متقاعد يتذكر

بينه وبين البحر حكايات وذكريات
إعداد: باسكال معوض

 المؤهل الأول المتقاعد غازي الشيري من طليعة المتطوعين لسلاح البحرية

 “37 سنة إلا 20 يوماً”، هذه هي المدة التي قضاها المؤهل الأول المتقاعد غازي الشيري في المؤسسة العسكرية. وكان خلال معظمها بحاراً يجوب المياه الإقليمية مشاركاً في مهام المراقبة والحماية والإنقاذ. هنا خلاصة تجربته المديدة في رحاب الجيش والبحر. يستهل المؤهل الأول المتقاعد غازي الشيري بالقول: كنت في الثامنة عشرة من عمري وحلمي أن أكون بحاراً أعمل على سفينة، وكنت أعشق البزة البحرية؛ لذا عندما فتح باب التطويع التحقت بسلاح البحرية، وخضعت لأول دورة من نوعها في الجيش اللبناني، كنا نحو 280 شخصاً التقينا في منطقة المتحف في بيروت لتقديم طلباتنا ولإجراء الامتحانات المطلوبة.
 وعلى الاثر تم إرسالنا الى معهد التعليم في طرابلس حيث قضينا نحو 3 أشهر في تدريب مكثف على العلوم العسكرية والإجمالية، تخرجنا بعدها جنوداً في البحرية. كان مركز سلاح البحرية في مرفأ بيروت واقتضت مهمتنا مراقبة الشواطئ والمياه الإقليمية اللبنانية من الناقورة الى نهر البارد. وكانت البحرية آنذاك تملك ثلاث خافرات وطرّاداً قناصاً، نجوب المياه على متنها ليلاً ونهاراً.
 عملت نحو 10 سنوات في هذا المجال وخضعت لدورة تدريبية في العام 1961 لمدة شهرين على وسائل الانقاذ البحري مع البريطانيين، وتأهلت أثناءها للقيام بدورة مناورة في فرنسا في العام 1969. دامت الدورة نحو 6 أشهر حصلت في ختامها على شهادة عليا في المناورة البحرية. وفي العام 1971 انتقلت من قاعدة بيروت البحرية الى جونية حيث تأسست فيها قاعدة جديدة. ويتابع قائلاً: في العام 1977 التحقت بوزارة الدفاع ¬ مديرية الأفراد حيث تنقلت في أقسام عدة الى أن عينت أمين سر قسم “مكتب التقاعد”. وفي العام 1988 نقلت الى مركز في قانا، وعملت كأمين سر مكتب الارتباط مع القوات الدولية لمدة سنتين. كانت حياتي العسكرية ممتازة، ومرارتها لا تذكر مقارنة بأيامها الحلوة. وأذكر أيام كنت في البحرية عندما كنا نجوب الشاطئ بالخافرة ونبقى أياماً طويلة في البحر في مهام المراقبة بين بيروت وقبرص. وعندما كان أحد البحارة يتعرض لمشكلة ما كان يرسل طاقيته البيضاء في الجو طلباً للنجدة من رفاقه البحارة، وفقاً لعادات البحرية، فيهبون لنجدته والدفاع عنه.
 ويختم بالقول:
 في تلك الأيام كانت الحياة العسكرية صعبة جداً، فالعسكري العازب كان عليه أن ينام في الثكنة وأن يظل مرتدياً ثيابه العسكرية ولو خارج دوام العمل، حتى أنه كان يرتدي اللباس العسكري في حفل زفافه. لكن تلك الفترة تميزت بأجواء الإلفة والأخوّة التي تنشأ بين العسكريين جراء بقائهم مع بعضهم البعض في الثكنة لأوقات طويلة.

 تصوير: المجند حسام صوّان