قانون دولي إنساني

الجيش يستحدث وظيفة مستشار في القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان
إعداد: العقيد الركن زياد رزق الله

 ما هي الموجبات والشروط والمهمات؟

 

التزم الجيش اللبناني إدماج أحكام القانون الدولي الإنساني في أنظمته الداخلية، وفي هذا السياق تمّ استحداث وظيفة مستشار في القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. نُفذت هذه الخطوة على مرحلتين، ففي العام 2017 تمّ تعيين مستشار لدى العماد قائد الجيش وآخر في غرفة عمليات قيادة الجيش، بينما شهد العام 2018 تعميم التجربة على وحدات الجيش الكبرى فأضيفت إلى هيكليتها الوظيفة الجديدة.


تحت عنوان: المستشارون القانونيون في القوات المسلحة، نصت المــادة 82 من البروتوكول الإضافي الأول للعام 1997 الملحق باتفاقيات جنيف الأربع للعام 1949 على ما يأتي: «على الأطراف السامية المتعاقدة وأطراف النزاع في أثناء النزاع المسلح، تأمين توافر المستشارين القانونيين عند الاقتضاء، لتقديم المشورة للقادة العسكريين على المستوى المناسب، بشأن تطبيق الاتفاقيات وهذا البروتوكول، وبشأن التعليمات المناسبة التي تعطى للقوات المسلحة في ما يتعلق بهذا الموضوع».
كما حددت المــادة 87 من البروتوكول نفسه الواجبات التي على القادة العسكريين التزامها للبقاء ضمن القانون في أثناء النزاعات المسلحة، وأشارت إلى أنّ على هؤلاء القادة منع الانتهاكات للاتفاقيات والبروتوكولات وقمعها، والإبلاغ عنها إلى السلطات المختصة. وذلك في ما يتعلق بأفراد القوات المسلحة الذين يعملون تحت إمرتهم وغيرهم ممن يعملون تحت إشرافهم. وكذلك على القادة - كل حسب مستواه من المسؤولية - التأكد من أنّ أفراد القوات المسلحة، الذين يعملون تحت إمرتهم على بيّنة من التزاماتهم كما تنص عليها الاتفاقيات والبروتوكول المذكور، وذلك بغية منع الانتهاكات وقمعها.
وأوجبت المادة على كل قائد أن يكون على بيّنة من أنّ بعض مرؤوسيه أو أي أشخاص آخرين خاضعين لسلطته، على وشك أن يقترفوا أو اقترفوا انتهاكات للاتفاقيات، وأن يطبّق الإجراءات اللازمة ليمنع مثل هذا الخرق ويتّخذ إجراءات تأديبية أو جنائية ضد مرتكبيه. حرصًا من قيادة الجيش اللبناني على التزام القادة في الوحدات العسكرية أحكام القانون الدولي الإنساني، أوجدت آلية لتقديم الاستشارة تمهيدًا لاتخاذ قرار استنادًا إلى مبادىء هذا القانون وقواعد إدارة العمليات العسكرية. فقد صدر قرار باستحداث وظيفة مستشار في القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وبعد دراسة الموضوع من مختلف جوانبه دخل القرار حيّز التنفيذ وحددت أصول تعيين المستشار ومؤهلاته ومهماته.

 

شروط تعيين المستشار
- مجاز في الحقوق أو العلوم السياسية والإدارية والعلوم الاجتماعية أو ما يعادلها.
- تابع بنجاحِ الدورات الآتية: دورة متقدمة في مجال القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان أو دورة مدرِّب في المجال نفسه (أو ما يعادلها).
- يجيد اللغة الإنكليزية أو الفرنسية.
- أن يكون برتبة رائد وما فوق.

 

مهمات المستشار

• لدى العماد قائد الجيش:
تقديم الاستشارة إلى العماد قائد الجيش، في كل ما يتعلق بتطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، في الحرب والسلم. وقد أُسندت هذه الوظيفة إلى مدير القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في أركان الجيش للعديد.


• في غرفة عمليات القيادة:
- تقديم الاستشارة حول الموجبات المفروضة على القادة عند تخطيط العمليات وتنفيذها.
- التأكد من أنّ الخطط والسياسات وقواعد الاشتباك تتلاءم مع أحكام القانون الدولي الإنساني.
- تقديم الدعم القانوني للتحقيق في الشكاوى.
- تقديم الاستشارة بخصوص عمليات الاحتجاز.


• في الوحدات الكبرى:
تقديم الاستشارة لقادة الوحدات حول الموجبات المفروضة عليهم، عند تخطيط العمليات العسكرية وتنفيذها أو دعمها في ما خص:
- منع انتهاكات القانون الدولي الإنساني.
- قمع هذه الانتهاكات والإفادة عنها.
- التقيّد بالالتزامات التي تنص عليها الاتفاقيات.
- التصرف حيال المرؤوسين الذين يكونون على وشك أن يقترفوا أو اقترفوا انتهاكات للاتفاقيات.
- اتخاذ إجراءات تأديبية أو جنائية ضد المرتكبين.
- التأكد من أنّ الخطط وأوامر العمليات والتوجيهات وقواعد الاشتباك وتحديد الأهداف جميعها، تتلاءم مع أحكام القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان ومبادئه.
- تقديم الدعم القانوني للتحقيق في الدعاوى والشكاوى المتعلقة بتصرف العسكريين خلال تنفيذ مهماتهم.
- تقديم الاستشارة في جميع المسائل المتعلقة بالتقيّد بأحكام القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان عند تنفيذ عمليات التوقيف أو الاحتجاز.
- نشر القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في القطعة، ومتابعة تطبيق التعاميم الصادرة عن قيادة الجيش المتعلقة بالموضوع.
- التنسيق مع مديرية القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في ما خص المهمات الوارد ذكرها أعلاه.

 

الهدف
تهدف هذه الآلية إلى توفير رأي استشاري للقادة العسكريين حول مدى تطابق أوامر القتال التي يصدرونها والعمليات العسكرية التي يقومون بها مع أحكام القانون الدولي الإنساني، الأمر الذي يسهم إلى حد كبير في صدور أوامر عمليات منسجمة مع أحكام هذا القانون. كما تهدف الآلية المذكورة إلى تزويد أفراد القوات المسلحة المعلومات القانونية اللازمة التي قد تمنعهم من انتهاك القانون.
إنّ الدور المناط بالمستشارين القانونيين هو دور استشاري، وبالتالي لا يخوّلهم اتخاذ القرارات سواء تعلق الأمر بالمسائل العسكرية أو تلك المرتبطة بالقانون الدولي الإنساني، فالرأي الاستشاري قد يؤخذ به وقد لا يؤخذ به، وهذا لا يعفي القادة العسكريين من المسؤولية الجنائية، إذا كانت أوامرهم العسكرية بتنفيذ عمليات معيّنة، تنطوي على انتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، وبناءً على ذلك لا يجوز للقائد العسكري أن يتذرّع بأنّ أفعاله المخالفة للقانون كانت مستندة لرأي المستشار القانوني.
أمّا في وقت النزاع المسلّح، فتكون المهمة الرئـيســيــة للـمـسـتــشــار القانوني هي إسداء المشورة بشأن تطبيق القانون الدولي الإنساني والامتثال لأحكامه. يبدي المستشارون القانونيون رأيهم على وجه الخصوص في العمليات العسكرية التي يجري تنفيذها والعمليات المخطط لها، كما يطبّقون خبراتهم على قضايا محددة تواجه القادة، ويلفتون نظرهم إلى التزاماتهم.
إنّ تشعّب القانون الدولي الإنساني واتصاله بحقولٍ أخرى من المعرفة والعلوم يحتّمان الاستعانة بآراء خبراء قانونيين عند الحاجة، وهو اتجاه سلكته عدة دول قبل النص عليه في البروتوكول، لأنّ في ذلك تسهيلًا لعمل القيادة العسكرية التي من واجبها أيضًا معرفة تلك الأحكام. كما أنّ القادة أنفسهم مطالبون بالتأكد من معرفة مرؤوسيهم للالتزامات الواردة في مواثيق القانون الدولي الإنساني، فضلًا عن مسؤوليتهم في ملاحقة مرتكبـي الانتهاكات كما تحدد ذلك المادة 87 من البروتوكـول الأول.