أخبار ثقافية

«أبعد من الفلسفة» لروبير غانم أكثر من مفكر وأكبر من شاعر
إعداد: جان دارك أبي ياغي

نظّمت الحركة الثقافية - انطلياس لقاءً حول موسوعة «أبعد من الفلسفة» للشاعر والأديب روبير غانم، شارك فيه عدد من الدكاترة في الأدب والفلسفة، وحضره عدد من الأدباء ورجال الفكر والثقافة والقضاء.
بداية النشيد الوطني اللبناني، ثم الوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح شهداء الجيش اللبناني الذين استشهدوا في معارك مخيم نهر البارد في الشمال.
كلمـة الافتتاح ألقتها الزميلة جان دارك أبي ياغي، التي أدارت اللقاء، واعتبرت أن روبير غانم جمع في فلسفته كل المذاهب والمناهج الفلسفية القديمة والمعاصرة والحديثة، ومما قالت: «إذا كانت المشكلة الرئيسة التي أقلقت بال الفلاسفة القدماء هي «مشكلة الوجود»، فإن مشكلة الفكر الحديث، هي «مشكلة المعرفة والوجود معاً».
وأضافت: «وإذا كان الفلاسفة في القديم قد انطلقوا من نقطة معينة وهي أن هنالك شيئاً ما موجود، وعبره توغلوا زماناً ومكاناً، واضعين أنظمة فلسفية خاصة بهم، منذ ما قبل سقراط حتى ما بعد ميشال فوكو، فإن روبير غانم قد انطلق مما هو «قبل الوجود وقبل العدم»: ما هو؟ هذا هو السؤال، الذي ما زال يبحث عن جواب له حتى هذه اللحظة... فإلى أين تقودنا رحلة روبير غانم المعرفية، القلقة بامتياز، الميتافيزيقية بامتياز... الجواب في الموسوعة التي سيوسع الزمان لها، المكان الأرحب».
كلمة الحركة الثقافية - انطلياس ألقاها أمينها العام الدكتور أنطوان سيف الذي قال: «لم يخنق روبير غانم الطفل البريء الذي فيه، الفائق البراءة بعصبيته وتمرّده. هزئ من الأجوبة الجاهزة، ظل طفل الأسئلة الكبيرة، علامة استفهام تبحث عن أشباهها لم تزعزع إيمانه بالمعرفة، وأداتها العقل والتخيّل والتصور، على الرغم من خيباته الكبرى منها... ولأن ظل الشاعر المبدع فيه يصوغ لغة جديدة لأسئلة أكثر قلقاً عصية على الإجابات، إلا أنه أبقى على الكثير من مصطلحات الفلسفة القديمة ومفاهيمها التي تعامل بها من غير تدقيق ولا ثبات واحياناً على خلاف احتمالات دلالاتها»...
ثم تحدثت الدكتورة سلوى الخليل الأمين فقالت: «روبير غانم في موسوعته غاضب على هذا العالم البشري المتحول الى غابة حيوانية، مسرحها كل الأمكنة الممتدة على مساحة الكرة الأرضية، فالفقر عنده لا هوية له، كما الكذب، كما الصدق، كما الألم، كما القلق، كما التجدد، كما الخوف، كما الرفض، كما المعرفة، كما الحق. ويقول روبير غانم: لقد تحول العالم الحضاري الى غابات يسكنها أكلة لحوم البشر، باسم الدين والعقيدة والقومية والنظام والقانون!! ثم يقول: هو عالم سحق المقدسات والأشياء النبيلة باسم الديمقراطية طبعاً!!. هنا نلمس ما نجا اليه روبير غانم في موسوعته الفلسفية «أبعد من الفلسفة»، وهو الفكر الرافض للواقع المر، المتألم من اضطهاد الإنسان لأخيه الانسان، المؤمن بالعدالة الإلهية التي ترقى اليها عدالة الأرض، تحترم وجودية الخلق من خلال منظره الإنساني البشري».
بعدها تحدّث الدكتور الياس الحاج الذي سأل المؤلف: «أهي اللعبة الاستشراقية ركبت الرأس وانتابت الخيال؟! أم هي نيرفانا الاستشراق، استهوت فضوليتك المعرفية، فتجندت، رامياً ماهراً، في معسكر اللا أدريات؟» وقال: لقد عشت ما كتبت، ويا لضراوة المحاولات التي حاولت. لن يقوى على فهمك إلا مَن أعطيَ أن يعاني معاناتك. وخلص الى القول: «حسبك أنك كتبت صفحة مشرقة في موسوعة الفلسفة الوجودية الانسانية. تركت الدمغة النوعية المجليّة، بديل العبور لعدوي الذي ارتضاه سواك، فأنت تاريخ المحطة التي لن يتجاوزها تاريخ الفكر».
الدكتورة إيلينا ديمشيفا صادق (مستشرقة روسية) قالت: «الفكرة لديه تطورت نحو أصل الكون وجوهره. الخالق والمخلوق. العقل وأسس التفكير... ولفتت الى أن السمة الفلسفية عنده تتميز بالمبادئ وبالأصول الكلية. فالسؤال عنده عن الكل، عن المبدأ، عن الأصل، عن الأساس». وشرحت أنه يواجه منطق «الإسناد الذاتي» فيتناول مفهوم الوجود ويغوص في حيثيات «الكلية ومشتقاتها ويتماهى مع السؤال».
أما الدكتور جورج لبكي فرأى أن غانم «يستطيع أن ينقل عصارة فكره الأصيل بطريقة السهل الممتنع». ولفت الى أن الغانم طبع كل المذاهب الفلسفية بفلسفته، و«دارت حول المعرفة، الزمان، الوجود، العدم، وما كان قبل العدم»... لفت الى أن المؤلف كان قاسياً في حكمه على الفلسفة عبر التاريخ. وأطلق عليه لقب «رجل المعرفة» لأنه أقام للمعرفة هيكلاً وجعل منها خشبة خلاص للإنسانية وكل إنسان». وضع بصمته على الزمان الذي يمر بسرعة البرق وأكد أن الكاتب توصل الى: «الله هو اللامتناهي والمطلق». ورأى أن غاية المعرفة هي الخير العام فثار على الظلم.
أما كلمة الأستاذ مُضَر رياض نصور، فألقتها بالنيابة عنه الإعلامية ليال نصر ومما جاء فيها: «لقد عبرت بروحك الانسانية عن روح الإنسان فانتشت نفوسنا لهذا الإبداع الجديد ولهذه الولادة الجديدة للنفس والذهن والعقل. لقد أهديتنا فكراً مشرقاً وهاجاً كشمس متقدة وأهديتنا قلباً إنسانياً لا ضفاف له، وأهديتنا لآلئ من قلمك أين منها ضياء قمر نجوم؟! لقد جعلتنا نطوف معك في عالم الجواهر وفي دنيا الحقائق العظيمة فأبدعت أي إبداع وأعطيت ما لم يعطه قبلك شاعر أو مفكر، فهنيئاً لك بما أبدعت وهنيئاً لنا بما استطعنا أن نستضيء به ونستمتع بلآلئه الباهرة وبحاره الفسيحة».
وفي الختام، كانت كلمة الشاعر والفيلسوف روبير غانم، وقد شكر فيها المنتدين على ما جاء في كلماتهم حول موسوعته الفلسفية «أبعد من الفلسفة».