قضايا دولية

25 دولة وقّعت دستور الإتحاد الأوروبي بصيغته المعدّلة
إعداد: ريما سليم ضومط

د. حسن جوني

الإتحاد ضرورة للتوازن العالمي

 

في 29 تشـرين الأول الماضي، وقّع 25 رئيس دولة أوروبية دستور الإتحاد الأوروبي بصيغته المعدّلة، وتم طرحه للتصويت داخل هذه الدول للموافقة عليه إما من قبل البرلمان أو من قبل الشعب، وذلك وفقاً لصيغة التصويت التي تعتمدها كل دولة.
لماذا تم التعـديل، ما هي خـطوطه العريضة، وما هي أهمـية الإتحـاد الأوروبي على الصعيد العالمي؟ أسئلة طرحتها مجلة «الجيش» على الدكتور حسن جوني الأستاذ في مادة المنظمات الدولية.

 

الدستور شكلاً ومضموناً

يرتكز دستور الإتحاد الأوروبي من حيث الشكل والمضمون على المبادئ والأسس والأهداف التي وضعتها كل من معاهدة روما التي أوجدت عام 1957 مجموعتين أوروبيتين لكل من الطاقة الذرية والإقتصاد، ومعاهدة ماستريخ التي حوّلت هاتين المجموعتين عام 1992 الى ما يعرف اليوم بالإتحاد الأوروبي.
وكانت مسألة تعديل نصوص الإتفاقيتين وإيجاد دستور معدّل للإتحاد الأوروبي قد طرحت لأول مرة خلال معاهدة نيس عام 2001، ليتم الإعلان عن المسودة الأولى للدستور الجديد في 18 تموز 2003 أثناء القمة الخاصة بمستقبل أوروبا. وعقب سلسلة من المفاوضات بين الدول الأعضاء، تمت الموافقة على محتوى المسودة في بروكسل في 18 حزيزان 2004، بعد أن أدخلت إليها بعض التعديلات. وفي 29 تشرين الأول الماضي، تم توقيع الدستور من قبل الرؤساء الخمسة والعشرين للدول الأعضاء، وطرح للتصديق من قبل هذه الدول على أن يدخل حيّز التنفيذ بعد عامين أي سنة 2006.
وتجدر الإشارة الى أن بعض الدول ستطرح مسألة الموافقة على الدستور في استفتاء شعبي، في حين أن دولاً أخرى ستطرحه أمام البرلمان. والسؤال المطروح هنا: في حال رفضعت إحدى هذه الدول مضمون الدستور، هل يعني ذلك إنسحابها من الإتحاد؟
الدكتور حسن جوني أشار الى أن حكومات الدول الأعضاء حين تبنّت الدستور ووقّعت عليـه، تبـنت أيضـاً العـمل على تشجـيع شعـوبها على التصويت. وفي حـال لم يتـم التصويت أو الموافـقة من قبل الشـعب أو البـرلمان في أي من الدول الأعضاء، فالحل ليس برفض انضمام الدولة أو انسحابها، إنما بإعادة النظر في الدستور بأكمله.
وعن صيغة الدستور المعدّل شكلاً ومضموناً، أوضح الدكتور جوني أولاً أن لفظة «دستور» التي تم اعتمادها هي تعبير مجازي لما يشكل بالفعل معاهدة دولية بين الدول الأعضاء. وأشار الى أن الدستور الجديد يتضمن مقدمة، وأربعة أجزاء، وملحقين، و36 بروتوكولاً، وحوالى 448 مادة. وأضاف أنه أصبح من حيث الشكل، أقل تعقيداً عمّا كان عليه في معاهدة ماستريخ، فالأخيرة كان يعيبها أنها غير مفهومة وغامضة في ما يتعلق بترتيب البنود، الأمر الذي أضفى عليها صيغة عدم الوضوح حتى بالنسبة الى الإختصاصيين في الإتحاد الأوروبي.

 

تعديلات على المضمون

التعديلات الأساسية التي طرأت على مضمون الدستور، لخصها الدكتور جوني على الشكل التالي:
- إعطاء حق المبادرة الشعبية في القضايا التشريعية حيث يسمح لمليون مواطن أوروبي بأخذ المبادرة الأوروبية.
- وضع ميثاق خاص بالقوانين الأساسية للإتحاد، وإنشاء نظام جديد في أخذ القرارات المشتركة بين البرلمان ومجلس الإتحاد مما يتيح لغالبية القوانين الأوروبية بأن تصبح جزءاً من القوانين المحلية بشكل مباشر.
- تبنّي نظرية الدفاع الأوروبي المشترك وتقويته، وذلك لتفادي ما حصل في الماضي وخاصة في موضوع الحرب على العراق حيث انقسمت الدول الأوروبية في تحديد موقفها من الحرب.
- تخفيض عدد المفوضين داخل الاتحاد.
- إيجاد منصب رئيس لمجلس الإتحاد ينتخب لمدة سنتين ونصف السنة.
- إيجاد منصب وزير خارجية الإتحاد.
- وضع أسس جديدة للتصويت داخل الإتحاد، حيث أنه في السابق كان يتم التصويت بالإجماع مما يعطي جميع الدول الأعضاء حق النقض. وبعد أن رفضت الدول الكبرى أن تعطّل الدول الصغرى مقرراتها، أنشئ في الدستور الجديد نظام الغالبية المؤهلة، وفيه أن قبول أي قرار داخل المجلس يقضي بموافقة 15 دولة أي 55 في المئة من أعضاء المجلس، على أن تشكّل هذه الدول 65 في المئة من سكان الإتحاد الأوروبي. وقد أعطت هذه المعادلة الإمكانية للدول الصغيرة بالتحالف مع الدول الكبيرة لتعطيل قرار في الإتحاد، وأعطت الإمكانية نفسها للدول الكبرى. ويبقى أن تزايد عدد الدول الصغيرة داخل الإتحاد يساهم في تضامنها من أجل رفض قرار أو قبوله.
- حافظ الدستور الجديد على ما وعدت به معاهدة ماستريخ بعدم الإشارة الى إمكانية طرد دولة من الإتحاد مهما كان السبب، إنما الجديد أنه سمح بالإنسحاب بناء على رغبة الدولة في ذلك.
- حدد الدستور بشكل أوضح مفهوم الإتحاد والأسس التي يقوم عليها، فجاء في مقدمته أنه يتبنّى الإقتصاد الإجتماعي للسوق الحرة، ومبدأ التنمية الإقتصادية. كما وردت في المقدمة القيم المشتركة لأعضاء الإتحاد ألا وهي: الحرية، الديموقراطية، احترام حقوق الإنسان، سلطة القانون، الكرامة الإنسانية، المساواة، وحقوق الأقليات.
وأعلن أعضاء الإتحاد أن مجتمعهم مبني على أسس التعددية، عدم التمييز، التسامح، العدالة، التضامن، والمساواة بين الرجل والمرأة.
مما لا شك فيه أن للقيم الإنسانية والإجتماعية مكانتها داخل دستور الإتحاد الأوروبي إلا أن الحيز الأكبر يبقى للشق الإقتصادي لا سيما وأن أحد الأهداف الأساسية للإتحاد هو تنمية التعاون الإقتصادي، بين الدول الأعضاء. في هذا الإطار أشار الدكتور جوني الى أن الإتحاد يعود بفائدة كبيرة على أعضائه من الناحية الإقتصادية، موضحاً أن هناك مجموعات من الدول الأعضاء دخلت ضمن إطار منطقة اليورو (Euro - Zone)، وهناك مجموعة دخلت ضمن «شنغن». وأضاف أن الإنتماء الى الإتحاد تستفيد منه الشركات الأوروبية الكبرى المتعددة الجنسيات حيث تتسع لها الأسواق الداخلية والخارجية كما تستفيد الدول الأعضاء على صعيد المنافسة الدولية، فالدول الأوروبية لا تستطيع منفردة منافسة أسواق كبيرة مثل الصين والولايات المتحدة، في حين أن الإتحاد يؤمن لها أكبر سوق استهلاكي داخلي والإطلالة منه على العالم.

 

الإتحاد الأوروبي والتوازن العالمي

إذا كان الإتحاد الأوروبي ضرورة للدول الأوروبية، فإنه بلا شك ضرورة أكبر لخلق توازن عالمي. وفي هذا الإطار أكد الدكتور جوني أن الإتحاد الأوروبي يشكل اليوم أكبر منظمة دولية من حيث القوة الإقتصادية ومن حيث حجم التجارة الدولية، وهو يشكل ضرورة من أجل التوازن العالمي وخصوصاً بعد غياب الإتحاد السوفياتي، وقد يكون المقابل الذي يقف في وجه الولايات المتحدة الأميركية وطموحها.
وأضاف الدكتور جوني، أن الإتحاد يحاول أن يقوم بعلاقات ثنائية خارج دول الإتحاد كدول جنوب المتوسط ودول الشرق الأوسط عبر ما يسمى الشراكة الأوروبية التي تم تأسيسها في معاهدة برشلونة، إلا أن هذا لا يعني أن النزاع الأوروبي - الأميركي سيكون بالضرورة لصالح دول العالم الثالث ولصالح قضايا الشعوب. فالنزاع البريطاني - الفرنسي في بداية العصر أدى الى كوارث على الصعيد العالمي، وخصوصاً على صعيد دول العالم الثالث.
وأبدى الدكتور جوني أمله أن يكون الإتحاد الأوروبي عاملاً مساعداً للدول المذكورة لإيجاد التوازن الدولي وألا يكون عاملاً لتقسيم العالم مع الولايات المتحدة على حساب دول العالم الثالث.

 

المؤسسات التابعة للاتحاد الأوروبي

- المفوضية الأوروبية.
- البرلمان الأوروبي.
- محكمة العدل الأوروبية.
- البنك الأوروبي.
- البنك الأوروبي.
- مجلس الإتحاد.
- المجلس الأوروبي.
- مجلس المحاسبة.


دول الإتحاد الأوروبي

تاريخ الإنضمام

اسم الدولة
1958  فرنسا
1958  بلجيكا
1958  ألمانيا
1958  إيطاليا
1958  لوكسمبورغ
1958  هولندا
1973  الدانمارك
1973  إيرلندا
1973  بريطانيا
1981  اليونان
1986  البرتغال
1986  إسبانيا
1995  النمسا
1995  فنلندا
1995  السويد
2004  قبرص
2004  تشيكيا
2004  استونيا
2004  هنغاريا
2004  لاتفيا
2004  لتوانيا
2004  مالطا
2004  بولندا
2004  سلوفاكيا
2004  سلوفينيا

 

 

لمحة تاريخية

أنشئ  الإتحاد الأوروبي رسمياً عام 2991 مع معاهدة ماستريخ، إلا أن جذوره تمتد الى بداية الخمسينيات، فمع انتهاء الحرب العالمية الثانية، وبداية الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية والإتحاد السوفياتي، كان لا بد من أن تلعب أوروبا دوراً على الصعيد الدولي فجاءت أفكار جان مونيه وروبير شامان لتؤسس في معاهدة باريس عام 1591 مجموعة إقتصادية أوروبية على رأسها الألمان والفرنسيون هي إتحاد الفحم والفولاذ. في ما بعد جاءت معاهدة روما 7591، لتؤسس لمجموعتين أوروبيتين إحداهما تتعلق بالطاقة الذرية والأخرى بالاقتصاد. في العام 7691، تم الدمج بين المجموعات الثلاث بما يعرف بالمجموعة الأوروبية التي تألفت من كل من: ألمانيا، فرنسا، بلجيكا، هولندا، لوكسمبورغ وروما. في ما بعد تم توسيع المجموعة حيث انضمت اليها اليونان عام 1891 واسبانيا والبرتغال عام 6891، وفنلندا والسويد والنمسا عام 5991، وكرّت السبحة في ما بعد.
في العام 2991 تحوّلت المجموعة الأوروبية مع معاهدة ماستريخ الى «الإتحاد الأوروبي» الذي واصل سياسة المجموعة الأوروبية، الى أن طرحت التعديلات في قمة نيس لوضع دستور جديد يأخذ بعين الإعتبار توسيع الإتحاد لخمس وعشرين دولة.
حدد الإتحاد الأوروبي أبرز أهدافه بتوسيع دائرة التعاون بين أعضائه على صعيد الإقتصاد والتجارة، والشؤون الإجتماعية، والسياسة الخارجية، والأمن والدفاع.