مرتين (مرة مع كل فريق)، كذلك تقوم ببناء قواعد الباطون وتثبيت البراميل عليها، وهذا يتطلب جهدًا كبيرًا. من هنا وكوننا نقدر عملها الكبير نسعى للتعاون الكامل معها سواء من خلال تزويدها المعطيات التقنية المتوافرة لدى الجيش اللبناني (خرائط، معطيات جغرافية...)، أم من خلال التنسيق الدقيق معها واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتسهيل عملها وتسريعه.


- المواطنون يخلطون بين الخط الأزرق، السياج التقني والحدود الدولية، هل يمكن أن تشرح لنا الفوارق بينها؟

- خط الحدود الدولية، هو خط الحدود المعترف بها دوليًّا بين لبنان وفلسطين.
• تم تحديد هذا الخط في العام 1923 كخط فاصل بين النفوذ الفرنسي (لبنان) والنفوذ البريطاني (فلسطين) نتيجة عمل لجنة فرنسية – بريطانية ترأسها عن الجانب الفرنسي المقدم Paulet وعن الجانب البريطاني المقدم Newcombe.
• تم تأكيد هذا الخط في اتفاقية الهدنة في العام 1949 حيث جاء في المادة الخامسة منها: يتبع خط الهدنة الحدود المعترف بها دوليًا.
• الخط الأزرق سبق تعريفه، وهو يتطابق مع خط الحدود الدولية في قسم كبير منه وتوجد فوارق في عدد من الأماكن، لذا تحفّظ لبنان على الخط الأزرق في هذه المناطق.
• السياج التقني، هو سياج مجهّز بوسائل إلكترونية وضعه جيش العدو الإسرائيلي بمحاذاة الطريق الذي تسلكه دورياته على طول الخط الأزرق، يتطابق مع الخط الأزرق في بعض الأماكن ويخرقه في عدد من النقاط، كما أنه يبتعد عنه في أماكن أخرى حسب طبيعة الأرض ولمسافات قد تصل أحيانًا إلى 200 متر، معظم المواطنين اللبنانيين أصبحوا يعرفون أن السياج التقني ليس الخط الأزرق وذلك من خلال حملات التوعية التي يقوم بها الجيش اللبناني بالتعاون مع اليونيفيل لشرح ذلك.


- هل يمكن أن تشرح لنا الصعوبات التي يواجهها الجيش اللبناني واليونيفيل خلال عملية تعليم الخط الأزرق؟
- هناك العديد من الصعوبات وأهمها:
• التوافق على مرجع موحّد للخط الأزرق: لم يعترف الجانب الإسرائيلي بالخط الأزرق الرقمي إلا في العام 2008 في حين أن عملية تعليم الخط الأزرق بدأت آخر العام 2006.
• رفض الجانب الإسرائيلي تصحيح وضع السياج التقني حيث يخرق الخط.
• عمليات التشويش على الأجهزة الطبوغرافية من المراكز الإسرائيلية المنتشرة على طول الخط الأزرق.
• الألغام، فهناك الآلاف من الألغام التي خلّفتها الإعتداءات الإسرائيلية المتتالية على لبنان، وفتح مسالك في حقول الألغام يتطلب جهدًا كبيرًا.
• وجود نقاط بعيدة عن الطرقات والوصول إليها يتطلب السير على الأقدام لمسافات كبيرة وفي أراضٍ وعرة، وهذا خلق صعوبات كبيرة خصوصًا أن المواد اللازمة لبناء قواعد الباطون كانت تنقل على الأكتاف.


- هل حقّقت عملية تعليم الخط الأزرق الأهداف التي بدأت لأجلها؟
- لقد انخفضت الخروقات بشكل ملحوظ في المناطق حيث تم تعليم الخط الأزرق، فالخروقات التي كانت تحصل من الجانب اللبناني هي بمعظمها غير مقصودة يقوم بها بعض الرعاة والمزارعين، وقد ساعدهم تعليم الخط الأزرق على تجنّبها. أما بالنسبة الى الجانب الإسرائيلي فجميع خروقاته هي مقصودة كونها تنفّذ من قبل الوحدات العسكرية التي تعرف جيدًا مكان الخط الأزرق، حتى ولو لم يكن معلمًا على الأرض (15 خرقًا للخط الأزرق من قبل دوريات إسرائيلية خلال العام 2014).
في الماضي كانت تحصل بعض الخروقات من قبل مزارعين في خراج بلدة ميس الجبل، فتم إعطاء أفضلية لتعليم الخط الأزرق في هذه المنطقة وكانت النتيجة انخفاض الخروقات إلى حد الصفر، وكذلك في بليدا حيث توجد بساتين لمواطنين لبنانيين تتجاوز الخط الأزرق. وقد أقدم جيش العدو الإسرائيلي على اختطاف اثنين منهم بتاريخ 19/12/2008، فتم تعليم الخط الأزرق ووضع ترتيبات بالتنسيق مع اليونيفيل ساعدت المزارعين على مواصلة استثمار أراضيهم من دون حصول أي احتكاكات أو اعتداءات عليهم من قبل جيش العدو الإسرائيلي.

المرحلة

عدد النقاط التي

تم تعليمها

معدل النقاط المعلّمة في الكيلومتر الواحد

ترسيم 1923 Paulet-Newcombe

38

0.475

ترسيم 1949

إتفاقية الهدنة

143

1.787

تعليم الخط الأزرق

214

2.675