تمرين

SOFEX 2020 عمليات خاصة ناجحة رغم التحديات
إعداد: روجينا خليل الشختورة

يقوم تطوّر الجيوش والإبقاء على جهوزيّتها التامة على التدريبات المستمرّة لا سيّما تلك المتعلّقة بمكافحة الإرهاب والاضطرابات الأمنية، لذلك تنشط عمليات التدريب في الجيش على الرغم من انهماكه بمهمات متواصلة.
وضمن إطار تمرين SOFEX 2020 حول مفهوم العمليات الخاصة بمكافحة الإرهاب، نفّذت وحدات من الجيش تمارين تدريبية بالاشتراك مع فريق تدريب أميركي، استمرّت خمسة أيّام، وتخلّلتها سلسلة عمليات ليلية ونهارية بحرية وبرية مشتركة في مناطق لبنانية مختلفة.


شاركت في التمرين القوات البحرية والجوية وأفواج المغاوير والمجوقل ومغاوير البحر، وكلّ من مديرية المخابرات - فرع مكافحة الإرهاب والتجسّس، ومديرية التوجيه - قسم الحرب النفسية، ومديرية التعاون العسكري - المدني CIMIC.
ليست هذه المرّة الأولى التي يقام فيها هذا التمرين ولا المرّة الأولى التي يشارك فيها هذا العدد من الوحدات في تمرين واحد. غير أنّ الظروف التي مرّت فيها البلاد ولا تزال، والمهمّات الكبيرة الملقاة على عاتق الجيش، حالت دون إمكان تحقيقه بطريقة دورية، يقول رئيس قسم المراقبة في مديرية العمليات والمشرف العام على التمرين العميد الركن أمين القاعي. و لكن على الرغم من الظروف، كان هناك إصرار كبير من قبل قيـادة الجيـش والفريـق الأميركـي علـى إجـراء التمريـن هذا العـام. SOFEX 2020 ()Special Operations Forces Exercice يجمع تدريبات الوحدات الخاصة كافة في تمرين واحد، يستمر على مدى خمسة أيام. وقد سبقته اجتماعات تخطيطية تحضيرية مكثّفة ضمت الفريقين اللبناني والأميركي، لخلق هيكلية التمرين والسيناريو الذي سيُعتمد لتنفيذه، بالإضافة إلى تشكيل القوى المشاركة فيه وتحديد مهمة كلّ منها، من دون إعلامها بذلك لتكون المهمّة أقرب إلى الحقيقة.
وفق السيناريو المحدّد للتمرين، وردت معلومات إلى غرفة عمليات قيادة الجيش حول احتمال التحضير لأعمال إرهابية من قبل جماعات إرهابية تزامنًا مع زيارة بعض السلطات الفرنسية الأراضي اللبنانية، بسبب المواقف التي تتّخذها بحقّ المهاجرين إلى فرنسا، واحتمال خطف رهائن وتنفيذ عمليات ضدّ المصالح الفرنسية.
أُعطيت في اليوم الأوّل الأوامر التنبيهية لتحذير القوى كي تكون على أهبة الاستعداد للمواجهة.
في اليوم الثاني، بدأ فرع مكافحة الإرهاب والتجسّس مهمّته بمراقبة إرهابي يصل عبر مطار رفيق الحريري الدولي بأوراق مزوّرة ويقوم بالتنقّل داخل الأراضي اللبنانية، وذلك وفق كلّ الإمكانات المتاحة لديه (طائرات دون طيار وسيارات مراقبة...). بدورها، تدخّلت القوات الجوية وكان لها دور كبير في التمرين إذ وضعت كلّ جهودها وإمكاناتها بالتصرّف، فقامت برمي المناشير في المناطق المشبوهة لتوعية المدنيين، وبمهمات أخرى. وخلال الليل، دهم مغاوير البحر سفينة مشبوهة يختبئ على متنها إرهابيون. تميّزت هذه العملية بحرفيّة عالية إذ تخللها إنزال بواسطة الحبال من الطوافة من دون ضوء قمر حتى، وهي المرّة الأولى التي يقام فيها هذا النوع من التمرين على سفينة مبحرة. وقد تمّ تفتيش السفينة والعثور على الإرهابي المشتبه به، وهو كان على تواصل مع الهدف الأساسي ووُجدت بحوزته خرائط تكشف أماكن الخلايا الإرهابية الأخرى.
في اليوم الثالث، كُلّف فوج المجوقل بمهاجمة مكان وجود إحدى الخلايا في منطقة وطى الجوز وتدميره، في حين نفّذ فوج المغاوير عملية دهم أسفرت عن إلقاء القبض على إرهابيين في منطقة عين داره. فرع المكافحة الذي كان يراقب الهدف الأساسي ويلاحقه، اكتشف أنّ الإرهابيين اختطفوا رهينة فرنسية واقتادوها إلى منطقة فيطرون، فقام عناصره بمداهمة المكان وتحرير الرهينة التي تسلّمتها مديرية التعاون العسكري - المدني. وعملت المديرية نفسها على تقييم الأضرار التي أصابت مباني المدنيين خلال عملية المداهمة، وطمأنتهم بأنّ الجيش سيقوم بالتعويض عليهم وفق الإجراءات المعتمدة.
في الشق الليلي من التمرين أغار عناصر فوجَي المغاوير والمجوقل على مجموعة إرهابية في ثكنة حمانا وحرّروا الرهائن المحتجزين هناك، وذلك في حضور قائد الجيش العماد جوزاف عون والسفيرة الأميركية دوروثي شيا إضافة إلى عدد من قادة الأفواج وملحق الدفاع وفريق التدريب الأميركي. وقد تميّزت هذه العملية بالدقة والتنسيق بين الوحدات المشاركة.
تمارين اليوم الرابع ركزت على ما توصلت إليه العمليات السابقة، إذ ضُبطت أدلّة تشير إلى وجود مجموعة إرهابية في جزيرة رمكين مقابل شاطئ طرابلس وتقوم بممارسة أعمال التهريب عبر البحر بطريقة غير شرعية. تسلّل غطاسو فوج مغاوير البحر والقوات البحرية إلى داخل الجزيرة، فدهموا الأرهابيين وألقوا القبض عليهم وحرّروا الرهائن الذين قامت القوات الجوية بإخلائهم مع الجرحى بواسطة الطوافات. وبذلك أُعلن انتهاء التمرين.
وأشار العميد الركن القاعي إلى أنّ مديرية التوجيه تولّت تصوير مجريات التمرين وتوثيقها، للعودة إليها في اليوم الأخير الذي خُصص للتقييم وتحديد الدروس والعبر المستقاة منها. وقد اجتمعت الوحدات التي شاركت في التمرين مع فريق التدريب الأميركي وكانت الأجواء إيجابية، إذ ركّز المجتمعون على الجهود التي بُذلت لإنجاح التمرين رغم التحديات الكثيرة التي واجهته. ومن هذه التحديات: العمليات الليلية الصعبة التي تضمّنت عمليات نقل بالطوافات وهبوط وتفتيش، وعملية تسلّل الغطاسين إلى جزيرة رمكين وإخلاء رهائن بأقلّ خسائر ممكنة. كذلك، تمّت تجربة وسائل اتّصال جديدة خلال التمرين وتجربة تواصل على شبكة الجيش الداخلية نقلت عبرها الصور والخرائط بسرّية تامة. وختامًا، اتّفق الطرفان اللبناني والأميركي على التحضير لتمارين مشتركة مستقبلية مماثلة تشمل القوات الخاصة البرية والبحرية.