- En
- Fr
- عربي
إصدارات
في كتابه «سيرة عسكريّة وعِبَر وطنيّة» (الرئيس فؤاد شهاب - المكتب الثاني - اللجنة الأمنية الرباعية)، يواكب العميد الركن المتقاعد جان ناصيف بخبرته كضابط كبير تولّى مناصب حساسة، مرحلة دقيقة من تاريخ لبنان السياسي والعسكري والأمني، ويسجّل بشفافية وأمانة الوقائع التي تدعو إلى إعادة النظر في الكثير من المسلّمات.
رافق العميد ناصيف (ابن بلدة دير القمر) العهود الرئاسية منذ عهد الرئيس فؤاد شهاب حتى عهد الرئيس إلياس الهراوي، وخص كلًا منها بقسم من كتابه، كاشفًا عن الكثير من الأسرار التي رافقت مسيرته وذلك بطبيعة عمله ضمن المكتب الثاني وتواصله المستمر مع القيادة السياسية لا سيما الرئيسين فؤاد شهاب وشارل حلو.
القسم الأبرز في الكتاب هو الظروف والملابسات والوقائع المحيطة باتفاق القاهرة ١٩٦٩ الذي يعتبره المؤلف أول مسمار في نعش الجمهورية اللبنانية لجهة تفضيل الكرسي والسلطة والمصلحة الشخصية على حساب الوطن وسيادته والمصلحة العامة.
المرحلة الأشد إيلامًا
من أهم فصول الكتاب الفصل (٢٤) في القسم الخامس منه (عهد الرئيس الياس سركيس) حيث يتحدث العميد ناصيف عن فترة الاجتياح الإسرائيلي للبنان العام ١٩٨٢، ويقول كم كان صعبًا علينا كضباط في الجيش تتبع تطور الأحداث الميدانية في تلك الأيام السوداء»…
خلال عهد الرئيس أمين الجميّل، ترأس العميد ناصيف جهاز اللجنة الأمنية الرباعية كممثل للجيش بعد تدهور الأوضاع الأمنية في بيروت الغربية والضاحية الجنوبية والجبل، وقد تشكلت إثر انعقاد جامعة الدول العربية بتاريخ ٢٦ أيلول ١٩٨٣ لمعالجة الأمور، وكانت مهمتها الإشراف على وقف إطلاق النار وتثبيته. قام العميد ناصيف «بالمهمة الصعبة، التوفيقية بين مختلف الأفرقاء، بحِرفية عالية وأمانة كاملة، كان يعالج المواضيع الحساسة بهدوء ونضج وذكاء وفاعلية، ضابط حكيم ونبيه، نظيف الكف، يتمتع بعقل متزن وبُعد نظر»، كما قال فيه الرئيس السابق أمين الجميل في شهادته الواردة في الكتاب.
من أهداف الكتاب عرض الوقائع والحقائق لأجيال المستقبل، وتبيان المؤامرات التي حيكت للبنان بدءًا من العام ١٩٧٠. ويعتبر العميد ناصيف أنّ ما قدمته الأجهزة الأمنية، ولاسيما الشعبة الثانية في تلك الفترة، كان لحماية لبنان من تدخلات أجهزة المخابرات الخارجية، ولحمايته من الصراعات الإقليمية ما سمح بالاستقرار الأمني والسياسي والتوازن والأمان والازدهار.
الجذور والمسيرة
يكشف العميد ناصيف في كتابه عن جوانب من تاريخ عائلته وأجداده، وعن فصول تنقلت خلالها العائلة بين المناطق المختلفة بشكل مستمر، وهذا ما أكسبه ميزة التعرّف إلى ثقافات اجتماعية متنوعة في محيطات دينية مختلفة تتفاعل فيها طوائف لبنان المتعددة بانسجام واحترام متبادل، كما يقول في كتابه. ويصف مرحلة انضمامه إلى الجيش اللبناني كتلميذ ضابط العام ١٩٥٤، ثم عمله في الشعبة الثانية التي عُرف فيها بـ«الدكتيلو»، قبل أن يُنهي مسيرته العسكرية العام ١٩٩٣ كقائد للمدرسة الحربية بعدما أسهم في إعادة توحيد الجيش بقيادة العماد إميل لحود .
يختم العميد ناصيف الكتاب بوصية إلى الشباب اللبناني: «أتمنى من صميم قلبي أن يستفيد شباب اليوم من التجربة المأساوية التي نمر بها، ويدرك مسبباتها ويعمل على عدم تكرارها».
يتألف الكتاب من ٤٢٦ صفحة من الحجم المتوسط، وفيه عشرات الصور التي تؤرشف سيرة العميد ناصيف الذاتية من جهة، وترصد الأحداث التي عاشها عن كثب كضابط من جهة ثانية.
وكان وقّع العميد الركن المتقاعد جان ناصيف كتاب مذكّراته الذي يعود ريعه لأبناء شهداء الجيش اللبناني، في احتفال أُقيم في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، برعاية قائد الجيش العماد جوزاف عون ممثلًا بالعقيد الركن جيمس موسى.