مواسم وخيرات

الشمندر السكّري يؤمن نحو نصف كميّات السكر المنتجة عالميًا
إعداد: د. حسين حمود
كليّة الزراعة - الجامعة اللبنانية

في لبنان الدعم عاد وإن بأقل من المتوقع


النبتة وخصائصها
الشمندر السكّري من النباتات العشبية الحولية أو ثنائية الحول، وهو يعدّ مصدرًا رئيسيًا لإنتاج السكّر الأبيض. أزهار الشمندر تميل للون الأخضر يحصل تلقيحها بواسطة الهواء والحشرات لتتكوّن ثمار هي عبارة عن مجموعة بذور إلتحمت أزهارها في منطقة القاعدة (الكأس). تنمو نبتة الشمندر في عامها الأول مكوّنًة مجموعًا ورقيًا وساقًا وجذرًا متضخّمًا يحتوي على مواد مخزونة، أهمها السكّروز (بنسبة 16 إلى 20% حسب الأصناف ومواعيد الزراعة ونوعية التربة وطبيعة المناخ)، وتعطي في عامها الثاني مجموعة من الأزهار في منطقة القاعدة تحمل كميّة من البذور. تحتاج نبتة الشمندر إلى ما بين 160 و 240 يومًا لتكوين الجذر الوتدي الذي يحتوي على السكّر.
تنتشر زراعة الشمندر في مختلف مناطق العالم، وتحتلّ أوروبا المركز الأول من حيث المساحة المزروعة والإنتاجية، تليها آسيا فأميركا، وتتوزّع المساحة المزروعة في العالم العربي بشكل رئيسي بين المغرب وسوريا ومصر.
 

إنتاج الشمندر السكري عالميًا
بلغ الإنتاج العالمي للشمندر السكري في العام 1998 حوالى 122 مليون طن، وبلغ إنتاج السكّر من الشمندر حوالى 36 مليون طن.أما أكبر الدول المصدّرة للسكر في العالم فهي: الإتحاد الأوروبي (حوالى 6 مليون طن)، البرازيل (5.8 مليون طن)، تايلند (4.75 مليون طن)، أستراليا (4.38 مليون طن)، كوبا (3.5 مليون طن) وأوكرانيا  (1.10 مليون طن).
يشكّل الشمندر السكّري اليوم المصدر الثاني في العالم لإنتاج السكّر بعد قصب السكّر(40 إلى 45% من إجمالي الإنتاج يؤمنه الشمندر)، وهو يستعمل في العديد من الصناعات الغذائية. تراوح نسبة السكّر في جذور الشمندر ما بين 16 و20% وقد تزيد في بعض الأصناف على 27%. يستخدم الجزء الأخضر من النبتة سمادًا أخضر أو علفًا ويستعمل التفل الناتج عن عصر الجذور كعلف جيّد ورخيص للمواشي، كما يضاف المولاس المتبقي والذي يحتوي على 60% من وزنه سكّرًا إلى الأعلاف وخصوصًا المصنّعة ( السيلاج) لتحفيز عملية التخمّر، كذلك تستعمل أوراق الشمندر ومخلّفات العصر في صناعة الكحول والخميرة.
 

زراعة الشمندر السكري في البقاع
يزرع الشمندر السكّري في مناطق البقاع الشمالي والأوسط والغربي، وذلك في أواخر آذار أو بداية نيسان  حسب الظروف المناخيّة، ويحتاج المحصول إلى 235 يومًا لحصاده (تشرين الأول ومنتصف تشرين الثاني). على غرار المحاصيل الأخرى فإن نجاح هذه الزراعة يعتمد على عنوانين أساسيين هما، تحضير التربة وتسميدها والزرع وعمليات الخدمة الزراعية.

 

تحضير التربة وتسميدها
ينصح بفلاحة أولى متوسطة العمق للتربة (25-30 سم) في الخريف وإضافة الأسمدة العضوية مع هذه الفلاحة. ويعقب ذلك فلاحتان أقل عمقًا (10-20 سم) وتضاف قبل الفلحة الأخيرة كامل كمية الأسمدة الفوسفوريّة والبوتاسيّة ونصف كميّة الأسمدة الآزوتية.
 

الزرع وعمليات الخدمة الزراعيّة
تزرع بذور الشمندر السكري بمعدل 20 إلى 30 كلغ/هكتار وتصل إلى 30 إلى 40كلغ/هكتار في حال الزراعة الآليّة. تحتاج نبتات الشمندر إلى التفريد اليدوي بسبب ظهور 2 إلى 5 منها في الحفرة الواحدة، مما يحتّم ضرورة التفريد وإبقاء نبتة واحدة. وللإشارة فإن التأخّر بالتفريد يؤدي إلى تكوين جذور صغيرة وإنتاج ضعيف من الجذور والسكّر. وتتم عمليّة التفريد حسب الحاجة بعد 15 يومًا من الزراعة، وتكافح الأعشاب الضارّة عزقًا يدويًا أو ميكانيكيًا رغم تركيز الزراعات الحديثة على استخدام مبيدات الأعشاب قبل الزراعة أو بعدها.
في ما يتعلق بالريّ، تزداد حاجة نباتات الشمندر للريّ في ظروف الزراعة الربيعيّة، حيث تعطى الريّة الأولى بعد 15 إلى 21 يومًا من الزراعة، ثم يروى المحصول بمعدل مرة واحدة كل 7 إلى 11 يومًا.
ويراعى فطام المحصول قبل 3 إلى 4 أسابيع من موعد القلع وذلك منعًا لاستمرار النمو الخضري وتشجيع تركيز السكر في الجذور ولتسهيل عملية القلع. ويجب ترك جذور الشمندر السكري في الأرض حتى استكمال تخزين السكّر فيها، وهذا ما يعرف بالنضوج البيولوجي، أي حتى تكتسب الأوراق السفلية اللون الأسمر وبقية الأوراق اللون الأصفر. يتم القلع يدويًا أو آليًا ويحدّد موعده بعد أخذ عينات من الجذور وتحليلها لمعرفة مدى اكتمال تخزين السكّر فيها.
 

دعم زراعة الشمندر في لبنان
بتاريخ 29 آب من العام 2012 أصدرت الحكومة اللبنانية قرارًا وافقت بموجبه على دعم عدة مشاريع زراعية بمبلغ 45 مليار ليرة لبنانية، خصّصت منه مبلغ 25 مليارًا لإعادة دعم زراعة الشمندر السكّري، وذلك بعد مرور 12 عامًا على رفع الدعم عن هذه الزراعة. لكن المبلغ المقرر إنخفض كثيرًا ما دفع المزارعين إلى زرع مساحات أقل. أمّا إنتاج العام 2013 فبلغ 18 ألف طن توزعت على 200 مزارع زرعوا 2700 دونم بعدما كانت المساحات المزروعة سابقًا 70 ألف دونم.
ويعتبر رئيس تعاونية المزارعين في زحلة جورج الهراوي أن عودة دعم زراعة الشمندر السكري ليست إنتصارًا «فالحق سلب منا لمدة 12 سنة واليوم يعود إلينا وسنتمسّك به إلى ما شاء الله». ويضيف: زراعة الشمندر السكري في لبنان أساسية لأنها الزراعة الوحيدة التي تزرع لبنانيًا وتنتج لبنانيًا وتصنع لبنانيًا وتستهلك لبنانيًا. ويفنّد الهراوي الأسباب التي أدّت بالحكومات السابقة إلى وقف دعم زراعة الشمندر السكّري معتبرًا أنها ذرائع واهية.