كتب

العميد مجدي الحجار في «الوجع الأبيض»
إعداد: جان دارك أبي ياغي- روجينا خليل الشختورة

الجيش اللبناني الحاضر دائمًا في ساحات الواجب وميادين الشرف، حاضر أيضًا في ساحات الثقافة والإبداع. الأسابيع الأخيرة شهدت ولادة مجموعة كتب لضباط، في مواضيع منوّعة (شعر، أدب، علوم عسكرية...).


في إطار النشاطات التي رافقت معرض الكتاب العربي الدولي في البيال، وقّع العميد مجدي الحجار مجموعته الشعرية «الوجع الأبيض»، الصادرة عن دار النهضة العربية. هذه المجموعة هي الثالثة للمؤلف بعد «حطام القصيدة» (2007) و«وجهك وجهتي» (2015)، الصادرتَين عن دار النشر نفسها.
حضر التوقيع العميد دانيال الحداد من مديرية التوجيه، ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي، وشخصيات سياسية وعسكرية ودبلوماسية وثقافية واجتماعية، إضافةً إلى عدد كبير من أهل القلم والإعلاميين.
يتألف الكتاب من 36 قصيدة، في الشكل، اعتمد الشاعر في معظمها شعر التفعيلة من دون أن تغيب القصائد العمودية. أما في المضمون، فلعل المرأة هي المحور الأبرز في جميع حالاتها: الأم، الحبيبة، الزوجة... وفي كلّ مكان وزمان.
في «الوجع الأبيض»، يضيء قلم الشاعر وتصبح القصيدة حروفًا من نور يكشف خلجات النفس بشفافية، وبوحًا يوغل في الغنائية.
قصيدة «حروف من نورها» مثلاً، والتي تحكي غياب الأم، تبتعد عن التفجّع والرثاء، لتجعل الغياب مناسبة للانتصار على الموت بالشعر والحب:
... يا حبيبي
كفاك اختناقًا بصمتك
لا تحبس الدمع
دعه يطير إليها
قصائد تسقي ثراها
ودعني ألفُّ ذراعيّ حولك
مثل رداءٍ
تكلّم قليلًا لتشفى
ستسمعُ بوحك في أذنيّ
وترضى
فبح لي بما شئت
من وجع الفقد
أو جزع الشعر
أو فرح الحبّ
واسمع بصوتي صدى صوتها
سلب الموت أمّك
فاقتله بالشعر
واقتله بالحبّ
وانظر إليّ لتبصر بعض ملامحها
فوق وجهي...
يتضمّن الكتاب أسئلة كبرى حول الوجود والزمن، ويكاد يعطي الحب معنًى كونيًا شاملاً، واضعًا الغزل في مقامات شبه صوفية.
في قصيدة «لعلّه الحب»، يقول:
يأتي بلا سبب في غير موعده
والفجر يلمع في عينيه مغسولا
يُطيِّر الدمع في الأجفان أجنحةً
يجعّدُ الريح في كفّيه منديلا
يصدِّع الصخرَ بالأزهارِ صادحةً
ويُشعلُ الحجرَ المنسيَّ قنديلا
يجلو الزمان الذي شاخَت عوارِضُهُ
مستجليًا سرَّهُ في النُطفةِ الأولى
يَمضي بلا سببٍ كالضوءِ منتحرًا
مخلّفًا ظلَّهُ في الدّربِ تأويلا
لعلَّهُ الحُبُّ أو لفظٌ يقاربُهُ
أعيا الحروفَ وأعيا الفكرَ تعليلا.