الوجه الآخر

...وفي موسيقى الجيش عازفات أيضًا
إعداد: المعاون جيهان جبور

هي رفيقة الاحتفالات والمناسبات العسكرية والوطنية، بل نجمتها في معظم الأحيان، فهل لنا أن نتخيّل العرض العسكري مثلًا من دون الموسيقى تبث الحماسة والاندفاع في خطوات العسكريين وتجعل صفوفهم تتدفق كنهرٍ هادر؟


موسيقى الجيش قطعة عريقة لا يقتصر دورها على إحياء المناسبات الخاصة بالمؤسسة العسكرية، فهي وجه الجيش الراقي الذي يُشرق في المناسبات الوطنية، ولا يغيب عن المناسبات الرسمية والرياضية والثقافية، وحتى المهرجانات الشعبية. تميّزت موسيقى الجيش طوال عقود بمستواها العالي وأدائها المحترف ليس للأناشيد فقط، وإنما لأصعب الروائع الفنية العالمية أيضًا. وقد ارتبطت صورتها بمشهد الرجال يحملون الآلات النفخية والطبول، لكن المشهد تغيّر في السنوات الأخيرة مع انخراط عناصر إناث فيها اعتبارًا من العام 2018. هؤلاء تابعن دورات تدريبية وتعلّمن العزف على الآلات الموسيقية غير النفخية بكثيرٍ من الاحتراف والتكامل في الأداء، وهنّ يشاركن في المناسبات التي تحييها الموسيقى وفي طليعتها العرض العسكري في عيد الاستقلال.
 
كدقات القلب...
تعزف المعاون نانسي رزق على آلة Lyre التي باتت معتمدة في موسيقى ّ الجيش منذ بضع سنوات. حبها للموسيقى رافقها منذ صغرها ودفعها ّ إلى دخول الكونسرفاتوار لتعلم الغناء الحديث والموسيقى الشرقية. قبل ً أن تنخرط في المؤسسة العسكرية كانت عضو ً ا في أوبرا – لبنان. وحرصا ّ على عدم تضرر صوتها، اختار لها المسؤولون آلة اللير كونها ليست من ّ آالت النفخ. »إن ً ها آلة حساسة جد ّ ا ودقيقة«، تقول نانسي مشيرة إلى أن ّ »العزف عليها خالل المشي يتطل ً ب جهد ً ا كبير ً ا لنتمكن من جعله متناغما ً مع اآلالت األخرى، تماما كدقات القلب«. ً من جهتها، تابعت المعاون كريستيل أبو نادر دراستها الجامعية تزامنا مع دخولها إلى الجيش ونالت إجازة في علم الموسيقى. وهي تعزف على ً آلة الطمبور التي تأقلمت معها جيدا. برأيها »الموسيقى العسكرية هي واجهة الجيش اللبناني لما لها من تأثير قوي في النفوس«، وانتماؤها إلى هذه القطعة مصدر فخر لها. أما شقيقتها ورفيقتها في القطعة العريف مابيل أبو نادر فتقول بكل عفوية: »العزف يريحني«. وتضيف: الموسيقى العسكرية تشعرني بالقوة لما تثيره في داخلي من ُ عنفوان، وتدفعني لتنفيذ أي مهمة ت ُ طلب مني بحماسة. وهي تعرب عن فخرها بإثباتها الجدارة في العزف على آلة الطمبور التي قد تكون مناسبة أكثر للرجال بسبب ثقل وزنها وضخامة حجمها.

 

القطعة مصدر فخر لها.
أما شقيقتها ورفيقتها في القطعة العريف مابيل أبو نادر فتقول بكل عفوية: «العزف يريحني».
وتضيف: الموسيقى العسكرية تشعرني بالقوة لما تثيره في داخلي من عنفوان، وتدفعني لتنفيذ أي مهمة تُطلب مني بحماسة. وهي تُعرب عن فخرها بإثباتها الجدارة في العزف على آلة الطمبور التي قد تكون مناسبة أكثر للرجال بسبب ثقل وزنها وضخامة حجمها.

 

السر في الشغف
لم تمر 3 أشهر على بدء تدريبنا على الآلة الموسيقية التي تم اختيارها لنا حتى شاركنا في العرض العسكري في عيد الجيش، تقول المعاون نانسي بيرلا تابت مؤكدة، «كنا قدها وقدود». التحدي الوحيد الذي يعترضها كما رفيقاتها اللواتي يعزفن على الـLyre، هو ثقل وزن هذه الآلة وضرورة تثبيتها على أعلى المعدة طوال فترة العزف، «فكيف الحال إذا كانت المعزوفة طويلة؟ يتطلب الأمر مجهودًا كبيرًا، ولولا شغفنا بالموسيقى لما استطعنا الصمود»، تقول.
 
في الهواء الطلق
أطاح انفجار مرفأ بيروت بالقاعات المخصصة للتدريب على العزف في مقر موسيقى الجيش، فانتقلت التدريبات إلى الساحة، وهذا ليس بالأمر السهل، فالتدريب يتطلب الوجود في مكان هادئ. مع ذلك يُتاح لمن يزورون المقر أن يعاينوا الفرح على وجوه عناصر الموسيقى وهم يعزفون في الهواء الطلق، مواظبين على تدريباتهم باندفاع. إنّه الإصرار على تحدي الصعوبات، وبلوغ أفضل المستويات. وهذا التحدي هو ما يتحدث عنه المعاون أول خالد نافع الذي تعلّم العزف على الساكسوفون في الجيش من دون أن تكون له أي خلفية موسيقية سابقة، لكنّه أصر على تحدي نفسه ونجح. فبعد 4 سنوات من الدراسة أصبح عازفًا محترفًا، ومن ثم مدربًا. يؤكد خلال تمرين قُبيل عيد الجيش: نتابع تدريباتنا ولا يعيقنا شيء، المهم أن نعكس صورة موسيقى الجيش البهية كما في كل عام.
 
أعشق آلتي
تشبه آلة الـFlute Traversière الناي، وهذا بالضبط ما يجعل الرقيب أول أويديس خوروزيان متعلّقًا بها، لقد أصبحت جزءًا من كيانه، وعشقه لها انعكس براعة فائقة تجلّت في جميع المناسبات وخلال متابعته دورة في الأردن قبل جائحـة كورونـا مع عـدد من رفاقـه. يقول: «أظهرنا أنّنا على قـدر التحـدي والمسؤوليـة و«دائمًـا منرفـع الراس».
نغادر الساحة التي كانوا يتدربون فيها، وترافقنا موسيقاهم، فنردد معهم بفرح واعتزاز: «تسلم يا عسكر لبنان»...