تربية وطفولة

يغار ويغضب أيضًا...كيف تواجهين انفعالات طفلك؟
إعداد: ماري الاشقر
اختصاصية في علم النفس

إذا لاحظت للمرة الأولى، أنّ طفلك ابن السنوات الثلاث، يحني رأسه غضبًا، أو ينفخ صدره غيظًا، فلا تتساءلي كيف ومتى عرف هذا المخلوق الصغير مثل هذه الانفعالات القوية. فمن الطبيعي أن يشعر ابن السنوات الثلاث، بالغضب والقلق والغيرة من آنٍ لآخر.
دورك كأم هو تفهّم ما يحدث لطفلك، ومحاولة مساعدته بأبسط الوسائل.
في ما يلي وصف للحالات الانفعالية التي يعانيها الطفل وكيفية مواجهتها.


أنا ممتعض
يجب أن يسلَّم طفلك، إلى حد ما، بوجود علاقات تربطك بالآخرين.
سواء أكان هؤلاء «الآخرون» من الصديقات أو حتى زوجك. بداية قد يشعر طفلك بالامتعاض تجاه هذه العلاقات، ويخبرك ببساطة بهذا الشعور. على سبيل المثال، قد تجدينه وأنت تتحدثين هاتفيًا مع إحدى الصديقات...يُحدث صخبًا أو ضوضاء، حتى لا تتمكّني من الإنصات لصديقتك، أو الاهتمام بزوجك.
لذلك، عندما يصل زوجك إلى المنزل، حاولي أن ترحّبي به بسرعة على طريقتك قبل أن يأتي صغيرك ويطالب بحصته من مظاهر الترحيب.
في الواقع يصعب على طفلك أن يفهم كيف تقومين بتخصيص «حجرة» في حياتك لكل إنسان تعرفينه. ويشعر بالارتباك تجاه الامتعاض الذي يعتريه، ويتساءل دائمًا عن الموقع الذي يشغله في حياتك- مقارنة بالآخرين.
• الحلّ:
دعي طفلك يدرك أنّ للآخرين أيضًا جزءًا مهمًا من حياتك، وأنّك مطالبة بمنحهم الاهتمام والوقت. على الجانب الآخر، لا تتوقعي من طفلك الجلوس بصمت حتى تنتهي من ثرثرتك الهاتفية اليومية الطويلة، أو عندما تلتقين صديقة في الطريق، وتقضين وقتًا طويلًا تتبادلين معها الأحاديث. عليك أن تكوني دائمًا قريبة من طفلك، بذهنك وفكرك، وحاولي أن تُفرغي أي أحاسيس بالامتعاض لديه. احتفظي في حقيبتك، أو في متناول يديك، بمجموعة من الألعاب الصغيرة، وأقلام التلوين وقطع الورق، لتلهية الصغير عندما تحتاجين فعلًا إلى وقت تقضينه مع أي انسان آخر.


أنا غيور
يظنّ طفلك دائمًا أنّه محور عالمك. فإذا رُزقت بطفل آخر، يمكن أن يتملّكه شعور بالغيرة نظرًا إلى الوقت والاهتمام اللذين تخصصينهما لهذا الوافد الجديد. وسوف يكون مستعدًا لعمل أي شيء لاستعادة اهتمامك والاستئثار به، حتى لو كان هذا الشيء هو الشقاوة أو العصيان. فمن وجهة نظره، الاهتمام من جانبك، ولو كان سلبيًا، أفضل من لا شيء. قدوم أخ جديد من شأنه أن يقلب عالم الصغير رأسًا على عقب، ويفقده توازنه وفق علم نفس الطفل.


• الحلّ:
طمئني طفلك دائمًا وأكّدي له أنّك على علم بحقيقة شعوره، وحاولي أن تغيري طريقك ومسلكك، حتى يشعر بأنّك تحبينه وتهتمين به، كما كنت من قبل. أمضي معه بعض الوقت لممارسة نشاط خاص ومبتكر بمفردكما، مثل قراءة كتاب مفضل أو الذهاب للتنزه... وأشركيه في الممارسات اليومية للعناية بالمولود الجديد، كأن يساعدك في تحميمه، أو اللعب معه. فإذا حدثت بعض المشكلات، لا تحاولي أن تنتصري للمولود الجديد، وتضعي الطفل موضع الشخص «الشرير».


أنا غاضب
يضع الطفل دائمًا في جدوله اليومي الكثير من الأنشطة، فإذا عجز عن القيام بها كلها يكون في حالة من الغيظ والحنق. وسواء أكان السبب في هذا الشعور هو سقوط برج المكعبات، او حتى رفضك إعطاءه حصة ثانية من «الأيس الكريم»، فإنّ نوبة غضب شديدة تسيطر عليه، وتصل إلى أقصى مداها عندما يشعر بمحدودية قدراته.


• الحلّ:
حاولي تهدئته باحتضانه أو تقبيله، وأمدّيه ببعض التشجيع - إذا كان غضبه مرتبطًا بالفشل. «يحتاج الطفل إلى أن يشعر بأنّك بجانبه أنت وعالمك كله، حتى لو كان في أوج غضبه، أو حتى إذا شعر بأنّ عالمه على وشك الانفجار». قولي له إنّه لا مانع من الإحساس بالغضب وإنّه، إذا أراد التخلص من هذا الإحساس، فعليه أن يضرب بقدميه على الأرض (وهو نوع من المرح أيضًا).


أنا خائف
مشاعر الخوف سمة للأطفال في سنواتهم الأولى، وطفلك قد يصبح فجأة أسير هذه المشاعر، فيخاف من كل شيء مثل الحمّام والظلام.. إلخ. ومن أعراض الخوف أيضًا الأحلام المزعجة، وكذلك الإحساس بالرعب أو الهلع. وهي أحاسيس تؤدي إلى إزعاجك وإزعاج الطفل في الوقت نفسه. الطفل، في هذه السن، يكون مرتبكًا، إذ إنّ عليه التعامل مع عدد كبير من المشاعر في آنً واحدة وهذا يجعله ضحية العديد من الانفعالات التي تجد صداها في الأحلام المزعجة.

 

الحل:

تعاملي مع مخاوف طفلك بجديةٍ شديدة، وأكّدي له أنّ «ماما» هنا، وأنّ كل شيء سوف يعود إلى نصابه، واشرحي له ماهية ما حدث، وأخبريه أنّه شيء يدعو إلى الخوف فعلًا لكنّه ليس حقيقيًا. تجنّبي خلط الجد باللهو والجدال، حتى يطمئن طفلك بالفعل.


أنا مجروح
قد يعاني طفلك في ظروف معينة الألم نتيجة تجاهل أو إزعاج أو استبعاد الآخرين له، بخاصةٍ من الصغار الذين لم يتعلّموا بعد أصول اللعب في جماعة.
هذه الممارسات تؤذي مشاعره، وتصيبه بالحيرة والارتباك.


• الحلّ:
حاولي أن تكوني دائمًا في صفّه، وحاولي في الوقت نفسه أن تضفي معنى على ما حدث له، حتى لا يبدو له نوعًا من القسوة أو الظلم - قولي له مثلًا إنّ صديقه في الحضانة كان متعبًا أو غاضبًا، لذلك، فقد تسبب في إزعاجه أو مضايقته، وحاولي أن تذكّريه بالوقت الذي كان فيه غاضبًا وقام بإزعاج أصدقائه.


أنا قلق
يسعى طفلك باستمرار إلى الاعتماد على نفسه، والاستقلالية، وإلى ممارسة الأنشطة اليومية المختلفة بطريقته الخاصة. على الرغم مـن ذلك، فإنّ القلـق سرعــان ما يُساوره إذا شعـر بأنّكِ بعيـدة عن مجـال بصره. فقد يظن طفلك أنّه يريد أن يسير في كل مكان، ويكتشف كل شيء، ولكـن، مجـرد التفكيـر في الشـروع في ذلك يصيبـه بالقلـق.
ويصيب القلق الطفل أيضًا، إذا انتقل من المهد إلى سرير أكبر، أو إذا ذهبت الأم إلى المستشفى لوضع طفل جديد. فهو يمضي أوقاته في التمييز بين الأشياء الآمنة، وتلك التي تشكّل خطرًا عليه من أي نوع كان. ويمكنك أن تساعديه في هذه المرحلة، بالتزام الحذر، وتحديد الوقت المناسب الذي يمكن أن تبدأ فيه مراحل الانفصال الطويلة، مثل الذهاب إلى الحضانة مثلًا.
أخيرًا، لا يجدر بكِ أن تُرغمي طفلك على القيام بأعمال وأنشطة لا تسرّه ولا ترضيه، بل يجدر بك أن تتركيه ليتفاعل بإيقاعه الخاص، وعلى طريقته الخاصة واجعليه يتأكد أنّكِ بالقرب منه دائمًا، حتى تُسهمي في بناء ثقته بنفسه.