زيارات رسمية

وفد عسكري سوري برئاسة رئيس هيئة الأركان زار لبنان

الجـانبـان أكّــدا الحـــرص على التعـاون لما فيه خير البلدين

زار لبنان وفد عسكري سوري رفيع، برئاسة رئيس هيئة الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة العربية السورية العماد علي حبيب، وذلك تلبية لدعوة قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي.

 

استقبال وإجتماع
استقبل الوفد السوري عند الحدود اللبنانية السورية، في محلة المصنع، عضو المجلس العسكري اللواء الركن نبيل قرعة وضباط قادة.ولدى وصول الوفد إلى وزارة الدفاع الوطني في اليرزة، إستقبله قائد الجيش العماد جان قهوجي والضباط الكبار في القيادة، حيث قدّمت له التشريفات اللازمة سرية مشتركة من القوات الجوية والبحرية والشرطة العسكرية، بالإشتراك مع مفرزة من موسيقى الجيش. وقد عقد اجتماع بين القيادتين، استهله العماد قهوجي بكلمة رحّب فيها بسيادة العماد علي حبيب وبجميع أعضاء الوفد المرافق، كما توجّه إلى الجميع بالشكر والإمتنان على تلبية دعوة قيادة الجيش اللبناني، ما يؤكد إرادة التواصل والتعاون وترسيخ علاقات الأخوة والتنسيق بين الجيشين الشقيقين على مختلف الأصعدة.

 

كلمة العماد قهوجي
العماد قهوجي قال في كلمته:
«شهدت منطقتنا العربية خلال السنوات المنصرمة، أحداثاً سياسية وعسكرية عديدة، وخصوصاًَ في العراق وفلسطين، ولا شك في أن تلك الأحداث، قد انعكست بشكل أو بآخر على كل من لبنان وسوريا، لكن صمود هذين البلدين ومناعتهما في وجه المخاطر، كانا من الأمور، التي أسهمت بصورة فعّالة في تخطّي الصعاب، والتخفيف من أضرار الأزمات وتداعياتها.
وفي خضمّ هذه التحديات، بقيت العلاقة بين الجيشين اللبناني والعربي السوري، نموذجاً يُحتذى في عمقها وأصالتها وأبعادها القومية والوطنية، مشكّلة دليلاً ساطعاً على وعي القيادتين العسكريتين دقة المرحلة، وقناعتهما المشتركة، بوجوب توثيق عرى التعاون، ورصّ الصفوف، لمواجهة مخططات العدو الإسرائيلي، الذي عمل بكل ما أوتي من قوة، على استغلال الظروف القائمة في المنطقة، بغية تصديع وحدة الموقف العربي، لا سيما بين لبنان وسوريا، وبالتالي الإمعان أكثر وأكثر، في تملّصه من موجبات السلام الشامل والعادل، والاستمرار في اغتصابه الحقوق العربية.
لقد أثبتت التجارب البعيدة والقريبة، أن استقرار لبنان يعود بالخير على سوريا والعكس صحيح. وانطلاقاًَ من هذه الحقيقة، كان التعاون المثمر بين جيشينا في الكثير من المجالات. وأخصّ بالذكر، التعاون في مكافحة الإرهاب، وتسليم الفارين من العدالة، وتبادل المعلومات الأمنية، والتنسيق بين الوحدات العسكرية على جانبي الحدود، لمنع أعمال التهريب والتسلّل غير الشرعي. وفي هذا الإطار، أعبّر عن شعوري بالإطمئنان، تجاه توقيف السلطات السورية، أحد الضالعين في الجريمة التي أودت بحياة عدد من العسكريين، في منطقة البقاع خلال الشهر المنصرم، والتحقيق معه من قبل هذه السلطات، وصولاً إلى إلقاء القبض على باقي القتلة، وتسليمهم جميعاً إلى الجيش اللبناني. وإلى جانب ما ذكرته، لا يسعني إلا التنويه بالمساعدات العسكرية التي قدّمها الجيش العربي السوري الشقيق إلى الجيش اللبناني، خلال أحداث نهر البارد، إضافة إلى مواصلة تقديم الدعم اللوجستي، وتعزيز التدريب المشترك بين الجانبين.
أغتنم هذا اللقاء، لأؤكد مرة أخرى، تطلعي إلى مزيد من التعاون وتبادل الخبرات في مختلف الميادين، وإلى تضافر جهودنا معاً، للوقوف سداً منيعاً في وجه ما يخطط له العدو الإسرائيلي، من مؤامرات وفتن، تهدّد سلامة بلدينا الشقيقين وسيادتهما. أرحّب بالجميع مجدّداً، وأهلاً وسهلاً بكم ضيوفاً كراماً في قيادة الجيش اللبناني، وفي وطنكم الثاني لبنان».

 

كلمة العماد حبيب
بدوره ردّ العماد حبيب بكلمة قال فيها:
«يسعدني أن نلتقي اليوم في بيروت عاصمة المقاومة العربية القادرة على إثبات الذات وكسر العواصف العاتية لتحفر على جدار الزمن بداية زمن عربي جديد لا مكان فيه لخوف أو تردد، ولا وجود لذل أو استكانة ولا ذكر لهزيمة أو إذعان... زمن عنوانه استيلاد النصر من رحم المعاناة، ووقوده دماء الشهداء وتضحيات شعب يحتضن الجيش والمقاومة... زمن عربي جديد يؤكد أن حقائق الجغرافيا والتاريخ التي تربط سوريا بلبنان عصيّة عن التهميش والتذويب... منيعة في وجه من لا يريد الخير لهذه الأمة، وهي لا تقتصر على وحدة التراب والماء والهواء بل تمتد إلى وحدة الدماء التي تجري في العروق بين العائلات التي يعيش بعض أفرادها في سوريا وبعضهم الآخر في لبنان... وسوريا التي وقفت إلى جانب الشقيق الأقرب لبنان في أيام محنته لم تبخل يوماً في تقديم كل ما يمكن تقديمه للحفاظ على لبنان موحّداً حراً مستقلاً...
فالدماء السورية الذكية الطاهرة التي جبلت بالتراب اللبناني أثمرت وقفاً لنزيف الحرب الأهلية وإخراج لبنان من أتونها، وساهمت في بناء دولة المؤسسات والحفاظ على الوجه المشرق للبنان الشقيق، وقبل هذا وذاك هيّأت البيئة المناسبة والمناخ الملائم لإعادة بناء الجيش اللبناني على أسس عصرية تمكّنه من القيام بواجبه في الدفاع عن لبنان والحفاظ على أمنه وحريته وسيادته واستقلاله... جيش عصري لبناني يستمد عقيدته من انتمائه لوطنه، وما يفرضه هذا الانتماء من التصدّي بحزم لكل من يحاول أن يعبث بأمن لبنان واستقراره، جيش يدعم المقاومة الوطنية اللبنانية التي أثبتت بالدلائل القاطعة أن إرادة الشعوب أقوى من كل أسلحة الفتك والقتل والدمار، وسوريا التي رعت المقاومة اللبنانية ودعمتها ووفّرت لها أسباب القوة والقدرة على الصمود ورد كيد المعتدين إلى نحورهم، هي على يقين أن لبنان شعباً وجيشاً ومقاومة يدرك خطورة العدو الوحيد المشترك ممثلاً بالكيان الإرهابي الإسرائيلي الذي ما يزال يحتل الأرض اللبنانية والسورية، وينتهك القرارات الدولية كما ينتهك حرمة الأجواء اللبنانية، ويهدّد ويتوّعد باستهداف رموز المقاومة، ولكنه في الوقت نفسه يدرك أنه مضى الزمن الذي كان ينفّذ فيه مغامراته من دون حساب، فلكل فعل ردّ فعل، والمقاومة اللبنانية اليوم أشد عوداً وأصلب عزيمة وأكثر حضوراً وفعالية، والجيش اللبناني اليوم أقدر على الدفاع عن لبنان وقطع الطريق على كل من يفكر بالمساس بأمن لبنان أرضاً وشعباً.
إن سوريا التي وقفت الى جانب لبنان الشقيق في الماضي ستبقى تقف الى جانبه... تمدّ له يد العون والإخاء والتعاون في مواجهة العدو المشترك، ورسم معالم المستقبل وفق إرادة أبناء المنطقة لا وفق إرادة أعداء الأمة... إننا حريصون في سوريا كل الحرص على تمتين العلاقات بين الجيشين الشقيقين على الصعد والميادين شتى، ووجودنا اليوم هنا خير دليل على عزم القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة في الجمهورية العربية السورية على توثيق العلاقة مع الجيش اللبناني، وتقديم كل ما يمكن تقديمه من مساعدة في تدريب كوادره، ورفع قدراته الدفاعية بما يمكنه من أداء واجبه المقدس في الدفاع عن عروبة لبنان وسيادته، كما أن القيادة العامة لدينا حريصة على استمرار التعاون والتنسيق ومعالجة جميع المسائل التي تتطلّب معالجة وفق توجيهات قائدي البلدين سيادة الرئيس الفريق بشار الأسد وفخامة الرئيس العماد ميشال سليمان، لما فيه خير البلدين والجيشين الشقيقين.
نتمنى للبنان المزيد من التقدّم والتطوّر وتمام الأمن والإستقرار ليأخذ دوره الحضاري والريادي في هذه المنطقة الهامة من العالم، وإننا لعلى ثقة تامة بأن قيادة الجيش اللبناني تبادلنا الحب والتعاون والحرص على توطيد علاقات الأخوة، وما يفرضه ذلك من تنسيق للجهود والإمكانات في سبيل تحقيق الأهداف المشتركة والحفاظ على أمن المنطقة واستقرارها، وقطع الطريق على المخططات المشبوهة التي تستهدف الجميع من دون إستثناء.
إن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة في الجمهورية العربية السورية وتنفيذاً لتوجيهات السيد الرئيس الفريق بشار الأسد، حريصة كل الحرص على تمتين أواصر علاقات الأخوة والصداقة والتعاون مع الجيش اللبناني لما فيه خير البلدين ومصلحة الجيشين الشقيقين، ونحن حريصون كل الحرص على التعاون المثمر والبنّاء، ومعالجة كل القضايا التي تتطلّب المعالجة، كما أننا مستعدون لتقديم كل مساعدة ممكنة للجيش اللبناني الشقيق. أتمنى لكم جميعاً الصحة والسعادة، ولجيشنا المزيد من التقدّم والتعاون المثمر لما فيه خير ومصلحة البلدين الشقيقين».

 

مواضيع البحث
تناول الإجتماع المواضيع ذات الإهتمام المشترك، ووضع الآلية اللازمة لتعزيز الجهود في الشؤون الأمنية والحدودية، لا سيما منها المتعلقة بتبادل المعلومات الأمنية لمكافحة الإرهاب، ومنع أعمال التهريب على أنواعها، الى التأكيد على مواصلة اللقاءات ومتابعة التعاون في مجالات التدريب واللوجستية، وتكثيف الجهود لكشف مصير العسكريين المفقودين خلال السنين الماضية، في إطار اللجان المشكّلة لهذه الغاية.
وفي نهاية الإجتماع، سلّم العماد قهوجي درع الجيش التذكاري الى العماد حبيب عربون تقدير. ثم أقيمت للوفد الضيف مأدبة غداء تكريمية في نادي الضباط في اليرزة.