نحن والقانون

التوقيع الالكتروني
إعداد: د. نادر شافي
محام باإستئناف

الاعتراف التشريعي به وتعريفه القانوني وشروطه وأنواعه والمصادقة عليه


التوقيع هو إشارة خطية متميزة خاصة بالشخص الذي صدرت عنه، أو علامة مخطوطة مختصة بشخص معين اعتاد أن يستعملها للاعلان عن اسمه والتعبير عن موافقته على أعماله وتصرفاته، وهو يشمل عادة اسم الموقع الشخصي والعائلي أو لقبه، وقد يقتصر أحياناً على أحدهما أو على رمز معين يشير الى اسمه، ويمكن أن يتّخذ أشكالاً مختلفة أهمها الامضاء الذي يسمح بالتعريف عمن صدر عنه ويدل على رضاه والتزامه بالسند الذي وقع عليه بكامل محتوياته. فماذا في التفاصيل القانونية؟


عودة إلى الماضي

لقد نشأ التوقيع منذ أن بدأت الشعوب تتواصل عبر التجارة وبدأ الانسان يُبرم العقود، لكنه ظهر بشكله المادي عبر وضع رسم أو شكل معين على قطعة خزف أو جلد أو مخطوطة ورقية. ففي العصور الرومانية كان التوقيع عبارة عن رمز مرسوم أو خاتم مطبوع على شمع بإسم مالك الختم، لكن التحوّل العميق للمجتمع في القرن الثاني عشر أدى الى تطور التوقيع بشكل تدريجي حتى وصل الى شكله الذي نعهده حالياً. ولم يكن القانون يعطي تعريفاً للتوقيع، بل جرى العرف على تداوله بشكل معين للدلالة على صاحبه.

وقد ورد النص في القانون اللبناني على التوقيع في مواد عديدة، منها المواد 144 و150 و151 و154 من قانون أصول المحاكمات المدنية في سياق تنظيم السندات العادية والرسمية، لكنه اعتبر التوقيع ركناً من أركان تلك السندات، وأجازت المادة 150 أ.م.م. التوقيع بالبصمة عندما يكون موقع السند يجهل التوقيع، أو استعمال الختم على أن يكون مقروناً بتوقيع صاحبه. وان المتعارف عليه في التوقيع هو التوقيع التقليدي الذي يشمل عنصرين: العنصر المادي المتمثل باعتباره عملاً مادياً ظاهراً دالاً على ان الموقع حضر فعلاً المجلس الذي تمَّ فيه التوقيع، والعنصر المعنوي للدلالة على اتفاق إرادة الموقع ورضاه على محتويات السند أو العقد والالتزام بمضمونه.

إلا ان ظهور الشبكة الالكترونية العالمية (الانترنت) غيّر الموازين والقواعد التقليدية المتعارف عليها، بعد أن أصبحت هذه الشبكة صلة الوصل الأساسية في تبادل المعلومات والخدمات والصفقات، سواء أكانت تجارية أم غير تجارية، لجميع القطاعات العامة والخاصة، بواسطة البريد الالكتروني الى جانب وسائل الاتصال التقليدية كالهاتف والفاكس والتلكس وغيرها. فظهرت السندات الالكترونية التي لا ترتكز على دعامة ورقية، مما أدى الى تطور التوقيع الذي أخذ شكلاً عددياً أو رقمياً أو ما يعرف بالتوقيع الالكتروني؛ إذ ان الاعتراف بفعالية السندات الالكترونية يبقى ناقصاً وغير ذي فائدة عملية إذا بقي يستلزم توقيعاً بخط يد صاحبه، مما فرض الأخذ بالتوقيع الالكتروني كنتيجة حتمية للسندات والعقود الالكترونية.


الاعتراف التشريعي بالتوقيع الالكتروني

ان شيوع عمليات التجارة الالكترونية عبر شبكة الإنترنت وتنامي استخدام السندات والعقود الالكترونية التي تفرض تقنية التوقيع الالكتروني، حتّم تدخل التشريعات الدولية والوطنية لتنظيم هذه المفاهيم الحديثة وبيان شروطها وآثارها. نذكر من تلك التشريعات:
- القانون النموذجي حول التجارة الالكترونية الصادر عن لجنة القانون التجاري الدولي لدى الأمم المتحدة (ةصخ) بموجب القرار رقم 51 /162 تاريخ 16 /1 /1996،  الذي أقرَّ بالقوة الثبوتية للسند والتوقيع الالكترونيين.
- التوجيه الصادر عن البرلمان الأوروبي بتاريخ 13 /12 /1999 حول التوقيع الالكتروني وتسهيل استعماله من أجل حسن سير العمل في السوق الداخلي الأوروبي. كما أقرَّ البرلمان الأوروبي توجيهاً آخر بتاريخ 8 /6 /2000 حول التجارة الالكترونية والتأكيد على الاهتمام بتوقيع العقود بالطرق الالكترونية.
- قانون الأونيسترال النموذجي بشأن التوقيعات الالكترونية، الذي اعتمدته لجنة القانون التجاري الدولي لدى الأمم المتحدة في دورتها ال34 بتاريخ 5 /7 /2001، لتنظيم التوقيع الالكتروني في سياق العلاقات ذات الطابع التجاري. ويعتبر هذا القانون قانوناً استرشادياً في مجاله، لكنه لا يتضمن كل التفاصيل المتعلقة بالتوقيع الالكتروني، بل يفسح المجال لإصدار قوانين خاصة به.
- اقرار عدة دول قوانين خاصة بتنظيم التجارة الالكترونية والسندات والتواقيع الالكترونية، أهمها بريطانيا عام 1995، وألمانيا وايطاليا عام 1997، والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا عام 2000، وتونس عام 2000، ومصر عام 2004، وغيرها الكثير.
- أما في لبنان فقد أحالت الحكومة الى مجلس النواب المرسوم رقم 3553 تاريخ 3 /8 /2000 المتضمن مشروع قانون لتعديل بعض نصوص قانون أصول المحاكمات المدنية المتعلقة بالاثبات لتشمل السند والتوقيع الالكترونيين. إلا انه لم يصدر حتى الآن أي قانون عن مجلس النواب اللبناني في هذا الاطار.


التعريف القانوني للتوقيع الالكتروني

انقسمت التشريعات في تحديد مفهوم التوقيع الالكتروني، فركَّز بعضها على شكل التوقيع بينما ركز بعضها على وظائفه. فقد نصت المادة الثانية من قانون الأونيسترال النموذجي لعام 2001 على تعريف التوقيع الالكتروني بأنه: «بيانات في شكل الكتروني مدرجة في رسالة بيانات أو مضافة اليها ومرتبطة بها منطقياً، يجوز أن تستخدم لتعيين هوية الموقع بالنسبة الى رسالة البيانات، ولبيان موافقة الموقّع على المعلومات الواردة في رسالة البيانات». كما عرَّف القانون الفرنسي رقم 230/2000 التوقيع بأنه التوقيع اللازم لاتمام تصرف قانوني يحدد الشخص الذي يجريه. وهو يعبر عن رضى الأطراف بالالتزامات الناشئة عن هذا التصرف. ومتى كان التوقيع الكترونياً، فإنه يتمثل في استعمال وسيلة تعريف مأمونة تؤكد ارتباط التوقيع بالتصرف المعني، ويكون الأمان الذي تمنحه هذه الوسيلة مفترضاً ما لم يثبت العكس إذا تمَّ انشاء التوقيع الالكتروني، وتحقق تحديد شخص الموقع، وأمكن ضمان سلامة التصرف بمراعاة تطبيق الشروط التي تصدر بها لائحة عن مجلس الدولة».

كذلك عرَّف المشترع المصري التوقيع الالكتروني بموجب القانون رقم 15/2004 بأنه «ما يوضع على محرر الكتروني ويتخذ شكل حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها ويكون له طابع متفرد يسمح بتحديد شخص الموقع ويميّزه عن غيره. أما مشروع القانون اللبناني المحال الى مجلس النواب بالمرسوم رقم 3553/2000، فعرّف التوقيع الالكتروني في المادتين 142 مكرر 4 ومكرر 5 من خلال وظيفة التوقيع، فنصت المادة 142 مكرر 4 على «ان وظيفة التوقيع المقترن بكتابة هي التعريف بهوية صاحب التوقيع والتعبير عن رضى صاحبه حول الموجبات الناتجة عنه. أما التوقيع الذي يوضع من قبل موظف عام أو مكلف بخدمة عامة ضمن حدود سلطته واختصاصه، فمن شأنه أن يطلق الصفة الرسمية على السند». ونصت المادة 142 مكرر 5 على انه «يعتبر التوقيع الالكتروني قائماً حين تستخدم وسائل أو اجراءات موثوق بها من شأنها تأمين التعريف بصاحب التوقيع وتأكيد الصلة بين التوقيع وبين السند الذي يقترن به». ويتضح من هذه التعاريف انه يناط بالتوقيع الالكتروني تحقيق وظيفتين جوهريتين: الأولى: تحديد هوية صاحب التوقيع، والثانية: التعبير عن رضى هذا الشخص بمضمون السند وموافقته عليه واتجاه إرادته الى الالتزام بمضمونه. والوظيفتان المذكورتان هما من أهم وظائف التوقيع بشكل عام.


شروط التوقيع الالكتروني

جوهر التوقيع الالكتروني هو اثبات الارتباط بين صاحب التوقيع وبين المستند أو المحرر الالكتروني؛ أي ان يسمح التوقيع الالكتروني بتحديد هوية الشخص الموقع على نحو يسمح بالاحتجاج بالمستند الالكتروني واعطاء مضمونه آثاره القانونية بما يشمل من حقوق والتزامات. ويعتبر التوقيع الالكتروني موثوقاً به من الناحية القانونية إذا توفرت فيه الشروط التالية:
1 - أن يكون خاصاً بالموقع وحده دون غيره.
2 - أن يتم انشاؤه بوسائل الكترونية يسيطر عليها الموقع سيطرة حصرية.
3 - أن يضمن ارتباط التوقيع بالمستند الالكتروني الممهور عليه على نحو يسمح بالكشف عن أي تعديل أو تبديل أو تحوير في بيانات المستند أو بعناصر التوقيع.


أنواع التوقيع الإلكتروني

هناك عدة أنواع من التوقيع الالكتروني، أهمها ما يلي:
1 - التوقيع اليدوي المرقم: يتم هذا التوقيع بواسطة الموقع نفسه الذي ينقل المستند الموقّع منه يدوياً الى جهاز الماسح الضوئي (Scanner)، فيقوم بقراءة وتصوير ونقل التوقيع كمجموعة رسوم بيانية تحفظ داخل جهاز الكمبيوتر، فيتحول الى توقيع الكتروني، يمكن إضافته الى الوثيقة المراد توقيعها. تظهر هذه الآلية للتوقيع بأنها سهلة، إلا انها غير آمنة على الاطلاق لأنها قد تكون في متناول كل من يستطيع استعمال ذلك الجهاز أو الاستيلاء عليه. لذلك، فهذا التوقيع غير مستعمل على نطاق واسع وغير معترف به كتوقيع قانوني موثوق.
2 - التوقيع الالكتروني بواسطة الرمز السري: يتم هذا التوقيع عبر ادخال بطاقة ممغنطة في آلة مناسبة ثم ادخال الرقم السري والضغط على زر الموافقة لاتمام العملية المطلوبة. وهذا النوع من التواقيع الالكترونية هو الشائع في أجهزة الصرف الآلي (ATM) لدى المصارف للحصول على كشف حساب أو سحب مبالغ نقدية أو تحويلات مالية الى حساب آخر. ومن أجل تخطي اشكالية القوة الثبوتية لهذه الوسيلة، عمدت المصارف الى ابرام اتفاق خاص مع العميل للاعتراف بحجيتها الكاملة.
3 - التوقيع الالكتروني البيومتري: يعتمد هذا التوقيع على الخصائص الذاتية للانسان، كالبصمة بواسطة الاصبع أو شبكة العين أو نبرة الصوت أو الحمض النووي الجيني (DNA)، وغيرها من الخصائص الذاتية للانسان التي لا يمكن نسيانها. وتتم هذه العملية عبر استعمال كمبيوتر وكاميرا وجهاز لقراءة البصمة. فبتاريخ 14/8/2000 أدخلت شركة Litronic نظام توقيع يعتمد على الخصائص البيولوجية للانسان، فعندما يقوم شخص بتوقيع مستند الكترونياً يتم التحقق من هويته عبر تلك الخصائص. لكن تلك الآلية ما زالت في مرحلة الاختبار الأولى لأن استعمالها يصطدم بعدة عقبات، أهمها: احتمال تغيّر بعض خصائص الانسان بفعل الظروف؛ كتآكل بصمات الأصابع عبر الزمن أو بفعل بعض المهن اليدوية، أو تأثير التوتر على نبرة الصوت، وتشابه أشكال أوجه التوائم. لهذا، فإن هذا النوع من التوقيع الالكتروني نادر الاستعمال عبر شبكات الانترنت الالكترونية.
4 - التوقيع الالكتروني الرقمي: يقوم هذا التوقيع على وسائل التشفير الرقمي الذي يعتمد على خوارزمات أو معادلات حسابية رياضية لضمان سرية المعلومات والاتصالات بطريقة آمنة عبر تحويله الى شكل غير مفهوم إلا من صاحب العلاقة. حيث يتم التوقيع الالكتروني باستعمال مفتاح معين لتشفير الرسالة الالكترونية، ثم يعمد مستقبل تلك الرسالة الى فك التشفير بمفتاح آخر للحصول على المعلومات المرسلة، فإذا ظهرت الرسالة بعد فك التشفير بصورة واضحة ومقروءة، كان توقيع المرسل صحيحاً. ويقوم هذا التوقيع الالكتروني الرقمي على استعمال تقنية مفتاحين، أحدهما عام والثاني خاص، هما عبارة عن بيانات معلوماتية رقمية متسلسلة ضخمة قد تصل لأكثر من 300 رقم، يكون مصادقاً عليها من سلطة مختصة تصدر شهادة مصادقة للتوقيعات الالكترونية. فيتم استعمال المفتاح الخاص من صاحب التوقيع الالكتروني، أما المفتاح العام فيمكن استعماله من الجميع للتأكد من موثوقية التوقيع والتأكد من هوية وشخصية الموقع وفقاً للقانون. وهذا النوع من التوقيع الالكتروني هو التقنية الأهم والشائعة الانتشار نظراً لسهولتها، وهي الأقل كلفة بين سائر التواقيع الأخرى.


مقارنة بين التوقيع الالكتروني  والتوقيع اليدوي

التوقيع اليدوي هو إشارة خطية متميزة خاصة بالموقع، يسمح بالتعريف عمن صدر عنه، ويدل على رضاه والتزامه بالسند الذي وقع عليه بكامل مضمونه. وهو يؤمن العديد من المبادئ المطلوبة لدعم الوظائف الأساسية للتوقيع والتي تؤكد الرابط بين شخص الموقع وهويته. ويدل التوقيع اليدوي على المام الموقع بالنص الحرفي الخطي الموقع، فيكون على بينة كاملة له، ويتم التوقيع بحرية كاملة وبملء إرادة الموقع، وبحضوره الشخصي ليتمكن من التوقيع. ويكون التوقيع اليدوي ساري المفعول بدون التقيد بمدة زمنية محددة، فهو دائم لا يتغيَّر مع مرور الزمن، ويمكن كشف تزويره أو تحويره بالوسائل التقليدية والحديثة المتعارف عليها عبر خبراء مختصين. كما ان التوقيع اليدوي من شأنه أن يحوّل وثيقة ما الى نسخة أصلية.
أما التوقيع الالكتروني فهو وسيلة تقنية فرضها التطور التكنولوجي لمواكبة التجارة الالكترونية وتداول السندات وابرام العقود الالكترونية، بين أشخاص غائبين. لكن التوقيع الالكتروني يستطيع أن يؤمن الوظائف الجوهرية للتوقيع اليدوي، وهي تحديد هوية صاحب التوقيع والتعبير عن رضى هذا الشخص بمضمون السند وموافقته عليه واتجاه إرادته الى الالتزام بمضمونه. كما ان التوقيع الالكتروني لا يمنع الالمام بدقائق النص الموقَّع، وهو لا يتم إلا إرادياً.

ويتميّز أيضاً بالاستقلال والوحدانية، بحيث يستحيل أن يمتلك شخصان ذات التوقيع الرقمي الواحد. كذلك فإن التوقيع الالكتروني يستطيع أن يؤمن القدر ذاته من الثقة والأمان التي يؤمنها التوقيع اليدوي إذا تمت مراعاة الشروط القانونية والتقنية المتعارف عليها دولياً. بل ان التوقيع الالكتروني يوفر امكانية انجاز المعاملات بسرعة كبرى تضاهي متطلبات التوقيع اليدوي لأنه يتيح التوقيع عن بعد بدون الحضور الجسدي لشخص الموقع. وإذا كان التوقيع الالكتروني معرضاً للضياع أو السرقة، إذا لم يكن مؤمناً عليه بصورة تامة موثوقة، فإن التوقيع اليدوي معرض أيضاً للتزوير أو التحوير. وإذا كان التوقيع الالكتروني وسيلة تقنية، فهو لا يصدر عن الكمبيوتر بل بواسطته بأمر من صاحب التوقيع. وعليه، فإن كان التوقيع الالكتروني يختلف اختلافاً جذرياً عن التوقيع اليدوي من حيث الشكل، إلا انهما يؤديان الوظائف ذاتها، بل بإستطاعة التوقيع الالكتروني أن يؤمن مزيداً من الثقة والأمن عبر سلطات المصادقة المعترف بها دولياً.


سلطات المصادقة على التوقيع الالكتروني

يفرض استخدام التوقيع الالكتروني بطريق آمنة وموثوق بها تدخل شخص ثالث، يسمى سلطة المصادقة لاعطاء التوقيع الالكتروني فعاليته الكاملة. فسلطات المصادقة هي هيئات عامة أو خاصة، مستقلة وحيادية، تصدر شهادات الكترونية للمصادقة على صحة التوقيع الالكتروني، وتعرّف صاحب التوقيع، وتمنع التلاعب به أو بمضمون الرسالة الالكترونية. كما أجاز قانون الأونيسترال النموذجي لعام 2001 لسلطات المصادقة تقديم خدمات أخرى ذات صلة بالتواقيع الالكترونية. لكن إحدى النقاط الخلافية على المستوى الدولي تتعلق بالرقابة على سلطات المصادقة والقيمة الثبوتية للتوقيع الالكتروني المصادق عليه من سلطة غير معتمدة رسمياً، فيعود للدول أن تفرض نظاماً اختيارياً للاعتراف المهني بسلطات المصادقة.
ويمكن إيجاز موجبات سلطة المصادقة على التوقيع الالكتروني بما يلي:
1 - موجب السلامة والحماية للتواقيع الالكترونية والتأكد من صحتها.
2 - موجب اعلام المتعاملين معها بطريقة استعمال خدماتها وكيفية انشاء التواقيع الالكترونية وكيفية التحقق منها، وتقديم النصائح اللازمة لتحقيق وظائفها.
3 - موجب الالتزام بالسرية لحماية الحياة الخاصة من خلال حماية المعلومات التي حصلت عليها حول شخصية طالب الشهادة.
4 - ضمان صحة المعلومات وضمان كفايتها وضمان تأريخها وتبويبها.

وتكون سلطات المصادقة مسؤولة عن صحة المعلومات الموثقة بالشهادات التي تصدرها، وعن صحة الرابط بين الموقع والتوقيع الالكتروني، وعن ذكر كل الغاء أو وقف لمفعول الشهادة على لوائح ممكن الاطلاع عليها عبر شبكة الانترنت بسهولة ووضوح. كما تقع على عاتق صاحب الشهادة مسؤولية تزويد سلطة المصادقة بالمعلومات الضرورية الصحيحة، ومسؤولية استعمال الشهادة بصورة خاطئة أو غير كاملة، وعليه اتخاذ كل التدابير لضمان سرية مفتاحه السري الخاص بالتوقيع الالكتروني والحفاظ عليه. وكذلك يتوجب على مستقبل الرسالة الالكترونية التحقق من التوقيع الالكتروني بواسطة شهادة المصادقة الصادرة عن سلطة معتمدة، ومن صلاحية تلك الشهادة.

وهناك العديد من سلطات المصادقة على التواقيع الالكترونية المعترف بها على الصعيد الدولي، مثل: Webtrust, mtrust, Arinic, Trade VPI, Verisign وغيرها. وتجدر الإشارة الى ان التوقيع الالكتروني الذي لا يستند الى شهادة من سلطة معتمدة للمصادقة على صحته، لا تنعدم قوته الثبوتية، لكنه لا يتمتع بالموثوقية المفترضة، بل يقتضي اثبات موثوقيته لاعطائه القوة الثبوتية والمفاعيل القانونية للتوقيع الصحيح.


أين القانون في لبنان؟

لقد أصبح من الملحّ في لبنان اقرار قوانين خاصة بالتوقيع الالكتروني لمواكبة الثورة التكنولوجية المتسارعة والتجارة الالكترونية، ولاعطاء السندات الالكترونية مفاعيلها القانونية بصورة واضحة وصريحة، ولمنع وقوع نوع من الارباك وتضارب الآراء الفقهية والقضائية على الصعيد القانوني في حال عرض قضايا متعلقة بالسندات الالكترونية، خاصة أنها غير بعيدة عن دخول قصور العدل في ظل التعامل الالكتروني المتزايد على الصعد كافة، لا سيما التجارية منها؛ إذ ان اشكالية صحة التوقيع الالكتروني سوف تبقى مفتوحة على مصراعيها الى أن تصدر تشريعات صريحة تعترف بصحة هذا التوقيع وتمنحه قوة ثبوتية مماثلة للتوقيع اليدوي. إضافة إلى وجوب اعداد جمهور العامة لاكتساب الكفاءة اللازمة في استخدام شبكة الانترنت الالكترونية عبر دورات تدريبية وحلقات علمية ومؤتمرات وبرامج مدرسية وجامعية، خاصة ان الواقع اللبناني التعليمي والثقافي والحقوقي ليس بعيداً أبداً عن واقع الدول المتقدمة التي سنَّت قوانين خاصة بالتجارة والسندات والتواقيع الالكترونية.

 

مراجع:
 - د. ادوار عيد: موسوعة أصول المحاكمات والاثبات والتنفيذ.
- د. رمضان أبو السعود: أصول الاثبات في المواد المدنية والتجارية.
- د. أحمد سفر: العمل المصرفي الالكتروني في البلدان العربية.
- القاضي وسيم الحجار: الاثبات الالكتروني.
- د. هاني دويدار: نظرات في التنظيم القانوني للتجارة الالكترونية.
- ضياء أمين مشيمش: التوقيع الالكتروني، دراسة مقارنة.
- د. طوني عيسى: التنظيم القانوني لشبكة الانترنت.