خدمات طبّية

المستشفى العسكري المركزي يعالج البواسير بالموجات الصوتية: وداعًا للألم
إعداد: الرائد الطبيب حسام أبتر

البواسير هي عبارة عن مخدات من أنسجة رخوة بداخلها شبكة من الأوعية الدموية الوريدية، تبرز في القناة الشرجية، وتحديدًا في فتحة الشرج. غالبًا، ما تتعرض البواسيـر للالتهابــات والتجلّطــات... وهي تصيـب نـصف سكان الأرض في مرحلة ما من حياتهم، وتسبب لهم الكثير من الألم والإزعاج. الخبر المفرح أنّ المستشفى العسكري المركزي يستخدم التقنية الأحدث في العلاج، وهي الموجات الصوتية...


تشبه البواسير إلى حد ما دوالي أوردة الساقين وتقسم حسب نوع الأوردة المتدلّية إلى بواسير خارجية وأخرى داخلية.
 البواسير الخارجية هي تجمعات دموية للأوردة على شكل طيّات صغيرة محيطة بفتحة الشرج، يمكن ملاحظتها ومشاهدتها من الخارج، قد يزداد حجمها ويكبر، فتسبب الضغط والحكة والآلام الشديدة، بالإضافة إلى النزف الدموي.
أما البواسير الداخلية فتكون مغطاة بـنسيجٍ طلائي وليس لها مستقبلات حسيّة، ولذا لا يشعر الشخص بالألم لكنه يعاني إدماء بلونٍ أحمر فاتح على هيئة قطرات ورذاذ، وقد تحدث إفرازات مخاطية وحكّة حول الشرج.
تمّ تصنيف البواسير إلى أربع درجات حسب مستوى تدلّيها (هبوطها من داخل المستقيم)(الرسم البياني الأول):
• الدرجة الأولى: لا يوجد هبوط أو تدلٍّ في الأوعية الدموية، إنما فقط تكون بارزة.
• الدرجة الثانية: يحصل التدلي في أثناء التبرّز، مع عودة الأوعية تلقائيًا إلى مكانها.
• الدرجة الثالثة: يحصل التدلي في أثناء التبرز من دون عودة الأوعية إلى الداخل إلا بعد الضغط عليها يدويًا.
• الدرجة الرابعة: التدلّي إلى الخارج مع العجز عن إعادة الأوعية إلى الداخل يدويًا.

 

العوامل التي تتسبب في ظهور البواسير
إنّ الأسباب الدقيقة لأعراض البواسير غير معروفة، ولكن الآلية العامة لحدوثها هي عرقلة لمسار الدم ما يؤدي إلى تجمّعه بطريقةٍ غير طبيعية، الإمساك الشديد هو من أخطر العوامل التي تؤدي إلى ظهورها بنوعَيها (الداخلية والخارجية)، إضافة إلى عوامل أخرى مهمة أيضًا ومنها: الجلوس لفتراتٍ طويلة على المقعد، حالات الحمل والوزن الزائد، رفع الأشياء الثقيلة جدًا، قلة شرب السوائل والسعال الحاد.

 

مضاعفات البواسير
أبرز هذه المضاعفات ما يأتي:
• سقوط الشرج نتيجة ترهّل العضلات المحيطة به.
• فقر الدم الناتج عن النزيف المستمر.
• التهاب في الشرج ومحيطه نتيجة للإفرازات المستمرة من البواسير المتضخمة.
• تجلّط الدم في البواسير.

 

التشخيص
يتمّ تشخيص المرض عادةً بالفحص الطبي العادي، أي معاينة الشرج والمنطقة المحيطة، بالإضافة إلى تحليل أعراض المرض، وعند الحاجة يمكن استخدام المنظار. وجدير بالذكر أنّ ظهور دم في المخرج لا يعني إصابة المريض بالبواسير، فهناك حالات عديدة تسبب ظهور الدم، ومن واجبات الطبيب الجرّاح أن يشخّص الحالة.

 

العلاج
يتمّ علاج البواسير استنادًا إلى الحالة نفسها، والوضع الذي يكون فيه المريض. والكثير من المرضى يراجعون الطبيب بعد فترة طويلة من ظهور العوارض، وهذا ما يفاقم المشكلة، لذا ننصح بضرورة مراجعة الطبيب الجرّاح المختص فور شعور المريض بالأعراض.
هناك نوعان من العلاج وفق نوع البواسير ودرجة الإصابة:


• المعالجة الدوائية (للدرجات الخفيفة):
يميل الأطباء إلى استخدام العلاج الدوائي قبل اللجوء إلى العلاج الجراحي، فالبواسير الداخلية من الدرجة الأولى والثانية تعالج باستعمال الأدوية المقبضة للأوعية الدموية والمراهم والمليّنات. كذلك ينصح بالإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالألياف الغذائية والسوائل. كما أنّ استخدام الحمّام المقعدي الدافئ وتجنّب حمل أشياء ثقيلة يساعد في تخفيف الإزعاج.
في حال فشلت تلك الإجراءات يكون التدخل الجراحي هو الحل الأخير.


• العلاج الجراحي:
يعتمد العلاج الجراحي في المرحلة الثالثة والرابعة، وللذين فشل معهم العلاج بالأدوية. وتتشابه الطرق الجراحية لعلاج البواسير بإزالتها مع ربط الأوعية الدموية المغذية لها كاستخدام الكيّ (الكيّ الكهربائي) أو استئصال الباسور عن طريق التدبيس.
وللعلاجات الجراحية مضاعفات ومنها: النزيف الدموي، العدوى، تضيّق الشرج، احتباس البول، والألم والانزعاج من الفتيل الذي يوضع داخل الشرج. وهناك احتمال ضئيل لحصول مضاعفات أخرى.

 

علاج البواسير بواسطة الموجات الصوتية والربط الشرياني
يعتبر المستشفى العسكري المركزي رائدًا في هذا المجال، ومن أفضل المستشفيات في لبنان لعلاج البواسير بواسطة الموجات الصوتية، بعد تدريب أطباء جرّاحين على هذه التقنية في مستشفيات أوروبية. وقد خضعت الأجهزة المستخدمة في هذه التقنية لدراسات كثيرة أثبتت أنّ نتائجها أفضل من نتائج الجراحات القديمة، وهي من الخيارات الحديثة في مجال علاج البواسير.
تعتمد التقنية على استخدام موجات فوق صوتية عالية التردد (مجسّ دوبلر) للكشف على موضع الشريان الذي يغذّي الباسور بالدم وتحديده، ومن ثم يصار إلى خياطته وربطه ليقلّ تدفق الدم (الرسم البياني الثاني) ما يؤدي إلى انكماش البواسير بعد العملية مباشرة من دون استئصالها، خلافًا لأسلوبَي الجراحة التقليدية أو التدبيس المحيطي اللذين يؤديان إلى فقدان كل الأوعية الدموية في منطقة الجراحة ما يسبب الكثير من المضاعفات.
من مميزات هذه التقنية وفوائدها أيضًا، أنّ الآلام الناتجة من العملية أخف وأقل بكثيرٍ من الألم الناتج عن العمليات الأخرى.
كما أنهّا طريقة فعالة للتخفيف من الأعراض مثل النزيف والحكة والتورّم، وتتميز بالدقة العالية لأنها تستخدم الموجات الصوتية بشكلٍ دقيق وفعّال ما يؤدي إلى نتائج مذهلة (الرسم البياني الثالث). ويستطيع المريض مغادرة المستشفى في اليوم نفسه واستئناف الحياة والنشاط الطبيعي في غضون أيام.
وبما أنّه لا ينتج عن العملية أي جروح ولا يتمّ استئصال النسيج المخاطي، يصبح إمكان حدوث تلوّث جراحي أقل بكثيرٍ مما يحصل في الجراحات التقليدية، خصوصًا عند مرضى السكري والمرضى الذين يعانون ضعف جهاز المناعة.