تقنيات طبية

الوخز بالإبر الصينية ماهية العلاج وفعاليته
إعداد: جاد وهبه وغوى نصار
من قسم العلاج الفيزيائي في المستشفى العسكري المركزي

الإبر الصينية هي إبر رفيعة جدًا لا تحتوي على أي دواء، تغرز في أماكن محددة من الجسم لعلاج بعض الأمراض أو الوقاية منها. الصينيون هم أول من استعمل هذه التقنية، وكان ذلك منذ اكثر من ٤٠٠٠ سنة، وهم يعتقدون أنها تعمل على إعادة التوازن في الجسم. فالطاقة (تسمى باللغة الصينية «تشي») تسير في مسارات متعددة مختلفة في جسم الإنسان، ولسبب ما قد يصاب بعض هذه المسارات بخلل فيتأثر سريان الطاقة، ويمكن إعادة التوازن عبر غرز الإبر في مواضع معينة من هذه المسارات.
في بداية الأمر كان هناك حوالى 365 نقطة متفرقة في الجسم تغرز فيها الإبر، لكن عدد هذه النقاط زاد كثيرًا مع تطور العلاج.

 

كيف يعمل الوخز بالإبر الصينية؟
توجد نظريات عديدة حول كيفية تأثير الوخز بالإبر على الامراض والآلام، ومنها:
- تخفيف الألم عن طريق تحفيز إفراز الاندورفينز (Endorphins) المخففة للألم، وهي المواد التى تنقل إشارات الأعصاب من المخ وإليه.
- التأثير على الجهاز العصبي.
- تحفيز الدورة الدموية.
- التأثير على الكهرباء في الجسم.

 

حالات استعمال الإبر الصينية
استعملت الإبر الصينية بنجاح في علاج الآلام وخصوصًا المزمنة منها، وبالإمكان في كثير من الأحيان الاستغناء عن المسكّنات التي يمكن أن تسبب الكثير من الآثار الجانبية، وحتى أنه يمكن الاستغناء في حالات معينة عن العمليات الجراحية.
وقد أجريت دراسات كثيرة لإثبات فعالية الإبر الصينية في علاج الألم، وأظهرت النتائج أن الذين عولجوا بها قلّت آلامهم بنسب ذات دلالة إحصائية عالية.
تستعمل الإبر الصينية الآن لعلاج آلام الظهر والرقبة، ولعلاج الصداع والصداع النصفي ولتخفيف آلام الولادة أو ما يسمى الولادة من دون ألم، ولتخفيف آلام المفاصل وتشنج العضلات.
وتستعمل كذلك للمساعدة في علاج الإدمان والإقلاع عن التدخين وتخفيف الوزن، كما أنها مفيدة في علاج التوتر والقلق والاكتئاب، ولها دور فعال في تخفيف الغثيان خصوصًا ذلك المصاحب للحمل، وعندما يكون هناك حذر من استعمال الأدوية المضادة له.
كذلك تستعمل الإبر الصينية في علاج التهاب الجيوب الأنفية، نزلات البرد، التهاب المفاصل، تقلصات الدورة الشهرية، أزمات الربو، العقم والأرق والعديد من الأمراض.
 
مــدة العلاج
تختلف مدة العلاج اللازمة من شخص إلى آخر وكذلك عدد الجلسات، وعادة تحتاج المشكلات المزمنة لعدد اكبر من الجلسات قد يصل إلى ثلاث أسبوعيًا ولعدة أشهر. أما للوقاية من الأمـــراض ولتحسين الصحــــة النفسية فــإن اربــع جلسات في السنة تكفي.

 

كيف يتم العلاج؟
قبل بدء الاختصاصي بوخز الإبر بفحص الحالة، يُطلب من الفرد ملء بيانات كاملة خاصة بحالته الصحية.
ثم يقوم الاختصاصي بتوجيه بعض الأسئلة المهمة للفرد والتى تركز حول: حالته الصحية، عاداته فى الحياة، بالإضافة إلى النظام الغذائي، المشاعر والعواطف، الدورة الدموية، درجة الحرارة، الشهية، الضغوط، الحساسية للطعام، الإستجابة لتغيرات الجو والمواسم.
يقوم أيضًا متخصص العلاج بفحص الشخص، ومراقبة لون وجهه، صوته ولون لسانه، كما يقوم بفحص ثلاث نقاط للنبض في رسغ كل يد بهدف معرفة الخطوط (Meridians) التي تشكل مسارات الطاقة في جسمه بحسب الطب الصيني. ويبدأ بعد ذلك تشخيص الحالة الذي يسبق العلاج.
عند غرز الإبر يشعر الشخص بوخز بسيط لا يلبث أن يزول نهائيًا ليشعر المريض بالارتياح طوال مدة العلاج. أما إذا أحسّ بألم أو تنميل أو عدم راحة فعليه بإخبار المعالج فورًا.

 

الآثار الجانبية للعلاج بالإبر الصينية
ليس هناك آثار جانبية للعلاج بالإبر الصينية وخصوصًا مع استعمال الحديثة منها والمخصصة لاستعمال واحد فقط، والتي حدت من العدوى بالأمراض الناتجة عن عدم كفاية التعقيم بعد كل استعمال.
يستعمل هذا العلاج في العديد من المستشفيات في العالم ومن أهمها مستشفى المايو كلينيك (Mayo clinic) منذ العام 1970 الذي يعتبر من اهم المراكز والمراجع الطبية في العالم، وفي العديد من المستشفيات الأميركية والكندية والأوروبية، كما يدرّس هذا العلاج في جامعات عديدة بين كندا واسبانيا والولايات المتحدة الاميركية.

 

العلاج الصيني في لبنان
محليًا يعتبر المستشفى العسكري المركزي (قسم العلاج الفيزيائي) أول مستشفى في لبنان يستخدم هذا العلاج بشكل رسمي وقانوني. أما خارج المستشفى العسكري المركزي، فيعتمد هذا العلاج في عدد من المراكز المدنية، البعض منها غير حائز شهادة رسمية بهذا الاختصاص.
في النهاية، يمكن القول انّه مهما اختلف الرأي بين الطب الشرقي والطب الغربي حول استخدام الإبر الصينية وفعاليتها، فإن نتائجها في حالات الآلام الحادة والآلام المزمنة تغني عن الدخول فى هذا الجدل، ويكفي أنها ليست بالدواء الكيميائي ولا تسبب أي مضاعفات ضارة للجسم وهي غير مكلفة للمريض، ويمكن استخدامها لفترة طويلة من دون التعرض إلى مخاطر الاستخدام المستمر أو الطويل للكثير من الأدوية.