وجهة نظر

2017 لبنانيًا: عام الإنجازات والتحوّلات
إعداد: جورج علم

من فجر الجرود... إلى ما وراء الحدود


ترجّل العام 2017 من مقصورة الزمن على وقعِ أنغام التعظيم، احتفاء بانتخاب رئيس للجمهوريّة بعد طول فراغ. وغادر على وقع أنغام البطولة المجلجلة من «فجر الجرود»، مشيّعًا بهالةٍ من المجد، ووسط أكاليل من غار. هذا على الصعيد المحلي، أما إقليميًا وعالميًا، فَغَليان ودماء ومشاريع...

 

راجع.. راجع يتعمّر
كان عام الإنجازات: شعشعت الأنوار في القصر الجمهوري احتفاءً بالرئيس العماد الآتي من ساحات الوطن على صهوة الديموقراطيّة البرلمانيّة. عاد الرئيس سعد الحريري إلى السرايا على رأس حكومةٍ تعهّدت بتنفيذ برنامج حافل بالطموحات. دبّ النشاط في المجلس النيابي تشريعًا ومحاسبة؛ وانطلقت عجلة الدولة والمؤسسات، من ملء الشواغر في الإدارات الرسميّة، إلى انتظام دورة العمل وفق توقيتٍ عصري، إلى إجراء التشكيلات الدبلوماسيّة والقضائية، إلى تفعيل المرافق العامة.
ويكفي العام المنصرم أنّه وضع قالب الحلوى على طبق الإرادة الشعبيّة تحت عنوان «القانون الانتخابي الجديد»، وقد بدأ يسيل لعاب كثيرين من ناخبين ومرشحين وطامحين، مع اقتراب مواعيد الاستحقاق في مطلع أيّار المقبل. والأمل، كلّ الأمل، أن يفيَ اللبنانيون هذا الحدث الديموقراطي حقّه، فيرتفعوا إلى مصافِ المسؤولية الوطنية، ويغيّروا الثوب القديم بأثوابٍ تليق بلبنان الحاضر والمستقبل، وتكون على قدرِ التحدّيات والطموحات.
ولن يقتصر العرس الديموقراطي على «معازيم» الداخل، بل سيشارك عشرات الألوف من المنتشرين في ديار الله الواسعة بهذا الاستحقاق، ويتشارك اللبناني المقيم مع المغترب في إنجاز النقلة النوعيّة المطلوبة في حياتنا الوطنيّة، وهذه تجربة تستحق كل رعاية وعناية واهتمام، كونها الأولى في تاريخ لبنان المعاصر الحرّ الديموقراطي.

 

سلامة.. والسلامة
يقرّ أهل الرأي بأنّ قطار الـ2017 قد مرّ بمحطات كثيرة منها المحطة الاقتصاديّة، حيث كان للبنان موازنةٌ عامة لأول مرّة منذ أكثر من 12 سنة، وبذلك وُضع حدٌّ للإنفاق القائم على القاعدة الإثني عشريّة، وهذا إنجاز لا يستهان به لضبط الفوضى وترشيد البوصلة المالية – الاقتصاديّة بالاتّجاه الصحيح. وقد بادرت الحكومة في أيّار إلى التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لولايةٍ جديدة تنتهي في العام 2023، لضبط المحفظة المالية الوطنيّة ومراقبة انتظام الدورة الاقتصادية في البلاد، بعد الأصوات التي ارتفعت محذّرة من العواقب التي سوف تترتّب على المالية العامة، نتيجة سلسلة الرواتب الجديدة التي منحتها الحكومة للموظفين. وكان مجلس النواب قد أقرّ في تشرين الأول 2017 مادة ضريبيّة لتمويل هذه السلسلة.

 

بمجدك... احتميت
المحطة الأهم التي عبرها قطار الـ2017 كانت «فجر الجرود»، حيث فجّر الجيش اللبناني البطل كهوف الإرهاب التي تسلّلت وعشعشت في التضاريس الصعبة والثغور العصيّة المنتشرة على الحدود الشرقية.
قيل الكثير عن معركة «فجر الجرود»، وسيقال أكثر؛ لقد توقّف التاريخ عند تلك النواتىء المروّسة المغبرّة، ليكتب فصلًا جديدًا من الملحمة البطوليّة التي خطّها الجيش اللبناني بدمائه الوطنية الصافية.
زوّادة الرئيس.. وملح الشجاعة
يتدحرج ما بين السطور كلامٌ كثيف حول التداعيات الزاحفة من الديار المجروحة المنكوبة بِبَشَرِها وحجرها: مليون نازح.. مليونان.. أكثر بقليل، أو أقلّ بقليل، لا همّ طالما أنّ المساحات ضاقت، والسهول امتلأت، والأرياف ازدحمت، والكلام عن العبء الاقتصادي ليس بالضرورة من جماعة «باع واشترى»، بل ربما من معيلٍ قصد الفرن بحثًا عن رغيفٍ ساخن، فوجد أمامه عيونًا غائرة أو أمعاء فارغة... أو من أرملة تبحث عن دوائها، فيأتيها الجواب «نفذ قبل قليل!»... أو من عاملٍ حمل إزميله ومطرقته، فوجد «زميل المهنة» الآتي من البعيد يختلس من أمامه النعمة من دون حشمة!.
شهد العام الذي غادرنا عدّة مؤتمرات للدول المانحة، وشهِد مليارات الدعم تتدحرج وتقفز أرقامًا مبعثرة على صفحات البيانات الختاميّة. وشهد أيضًا وأيضًا بأنّ كلّ تلك البيانات كانت مزدانة بعبارة: «إقرأ تفرح، جرّب تحزن»؛ فلا الموارد وردت ولا البنى التحتيّة تحسّنت، ولا البنى الفوقيّة تروحنت، الأمر الذي دفع بفخامة الرئيس إلى أن يحمل زوّادة من الجرأة الوطنيّة المكتنزة بمتبّلات النصر من «فجر الجرود»، ويذهب إلى الأمم المتّحدة ليخاطب العالم من على منبر الجمعيّة العامة بالمنطق الموضوعي المقنّع: «إما العمل على تأمين عودة سريعة للنازحين إلى ديارهم، وإلاّ شواطئنا مفتوحة أمام المراكب باتجاه الشواطىء الأوروبيّة الغربيّة... إنّ لبنان للّبنانيين ليس هو وطن التوطين، ولا وطن الاستيعاب؟!».
أثارت زوّادة الرئيس شهيّة كثيرين وغيرة آخرين، كيف لا والجيش اللبناني هو الأوّل في هذه المنطقة المضطربة الذي تمكّن من دحر الإرهاب: ثغور وصخور وهضاب ومسطّحات، وأسماء وأسماء عن أمكنة ومطارح في تلك الجرود الوعرة ما خطرت على بال، كان المواطن يسمع بها – وربما للمرّة الأولى – وهي ترِد في بيانات مديريّة التوجيه، بعد تحريرها من خفافيش الليل.
تحرص الهمّة العالية على التشبّث بمسؤولياتها في الحرص على الأمن والاستقرار، عندما يدور الحديث عن الجرود والحدود، وانفلاش المخيمات، والشواذات، والارتكابات، والانفعالات، وما يزيد على الطين بلّة، الأصوات الدوليّة المطالبة بدمج المجتمع الوافد بالمجتمع المقيم؛ وإذا بالرئيس عون يفلش زوّادته، ويؤكّد «هذا حصرم رأيته في حلب؟! وهذه ثرثرة لا تدخل في أدبياتنا... أرض لبنان، لا هي للبيع، ولا للإيجار، ونقطة عالسطر».

 

لبنان فوق كلّ أرض.. وتحت كلّ سماء
لقد قاد الرئيس عون سفينة الوطن إلى الموانىء العربيّة والدوليّة بخبرة الربّان الحكيم. لم يكن من السهل أن يعود لبنان ليحتلّ مكانته في عواصم دول القرار في أقلّ من عام. وبعد غياب قسري فرضه فراغ عمره ثلاث سنوات، كانت الزيارة الأولى للمملكة العربيّة السعوديّة، وكان الهدف منها تلبية دعوة ملكيّة رسميّة نقلها إليه وفدٌ رسميٌ سعوديٌ رفيع، ثم تفعيل العلاقات الثنائيّة. وانطلاقًا من المملكة كبداية، زار الرئيس عون العديد من الدول الشقيقة والصديقة بينها قطر ومصر، ورَئِس وفد لبنان إلى القمة العربيّة التي استضافها الأردن نهاية آذار الماضي، وكانت له مواقف مميزة، شدّد خلالها على التضامن العربي، وتفعيل دور جامعة الدول العربيّة للاضطلاع بمسؤولياتها في لمّ الشمل.
أما الاستثناء، فكان زيارة الدولة التي قام بها إلى فرنسا في 25 أيلول، وقد أحاطته باريس – ماكرون بهالةٍ من مراسم الأبّهة، وأمضى ثلاثة أيام كانت حافلة بالاجتماعات مع المسؤولين في الدولة الفرنسيّة. وأتت هذه الزيارة بعد عودة الرئيس من الأمم المتحدة، حيث رَئِس الوفد اللبناني إلى اجتماعات الدورة العادية للجمعيّة العامة للمنظّمة الدوليّة بعد غياب استمر لثلاث سنوات.
وأبلى وزير الخارجيّة والمغتربين جبران باسيل البلاء الحسن، فلم يترك دولة أو عاصمة إلاّ وزارها يبحث عن اللبنانيين المنتشرين، ويحثّهم على التواصل مع الوطن الأم، ويثير علاقة لبنان الاقتصادية مع مسؤولي هذه الدولة أو تلك، بحثًا عن الخلل في الميزان التجاري، للعمل لاحقًا على تصحيحه لمصلحة لبنان.

 

استقبالات.. ومؤتمرات
في موازاة ذلك، كان هناك تحرّك خارجي باتّجاه لبنان، حيث احتضنت بيروت العديد من المؤتمرات الرياضيّة والاقتصاديّة والمصرفيّة والمهنية التخصصيّة؛ كما استقبلت شخصيات رسميّة بارزة من الدول العربيّة الشقيقة كالرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، ومن الدول الأوروبيّة، كالمفوضة العليا للسياسة الخارجيّة والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، ووزيرة الدولة البريطانية للتنمية الدوليّة بريتي باتل، والمفوّض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، ووزير خارجية العراق إبراهيم الجعفري، ورئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجيّة في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجوردي، وآخرين.. وآخرين...

 

وفي كانون الأول نفط!
الإنجاز الأكبر تحقّق في شهر كانون الأول، عندما أقرّ مجلس الوزراء مراسيم تنظيم قطاع النفط، بعد تأخير دام ثلاث سنوات، وإقرار الحكومة رخصتي استكـشـاف النفـط والتنـقـيـب عنـه. وبذلك يكون العام 2017 قد دخل التاريخ اللبناني من بابه العريض عندما أصبح لبنان دولة نفطية.

 

الهبوط الاضطراري
مرايا الـ2017 لم تكن كلها صافية، لأنّ الإنجازات التي تحقّقت جاءت نتيجة توافق بعد كباشٍ حاد بين الأطراف السياسية، وبعد تحركاتٍ مطلبية شهدها الشارع. وتبقى استقـالة رئيس الحكومة سعد الحريري المباغتة من الرياض، الحدث الأبرز الذي صدم المجتمع اللبناني بوَقعه المفاجىء، وترك آثـارًا سلبيـة على الحيـاة العامة والحركة الاقتصادية؛ وخير معبّر عن تلك الحالة، ما شخّصه خبير اقتصادي بالقول: «كنّا في طائرة آمنة نقلع ونحلّق عاليًا بمعطيات علميّة واقعيّة مجرّدة، فجاءت الاستقالة لتُرغِم الطائرة على الهبوط الاضطراري، ما أحدث هلعًا واسعًا في صفوف الركّاب من مسؤولين واقتصاديين ومواطنين... وهذا ما حدث للبلاد عند الاستقالة المفاجئة؛ إلاّ أن التحرّك الواعي والمسؤول لمختلف مؤسسات الدولة برعاية رئيس الجمهوريّة وقيادته، عاد وسمح للطائرة بالإقلاع من جديد، عندما عاد الرئيس الحريري إلى بيروت وأعلن عزوفه عن الاستقالة، والعودة إلى السرايا لاستئناف المهمة وتنفيذ خطط العمل المقررة.

 

الإرهاب يوزّع ثروته
تمكّن الإرهاب من أن يصيب بعض مرايا الـ2017، إلاّ أنّ الشظايا لم تقتصر على لبنان، بل طاولت القريب من الدول والبعيد منها؛ وكانت البدايات صاعقة، عندما ضرب ضربته في الساعات الأولى من فجر الـ2017، واجتاز عتبة الوطن فوق برك من دماءٍ غالية لشبابٍ لبناني كان يمضي سهرة رأس السنة في ملهى «رينا» في إسطنبول، الذي اجتاحه مسلّحون وأمطروا المكان برصاص الحقد الأعمى. وكانت الحصيلة أكثر من 40 قتيلًا و30 جريحًا. استفاق الوطن صباح العام الجديد وفي الأفق مسحة حزن، وفي الأفئدة وجع وغضب وتهيّب. لم يترك الثعبان أرضًا إلّا وزحف باتّجاهها: لدغ في باريس، في بروكسيل، أوقع 11 قتيلًا في تفجير مترو سان بطرسبورغ، 30 قتيلًا في تفجير الكنيسة القبطيّة في طنطا، 27 قتيلًا في تفجير ملهى ليلي في مانشيستر – بريطانيا، أكثر من23 إصابة في مترو لندن، 9 قتلى نتيجة عملية دهس في مانهاتن... إنّها عيّنات من مسلسل طويل تعدّدت حلقاته وتنوّعت من دون أفق.
والكلام عن الساحات المشتعلة يبقى غير ذي جدوى، طالما أنّ آلة القتل مستمرة، والمتعهّدون في تدمير أوطان وكيانات في الشرق الأوسط، مصرّون على تنفيذ تعهّداتهم بأمانةٍ وشفافيّة مقابل الوعود الطائلة والمصالح المشتركة. لكنّ الكلام في الساحات الأوروبيّة والأميركيّة له ثقل ومعنى ومغزى، وبداية انعتاقٍ من الوضع السائد إلى خيارات لم تتّضح معالمها بعد، وإن كانت تضمر نفسًا ثوريًّا.

 

أصوليات جديدة
انطلقت خلال العام 2017 صرخات مدوّية في المجتمع الأوروبي ضد النازحين؛ حكومات كثيرة اضطرت إلى تغيير استراتيجيتها من فتح الأبواب والنوافذ أمام المتدفّقين من سوريا والعراق وليبيا واليمن، إلى الإقفال التام، ومن ثمّ إلى محاولة إبعاد مَن دخَلَ أو تسلّل. انطلقت من المجتمع الغربي تُهَمٌ فاقعة – قد تكون ظالمة – بحقّ النازحين، وَصَمَتهم بتهمة الإرهاب. وبدأت أصوليّات جديدة تجتاح صناديق الاقتراع في الدول الأوروبيّة، لتُمكِّن اليمين المتطرّف من الوصول إلى سدّة الحكم، مع ما يعني ذلك من عدائية مفرطة ضدّ كل من هو غريب، وضدّ من يحمل ثقافات غير تلك السائدة في المجتمع الأوروبي. لقد انطوى الـ2017 بعد أن فجّر حَربَين: الأولى الحرب التكنولوجيّة التي لا حدود لها، تنمو وتزدهر على حساب القيم الأخلاقية والمجتمعية، ناهيك عن العادات والتقاليد التي نشأت عليها العائلة المتراصّة والمجتمع المتماسك؛ والثانية الحرب الثقافية ما بين الخصوصيات والثقافــات والمعتقــدات والانتماءات... والحربان مفتوحتان على المجهول...

 

زهرة المدائن
حمل العام 2017 إلى البيت الأبيض الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي احتفل في الـ20 من كانون الأول بمرور عامٍ على تسلّمه مقاليد السلطة، بخطابٍ استراتيجيٍ عالي النبرة. وقد دشّن سنته الأولى بقرارٍ تَهرَّبَ من اتّخاذه الرؤساء السابقون، عندما أعلن القدس عاصمة لإسرائيل. وتصدّى لبنان الرسمي بقوّة لهذا القرار، سواء في الخطاب الذي ألقاه رئيس الجمهورية أمام زعماء الدول الإسلاميّة في اسطنبول، أو في المداخلة التي تقدّم بها وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أمام مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة. وينطوي الموقف اللبناني على قلقٍ عميق من هذا القرار وانعكاساته السلبية على حق العودة، في الوقت الذي يستضيف فيه عددًا لا بأس به من اللاجئين الفلسطينيين.

 

بادرة ماكرونية
حمل العام 2017 إلى قصر الإليزيه رئيسًا من خارج النادي السياسي الفرنسي التقليدي، هو مرشح حزب «الى الأمام» الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي فاز بغالبية 65,9 بالمئة من عدد الأصوات. وانتهج الرئيس الجديد سياسة خارجية فرنسية منفتحة، مغايرة إلى حدٍّ كبير لتلك التي كانت متّبعة في عهد الرئيس فرانسوا هولاند. وتكفي الإشارة هنا إلى الدور الكبير الذي لعبه الرئيس ماكرون لمساعدة الرئيس سعد الحريري على الخروج من أزمة الاستقالة في الرياض.

 

عام الصواريخ الباليستية
زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون انتقل إلى واجهة الحدث العالمي في الـ2017، من خلال صواريخه الباليستيّة التي تثير العديد من ردود الفعل على المستوى الدولي، وتُنبِىء بإمكان حصول تطوّرات مؤسفة بين المحاور المتقابلة في تلك المنطقة الحسّاسة من العالم.

 

مسوّدات محبّرة بالدم
أما على مستوى الشرق الأوسط، فقد حمل العام 2017 عدّة «مسوّدات» لمشاريع حلول وتسويات لأزمات دول المنطقة، كتبت ولا تزال بدماء شعوبها لكنها لم تنضج بعد، ولم يأخذ أيٌّ منها طريقه إلى التنفيذ، نظرًا لكثرة «الطبّاخين» من الغرب ومن الشرق، ولاختلاف الأمزجة وفق اختلاف المصالح؛ فالمسار السوري أصبح تحت مظلّات سوتشي وأستانة وجنيف، ولعبة الشروط المتبادلة ما بين موسكو وواشنطن في حضور التركي والإيراني.
أما الوضع في العراق، فموزّع ما بين رئيس كردي، ورئيس وزراء شيعي، ورئيس مجلس نواب سنّي، وكأنّ في العراق طائفٌ آخر شبيه بالطائف اللبناني إلى حدّ بعيد.
وفي ليبيا مبعوث أممي ناشط هو الدبلوماسي اللبناني المثقّف غسّان سلامة، عن يمينه اتفاق الصخيرات، وعن يساره عشرات الاتفاقات والاجتماعات والمؤتمرات التي لم تُنتِج سلامًا. إنّها لعنة النفط، وصراع المصالح بين المتهافتين من خارج الحدود على اقتسام الغلّة؟!.
أمّا في اليمن فالصراع مفتوح على المجهول، وقد حمل الـ2017 مفاجأتين: اغتيال الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح، ودخول الصواريخ الباليستيّة أرض المعركة، على الرغم من أنّ المنظّمات الإنسانية الدوليّة تُصدر أصوات استغاثة ملحّة.. «في اليمن الملايين من الأطفال والنساء والشيوخ معرّضون للموت بسبب الجوع والكوليرا!»...
ويترجّل العـام 2017 عن صهـوة حصان الزمن، ظالمًـا كـان أم مظلـومًا، ويكفي القول أنّ سنةً من عمر البشريّة قد انقضت، ودخلت في ذمّة التاريخ!...