هو وهي

تحقيق الأهداف والتزام الوعود: النجاح حليف الواقعيين والمثابرين
إعداد: ريما سليم ضوميط

«في هذا العام، سأكون الزوجة المثالية... وأنا سأكون الرجل الذي تُحسَدين عليه... سوف نسافر في الرحلة التي طالما حلمنا بها...سوف نشتري سيارة جديدة...» وعودٌ خيالية يتبادلها الكثير من الأزواج وأهدافٌ عالية السقف تولد في لحظات الفرح مع بداية كل عام ولا تلبث أن تتكسّر شيئًا فشيئًا على أرض الواقع مخلّفةً الخيبة وأحيانًا الألم.
كيف يمكن للزوجين أن يحقّقا الأهداف والوعود التي يتبادلانها مع إطلالة كل عام فلا تظل حبرًا على ورق؟ سؤال يجيب عنه الاختصاصي في علم النفس العيادي المؤهل أول عمّار محمد.


يؤكد المؤهل أول محمّد أنّ الوعود العشوائية والأهداف غير المدروسة بإمعان يصعب التزامها وتطبيقها كونها لا ترتكز على أسسٍ سليمة وأبرزها تقدير الإمكانات الذاتية، بالإضافة إلى تحديد العراقيل والتزام جدول زمني محدد. وهو يعرض في هذا الإطار بعض النماذج التي تظهر أخطاء الأزواج في وضع أهدافهم وطرق تصحيحها.
 
وضع أهداف واقعيّة
وعد ربيع زوجته سهى لدى ولادة طفلهما الثالث منذ ست سنوات، بأن يشتري بيتًا أكبر ينسجم مع التغيير الذي استجد في العائلة، وهو لم يفِ بوعده حتى اليوم، الأمر الذي سبّب له خلافات حادّة مع زوجته. يبرّر ربيع بالقول إنّه موظّف ذو راتب محدود بالكاد يكفيه لسد الحاجات الضرورية للعائلة، وليس بإمكانه الدخول في مشروع تقسيط طويل الأمد.
الخطأ الذي وقع فيه ربيع، أنّه وضع هدفًا كبيرًا غير قابل للتحقيق في المدى المنظور. لذلك، يُنصح الأزواج بوضع أهدافٍ واقعيّة تناسب قدراتهم وإمكاناتهم الذاتية. كما يجدر بهم التنبّه إلى أن بعض الأهداف لا يمكن تحقيقها بين ليلة وضحاها، بل إنّها تحتاج إلى وضع جدول زمني يتم بموجبه تنفيذ العمل على عدّة مراحل.
 
إيجاد الوسائل اللازمة لتحقيق الهدف
«أعدك أنّني سأهتم بك كثيرًا وسوف تكون أسعد زوج في هذا العام» هذا ما أكّدته لين لزوجها في ذكرى ميلاده، وبعد مرور عدّة أشهر مازحها يومًا بالقول: «ما زلت أنتظر تحقيق وعدك لي في عيد ميلادي».
لقد وقعت لين في خطأ العناوين الكبيرة الرنّانة التي تُسعِد الأذن من دون أن ترضي العقل. وقد كان الأجدى بها أن تحدّد بوضوح الوسائل التي ستعتمدها للاهتمام بزوجها، فتعده مثلًا بأن تؤمّن أجواءً عائلية مريحة في المنزل، أو أن تخصّص المزيد من الوقت لنشاطاتهما المشتركة، أو أن توفّر المال اللازم لشراء الهاتف الذي طالما رغب باقتنائه، إلخ... فهناك أمور بسيطة تجلب السعادة إلى المنزل، وهي لا تتطلب جهدًا كبيرًا أو إمكانات مادية ضخمة، وإنما المطلوب فقط تحديدها بوضوح وشفافية.
 
تحديد العراقيل ومعالجتها
تبادل ناجي وميرنا وعدًا منذ أعوامٍ ببناء منزل في قريتهما الجبليّة يقضيان فيه الصيف مع عائلتهما لكنّهما تخلّيا عن هدفهما بعد مدّة قصيرة بسبب العراقيل التي واجهتهما. تقول ميرنا: لطالما رغب زوجي في بناء منزل في القرية، لكننا اصطدمنا بعدّة عراقيل، أولها أنّ الأرض التي سيبنى عليها المنزل كانت مشتركة بينه وبين أفراد من عائلته، كما أنّه لم يكن يملك الوقت الكافي لمراقبة عمل البنائين عن كثب، فقرّرنا التخلّي عن مشروعنا.
إنّ معظم الأشخاص الذين نجحوا في الوصول إلى أهدافهم هم ممّن تمكنوا من تحديد العقبات التي تعترض عملية التنفيذ، ولم يقفوا مكتوفي الأيدي تجاهها وإنّما ابتكروا طرقًا مناسبة للتغلّب عليها ومواصلة مسيرتهم باتجاه الهدف المحدد.
 
الإصغاء إلى ما يريده الآخر
أهدى عادل زوجته في ليلة رأس السنة طاقمًا من الماس قد تتمنى معظم النساء اقتناءه، لكنّه لم يتمكن من إسعادها! توضح الزوجة الموضوع من وجهة نظرها قائلة: «نحن عائلة ميسورة، لدينا ما يكفي من المال لتأمين كل ما نرغب في الحصول عليه، لكننا في المقابل لا نعيش حياة عائلية طبيعية، إذ لا نقضي ما يكفي من الوقت معًا، ولا نتشارك مسؤولية أولادنا معًا، لأن زوجي غائب عن المنزل في معظم الوقت بداعي العمل، وقد أوضحت له مرارًا إنّني والأولاد نفتقد وجوده بيننا بشدّة. جلّ ما نطلبه هو قضاء المزيد من الوقت معًا كعائلة، والقيام بنشاطات مشتركة، أو حتى تناول الفطور أو العشاء على مائدة واحدة كعائلة متماسكة!».
من المؤسف جدًا أن بعض الأزواج يضعون الكثير من الجهد لإسعاد الشريك من دون أن يتمكّنوا من ذلك والسبب أنهم يقدّمون له ما يرضيهم شخصيًا، بدلًا من أن يصغوا إلى ما يريده هو منهم.
 
تطوير المهارات الذاتية
«سأرافقك في نزهاتك إلى الشاطىء» أكّدت لينا لزوجها، وقد وفت بوعدها لكنّها أخفت عنه الملل الذي تشعر به خلال هذه النزهات. تقول لينا: «قدّمت لزوجي وعدًا يرضيه ولا يرضيني، فأنا لا أتقن السباحة وأشعر بمللٍ كبير حين أكون في انتظاره على الشاطىء».
إنّ الرغبة في إرضاء الآخر يجب أن لا تتعارض مع إرضاء الذات كي لا تأتي النتائج مخالفة للهدف المنشود. فإذا كان من الممكن أن يطوّر أحد الزوجين مهاراته الذاتية لمجاراة شريكه في هواياته، فهذا أمرٌ جيد ويُنصح به، أما إذا عجز عن ذلك، فيفترض أن يصارح شريكه بحقيقة موقفه.
في الختام، يؤكد المؤهل أول محمد أهمية الالتزام والاستمرارية في تحقيق الأهداف، إذ لا يجوز أن يسعى المرء إلى تحقيق هدفٍ ما عند الشعور بالحماسة ليتخلى عنه في لحظة يأس أو لدى مواجهة الصعوبات والعراقيل. فالنجاح حليف المثابرين الذين لا يخشون التحديات مهما عظمت.