مسرح

«كيف حالك عمّو تشيكوف»
إعداد: أنطوان صعب


نظرة إلى المُتَخَيَل وانفراجاته
«كيف حالك عمو تشيكوف»، عمل مسرحي جديد من إخراج د. إيلي لحود، وهو اقتباس عن نصّين للكاتب العالمي الكبير أنطون تشيكوف، قُدّم على خشبة مسرح «دوّار الشمس» في المركز الثقافيّ الروسيّ في فردان، قبل أن يتجوّل في عِدّة أماكن من لبنان، وربّما ينتقل الى الخارج. العمل من تمثيل: شربل أبو زهرة، رولا غوش، فادي جبرايل وجيسيكا صقر.
إلتقينا مخرج العمل وأجرينا معه الحوار الآتي.

 

• من أين استمدّيت فكرة العنوان؟
- عنوان المسرحية «كيف حالك عمّو تشيكوف» هو حنين الى كاتب مسرحيّ كبير خاض مضمار كل أنواع المسرح وحتى القِصّة، وكتب التراجيديا والكوميديا بالمستوى نفسه، وبالشغف نفسه محترمًا قرّاءَه وجمهوره. والمعنى هو: لقد اشتقنا إليك يا تشيكوف في دنياك، ونحن بأمسّ الحاجة الآن إلى أمثالك من الكتّاب، «طِلّ صوبنا» – «ردّ علينا» – تعال، تعال مُرّ بنا...
 

• ماذا اخترت من آثاره؟ ولماذا؟
- لقد وقع اختياري على مسرحيتين له من فصل واحد، «الخطبة» – و«اليوبيل» وهما كوميديتان ساخِرتان، وضعتهما باللهجة اللبنانيّة. والرابط بينهما هو بالدرجة الأولى، استلهامهما لفن الفودفيل، ولفن الكوميديا «دل آرتي» (كوميديا الفنون الايطالية) وثانيًا لقرب مضمونهما وأحداثهما من مجتمعنا وهواجسه الإنسانية، وخصوصًا التشابه القائم بين شخصيّات المسرحيتين ونماذج من مجتمعنا.
 

• ما هو الهدف الذي توخّيته؟
- هدفي بالدرجة الأولى العمل على الممثّل (ضمن خطّ محترف عمشيت للمسرح) وخصوصًا إكسابه من خلال هذين العملين، تقنيّة جديدة، ومن ثمّ نقلها الى الجمهور. الأولى تتعلّق بفن الفودفيل العريق، والذي هو قريب من الجمهور ويحمل المفاجآت، ونهاياته دائمًا مفرحة وسعيدة. والثاني، تقنيّة القناع التي استعملتها كوميديا الفنون الايطالية، وأورثتها للأجيال المتعاقبة. فنرى مثلًا أن الممثّلين يلعبون في الزمنين الأول والثاني ادوارًا مختلفة، كأنهم يتبادلون الأقنعة. وإن اختلفت المواضيع فالإطار الزمني يبقى ليلة واحدة، والشخصيات هي نفسها، والنص واحد، وكذلك المؤلف، والمخرج، والاأسلوب.
كما أنني أهدف إلى تقديم عمل كوميدي جدّي لا يعتمد فقط على الكلمة بل على الشخصيّات والمواقف، بعد أن انحرفت الكوميديا، وتسرّعت، وتمادت في شواذاتها غير اللائقة في إسفافها، وأيضًا إلى ايجاد إيقاع خفيف ورشيق لتمرير الوقت المسرحي بمتعة ومحبة وشغف، واستبدال الزمن الواقعي بكلّ همومه بالزمن المتخيّل بكل إنفراجاته.
 

• ما هي الرؤية الإخراجية المعتمدة؟
- المسرح هو فنٌ هادف، وقد أردت أن أُظهر الصفات المشتركة الإنسانية التي تهمّ المواطن اليوم، والمواقف الثابتة لأي شعب أو حضارة، وأن أقول إن الفن الكوميدي لا يقلّ أهميّة عن الفن التراجيدي إذا كان وليد جهد، وعمل صارم، وجدّية، وبمستوى. كل ذلك دون أن نُرهق المشاهد، بجوّ متلبّد وغليظ، أو نعلّمه أو نملي عليه. كما أردت أن أجعل الممثل يغنّي، والموسيقيّ يمثّل، والممثّل يرقص وصولًا إلى فكرة المسرح الشامل، ضمن سينوغرافيا موحّدة وشاملة ووظائفيّة لا تزيينيّة، مؤلفة من عناصر بسيطة، سهلة التبديل، تخدم الغرض، وملابس موحية، وملائمة للشخصيات. وكانت الرؤية الإخراجية تتمحور حول الممثّل، وتقنيّاته، ومقدرته الذاتية على تفعيل المكان، وعلى تحويره، وتطويره، مع سيطرته الكاملة على العناصر المتمّمة للعرض، وتوظيفها لمصلحته.
 

• وحَوْل أيّة قصّة يدور العرض؟
- العرض المسرحيّ مؤلف من زمنين؛ الأول ينطلق من مسرحيّة «الخطبة»، والثاني من مسرحيّة «اليوبيل». الأولى تحكي قصّة جار أراد أن يتزوّج، فحاول طلب يد ابنة جاره، لكنه في كلّ مرّة كان يجتمع بها كان حياؤه يمنعه من إثارة الموضوع الأساسي، فيمرّ الوقت، وتتأزم الأمور، ويشتد الخلاف حول أمور ثانوية اخرى. إلى أن وجد الأب الحل بعد عناء، كاد أن يسبّب الإعاقة الجسدية لطالب الزواج، والهستيريا للفتاة.
أما الثانية أو الزمن الثاني فكان يدور حول مدير شركة أو بنك ينتظر أعضاء مجلس الإدارة في يوبيل البنك ليطلعهم على التقرير المالي، وقد حضّر لهم هو بنفسه الخطاب الداعم له. لكن زوجته التافهة تصل من سفرها، حاملة معها قصصًا لا طائل من ورائها. ثم تدخل عليهم امرأة متطفّلة، تأتي لتنتصر لزوجها الذي سُرِّح من عمله. فتستوطن في المكان، ولا تبارحه على الرغم من تذمّر المدير والمحاسب الذي يتحوّل إلى غضب شديد يفقدهما اعصابهما.. وحين لم يتمكّنا من صرفها إلى خارج، وواجها الفشل في إتمام الإحتفال بالعيد، أجّلا كل شيء.
 

• مَنْ هم الممثّلون؟
- الممثّلون الأربعة هم من خرّيجي محترف عمشيت للمسرح. وقد لعب الممثّلون انفسهم كل الأدوار في الزمنين، وبدّلوا اقنعتهم، أي أدوارهم (بدون استعمال فعلي للأقنعة)، لكن تقنيّة القناع كانت السائدة. ولعبوا ضمن فضاء مسرحيّ، تبدّلت ادواته، بحسب الزمن المسرحي، ومقتضياته. في مكان تبدّل من منزل إلى شركة. وقد خضعوا لتدريبات استمرت خمسة أشهر، وشملت الصوت والجسد وتقنيات الفودفيل والكوميديا «دل آرتي»، وعلاقة الحركة بالفضاء وبالآخر، وبالزيّ، وبالمشاهد. كل ذلك مع التشديد على القراءة اللبنانية للأثر.