قواعد التغذية

إيقاظ حاسة الذوق لدى الأطفال
إعداد: ليال صقر الفحل

الخطوة الأولى تبدأ قبل الولادة

إنّ قبول الأطفال تناول أغذية مختلفة أمر صعب لكنه ليس بمستحيل. المهم أن تدرك الأم أنها تستطيع تعليم طفلها كيف ينوّع غذائه حتى قبل ولادته وفي الأشهر الأولى بعدها، وذلك من خلال خطوات بسيطة توقظ حاسة الذوق.


ذاكرة النكهات
يمكن للجنين التعرّف إلى مذاق الطعام في الأشهر الأولى للحمل وذلك عن طريق سائل الأمنيوتيك (Liquide Amniotique) الذي يحيط به في رحم أمّه. فمن خلال هذا السائل يتعرف إلى المذاقات الأربعة: الحلو، المر، المالح والحامض. وقد أظهرت دراسات حديثة أن ما تأكله الحامل لا يغذي طفلها فحسب، إنّما يشكل ذوقه الغذائي لاحقًا. إذ يبتلع الجنين يوميًا كمية من سائل الأمنيوتيك الذي تتشكّل نكهته من الأطعمة والمشروبات التي تتناولها أمّه. وقد أثبتت التجارب العلميّة انتقال نكهات الثوم والجزر واليانسون لهذا السائل مباشرة بعد تناول الحامل لها، وإلى حليبها خلال فترة الرضاعة الطبيعيّة، وهو الأمر الذي يشكّل ذاكرة النكهات عند الطفل قبل ولادته. وهو ما يفسر أيضًا، تفضيل الأطفال لأصناف معيّنة من الأطعمة في ما بعد، فإذا فضّلت الحامل نوعًا من الطعام وتناولته بكثرة يمكن للطفل أن يفضل هذا النوع عندما يكبر، لأنّ التعرض المبكر للنكهات خلال فترة الحمل وبعدها، يرجّح تقبل الأطفال لها في ما بعد وبالتالي  يؤدي إلى توجيه سلوكهم الغذائي بالشكل السليم.
 

توازن الغذاء خلال الحمل
لذلك، وانطلاقًا مما سبق، تستطيع المرأة توفير عناء إقناع أبنائها بتناول الأطعمة الصحية من خلال اتباع نظام غذائي متوازن خلال فترة حملها وهو ما يكوّن الأساس الجيني لحاســة الذوق عنــد الطفــل.
ويبقى المذاق الحلو هو المفضّل لدى الأطفال لمدة طويلة لأنّ المذاق المالح يتطور في مرحلة لاحقة بعد سنّ الخامسة. لذلك فإن الفترة الأمثل لتكوين أساس التنويع الغذائي عند الطفل هي من عمر أربعة أشهر إلى عمر السنتين. والأهمّ في هذا الخصوص، أنّ الطفل بحاجة إلى الإرشاد لينوّع غذائه. ويلاحظ الإختصاصيون من خلال التجارب أنه إذا تخطى الطفل السنتين من عمره، يصبح من الصعب إقناعه بتناول الأطباق الجديدة التي لم يتذوقها من قبل. وقد أظهرت الدراسات، أن 90% من الأطعمة والأطباق التي يحبّ الأطفال تناولها هي تلك التي تمّ تعريفهم إليها خلال الفترة الممتدّة بين الشهرين الخامــس والســابع من عمرهم.
 

حوافز لإغناء التذوق
وفي إطار متّصل، فإن الغذاء المفضّل عند الطفل مرتبط مباشرة بشخصيته ورغبته، فالخوف يمنع بعض الأطفال من محاولة اكتشاف المذاقات الجديدة. لذلك يترتّب على الأم، عدم إجبار طفلها على تناول الأطباق الجديدة، بل بالتوجه إلى إقناعه بها لكسر جدار الخوف الذي يسيطر عليه، ولإعطائه الحافز لتخطيه، ومنحه الوقت الكافي ليتعرّف إلى المأكولات الجديدة. من هذه الحوافز يذكر الإختصاصيون إعطاء الطفل فرصة لمس الأطعمة بيده وتحسّسها وتذوقها ومن ثمّ بصقها، ما يغني حاسّة الذوق لديه.
من العوامل التي تساعد كذلك على إثارة شهية الصغار، تناول الطعام على المائدة مع بقية أفراد الأسرة ما يسمح لهم  بالتخيّل أنّهم انتقلوا إلى فئة عمريّة أكبر. والنقطة الأساس في هذه الخطوة، هي أن تكون لائحة الطعام موحّدة للجميع، لأنّ رؤية الطفل لأمه ووالده وأخيه وأخته الذين يكبرونه سنًّا يأكلون من الطبق عينه، يشــجعه على الإقدام على تناول هذا الطبق الجديد.
كما يشكّل اصطحاب الأم لطفلها خلال شرائها الخضار والفاكهة واللحوم وغيرها من الأطعمة، ومشاركته في انتقائها خطوة مهمة في عملية تهذيب حاسة الذوق، خصوصًا إذا ترافقت هذه الخطوة مع مساعدة الطفل لوالدته ولو بشكل محدود في إعداد الأطباق.

 

كل ممنوع مرغوب
أخيرًا، ينصح الإختصاصيون الأمهات بتحضير الأطعمة السريعة منزليًا، لأن تحضير البيتزا والهمبرغر وسندويشات الدجاج يمكن أن يكون أقل ضررًا من تناولها جاهزة من المطاعم. أما منع الأطفال من تناول الأطعمة خارج المنزل (والتي تنتشر بوتيرة سريعة في عصرنا هذا)، فيخلق لديهم رغبة متزايدة في تناولها وهو ما تفسره مقولة « كل ممنوع مرغوب».