تدريبات

12 مغوارًا يتدرّبون على القفز بالمظلات
إعداد: ليال صقر الفحل

دورة هي الأولى من نوعها على صعيد الجيش اللبناني

 

«دورة القفز واستعمال مظلات الهضبات» التي احتفل فوج المغاوير بتخريجها أخيرًا، هي الأولى من نوعها على صعيد الجيش اللبناني. والمهارات التي اكتسبها العسكريّون مهمّة جدًّا في مجالات المراقبة الجويّة والاستطلاع والتسلّل خلف خطوط العدو...

 

الاحتفال
تابع الدورة 12 عسكريًّا من فوج المغاوير تلقّوا دروسّا نظريّة في مدرسة القوات الخاصّة (حامات)، وأخرى تطبيقيّة في عدّة مناطق من بينها حمّانا حيث جرى احتفال التخرّج.
ترأس الاحتفال قائد فوج المغاوير العميد الركن شامل روكز وحضره قائد مدرسة القوات الخاصة العقيد الركن الياس ساسين ومدير الدورة، وطاقم التدريب.
وقد شكر العميد الركن روكز فريق التدريب، وهنّأ العسكريّين المتخرّجين الذين تسلّموا منه ومن العقيد الركن ساسين شهاداتهم.
واختتم الإحتفال بتمرين عملي تميّز بالدقة والخطورة في الوقت عينه. فقد عرف المتدرّبون خلاله متى يجب التوقف عن القفز لتجنّب المخاطر والأضرار، ومتى كان اتجاه الهواء مناسبًا للقفز عن تلّة حمانا، الأمر الذي ترجم اكتسابهم مهارات استعمال مظلات الهضبات.

 

ماذا حقّقت الدّورة؟
أعرب العميد الركن روكز عن فخره بما حقّقه المتدرّبون الذين تحمّلوا مسؤوليّة التدريب الخطر بجديّة وانضباط، معتبرًا أنّ الدورة تمثّل نقلة نوعيّة على صعيد المؤسّسة العسكريّة، فالتدريبات زوّدت العسكريّين مهارات مهمّة في الاستطلاع والمراقبة. وقد أكّد التزام قيادة الجيش السعي إلى الحصول على تراخيص خاصة بالمتدرّبين لمتابعة التمرينات بغية الوصول إلى مستوى متقدّم من الإحترافيّة، مشيرًا إلى ضرورة تأمين المعدّات اللازمة لممارسة هذه الرياضة.

 

مزيد من التفاصيل
مدير الدورة أطلعنا على مزيد من التفاصيل حولها، معتبرًا أنها لم تكن لتتحقّق لولا جهود المدرّبين وثقتهم بقدرة عسكريي فوج المغاوير على تحمّل صعوبات التدريب واجتيازها بنجاح. وعن الأجواء العامة للدورة قال: إنّ المتدرّبين عملوا بجهد ومثابرة على تنفيذ التمارين، واستطاعوا من خلال الكفاءة والجديّة التي يتميّزون بها، إنهاء دورتهم بنجاح، مشيرًا إلى أنها حلقة ضمن سلسلةٍ من التمرينات سوف تستكمل في الفترات اللاحقة لتأهيل المتدرّبين في مجال الهبوط المظلّي ليصبحوا بدورهم مدرّبين.
من ناحية أخرى، يشير مدير الدورة إلى أنّ التدريب تضمّن الشقّين النظري والعملي. فالمتدرّبون تابعوا دروسًا نظرية في آليات الطيران، والقانون الدولي وعلم الطقس والهواء، في ثكنة غسّان رمّان في رومية. كما نفّذوا تطبيقات عمليّة في منطقتَي قناة باكيش (للإنطلاق والإقلاع)، وحمانا (مراحل القفز الأولى). وفي المرحلة الأخيرة نفّذوا مهمّة الهبوط في أكثر مناطق العالم خطورة (غوسطا)، متحدّين بذلك كل المخاطر المتأتّية عن قصر المسافة المتاحة للإقلاع.
ويضيف مدير الدورة: إنّ إشراف طاقم التدريب على إعطاء المتدرّبين أكبر كمٍّ من الخبرة أتاح لهم اختيار اتجاهات الإقلاع والهبوط بشكل صحيح، ومكّنهم من اكتساب مهارات كيفيّة تحضير الشراع، مع ما يتضمّنه تمرين التحكّم بالشراع في مراحل الإقلاع والقفز والهبوط من احتراف ودقّة، لإبقائه فوق رؤوسهم والمحافظة على ثباته وايقافه عند الحاجة.

 

الهدف من الدورة
يهدف التدريب على القفز واستعمال مظلات الهضبات، إلى اكتساب خبرة توظّف في ما بعد في مهمّة المراقبة الجوية والاستطلاع، خصوصًا أنّ تكاليف هذه التقنيّة زهيدة، وهي تضمن في الوقت عينه سرعةً في الإنتقال والتنفيذ، ودقّة واستقلاليّة في التدخّل الجوّي. بالإضافة إلى ذلك، يشكّل الهبوط المظلّي طريقة ناجحة للتسلّل جوًّا خلف خطوط العدو، لأن رادار هذا الأخير لا يستطيع اكتشاف المظلّة كونها صامتة عمومًا، وغير مرئية إذا ما استعملت ليلاً. في الإطار عينه، تؤمّن مظلات الهضبات سرعة الإنتقال بين الحضائر الراجلة في المسالك الوعرة، وتسهم في عمليات الإنقاذ، وفي تحديد أماكن المفقودين في البحر أو في الأماكن الجبليّة البعيدة، والإفادة عنها.
كيف يتمّ اختيار العسكريين الذين يخضعون للدورة ؟
يجيب مدير الدورة عن هذا السؤال موضحًا أنّ العسكريين المتدرّبين (12 متدرّبًا) هم جميعًا من فوج المغاوير، اجتازوا اختبار القبول البدني والفحوصات الطبيّة، وهم حائزون شهادة الرابع المتوسّط (Brevet) على الأقلّ، علمًا أنّ التدريب لم يتجاوز هذا العدد، للتأكد من تمرين العسكريين على أكمل وجه، وليتمّ تأمين الخبرة الأفضل لهم.

 

تدابير الحيطة والأمان
أما في ما خصّ تدابير الحيطة التي وجب على كلّ من طاقم التدريب والفريق المتدرّب اتخاذها في أثناء النشاطات الجويّة أي خلال مراحل الإقلاع والهبوط، فيقول:
كان على الطاقم المدرِّب اختيار المعدّات الجويّة المناسبة للتدريب والتأكد من صلاحية المظلات وسرعة الرياح على ألاّ تتعدّى هذه السرعة 25 كلم/ساعة. بالإضافة الى اختيار ممرات جويّة خالية من الضباب والغيوم، وتقع فوق بقعة يمكن الوصول إليها بأمان وسهولة من قبل المتدرّبين والمسعفين، في حال اضطرّ المتدرّب الى الهبوط بشكل مفاجئ.
في الإطار نفسه، تحتّم على الفريق المدرِّب اختيار بقع النشاطات الجويّة من إقلاع وهبوط الموافق عليها مسبقًا من قبل القوات الجوية، على أن تكون هذه البقع خالية جميعها من العوائق (الكهرباء، البناء، الأشجار...)، وغير محاطة بحواجز يمكن أن تؤثّر في اتجاه الريح عند الهبوط، ومواجهة لاتجاهه عند الإقلاع...
وفي ما يخصّ تدابير الأمان، كان على المدرّبين الحضور الى بقع الإقلاع والهبوط مزوّدين وسائل الإشارة والإتصال والقنابل المدخنة، بالإضافة إلى وجود سيارة إسعاف مجهّزة في هذه المواقع.
أمّا من جهة المتدرّبين، فترتّب على العسكريين التزام تدابير السلامة من الخوذة الواقية إلى جهاز إشارة وآخر لقياس الضغط، مع ضرورة المحافظة على الاتصال ببقعتَي الإنطلاق والهبوط من خلال جهاز GPS، وقد طلب إلى المتدرّبين الإمتناع عن تناول الأدوية والكحول والقيام بمجهود جسدي إلاّ بإشراف المدرِّبين...

 

مسؤوليّة والتزام
ضابط برتبة نقيب تابع الدورة بنجاح، أكَّد أنّ التدريب أكسبهم كفريق متدرّب مهارات عالية سوف تخوّلهم في ما بعد، إذا ما تابعوا تمرينات إضافيّة من تحقيق الاحتراف اللازم للوصول إلى الاستقلاليّة عن الأندية المدنيّة. وأوضح أنهم كفريق لن يتمكّنوا من إتمام مهمّتهم على أكمل وجه، ما لم يتوصّلوا بأنفسهم إلى أن يكونوا مدرِّبين محترفين في مجال استخدام مظلات الهضبات. ويرى النقيب أن الدورة زادت من قدرة المتدرّبين على تحمل المسؤولية وتقدير الأخطار، خصوصًا أنّ سوء التقدير والإندفاع المتهوّر في هذا النوع من المهمّات يمكن أن يؤدّيا إلى أخطار مميتة.

 

طاقم التدريب
تألف فريق التدريب من ثلاثة أشخاص هم السيّد رجا سعادة رئيس نادي «Club thermique esprit d’aventure» للطيران الشراعي، السيد آلان غبريال والآنسة كارولين غبريال من شركة «Exit to Nature». وقد أجمع فريق التدريب على تمتّع المتدرّبين بسرعة البديهة والوعي والتركيز، وهي مميزات أسهمت إلى جانب قدرة العسكريين على تحمّل مسؤولية التمرينات وخطورتها، في تحقيق هدف الدورة وهو إكتساب المتدرّبين الاحتراف والإتقان على مستوى القفز واستعمال مظلات الهضبات، إذ لم يكن يكفي فحسب أن يتمتّع العسكريون باللياقة البدنية والقدرة الجسديّة.
في الإطار عينه، يرى الفريق المدرّب في العسكريين المتدرّبين إرادة صلبة وعزمًا وقوة للتقدّم في مستويات التدريب ومراحله مكّنتهم من تحقيق القفزات على الرغم من كون منطقة غوسطا أكثر مناطق العالم صعوبة في الإقلاع، وكانت النتيجة اكتساب المتدرّبين مزيدًا من الثقة بالنفس والخبرة.
أمّا على صعيد المعوّقات، فقد شكلّ عامل الطقس الصعوبة الأبرز، الأمر الذي أخّر التدريبات إلى حدٍّ ما، إذ كان من المقرّر أن تنتهي الدورة بعد أسبوعَين من انطلاقها في الثامن من تشرين الثاني 2011، لكنّ حالة الرياح الشديدة والطقس الماطر في تلك الفترة أرجأ التمرينات إلى وقت لاحق بحيث تمّ تخريج المتدرّبين في الخامس من كانون الأول 2011 بعد أن أنهَوا 60 ساعة من التدريب.
بشكل عام، أجمع المدرّبون على أنّ المتدرّبين نفّذوا ما طلب منهم خلال الدورة بحذرٍ شديد ولم يجدوا أي صعوبة في إتمام مراحل التمرينات، كما أكّدوا أن العسكريين الـ12 اكتسبوا المهارات المطلوبة من دون تعريض حياتهم لخطر الحوادث، متخطّين بذلك صعوبات التمرين في ظلّ ما حملته هذه الدورة من تصميمٍ وتحدٍّ للوصول إلى الهدف المنشود.