اقتصاد ومال

بلغ أعلى مستوى له منذ ربع قرن
إعداد: تريز منصور


سعر الذهب يواصل صعوده لكن ماذا سيحدث عندما يبدأ العد العكسي؟


تطور نمو سعر الذهب عالمياً في السنوات الأخيرة، بشكل ملحوظ  ووصلت أسعار  هذا المعدن الذي احتفظ ببريقه منذ اكتشافه قبل ستة آلاف سنة، إلى 1425 دولارًا أميركيًا للأونصة، لتكون المرة الأولى التي يبلغ فيها السعر هذا المستوى منذ نحو 25 عاماً. ويتوقع المحللون المزيد من الارتفاع ليصل سعر الأونصة إلى ما يقارب 2000 دولار أميركي.

 

أسباب ارتفاع سعر الذهب
الأسباب التي ساهمت في ارتفاع أسعار المعادن الثمينة عموماً والذهب تحديداً، عديدة وأبرزها الإختلاف القوي بين العرض والطلب. ففي ظل انتاج محدود يزداد الطلب لأغراض صناعية واستثمارية، وخصوصًا أن الأزمة المالية العالمية (2008) أوجدت تداعيات عزّزت الاتجاه الى الإستثمار في الذهب. ومع انخفاض قيمة الدولارالأميركي والين الياباني، يتهافت عدد كبير من المستثمرين على شراء الذهب لحماية أنفسهم من آثار التضخم المتسارع. كما أن البنوك المركزية في معظم الدول ( ولا سيما في آسيا وأوروبا)، تحوّلت الى جبهات شراء للذهب خلافًا لما كان عليه وضعها السابق كجبهات بيع.         
وبالإضافة إلى المخاوف من أن يؤدي التضخم إلى خفض قيمة السندات والأسهم، أسفر الطلب الكبير في الأسواق الآسيوية على المعادن عن تراجع العرض، في الوقت الذي يجهد المصنعون بصعوبة لتحقيق إنتاج أكبر. هنا يشار إلى أن هذه الفترة من السنة غالبًا ما تشهد طلباً متزايداً على شراء المجوهرات مع اقتراب الأعياد وموسم الأعراس في الهند. يضاف الى كل ما ذكر، التوترات والأحداث التي تشـهدها المنطقة العربية والتي ساهمت بدورها في ارتفاع سعر الذهب.
 أسئلة عديدة تطرح نفسها اليوم، كيف تطور سعر الذهب في السنوات العشر الأخيرة؟ ما هو مدى تأثير ارتفاع أسعار الذهب على الاقتصاد العالمي؟ وهل لهذا المعدن الثمين مكانته في النظام النقدي العالمي؟ وهل ما زال المشارك الرئيس في تكوين الأسعار؟ ماذا عن الطفرة النفطية وتأثيرها على أسعار المعادن؟ وهل يساهم ارتفاع أسعار الذهب بحل ولو جزئي لمشكلة الدين العام في لبنان؟
 

 
 حبيقة: الذهب ملجأ آمن للمستثمرين

يرى الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة (أستاذ محاضر في جامعة اللويزة) «أن تقلبات الأسعار بالمبدأ، مرتبطة بعملية العرض والطلب، كما أن الأوضاع المتوترة والمتقلبة في أية دولة تدفع بالمستهلكين والمستثمرين على حدّ سواء إلى شراء الذهب, الذي يعتبره الناس الملجأ والضمانة للمستقبل».
وأشار إلى أن «قارة آسيا تعتبر المستهلك الأكبر لهذه المادة الثمينة، وهي تشهد اليوم عمليات شراء كبيرة لها، لا سيما في الهند، حيث تشهد الأسواق عمليات شراء متصاعدة. ويمكننا إعتبار هذا الطلب المتزايد من أحد أسباب ارتفاع أسعار الذهب عالميًا، حيث بلغ 1425دولارًا أميركيًا للأونصة الواحدة. وهناك أسباب أخرى هامة ساهمت في ارتفاع سعره، مثل ارتفاع أسعار النفط، والتي تؤدي حتمًا الى ارتفاع أسعار المواد الأولية كافة، كالذهب والنحاس والفضة والحديد والفولاذ، وانخفاض سعر صرف الدولار الأميركي مقابل العملات الأجنبية، فكلما انخفض سعر صرف الدولار إرتفع سعر الذهب».
 وعن تأثير ارتفاع سعر الذهب على الاقتصاد بشكل عام، قال حبيقة: «ليس لارتفاع أسعار الذهب أي تأثير حقيقي على الاقتصاد العالمي، باعتبار أن الصناعة بشكل عام تعوّل على المواد الأولية الأخرى كالحديد والفولاذ والنحاس بنسب أكبر من الذهب. لكن يمكننا اعتبار الذهب اليوم أداة استثمارية مريحة وجيدة للمستثمرين. إذ نلاحظ أنه عندما يتجاوز سعر برميل النفط في نيويورك عتبة الـ68 دولارًا، تُكبّ صناديق الاستثمار على شراء الذهب بكميات كبيرة، ما يساهم في رفع أسعار المعدن الأصفر».
وعمّا إذا كان احتياط الذهب في مصرف لبنان، يساعد في حل جزء من مشكلة الدين العام، أوضح «أن قيمة احتياطي مصرف لبنان من الذهب هي 9.2 مليون أونصة ذهب، وهي عبارة عن سبائك مجمّدة، ولا يمكن أن تفيد بشيء، على الرغم من أن قيمتها ارتفعت طبعًا نتيجة إرتفاع أسعار الذهب. فثمة قانون صدر عن مجلس النواب العام 1985، يمنع المساس بالذهب، بيعًا أو تسييًلا، ويمكننا القول إن وجود الذهب كاحتياطي في مصرف لبنان، هو عامل ثقة للمواطن اللبناني بعملته وببلده».

 

الذهب والمستقبل
لم يعد الذهب بأي حال من الأحوال، يؤدي الوظائف الأساسية للنقود. فهو اليوم مادة للتجارة، وعليه نوعان من الطلب، صناعي واستثماري؛ ولم يعد يشارك في تكوين الأسعار، حتى ولو بشكل غير مباشر. فالأسعار تعيش عالمها بينما يعيش الذهب عالمه. ولقد فقد اليوم وظيفته كوسيط للتبادل وكأداة للمدفوعات الآجلة. فهو إما يرقد خاملاً في أقبية البنوك المركزية، وإما يستهلك من قبل القطاع الخاص ولأهداف لا تمتّ للنقود بصلة. لكن فقدان الذهب دوره النقدي، لا يعني بالتالي أنه وبكل بساطة تحوّل كليًا الى عالم السلع، فهو ما يزال وسوف يبقى «سلعة من نوع خاص» وما يجعله كذلك، صناعته الاستخراجية وتسويقه عبر آلية السوق، واستخدامه كمادة تجارة في البورصات، بالإضافة الى ما يتمتع به من صفات تقنية.
كما أنّ الذهب ما يزال في سلوك الناس وعاداتهم ووعيهم محاطًا بميزات خاصة، من الصعب التخلي عنها بسهولة. وحتى بعد أن توقف هذا المعدن عن أن يكون نقوداً، من الواضح أن له من خلال العادات والتقاليد قوة الاستمرار النفسية والاجتماعية.

 

مناطق إنتاج الذهب
لا يزيد عدد البلدان المنتجة للذهب عن خمسين بلدًا، أما عدد البلدان التي تنتجه بمستوى صناعي فلا يزيد عن عشرين بلدًا، وأهم مناطق الإنتاج هي الآتية:
- جنوب أفريقيا: تقع أهم مناجمها في إقليم الران وترانسفال وغرب جوهانسبورغ وأهم شركاتها هي «أنكلاغولد». وقد شكل إنتاج هذا البلد منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الخمسينيات نصف الإنتاج العالمي.
- الولايات المتحدة الأميركية: تنتشر أهم مناجمها في كولورادو، كاليفورنيا، داكوتا، أريزونا، نيفادا، يوتا وألاسكا، وأهم شركاتها «نيو مونت». وكان إنتاجها قد سجل في بداية التسعينيات نموًّا ملحوظًا، ثم عاد ليهبط بشكل حاد في السنوات الأخيرة، بسبب تدني إنتاج مناجمها. وتعتبر الولايات المتحدة الأميركية الثانية في إنتاج الذهب.
- استراليا: قابل هبوط إنتاج الذهب في أفريقيا وفرة في إنتاجه في استراليا في الثمانينيات من القرن الماضي، ويحتل هذا البلد المرتبة الثالثة في انتاج الذهب.
- الصين الشعبية: تقع أهم مناجمها في منشوريا وفي منطقة تسين ليبغ شان وجنوب شنسي. وتحتل المرتبة الرابعة بين الدول المنتجة للذهب. وتشترك روسيا مع البيرو في إحتلال المركز الخامس.

 

ألوان الذهب
إن مزج الذهب بمعادن أخرى يزيد مقاومته ويعدّل لونه. فإضافة النحاس الى الذهب يجعله زهري اللون أو أحمر، والفضة تجعله ضاربًا إلى الخضرة، والنيكل أو البلاديوم يجعله أبيض اللون. كما يستعمل البلاتين بكمية صغيرة لإزالة لون الذهب وزيادة مقاومته للتأكسد في طب الأسنان. وعندما يحكى عن «الذهب الزهري»، يكون الأمر عبارة عن سبيكة محددة تتضمن 16% نحاساً و 9% فضة. أما الذهب الأصفر فيحتوي على 12.5% نحاسًا و12.5% فضة. ويحتوي «الذهب الرمادي» على 14% من النيكل و11% من النحاس والزنك.

 

فقاعة الذهب
 في دراسة متخصصة حول تطورات أسعار الذهب واتجاهاته العامة في الأجل الطويل، وعن فقاعة سعر الذهب التي تتكون حالياً، يوضح تطور أسعار الذهب منذ العام 1267 حتى العام 2010 (أي خلال 740 عاماً تقريبًا)، أن سعر الذهب من الناحية الحقيقية يميل إلى أن يكون ثابتًا تقريبًا، ما عدا الفترات التي تشهد صعودًا غير عادي في أسعاره مثل الفترة التي يعيشها العالم حاليًا.
إن مثل هذه القفزات التي تحدث في سعر الذهب يتم تعديلها لاحقًا، ووفق الاتجاه العام الطويل الأجل، سوف يعود السعر مرة أخرى إلى معدلاته الطبيعية.

 

استخدامات الذهب
في ما خصّ استخدامات الذهب الذي يتم استخراجه من باطن الأرض، استخدامه كحلي ومجوهرات (52% من الذهب المستخرج)، يليه في الأهمية كأصل استثماري (18% من الذهب المستخرج)، ثم ما تحتفظ به البنوك المركزية في صورة سبائك (16% من الذهب المستخرج)، واستخدامه في الأغراض الصناعية (12% من الذهب المستخرج). فقد حصل تطور هام جدًا في الطلب على الذهب، كأحد الأصول الاستثمارية، بحيث بات الاستثمار يمثل ثاني أكبر مصادر الطلب على الذهب في العالم.
ويتبيّن أنه خلال العشر سنوات السابقة كان العرض من الذهب شبه ثابت تقريباً، وهو ما يعني أن عرض الذهب فشل في أن يتماشى مع الزيادة في الطلب عليه، بصفة خاصة الزيادة في الطلب المصاحبة للأزمة، الأمر الذي ساعد على تكوّن فقاعة الذهب بمستوياتها الحالية.

 

صناديق الاستثمار
تؤكد الدراسة أن أحد الأسباب الأساسية لارتفاع سعر الذهب الحالي، هو محتفظات صناديق الاستثمار من الذهب، فبحلول أيار 2010 كانت محتفظات الصناديق الاستثمارية منه حوالى 55 مليون أوقية،  ومع تزايد المحتفظات من الذهب لأغراض الاستثمار مالت أسعار الذهب نحو الارتفاع إلى مستويات تاريخية (من الناحية الاسمية).
 وتعتبر الدراسة أن جمع الصناديق المتداولة للذهب 55 مليون أوقية، يعني أنه مقدم على كارثة في المستقبل، عندما تستقر أوضاع العالم الاقتصادية ويتوقف سعره عن الارتفاع. وتشعر هذه الصناديق أن الذهب يمثل مشكلة بالنسبة إليها، فهو أصل مكلف ولا يحقق عائدًا يتناسب مع تلك التكلفة، لذلك عندما تقرر التخلص منه، ستنفجر فقاعة الذهب في وجه الجميع، وسيكون الضحايا هم من وثقوا في المعدن الثمين. إنها الدوافع نفسها وراء كل الفقاعات المالية التي تحققت في العالم على مر تاريخه، ولكن المشكلة أن المضاربين ذوي ذاكرة قصيرة، أو لا يرغبون في أن يوقظهم أحد من الوهم الذي يعيشون فيه.

 

معدلات الفائدة وسعر الذهب
تفيد الدراسة من خلال المقارنة بين تغيّرات معدل الفائدة، ومعدل التغير السنوي في سعر الذهب، بأن ميل معدل الفائدة نحو الارتفاع يصاحبه تراجع أسعار الذهب، بينما تميل أسعار الذهب، نحو الارتفاع مع ميل معدلات الفائدة نحو الانخفاض، أي أن هناك علاقة عكسية بين هذه الأسعار واتجاهات معدل الفائدة، وبما أن معدلات الفائدة قد مالت نحو التراجع بشكل كبير خلال الأزمة الحالية، حتى بلغت الصفر تقريبًا، فليس من المستغرب أن تميل أسعار الذهب نحو الارتفاع على النحو الذي نشاهده حالياً. وبالتالي من المتوقع أن يحدث انعكاس في اتجاه هذه الأسعار مع خروج العالم من حالة الكساد واتجاه معدلات الفائدة نحو الارتفاع.
واخيرًا تخلص الدراسة إلى القول إن الذهب بالفعل يكوّن حالياً فقاعة أو بالوناً، تعمل قوى مختلفة على ضخ المزيد من الضغوط فيه، والمشكلة هي أنه مع تزايد هذه الضغوط وبلوغها المستوى الحرج فإن الفقاعة سوف تنفجر. فأسعار الذهب الحالية لا تعبّر عن الاتجاه العام لسعره. والاعتقاد باستمرار ارتفاع أسعاره في المستقبل الى ما لا نهاية هو اعتقاد خاطئ، وفقاعة الذهب الحالية في طريقها نحو الانفجار مع انعكاس العوامل التي أدت الى تكونها، ولكن متى ستنفجر؟ لا أحد سوى الله يعلم ذلك، ولكنها من المؤكد ستنفجر، مثلما انفجرت الفقاعات كافة التي تكونت عبر التاريخ.

 

المصدر:
http://www.businessinsider.com


للصناعة والطب و...
يستخدم الذهب في الصناعات الإلكترونية، وفي طب الأسنان، وفي أعمال الديكور والزخرفة. غير أن الإحصاءات الدولية تشير إلى أن استخدام الذهب في المجالات المذكورة هو أقل بكثير من استخدامه لأغراض الزينة (المجوهرات).
للذهب خصائص تجعله أكثر المعادن استخدامًا في صناعة الإلكترونيات نذكر منها أنه موصل جيد للطاقة الكهربائية، ويمكن طرقه وسحبه على شكل رقائق بسماكة 1/1000 ملم، كما انه غير قابل للتلف. وتحتل اليابان والولايات المتحدة الاميركية بدون منازع، المرتبة الأولى في استخدام الذهب في هذه الصناعة.

 


الذهب في حقائق وأرقام
• معظم الذهب الذي تم اكتشافه منذ 6000 عام ما يزال بحوزة الإنسان. ولو تمّ تجميع هذا الذهب وصهره فقد يشكل مكعباً ضلعه 59 قدماً ووزنه 103.000 طن متري.
• الذهب هو أكثر المعادن ليونة وطواعية. يمكن سحب الأونصة الواحدة على شكل سلك طوله 5 أميال، أو طرقها على شكل صفيحة رقيقة للغاية حتى تغطي مساحة قدرها 100 قدم مربع.
• الذهب أكثف من الحديد بمرتين ونصف المرة ومن الرصاص بضعفين.
• من خلال استخراج طن واحد في المناجم يمكن الحصول على أونصة واحدة من الذهب.
• البنك الاحتياطي الاتحادي في مدينة نيويورك يختزن 512 طناً مترياً من الذهب قيمتها حوالى 144 مليار دولار في خزنة تحت الأرض مساحتها نصف مساحة ملعب كرة القدم.
• تقدر قيمة الذهب الذي ذاب في محيطات العالم بـ 8 مليارات طن وهناك 35 ألف طن ما تزال موجودة في قشرة الأرض.
• يتم تصنيع ما يزيد عن 19 طنًا من الذهب في خواتم الزفاف كل سنة.
• في بعض الأحيان يتم استخدام الرقائق الذهبية لعمل ديكور قالب الحلوى وغالبًا ما يحدث هذا في اليابان.
• كلمة قيراط مشتقة من كلمات عربية ويونانية وإيطالية لوصف ثمرة شجرة الخروب. وكان التجار يستخدمون ثمار الخروب كثقل عند بيع الذهب والمجوهرات.
• يعتبر منجم هوم ستيك في ليد، جنوب داكوتا، أقدم منجم في العالم.
• أكبر كتلة ذهب هي ويلكوم سترانجر اكتشفت في أستراليا العام 1896 وتزن 2.280 أونصة.