من هنا و هناك

ومن الحب ما قتل
إعداد: رويدا السمرا

منذ قرون والحرب قائـمة بين الإنـسان والصـرصور، لا سيما النوع من الصراصير الذي يدعى الصـرصور الألماني  (Blatella germanica)، المعـروف بضرره البالغ للإنسان، فهو ينقل إليه أمراضاً مُعدية، مثل الكوليرا والزحار (Dysenterie)، كما يُطـلق نوبات الربو عند صغار الأولاد. وحتى هذا اليوم، تمكّن الصرصور من كسب الحرب التي شنّها عليه الإنسان، كما أثبت عن ذكـاء ممـيز في تجنّبه كل الأفخاخ التي نصبها البشر للقـضاء علـيه، حتى أن بعـض العلـماء يذهب بعـيداً في التأكيد بأن الصرصور يمكن أن ينجو من انفـجار نووي! فمن يقضي إذن على هذه الحشرة المؤذية؟ الجـواب هو الجنس! هذا ما اكتشفه الباحثون في علم الأحياء بعد عشرة أعوام من الجهد في محاولة لتقليد تركيبة الهرمون الذي «تتعطّر» به أنثى الصرصور لكي تجتذب شريك التزاوج. ويتميز هذا الهرمون بقوة كبيرة لدرجة أن ذكر الصرصور قد يترك طعامه حتى لو كان يموت من الجوع، من أجل ملاقاة شريكته التي تجتذبه بعطرها «الفتّان».
ومن أجل التقاط الهرمون المطلوب، كان على علماء الأحياء أن يقوموا بتشريح خمسة عشرة ألف أنثى من إناث الصراصير لاستخراج الجزيئات المعينة ووضعها أمام عدد من ذكور هذه الحشرات. وكانت الإشارة التي ينتظرها العلماء، هي اهتياج الذكور لدى إحساسها بالرائحة المطلوبة. أما النتيجة المرجوّة من هذا «العطر الفتّاك»، فهو اجتذاب الصرصور إلى طعام مسموم، له مفعول متأخر ولا يقضي فوراً عليه، بل بعدما يعود إلى مخبئه، حيث تنتظره مجموعات من الصراصير تأكل من مخلّفاته فتموت هي الأخرى.

Science & Vie - Mars - 2005