وقفة مع اللغة

أبرز الأخطاء اللغوية الشائعة في المراسلات العسكرية
إعداد: النقيب حسين غدار

هذه المقالة هي استكمال لمقالة نُشرت في عدد أيار 2015 تحت العنوان نفسه، وسنورد فيها مجموعة أخرى من الأخطاء اللغوية. سيُذكَر الخطأُ أولًا ثم توضيح الصواب.

 

1.بالمكتب
يشيع استعمال حرف الجر الباء لبيان المكان كما في الجمل الآتية:
1- جلس الضابط بالمكتب.
2-وقع اشتباك بالمنطقة الجنوبية.
3-استقر الوفد بالعاصمة بيروت.
والحالُ أن حرف الجر «في» هو الذي يدل في أصله على المكان، فالصواب أن نقول:
1-جلس الضابط «في» المكتب.
2-وقع اشتباك في المنطقة الجنوبية.
3-استقر الوفد في العاصمة بيروت.
أما حرف الجر الباء، فوظيفته الرئيسة بيان الاستعانة والسببية، كما في:
طار الطائرُ بجناحَيْه، أي مستعينًا بجناحيه.
داوِني بالتي كانت هي الداءُ، أي مستعينًا بالتي كانت هي الداء.
استَحْقَقْتَ الموت بجرمِكَ، أي بسبب جرمك. وقد يأتي «الباء» بمعنى «في» لكن عند حالات خاصة مثل الضرورة الشعرية.

 

2.تواجد في القاعة
يرِد فعل «تواجد» بمعنى وُجد وذلك خطأ، كما في الجملة: «في أثناء تواجده في قاعة الصف تعثر وسقط»، والصواب أن نقول: «في أثناء وجوده في قاعة الصف تعثر وسقط أرضًا».
وتفصيل ذلك هو أن فعل «وَجَدَ» له عدة معانٍ من بينها وجد الشيء أي أدركه وناله، وكذلك وَجَدَ على فلان أي غضب عليه أو حزن، ووَجَدَ بفلان أي أحبّه.
أما التواجد، فهو مصدر لا يدخل إلا في المعنيين الأخيرَين لـ«وَجَدَ»، أي الغضب على شخص أو محبته، يُقال فلان متواجد أي يشعر بالغضب أو بالحب، في حين أن الوجود هو الذي يعطي المعنى الشائع من كون الشخص في مكان معيّن. وفي ما يلي أمثلة تبين الاستعمال الصحيح للوجود والتواجد:
زار السفير الفرنسي وزارة الدفاع خلال وجوده في لبنان.
إذا ظلمَ الحاكمُ تواجد الناس عليه، أي غضبوا عليه.
ورُبَّ مُحِبٍّ قد عراهُ تواجُدُ، أي حُزن.

 

3.القِوى الأمنية
تُستعمل أحيانًا كلمة «قِوى» بكسر القاف كما في «حضرت القِوى الأمنية إلى المكان» وهذا خطأ، والصواب أن نقول «القُوى الأمنية» بضم القاف، ذلك لأن «قُوى» جمع «قُوة»، فالقاف في «قُوة» محركة بالضم، لذا لا يجوز أن تحل محلها الكسرة إذا جُمِعت، بل تبقى الضمة لأنها أصلية.

 

4.تتوفّر الكميات الكافية
قد يُقال: «تتوفّر الكمية الكافية من الذخيرة»، وهو خطأ، لأن معنى «توفّر عليه» هو «رعاه وأحسن إليه» كما في الجملة: «ينبغي أن يتوفّر الرجلُ على أسرته» أي يهتم بها.
أما المعنى المقصود فيؤديه الفعلان «وَفُرَ» و«توافر»، وهما بمعنى كَثُرَ، وإنْ كان الثاني أكثر استعمالًا. فالصواب إذًا أن نقول: «تتوافر الكمية الكافية من الذخيرة».

 

5.الثَّكَنَة
من الخطأ القول: «ثَكَنَة»، والصواب: «ثُكْنَة» بضم الثاء وهي مركز الأجناد ومُجتمَعُهُم تحت راية واحدة، وهي فارسية الأصل. ويصح في جمعها ما يلي: ثُكُنات، ثُكَنات، ثُكْنات، كما يصح جمع التكسير ثُكَن.

 

6.مختص به، مخصص له
يشيع استعمال فعلَي «خصّ» و«اختصّ» على نحو خاطئ كما يلي:
1-خُصِّصَتْ سيارات مدنية لبعض الموظفين.
2-يجب استدعاء أخِصّائي/إخْصائي في أمراض القلب لمعالجة المريض.
3-إن هذا الأمر لا يختص بك.
أما الصواب فهو ما يلي:
1-خُصِّصَ بعضُ الموظفين بسيارات مدنية.
2-يجب استدعاء مختص بأمراض القلب/إختصاصي بأمراض القلب/متخصص لأمراض القلب لمعالجة المريض.
3-إن هذا الأمر ليس من شأنك/ لا شأن لك بهذا الأمر/ لا صلة لك بهذا الأمر: لا يفيد فعل «إختص» المعنى المراد هنا.

 

7.الغير مذكورين
يُقال أحيانًا ما معناه: «العسكريون الغير مذكورين في المستند» وهو خطأ، والصواب «العسكريون غير المذكورين في المستند» لأن «ال» التعريف لا تدخل على «غير» الذي هو من الحروف المستغرقة في التنكير، كما لا تدخل على «مِثل» و«شِبه». فالمقصود من دخول «ال» التعريف على اسم نكرة هو أن يعَرَّفَ هذا الإسم فيصبح مخصصًا، فقولنا: «هذا جندي» يفيد العموم من جهة أننا لا نقصد جنديًا معينًا، في حين أن قولنا: «هذا الجندي» بإدخال «ال» التعريف على اسم النكرة «جندي» يفيد أننا نقصد جنديًا واحدًا بعينه.
أما في «الغير مذكورين» فلا فائدة من التعريف لأن المعنى يشمل ما لا يحصى أي كل شخص غير مذكور وفي ذلك تعميم لا تخصيص، وبذلك تنتفي فائدة «ال» التعريف بانتفاء التخصيص.
هذا ويجوز أن تدخل «ال» التعريف على «غير» إذا لـم تكن مضافة، مثل: «يجب احترام الغيرِ وإن خالفَنــا (أو خالفونــا) في الرأي».

 

8.مَائة (أو مِائة)
الأصل في اللغة  «مِئة» لا «مِائة» أو «مَائة» فليس في اللغة العربية كلها ألف مسبوقة بحرف صحيح مكسور لاستحالة النطق بالألف بعد الكسرة.
أما «مَائة» بفتح الميم فلا وجود لها قديمًا ولا حديثًا، وأما «مِائة» فهي تقرأ كـ«مِئة» إنما تُكتب بشكل مختلف، وقد استُعملت قديمًا في صدر الإسلام حتى العصر الأموي حين كانت الحروف العربية تُكتب من غير تنقيط، فظهرت الحاجة للتفريق بين «مئة» و«مِنهُ» لان الكلمتين تتشابهان إذا أزلنا الهمزة والنقاط من فوق الحروف. لذا استعملوا «مِائة» لأنها تتميز عن «منهُ» بشكلها.
وفي عصر الحجاج بن يوسف بدأت كتابة اللغة مع تنقيط الحروف وكتابة الهمزات فوقها بعد أن أسس قواعدها أبو الأسود الدّؤلي، فأصبح سهلًا التفريق بين «مِئة» و«مِنْهُ» وانتفت الحاجة إلى «مِائة».
والدليل على أن  «مِئة» هي الأصل وليس «مِائة» هو كون الجمع منها «مِئات» أو «مِئِين» (وهو نادر) من غير ألف زائدة لا «مِائات» أو «مَائات».
كذلك الأعداد المتصلة بـ«مئة»، فالصواب خُلُوُّها من الألف الزائدة مثل «ثلاثمئة، أربعمئة، خمسمئة، ستّمئة، سبعمئة، ثمانمئة، تسعمئة». ويجوز أيضًا: «ثلاث مئة، أربع مئة، خمس مئة، ست مئة، سبع مئة، ثمان مئة، تسع مئة» وإنْ كان هذا الشكل الأخير قليل الإستعمال.