مشاريع ومبادرات

إطلاق مشروع هبة الاتحاد الأوروبي للجيش والأمن العام
إعداد: جان درك أبي ياغي

السفيرة لاسن: كونوا على ثقة بأننا إلى جانبكم
العماد قهوجي: لا هوادة في معركتنا مع الإرهاب ولن تتوقف إلا بالقضاء عليه

 

ترأس قائد الجيش العماد جان قهوجي في نادي الضباط - اليرزة، حفل إطلاق مشروع تنفيذ الهبة الأوروبية المقدّمة للجيش اللبناني والمديرية العامة للأمن العام في مجال دعم القطاع الأمني، وذلك في حضور سفيرة الاتحاد الأوروبي السيدة Christina Lassen، مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ممثلين عن الدول الأوروبية، إلى جانب أعضاء فريق العمل اللبناني – الأوروبي المشترك، وممثل الشركة الفرنسية المنفّذة للمشروع CONSEIL CIVIPOL الجنرال ألان بللغريني، وعدد من كبار الضباط.

السفيرة لاسن
 استهل الحفل بعزف نشيدي الاتحاد الأوروبي واللبناني، ثم ألقت السفيرة Lassen كلمة بالمناسبة، أشارت فيها إلى أنّ هذا المشروع يهدف إلى تعزيز القدرات التقنية والفنية للجيش اللبناني وللمديرية العامة للأمن العام، على مستويات التنظيم والاتصالات والتفاعل مع المجتمع المدني، وقالت:
يقف الجيش والأمن العام في الطليعة في القتال ضد الإرهاب والسيطرة على الهجرة غير الشرعية وحفظ الاستقرار الداخلي للبلاد، وعبر تقديم الدعم لهما نكون قد ساعدنا في تعزيز قدراتهما ما سيكون له تأثير على حياة اللبنانيين اليومية. إن الاتحاد الأوروبي يساهم في قطاع الأمن عبر عدد من المشاريع المتنوعة، من مسائل الإدارة الشاملة للحدود، إلى الدفاع الكيميائي والبيولوجي والإشعاعي والنووي، والمشروع الذي نطلقه اليوم ليس مجرد إضافة بسيطة لدعمنا، بل هو مشروع رائد ومميز بطبيعته. هو مميز إذ إنه يقدم مقاربة مشتركة بين الوكالات، ورائد لانه مثال نادر، إن لم يكن المثال الوحيد عن الدعم المباشر الممنوح من الاتحاد الأوروبي.
وأضافت: سيتم تطبيق مشروع إصلاح القطاع الدفاعي خلال ثلاثين شهرًا وستبلغ القيمة الإجمالية لهذا المشروع 3 ملايين يورو ونصف مليون، وهو يستهدف بشكل مباشر التطورات التنظيمية وقدرات وسائل التواصل التي يتمتع بها الجيش اللبناني والأمن العام. وفي خطوة إضافية، ستشكل المساعدة الفنية أساسًا لتسليم المعدات لكلا المؤسستين.
وخاطبت العماد قهوجي واللواء ابراهيم قائلة:«نحن نقدر ما تحققه مؤسساتكما على الرغم من التحديات المتعددة التي تواجهانها. أودّ أن أستغل هذه المناسبة لأثني على أداء جنودكم وعلى كل الأفراد العاملين الآخرين، لالتزامهم تجاه بلادهم.
كونوا على ثقة بأن الاتحاد الأوروبي يقف إلى جانبكم خلال تأديتكم الجهود الآيلة إلى ضمان أمن لبنان. إن غياب الأمن وعدم الاستقرار والإرهاب هي عناصر تشكل تهديدات فعلية، هذه التهديدات تطاولكم كما تطاولنا بالقدر نفسه».
وأردفت: يساهم الاتحاد الأوروربي من خلال هذا المشروع في تعزيز الاستقرار في لبنان كما يساهم في تعزيز الاستقرار في أوروبا. وهذا المشروع التجريبي مجرد خطوة أولى، وأنا متفائلة حيال تواصل دعم الاتحاد الأوروبي لمؤسستيكما خلال مرحلة البرمجة المقبلة.
واستطردت: أود أن أعبّر أيضا عن امتناني للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حاليًا على برامجهم النوعية العالية المستوى في مجال التعاون. إن دعمكم قيّم للغاية ونحن ملتزمون التنسيق بشكل وثيق في المشاريع المتعددة، ما قد يؤدي إلى حصول تعاون فعلي.
وتحدّثت لاسن عن الشريك الذي سيطبّق المشروع وهو شركة «سيفيبول» الممثلة بمدير العمليات. والتي ستستقدم خبراء متمرّسين وعلى اطّلاع مسبق بالواقع اللبناني، مشيرة إلى أن السيد أندريه دويتشر (في فريق الشركة) قد نجح بالفعل في تطبيق العديد من برامج الاتحاد الأوروبي في البلاد.
كما نوّهت بالجنرال بيليغريني الذي يتمتع بخبرة معمقة مع الجيش اللبناني عبر المناصب المتعددة التي تولاها، وكان آخرها قيادة قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان خلال أوقات عصيبة في العام 2006، وقالت، أنا متأكدة من أنهما سيبذلان قصارى جهودهما لضمان نجاح المشروع.
وختمت: «إنّ الاتحاد الأوروبي مهتم للغاية بالاستقرار في المنطقة ومن الضروري تقديم أي دعم ممكن للبنان بهدف إبقائه بعيدًا عن الاضطرابات الإقليمية. آمل أن يؤدي هذا المشروع إلى حصول تعاون أكثر شمولية وعمقًا من أجل لبنان آمن».

 

العماد قهوجي
ألقى العماد قهوجي كلمة توجّه فيها بالشكر إلى الاتحاد الأوروبي وبعثته في لبنان على المواكبة المستمرة لأوضاع الجيش اللبناني ومهماته، وتقديم المساعدات العسكرية له، ودعم جهوده في محاربة الإرهاب، وقال: «يسرني اليوم أن أطلق وإياكم مشروع تنفيذ الهبة الأوروبية المقدمة إلى الجيش والمديرية العامة للأمن العام، لتعزيز قطاع الأمن في المؤسستين. ويأتي هذا المشروع بقيمته العملية وأبعاده المعنوية، ليؤكد من جديد التزام الاتحاد الأوروبي دعم الجيش والمؤسسات الأمنية اللبنانية، للقيام بدورها الوطني في حماية لبنان والحفاظ على استقراره، في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها على أكثر من صعيد».
وأضاف: «لا شك في أن الحروب والأزمات الإقليمية التي لا تزال تعصف بالمنطقة العربية، وغياب آفاق الحلول السياسية لها في المدى المنظور على الأقل، قد أرخت بظلالها على جميع بلدان المنطقة، وطاولت بشظاياها الجوار الأوروبي على الضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، سواء على المستوى الأمني المتمثل بتمدد الإرهاب إلى هذا الجوار واستهدافه عددًا من دوله الصديقة، أم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي المتمثل بتدفق موجات كبيرة من النازحين إليه. أما بالنسبة إلى لبنان، فهو كما يدرك الجميع، في قلب هذا المشهد المأسوي، إذ تحمل ولا يزال، ما لا طاقة له على تحمله من الأعباء، خصوصًا تجاه تدفق ما يزيد عن مليون ونصف مليون لاجئ سوري إلى أرضه، وتجاه التحديات التي فرضها وجود التنظيمات الإرهابية على حدوده الشرقية، ومحاولاتها المستمرة جعل لبنان جزءًا من مشاريعها التدميرية».
وتابع: «لقد كان قرارنا الحاسم منذ الأساس، أن نحمي لبنان من هذه الأخطار، بكل الإمكانات المتوافرة ومهما بلغت التضحيات، فكانت عين الجيش ساهرة على الحدود التي تمثل السياج الأول للوطن، حيث واجهنا التنظيمات الإرهابية بكل قوة وحزم، واستطعنا في جميع المعارك إلحاق الهزيمة بها، وصولا إلى محاصرتها في مناطق محددة على السلسلة الشرقية، وشل قدراتها ومبادراتها القتالية إلى أكبر قدرٍ ممكن، وذلك من خلال قصفها اليومي بالأسلحة الثقيلة، واستهدافها بعمليات نوعية استباقية في العمق، الأمر الذي أدى إلى إحباط جميع مخططاتها الهادفة إلى التوسع باتجاه الداخل اللبناني، واستهدافه بالسيارات المفخخة والمتفجرات والعمليات الانتحارية».
وقال العماد قهوجي: «إن معركتنا مع الإرهاب ماضية إلى الأمام ولا هوادة فيها، ولن تتوقف إلا بالقضاء على تجمعاته وشبكاته التخريبية، وأي نشاط يقوم به على الحدود وفي الداخل. ونحن نعتبر هذه المعركة أولوية مطلقة لدى الجيش، كما نعتبرها جزءًا من جهد لبنان في إطار جهود منظومة المجتمع الدولي لمواجهة هذا الخطر الداهم الذي يتربص شرًا بالإنسانية جمعاء. ومن هذا المنطلق لدينا ملء الثقة بأن الدول الصديقة وفي طليعتها دول الاتحاد الأوروبي، التي نتشارك وإياها قيم الحرية والسلام والانفتاح، ستواصل تقديم الدعم للجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية، آملين أن يكون هذا المشروع المهم، المخصص للتدريب والجوانب التقنية والإدارية، ركيزة لبناء المزيد من مداميك التعاون بيننا في المراحل المقبلة.
وختم متوجهًا بـالتقدير إلى الاتحاد الأوروبي على مبادرته الطيبة، وقال، «أشكر لكم حضوركم وجهدكم المميز لإنجاح هذا الاجتاع».

 

اللواء ابراهيم
بدوره، شكر اللواء عباس ابراهيم في كلمته الاتحاد الأوروبي وبعثته في لبنان على إطلاق هذا المشروع الحيوي، الذي سيزيد من فعالية الجيش والمديرية العامة للأمن العام في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، وفي حماية الاستقرار الداخلي وتمتين الانصهار الوطني اللذين يحميان لبنان الرسالة، وتجربته الديموقراطية في المنطقة.
وقال: «يسعدني أن اكون بينكم اليوم في مناسبة إطلاق مشروع برنامج المساعدات للجيش والأمن العام بدعم من الاتحاد الأوروبي وتمويله، في إطار تعزيز هاتين المؤسستين عبر تقديم الخبرات والتدريب والتجهيزات، للمساهمة، من جهة، في تقوية القدرات القتالية والاستخباراتية وإجراء إصلاحات في البنية الأمنية والإدارية واللوجستية لتتلاءم مع المعايير العالمية الحديثة، ومن جهة أخرى، دعمهما لاستكمال مهماتنا الوطنية في تحصين مناعة لبنان في مواجهة الإرهاب الذي يتهدد إنسانه وأرضه، بعدما أثبتت مؤسساتنا العسكرية والأمنية فاعليتها بدليل العمليات النوعية التي أنجزت والشبكات التي فككت».
وأضاف: «يعيش لبنان أدق مراحل تاريخه الحديث وأخطرها من خلال مواجهته الإرهاب الذي يتهدده دولةً ورسالةً حضارية، وبالتالي مواجهة عقل إلغائي لا يعترف بالتنوع والتفاعل الحضاري بين الثقافات.
في معركته الشرسة هذه ينوب لبنان عن العالم عمومًا وأوروبا خصوصًا، لا سيما في منع الهجرات غير الشرعية. وطننا آخر شطآن المتوسط التي يمكن لأوروبا ان تأمن منها، وهذا ما يحتم على الجميع مدّ يد العون إليه لحماية القيم الإنسانية والفكرية المهددة بالزوال اذا لم نحسن التصرف، ووضع المشاريع المشتركة التي تحصن بلدنا في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وطبعا الأمنية. وما المشروع الذي نحتفل اليوم بإطلاقه سوى نموذج للعمل المشترك».
وتابع: «أتوجه بالشكر إلى الاتحاد الأوروبي وممثليه في لبنان على إطلاق هذا المشروع وتمويله. وأشكر مسؤولي الشركة المنفّذة CIVIPOL CONSEI، التابعة لوزارة الداخلية الفرنسية، بالتعاون مع الفريق اللبناني، على الجهد الذي سيبذلونه في مجالات التدريب والخبرات التقنية، لإنجاح هذا المشروع الذي يهدف الى تعزيز الاستقرار الداخلي وتمتين الانصهار الوطني اللذين يحميان لبنان الرسالة وتجربته الديموقراطية الرائدة في المنطقة.  هنا أريد تأكيد مواصلة العمل على رفع مستوى مهارات عناصر المديرية العامة للأمن العام إداريًا وعملانيًا، وجبه الأخطار كي يتمكن اللبنانيون من العيش بكرامة في نظام عماده الحرية والديموقراطية والتعددية الحضارية والثقافية، فلبنان يشكل نقيضًا للكيانات العنصرية والإلغائية التي تجتاح منطقتنا والعالم».
وقال: «تعود العلاقة بين لبنان والاتحاد الأوروبي إلى أواخر سبعينات القرن الماضي، وكان هدف اتفاق الشراكة الذي وقع في العام 2002، الارتكاز على القيم والمصالح المشتركة التي نريدها أن تتضمن، بل أن تضمن حوارًا سياسًيا وأمنيًا واقتصاديًا واجتماعيًا إذا ما أريد لهذا الوطن أن يبقى حدودًا لا تقهر في وجه موجات الإرهاب التي تتهدده، وقد عاناها قبل غيره منذ تسعينيات القرن الماضي، ودائما كان النصر حليفنا لأننا نحتكم إلى القانون والقيم الحضارية وشرعية السلطة المنبثقة من اللبنانيين على تنوعاتهم الثقافية والدينية والسياسية».
ونوّه بأنّ «ما نحتفل به اليوم عمل مهم جدًا لكون الاتحاد الأوروبي يدرك، عبر مساعدته هذه، نوع الخطر على لبنان وحجمه، وكذلك ما يقوم به الجيش والأمن العام من مهمات حساسة ودقيقة، استطاعت عند منعطفات كثيرة النجاح بتميز في حماية لبنان. وعليه، نتطلع إلى مزيد من التعاون والدعم على أنواعهما المختلفة، بما يؤدي إلى حماية المصالح والقيم المشتركة. وندعو إلى التنبه إلى أن الأمن المرجو منا ومنكم لا يمكن أن يتحقق في معزل عن رؤية مشتركة للفجوات العميقة التي أصابت لبنان ومؤسساته من جراء موجات نزوح الوافدين إلينا، وقد تجاوزت بعديدها ثلث الشعب اللبناني، وتوزعت على جغرافيا لبنان بأكمله، ما استنفد إمكانات ضخمة في المجالات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية والديموغرافية».
وشرح أن: «مربع العدالة والبنية الأمنية والتماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية المستدامة جوهر صمود لبنان وبقائه دولة تعيش في الجانب المضيء من العالم. وهو أيضًا الذي أبقى لبنان رائدًا في النجاحات التي تحققت إلى الآن رغم الإمكانات المحدودة، والخطة الخمسية التي بدأنا تنفيذها في الأمن العام تتوافق مع مندرجات هذا المشروع، ولا سيما في مجال تفعيل الشفافية، تقوية القدرات التنسيقية، تحسين نظام المحفوظات، إصلاح الإدارة، تحديث المعدات، تطوير المهارات والموارد البشرية ضمن برامج تدريبية حديثة ووضع استراتيجية لوسائل التواصل الاجتماعي. والمشروع الذي نحتفل باطلاقه اليوم يساهم في وضع الخطة التطويرية كلها موضع التنفيذ».
وختم: «أكرر شكري للاتحاد الأوروبي الممثل في لبنان بالسفيرة كريستينا لاسن، وكل من ساهم في وضع هذا المشروع موضع التنفيذ، ونتطلع إلى تطوير برامج تحقق أهداف الشراكة وتحمي الحضارات والقيم الإنسانية. ونؤكد استمرار العمل على دفع الخطر عن وطننا بكل ما أوتينا من قوة وعزم بالتعاون مع الجيش وكل الأجهزة الأمنية، وبدعم من السلطات الرسمية والشعب اللبناني والمجتمع الدولي».