متقاعد يتذكر

المعاون الأول أديب نادر جيشنا "قاطع مثل العدل"
إعداد: باسكال معوض

فخور بأنه انتمى الى المؤسسة العسكرية لمدة تجاوزت العقود الثلاثة، وفخور بأنه كان في عداد جيش قيل إن عناصره "نقد نادر"، وفخور أيضاً لأنه خرج من الجيش حاملاً في قلبه ووجدانه القيم والمبادئ التي رسختها سنوات الخدمة العسكرية. المعاون الأول أديب نادر يتحدث في هذه الصفحة عن مسيرته وذكرياته.

كان تطوعي يوم 15 شباط 1944 حيث التحقت بما كان يعرف آنذاك بـ”الجيوش الخاصة”. خلال متابعتنا لدورة الأغرار تدربنا على قيادة الآليات وتم نقلنا الى فوج النقل في ثكنة الطرابلسي. أذكر أول راتب تقاضيته وكان 18 ليرة لبنانية. وقد حصلنا على علاوة مقدارها 6 ليرات بعد الالتحاق بالفوج... بعد أشهر تأهلت لمكتب عريف والتحقت بالدورة التي كانت تجرى في دمشق، وفي نهاية الدورة حللت في المرتبة الثانية بين 62 عسكرياً من لبنان وسوريا، فأصبحت عريفاً وحصلت على مأذونية لمدة عشرة أيام، وعلى زيادة في الراتب. المرحلة التالية كانت التحاقي بمكتب صف ضابط كوني من الأوائل في الدورة السابقة. كاد حلمي بأن أصبح ضابط صف أن يتحقق، لكن اندلاع الحرب بين الفرنسيين والانكليز في الشام منعنا من متابعة الدورة التي كانت في آخرها تقريباً.. وعاد كل منا الى بلاده. أذكر يومها أن الانكليز قاموا بتهريب الجنود اللبـنانيين (كنا 12 عسكرياً) الى الحدود اللبنانية ­ السورية، فقد أوصلونا الى شـتورة ومن هناك التحق كل منا بقطعته. بعد أن تسلمت الدولة اللبنانية جيشها من سلطات الانتداب، كنت في فوج النقل الذي ظللت فيه سنوات طويلة. وقد تدرجت في الترقية الى أن أصبحت معاوناً أول، وبهذه الرتبة تم تسريحي في العام 1977 بعد أن بلغت السن القانوني.

ويضيف:

الحياة العسكرية كما اختبرتها مبنية على ركيزة أساسية هي الانضباط والمناقبية، لذلك تمتع جيشنا بصورة قوامها الهيبة والوقار والاحترام. فالعسكريون اللبنانيون شبّهوا بـ"النقد النادر”. لقد تعلمت من الحياة العسكرية الصدق والأمانة والوفاء والقناعة والصرامة، فلا حلول وسط... فـ”الجيش قاطع مثل العدل” والعسكريون مع الوقت يصبحون مثله.