ندوات ومحاضرات

الرعاية الصحية في أماكن الاحتجاز
إعداد: روجينا خليل الشختورة

أقيمت في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان ندوة حول «الرعاية الصحية في أماكن الاحتجاز»، وذلك بإشراف وفد من اللّجنة الدولية للصليب الأحمر، وفي حضور كل من: قائد الشرطة العسكرية العميد الركن غابي الحمصي، مدير القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان العميد الركن الياس أنطون أبو جودة، المسؤولون عن إدارة السجون العسكرية، إلى عدد من رؤساء حرس السجون العسكرية وأطباء وممرّضين يقدّمون الرعاية الصحية للمساجين وللمحتجزين في هذه السجون.

 

الإضراب عن الطعام في السجون
حاضر في الندوة الدكتور رائد أبو ربيع (رئيس الوحدة الفرعية المعنية بالرعاية الصحية في السجون التابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف) الذي ركز على موضوعين: «الإضراب عن الطعام في السجون ودور الطاقم الطبي وموقف المنظمات الدولية»، و«الحبس الانفرادي وعواقبه على الصحة»، مجيبًا عن أسئلة الحضور حولهما.
عرّف أبو ربيع الإضراب عن الطعام على أنه عادةً شكل من أشكال الاحتجاج الذي يلجأ إليه الأشخاص الذين ليس لديهم سبل أخرى للتعبير عن مطالبهم، وهو قد يكون إضرابًا كاملاً عن الطعام والشراب أو جزئيًا، بحيث يكتفي الشخص بشرب الماء فقط.
وردًّا على سؤال: كيف يجب على المعنيّين التعامل مع المضرب عن الطعام؟ قال: المضرب عن الطعام لديه رسالة وهو يضع جسده رهن النقاش، وبالتالي فإنّ مقاومته سلميّة. إنّ مدّة النقاش معه لا يجب أن تتخطّى الـ25 يومًا، لأنه بعد ذلك يصبح أكثر ثقةً بقدرته على الاستمرار بالإضراب ويزداد عزمه على تحقيق أهدافه. أمّا التعامل الطبي معه فهو حسّاس، والأطباء ملزمون، وفق آداب مهنة الطب، بأداء واجبهم المهني خدمةً للأشخاص المستضعفين. كما يتعيّن عليهم احترام إرادته، فلا يجوز إرغامه على تلقّي العلاج إذا رفضه، ولا على تناول الطعام بالقوة.
وأضاف الدكتور أبو ربيع، يجب على الأطباء تقييم القدرات العقلية للمضربين عن الطعام. وعليهم أن يوضحوا لهم التبعات الطبية الناجمة عن الإضراب وتحذيرهم من أضراره.

 

الحبس الانفرادي
في ما يتعلّق بـ«الحبس الانفرادي وعواقبه على الصحة»، قال: إنّ العزل أو الفصل أو الفرز أو الحبس الانفرادي، داخل زنزانة هو تدبير يتمّ اللجوء إليه، إمّا لمعاقبة السجناء على سوء تصرّف في أثناء الاحتجاز أو بهدف حماية الضعفاء منهم، أو حتى لحبس المحكومين أو المشتبه في ارتكابهم جرائم ذات دوافع سياسيّة. كما يمكن وضع المتّهم في الحبس الانفرادي من دون توجيه أي تهمة له خلال فترة التحقيق معه، وفي بعض الأحيان يتخذ هذا التدبير بسبب غياب أي بدائل ملائمة، كعزل المريض العقليّ لفترة لعدم توافر سريرٍ آمنٍ له في المستشفى.

 

كيف يؤثّر الحبس الانفرادي على الصحة؟
للحبس الانفرادي أثر شديد على الصحة والسلامة، خصوصًا على الذين يعانون اضطرابات عقليّة سابقة، وقد ثبت أنّ الحبس الانفرادي نفسه يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بمرض عقلي. أمّا الضرر الذي يسببه فيتفاوت من سجين لآخر وفق العوامل الفردية (الخلفية الشخصية، المشاكل الصحيّة السابقة)، والنظام المتّبع (الوقت خارج الزنزانة، درجة الاختلاط مع الآخرين)، أو سياق العزل (كعقوبة أو للحماية، بإرادة/ بغير إرادة، سياسي أو جرمي...)، وكذلك مدّة الحبس (يوم، أسبوع، شهر، سنة...).
وقال إنّ معظم الدراسات الحديثة أكّدت هذا الضرر وتحدّثت عن «ذهان الحبس» وهو حالة طبيّة تشكّل ردّة فعل ذهانيّة تتّسم في الغالب بالهلوسات والأوهام، بالإضافة إلى اضطرابات في الإدراك وجنون الإرتياب والذهان والقلق والاكتئاب... وذلك نتيجة العزل لمدّة طويلة وانعدام النشاط، والنظام الصارم والسيطرة العالية على الحياة أو ما يعرف بنظام السيطرة الاجتماعي الإخضاعـي.
وأضاف: من هنا، فإنّ اللجوء إلى الحبس الانفرادي كعقوبة على مخالفة قوانين السجن، لا بدّ أن يكون ملاذًا أخيرًا ولأقصر مدّة ممكنة، فهو بالأساس، أداةً غير مرغوب فيها للتعامل الإداري مع السجناء ويمكن أن يأتي بنتائج عكسيّة.

 

التوصيات
خلُصت الندوة إلى عدّة توصيات أبرزها:
- متابعة وحدات الجيش المعنية بالتعامل مع السجون دورات مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتعزيز القدرات في هذا المجال.
- المشاركة في مؤتمر الشرق الأوسط الذي يعقد كلّ سنتين لمناقشة مواضيع تتصل برعاية السجناء.
- التنسيق بين قيادة الجيش واللجنة الدولية للصليب الأحمر من أجل وضع خطوات عملية للتعامل داخل السجون Standard Operational Procedures.
- قيام فريق أو فريقين من الجيش بجولة استطلاعية إلى السجون في أوروبا.
ختامًا، كانت كلمة للعميد الركن الحمصي شكر فيها اللجنة الدولية للصليب الأحمر عمومًا والدكتور أبو ربيع خصوصًا على هذه الندوة.