عبارة

يدٌ تَبْني
إعداد: العميد علي قانصو
مدير التوجيه

لا تقتصر واجبات الجيش على الأعمال القتاليّة والأمنيّة، إنّما تتعدّاها إلى مهمّاتٍ متنوّعةٍ في مجال البناء والتحصين والترميم. هكذا تتكامل القطع والوحدات العسكريّة ضمن سلسلةِ مهمّاتٍ تبدأ غالبًا في حقل المعركة أو موقع العمليّة الأمنيّة، كما تتجلّى في أعمالِ بناءٍ وترميمٍ تهدف بالدرجة الأولى إلى تعزيز الوحدات وتطوير مراكزها، ومن ثمّ تتجاوز ذلك إلى المجال الوطنيّ الأوسع في مختلف المناطق، فتُقيم مشاريع إنمائيّة يستفيد منها المواطنون، أو تشارك في إزالة آثار الكوارث وتخفيف المعاناة عنهم.
لقد تجسّد هذا الجانب الأخير غداة انفجار مرفأ بيروت، من خلال الجهود الكبرى التي بذلتْها عدّة وحداتٍ أبرَزُها فوج الهندسة، إذ شارك في عمليات البحث والإنقاذ وشق الطرقات أمام فرق الإسعاف ومَسْح آثار الدمار وإزالة الركام والكشف على المواد الخطرة داخل المرفأ وفي جواره، فكان الدعامةَ الأساسيّةَ لجهود رفع الأنقاض وفرزها، والتنسيق مع الفرق الدوليّة القادمة للمساعدة في هذا الإطار. ومن البديهي أنّ تلك الأعمال شكّلت أوّل مدعاة للأمل بالنسبة إلى اللبنانيّين بشكلٍ عامّ، والمصابين والمتضرّرين بشكلٍ خاصّ، فقد رأى هؤلاء كيف هبّ جيشهم مع باقي المؤسّسات المعنيّة للوقوف إلى جانبهم، ولم يتركهم وحيدين في مواجهة هول الفاجعة.
هذا دأب المؤسّسة العسكرية التي لا تزيدها صعوبة المهمّات وكثرتها إلا عزيمة وثباتًا، وهذا دأب العسكريّ الحاضر أبدًا عند الحدود وفي الداخل، فلا يبغي مقابلًا لما يبذله من تضحياتٍ إلا إرضاء ضميره وصون بلاده وشعبها، ومسح دموع الأسى وإحلال الأمل مكان الخوف واليأس.
وحين يصل اليوم الذي تصبح فيه تلك الكارثة بكلّ آثارها خلفنا، وهو ليس بعيدًا بإذن الله، سوف نستذكر الشهداء العسكريّين والمدنيّين ونُبقي ذكراهم حيّةً في قلوبنا، ونستعرض سياق الأحداث لنرى تضحيات الجيش في طليعة أسباب صمود لبنان وتعافيه، وهذا إنجاز آخر يضاف إلى سجلّ مشرّف سيبقى مفتوحًا مهما طال الزمن.