ذكراهم خالدة

يا بني عندما تمرّ... لا تنسَ التحية


ذكراهم خالدة، نعم ذكراهم خالدة، ليس في وجدان الأهل والأبناء والرفاق والمحبين فحسب. ذكراهم خالدة في وجدان كل لبناني حر شريف، وفي كل ناحية خدموا فيها وتركوا بين أهلها وفي ترابها، ذكريات وحكايات. لذلك لا تمر مناسبة إلا وتكون ذكرى الشهداء حاضرة. هنا نصب يقام لتخليد ذكراهم، وهناك غابة تحمل أشجارها أسماءهم، وفي كل منطقة احتفالات وفاءً لتضحياتهم. هذا الوفاء هو سرّ عزاء أهاليهم وعائلاتهم، وسرّ احتمالهم مرارة فقدان الأحباء.
بالأمس زارنا والد الرائد الشهيد طوني سمعان، في يده بضعة أوراق، وفي عينيه كثير من الدموع. سلّمنا الأوراق فإذا بها «رسالة الى كارل» هي رسالة من الرائد الشهيد الى ولده الوحيد كارل، خطّها ووقّعها القاضي جان بصيبص.
لماذا القاضي بصيبص؟ هل هو قريب العائلة؟ يجيبنا والد الشهيد «القاضي بصيبص: تعرّف الى طوني عندما كان يخدم في الشمال، وكان هو رئيس محكمة جنايات الشمال...».
وبين دمعة وأختها، وغصّة ورفيقتها تسرّبت الكلمات لتكمل سرد الحكاية.
اتصل القاضي بصيبص بوالد الشهيد سمعان وأعرب عن رغبته في زيارة عائلة الشهيد، وكانت الزيارة يوم عيد مار انطونيوس. أتى مع زوجته حاملاً أكثر من هدية: لوحة زيتية للشهيد رسمها حميد خوري، وحكايات عن الضابط الشهم المقدام الذي ملأت أخبار مآثره المنطقة التي خدم فيها... ورسالة الى كارل... رسالة يفوح من سطورها عطر الوفاء لشهداء عرفوا كيف يحيون رجالاً ويستشهدون رجالاً...

 

رسالة الى كارل
رسالتي اليك يا بني، وأنا هنا في السماء، أجلس بعهدة الأبرار والقديسين، مكرماً، معززاً، فخوراً بما أنجزته للوطن، بفضل والدي الذي أمضى حياته جندياً في الجيش اللبناني مخلصاً له مضحياً في سبيله، وبفضل والدتي التي أرضعتني حب الوطن والتفاني في سبيله.
هل تعرف يا كارل، بأنني لا أزال أسمع صوت الرصاص، ما أطرب صوت الرصاص، عندما يكون دفاعاً عن الوطن. وحبذا لو تركوني هناك، ليسخر الذي أصابني برصاصه، من الرصاص الذي لا يقتل، الرصاص الذي لا يقتل من يدافع عن وطنه وكرامة أهله.
هل تعرف يا كارل أن ما من حب أعظم من حب الوطن، وما أحلى التضحية بحياتك من أجل وطنك، هذه التضحية وحدها تضمد جراحك، وقل لوالدتك ووالدتي بأن تلك التضحية ضمدت جراحي ولم أكن موجوعاً أو خائفاً من الموت بل إن نفسي فرحة به.
قل يا كارل لأمي وأبي والماما والأهل إن البابا لم يكن موجوعاً بالموت، بل فرحاً به لأنه في سبيل الوطن، وكرامته، وما أحلى دفء الدماء الذي يروي هذه الأرض المقدسة، عندها فقط تشعر بأن أرضك لك وحدك وسماءها لك وحدك، وبأن الله يقدسها بروحه السماوية، ويحفظ نذورها للحياة.
هل تعرف يا كارل بأنني عندما أُصبت، وبدأت أنزف فوق تلك الحفنة من التراب المقدس، انتابني فرح كبير أني تزوجت وأنجبت صبياً مثلي يعرف كيف يعيش، ويعرف كيف يموت، كما يموت الرجال الرجال دفاعاً عن كرامة الوطن وأبنائه.
هل تعرف يا بني بأن الشهيد وحده يكون سعيداً بالموت، فلا تبكِ ولا تحزن، ولا تشتَق، ولا تدع مَن من حولك يبكي أو يحزن، أو يشتاق بل انظر الى فوق الى السماء، حيث لم يعد هناك جندي مجهول، بل جندي معروف مع رفاق له معروفين بالإسم تفتخر بذكرهم ما حييت، وقل لمن هم حولك إنه وحده الموت في سبيل الوطن يعلمهم حقيقة الحياة.
وأنت يا كارل ما تزال طري العود أريدك أن تكون دائماً في أعلى جبال العنفوان، تكبر وتنمو على صهيل خيول العز واضعاً لبنان ذخيرة في عنقك، ذخيرة مقدسة لا تستباح، وأن تكون أنت أمانة في عهدة لبنان، من دون أن تسمح لهذه الأمانة أن تُباح، كما أريدك أن تنعم بشرف ما أورثتك إياه، وتحافظ على شرف دم والدك، ولا تنسَ عندما تمر في البقاع وأبلح أمام النصب التذكاري، أن تلقي عليّ التحية، لأن حبك باقٍ الى الأبد.

 

 

والدك طوني

عنه القاضي جان بصيبص 

 

 

45 من أبناء الشهداء ضيوف «ميدل ايست» في مصر
دعت شركة «طيران الشرق الأوسط» خمسة وأربعين من أولاد شهداء الجيش اللبناني، لزيارة القاهرة والتعرّف على معالمها التاريخية والاستمتاع بأوقات حلوة في مصر عروسة النيل. هذه الرحلة كانت بمبادرة من رئيس مجلس الإدارة المدير العام لـ«الميدل ايست» السيد محمد الحوت، ومن تنظيم رئيسة دائرة العلاقات العامة في الشركة بالتنسيق مع مدير محطة القاهرة.

 

برنامج الرحلة
أربعة أيام بين 21 و24 تشرين الثاني 2009، استمتع خلالها الأولاد بكل لحظة بدءاً من استقبالهم في صالون الشرف (Cedar Lounge) وتقديم هدايا رمزية لهم، فالترقّب على متن الطائرة التي نقلتهم الى القاهرة والبرنامج السياحي الترفيهي الذي نُظم خصيصاً لهم.
الوقفة الأولى كانت في المتحف الوطني المصري الذي يضم أكثر من مئة وخمسين ألف قطعة أثرية، ومن ثم توجّه الزوار الى نادي الجزيرة في منطقة الزمالك. والأكثر دهشة بالنسبة الى الأولاد كانت اهرامات الجيزة والقرية الفرعونية التي أحاطتهم بتاريخ يعود الى خمسة آلاف عام.
اليوم الثالث خُصص لزيارة المعالم الدينية كالكنائس القبطية وجامع محمد علي وغيره، وصولاً الى خان الخليلي. أما اليوم الأخير فكان ذا طابع ترفيهي حيث توجه الأولاد الى الماجيك سيتي حيث شاهدوا ايضاً عرض الدلافين.
تجربة جديدة ومثيرة وعدت الـ«ميدل ايست» ألا تكون الأخيرة وإن كانت الأولى.

 

أبلح تحيي ذكرى الرائد الشهيد طوني سمعان
إحياء لذكرى الرائد الشهيد طوني سمعان نظّمت بلدية أبلح مسيرة كشفية حاشدة كان في مقدمها رئيس البلدية السيد روبير سمعان وقائد كشافة التربية الوطنية غسان صعب.
المسيرة جمعت ذوي الشهيد وأبناء البلدة والجوار، وتخللها وضع إكليل من الزهر على النصب التذكاري للشهيد.