تخريج

تخريج دورة الأركان التاسعة والعشرين
إعداد: تريز منصور - نينا عقل خليل

 

اللواء الركن سلمان: شاراتكم خط أحمر بين التردّد والإقدام... وبين الباطل والحقّ

أكد رئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان «أن الجهود والتضحيات ما هي إلاّ ترجمة عملية لقرار الجيش الحازم في التصدّي لأخطر عدوّين يتهدّدان لبنان، إسرائيل التي تتقلّب كالأفعى بين السلم والحرب وتحاول اقتناص الفرص لإعادة إحياء أطماعها التاريخية ومشاريعها التوسّعية ضدّ لبنان، والإرهاب الذي يلاقيها بفكره الظلامي والإجرامي، وسعيه الدائم إلى جعل لبنان، ساحة من ساحاته العبثية، حيث الكلمة الفصل، للتنكيل والإجرام وانتهاك الحرمات والكرامات».


الوقائع
كلام اللواء الركن سلمان جاء خلال ترؤسه احتفال تخريج دورة الأركان التاسعة والعشرين (والتي ضمت ثمانية وثمانين ضابطًا)، في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي. وقد حضر الاحتفال قائد الكلية العميد الركن علي مكه، رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور عدنان السيد حسين، عدد من ممثلي قادة الأجهزة الأمنية والسفراء والملحقين العسكريين وعمداء الجامعات في لبنان، إضافة إلى أساتذة الكلية والضباط المدرّبين وعائلات الضباط المتخرّجين.
بعد النشيد الوطني اللبناني، كانت كلمة مدير الدورة العميد الركن ميلاد إسحاق، ثم تلا العميد الركن خالد كنعان مذكرة منح لقب ركن، ومذكرة أسماء لائحة الشرف، تلتهما مذكرات التهاني.

 

كلمة اللواء الركن سلمان
ممثل قائد الجيش اللواء الركن سلمان قال في كلمته: «تتخرّجون اليوم ضباطًا قادًة أركانًا، وفي تخرّجكم الميمون هذا، إنّما تحصدون غلال ما زرعتم بالجهد والكدّ والمثابرة، سنابل مثقلة بحبّات الخير، تلقونها في معجن المؤسسة، لتتحوّل عمّا قريب خبزًا يضوع بأريج الكرامة والعنفوان. فانطلقوا إلى الغد بخطى واثقة، دليلكم بوصلة الحق والإيمان، ونبراسكم المعرفة والانضباط، وحافزكم الدائم، شرف الانتماء إلى هذه المؤسسة، وخدمة وطنكم لبنان الذي تهون في سبيله المهج والأرواح».
وأضاف اللواء الركن سلمان: «دورتكم ليست الأولى في سلسلة دورات الأركان، ولن تكون الأخيرة بالتأكيد، لكنها تأتي في ظلّ أوضاع استثنائية تمرّ بها البلاد، وأزمات إقليمية غير مسبوقة، تصيب بشظاياها لبنان بشكل أو بآخر. هذه الظروف الصعبة بأبعادها ودلالاتها وانعكاساتها الكثيرة، قد حتّمت على الجيش ولا تزال، مضاعفة الجهود، بذلًا وسهرًا وتضحيات من دون حساب، حفاظًا على مقوّمات وجود هذا الوطن واستمراره سيدًا مستقلًا،  واحدًا موحّدًا بأرضه وشعبه ومؤسساته».
وتابع اللواء سلمان: «إننا بكلّ فخر واعتزاز نقول: لقد استطعنا بكلّ ما للكلمة من معنى أن نحمي لبنان من عدوّين خطيرين، سواء من خلال جهوزية الجيش الكاملة والدائمة على الحدود الجنوبية لردع أي عدوان إسرائيلي محتمل، أو من خلال الإنجازات اليومية والانتصارات الواضحة التي حقّقها هذا الجيش في جميع المواجهات التي خاضها ضدّ التنظيمات الإرهابية على الحدود الشرقية، ومواصلة اقتلاع أشواكها الخبيثة في الداخل. إن النجاحات الباهرة هذه، في وقت عجزت أكبر جيوش العالم، إمكانات وتطورًا عن تحقيقها... تؤكّد مدى إيمان الجيش اللبناني برسالته، ووعي ضباطه وأفراده لواجباتهم، واستعدادهم الدائم للتضحية بالغالي والنفيس دفاعًا عن الوطن، إلى جانب ثقة اللبنانيين بهذه المؤسسة، ورفضهم القاطع لظاهرة الإرهاب، الغريبة عن نسيجهم الاجتماعي، وإرثهم الحضاري والثقافي، الضاربة جذوره في أعماق التاريخ».
وقال اللواء الركن سلمان: «إن مشاعر الفرح التي تغمر نفوسكم بمناسبة هذا التخرّج، يوازيها رهان القيادة على دوركم الأساسي، في شدّ عصب الوحدات وتجديد انطلاقتها، وتحفيزها على مزيد من التقدّم والإنتاج، بعد أن تلقّيتم ما يكفي من العلوم العسكرية العالية في مجالات التكتية والاستراتيجية، وأصول قيادة الوحدات وإدارتها خلال العمليات القتالية.


لذا أدعوكم إلى الآتي:
-  ضعوا كلّ ما اكتسبتموه في خدمة وحداتكم وبين أيدي مرؤوسيكم، فالمعرفة القابعة في الظلّ شكل من أشكال الأنانية، ولا معنى لها إن لم تخرج من الظلمات إلى نور الشمس.
- حافظوا على قيم المؤسسة وثوابتها، وأعطوا المثال في الالتزام والمناقبية والانضباط.
- واظبوا على تطوير أنفسكم باستمرار، ففي هذا الزمن الذي يشهد تطوّرًا هائلًا على مختلف الصعد، لم يعد الاكتفاء بنصف المعرفة مقبولًا، ولم يعد هناك من مكان للمنتظرين على رصيف الماضي.
- تذكّروا دائمًا أنكم قادة مسؤولون، والعطاء يكون دائمًا على قدر المعرفة والمسؤولية.
- أخيرًا وليس آخرًا، إجعلوا من شارات الأركان التي ارتفعت اليوم فوق أكتافكم، خطًا أحمر بين التردد والإقدام، والخوف والشجاعة، وبين الضعف والثقة، والباطل والحقّ.
باسم قائد الجيش العماد جان قهوجي، أتوجّه إليكم بالتهنئة الخالصة والتشجيع المستمرّ، وأخص بينكم رفاقًا من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وضباطًا عربًا أشقاء من جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية، تميّزوا طوال فترة الدورة بالمناقبية والإنكباب على التحصيل العلمي، كما أتوجّه بالشكر إلى الضباط والأساتذة المحاضرين، كذلك إلى عائلاتكم التي بذلت جهودًا إضافية لتسيير أمورها الحياتية أثناء متابعتكم التدريب.
يبقى أخيرًا القول: إنّ في هممكم الواضحة وعزمكم اللامحدود على قهر المصاعب، إشارة منكم للأجيال، بأنّ على الإنسان أن يكون جادًا وصبورًا ومنتجًا على مدى عمره، فبذلك تسمو الجيوش وتنهض الشعوب والأوطان».

 

كلمة الكلية
قائد كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان العميد الركن علي مكه قال في كلمته: «في كل عام وعند نهاية كل دورة أركان، يزهو هذا الصرح التعليمي العالي، وهو يزفّ إلى الجيش تخريج نخبة من الضباط القادة الأكفاء. أما موعدنا اليوم، فيمتثل بتخريج دورة الأركان التاسعة والعشرين، فلتكن هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا جميعًا، مناسبة للفرح بموسم الحصاد، وشرف القيام بالمهمة الأصعب وتولّي المسؤولية الأعلى، هذه المسؤولية التي لا يستحقها إلا الرجال الرجال، الواثقون بأنفسهم والمصممون على بلوغ أهدافهم، مهما كانت الصعاب والأعباء والتضحيات».
وأوضح العميد الركن مكه أن «قيادة الجيش قد أولت كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان كل الاهتمام، كونها مصنع القادة في الجيش، الذي على عاتقه تقع مسؤولية تدريب الضباط، وصقل كفاءتهم وتأهيلهم لقيادة الوحدات الكبرى. وقد دأبت القيادة على تقديم الدعم المادي والمعنوي لهذه الكلية، التي حرصت بدورها على الاستجابة الكاملة لهذا الدعم، سعيًا إلى ترسيخ مكانتها المرموقة بين أفضل كليات القيادة والأركان في جيوش العالم. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، فإن جهودًا مكثّفة وحثيثة قد بُذلت ولا تزال من قبل جميع المعنيين في الكلية، قيادة وضباطًا مدربين وإداريين، وأساتذة محاضرين شكلّوا معًا فريق عمل متكامل الأدوار، ومحرّك ورشة التدريب الناشطة والمتسارعة على مختلف الصعد».
وتوجه إلى المتخرجين بالقول: «كونوا قادة بكّل معنى الكلمة، تعملون ليل نهار في سبيل تطوير وحداتكم نحو الأفضل والأكمل، وتقدمون المثال في الإخلاص لرسالة الجيش والتفاني في أداء الواجب، واضعين دائمًا نصب أعينكم، ما بذله رفاقكم الشهداء من تضحيات جسام من أجل الوطن...».
وأضاف: «لقد سهرتم الليالي الطوال، وبذلتم الجهود المضينة على امتداد سنة من التدريب النوعي والمكثف، حتى تحقّق لكم هذا النجاح المميّز، ولا شك في أنكم ستلمسون نتائجه الإيجابية الحاسمة على أرض الواقع، حين تعودون غدًا إلى وحداتكم، إذ ستجدون أنفسكم أكثر قدرة على مواجهة المصاعب والأخطار، وعلى التكيّف مع ظروف المعركة الحديثة واحتمالاتها المتشعّبة، وعلى الاستثمار الأقصى للوسائل العسكرية والطاقات البشرية الموضوعة بتصرّفكم، فحروب أيامنا الحاضرة لم تعد سلاحًا ووسائل قتالية فحسب، بل أيضًا علمًا وفكرًا وخبرة..».
وختم العميد الركن مكه بالقول: «تغادرون اليوم هذه الكلية، لكنكم لن تخرجوا من قلبها وذاكرتها ومن أملها المعقود على كلّ واحد منكم».

 

كلمة المتخرجين اللبنانيين
كلمة الضباط اللبنانيين في الدورة ألقاها طليعها العقيد الركن أنطوان قهوجي الذي قال: «نلتقي اليوم بعد عشرة أشهر أمضيناها في هذا الصرح الأشمّ. عشرة أشهر صقلت هويّتنا العسكرية وأشبعت رغباتنا العلمية...
عشرة أشهر من الإصرار على توسيع الآفاق، أنهكنا وأُنهِكنا، حتى أصبحنا على تماس مع نقطة الذروة، لكنّنا تجاوزنا خطّ الحصاد،  وحقّقنا الإنجاز الأساسي...».
وأضاف: «إنها دومًا الإرادة. فكما كانت لنا إرادة التضحية بالدم وخوض المعارك لمحاربة أعداء الوطن، كان لا بدّ لنا من إغناء مخزوننا العلمي والثقافي، وتعزيز قدراتنا ، ليبقى جيشنا صمّام الأمان ومصدر الطمأنينة...».
وشكر العقيد قهوجي قيادة الجيش وقيادة الكلية ومدير الدورة والاساتذة المحاضرين فيها موجهًا لهم «ألف تحية عرفان وتقدير...».

 

كلمة المتخرجين العرب
أما كلمة المتخرجين العرب فألقاها المقدم الركن مصطفى عبد الوهاب (من الجيش المصري) الذي قال: «..اللسان يعجز عن التعبير عمّا يجول في خاطري ويكنّه قلبي من مشاعر وأحاسيس حيال بلد عظيم وجيش أبيّ وصرح علمي شامخ ونخبة من الأخوة والأصدقاء».
وتابع: «البلد العظيم هو لبنان، وطن الحضارة والتنوّع والانفتاح والشعب الخلاّق الذي أنجب المفكرين والمبدعين والأبطال... والجيش الأبيّ، هو الجيش اللبناني مركز ثقل الوطن، وسرّ استقراره، ورمز عزّه وفخّره، والذي يتبوّأ مكانته المتميّزة بين سائر جيوش العالم كفاءة وانضباطًا وعلمًا وقيمًا عسكرية وإنسانية عليا. والصرح العلمي الشامخ هو كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، تلك المنارة الوضاءة التي كان لنا شرف الالتحاق بها، حيث احتضنتنا قرابة العام، ننهل من محراب علمها ونستزيد من نورها كمًّا وفيرًا من العلوم العسكرية والمدنية بأحدث الأساليب العلمية والتقنية، وعلى يد مدربين وأساتذة أكفّاء... وبإشراف قيادة حكيمة ورشيدة، لا  نستطيع مهما حاولنا أن نوفيها حقها من التقدير والعرفان».
وأضاف: «زملائي ورفاقي الضباط خريجي دورة الأركان التاسعة والعشرين،  لقد كنتم نخبة ممتازة من خيرة الضباط علمًا وخلقًا، استطعتم أن توازنوا بين الاجتهاد والواجب، تؤدون دوركم الوطني من ناحية وتبذلون الجهد الأكاديمي في التحصيل والدراسة من ناحية أخرى، فكنتم لوطنكم رمز البذل والعطاء والفداء، فهنيئًا للبنان بكم وهنيئًا لكم بلبنان، وأعدكم بأني سأكون لكم ماحييت بإذن الله أخّا وفيًّا مخلصًا يكنّ لكم أسمى مشاعر الحب وأعظم آيات التقدير...».


التصنيفات
صنّف العقيد الركن أنطوان قهوجي طليع الدورة، بينما صنّف المقدم الركن محمد دحبول في المرتبة الثانية، والمقدم الركن الياس عاد في المرتبة الثالثة.
كما صنّف المقدم الركن مصطفى عبد الوهاب في المرتبة الأولى بين الضباط العرب (الجيش المصري)، والمقدم فارس نوري المناصير ( الجيش الأردني) في المرتبة الثانية.
أما لناحية تصنيف الأبحاث العلمية، فقد صنفّ بحث العقيد الركن أنطوان قهوجي في المرتبة الأولى، وصنّف في المرتبة نفسها عن فئة الضباط العرب بحث المقدم الركن فارس نوري المناصير (الجيش الأردني).