أخبار ونشاطات

تخريج دورة الأركان السابعة عشرة
إعداد: نينا عقل خليل - باسكال معوض

ممثل قائد الجيش: القيادة ميدان رحب للفكر والعطاء

 

أقيم في قاعة العماد نجيم في وزارة الدفاع الوطني، احتفال تخريج ضباط دورة الأركان السابعة عشرة. ترأس الاحتفال رئيس الأركان اللواء الركن رمزي أبو حمزة ممثلاً قائد الجيش العماد ميشال سليمان وحضره السفراء والملحقون العسكريون لكل من: المملكة العربية السعودية، المملكة الأردنية الهاشمية، الإمارات العربية المتحدة وقطر، الى وفد من قيادة الجيش العربي السوري الشقيق. كما حضر ممثلون للمديرين العامين للأمن الداخلي وأمن الدولة والأمن العام وعدد من ضباط قيادة الجيش، وقائد كلية القيادة والأركان العميد الركن محمد عباس وأساتذة الكلية وذوو المتخرجين. استهل الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني، ثم كلمة طليع الدورة والضباط العرب، ألقى بعدهما قائد الكلية العميد الركن عباس كلمة الافتتاح، تلاها تبادل الدروع بين ضباط الدورة وقيادة الكلية، ثم تلاوة مذكرة منح لقب ركن ومذكرة تهنئة الضباط المميزين ولائحة الشرف. وقبل أن ينتقل المدعوون الى حفل كوكتيل احتفاءً بالمناسبة، سلّم اللواء الركن رمزي أبو حمزة الشهادات للضباط المتخرجين وألقى بالمناسبة الكلمة الآتي نصها:

 

أيها الضباط المتخرجون

منذ سنة أتيتم الى كلية القيادة والأركان ضباطاً لبنانيين وعرب أشقاء، يحدوكم توجه هادف وتصميم وإصرار وطموح الى تحقيق ما تصبون إليه في اكتساب المزيد من المعارف والمعلومات العسكرية والعامة العالية، إدراكاً منكم بأن القيادة هي ميدان رحب للفكر والعطاء، وأن ممارستها على الوجه الأفضل تتطلب من الرجال القادة التحلي بصفات استثنائية، مميزة في شتى المجالات. ومن أجل ذلك سهرتم الليالي الطوال، وبذلتم الجهود المضنية، وثابرتم بكل ما لديكم من طاقات، بموازاة حرص وجهد قيادة الكلية والمدربين، عسكريين ومدنيين، على بذل أقصى طاقاتهم وتوفير مختلف الوسائل والسبل اللازمة لضمان حسن سير التدريب. وها أنتم اليوم تقطفون ثمار عرقكم وتعبكم كماً هائلاً من المعارف والخبرات العسكرية القديمة منها والمستجدة، لتشكل بين أيديكم السلاح الأمضى في مواجهة مختلف الصعوبات والعقبات التي تعترض مسيرة خدمتكم العسكرية، وتحد من نزيف وقتكم وجهدكم، وتقودكم الى التحديد السريع والخلاّق للطرائق والأساليب المثلى في قيادتكم للوحدات، وقيامكم بواجباتكم على أفضل وجه، وتنفيذكم لمختلف المهام الموكلة إليكم بنجاح.

 

أيها الضباط المتخرجون

من خلال هذه الدورة التي اتبعتموها بكل جدية والتزام، لا بد وأنكم قد شعرتم وتلمستم مدى المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتق جميع الذين اختاروا شرف الخدمة في مؤسسة الجيش وخصوصاً القادة منهم، وهذه المسؤولية انما تنبع في الأساس من حجم وأهمية الدور الوطني للمؤسسة العسكرية ورسالتها النبيلة في الدفاع عن حياض الوطن وتوفير الأمن والاستقرار لشعبه. ولكي يستطيع أي قائد في أية وظيفة يشغلها القيام بواجباته ومهامه بصورة صحيحة، لا بد أن تتوافر لديه جملة من المقومات، منها ما هي مهيئة لديه أصلاً ومنها ما هي مكتسبة عن طريق التدريب والتعليم والتوجيه ومن أبرز هذه المقومات:

- الأخلاق: وهي القاعدة الأساسية التي تبنى عليها باقي الصفات ومنها يتم الانطلاق نحو تحقيق الأهداف المنشودة، فتحلّي القائد بالمناقبية العسكرية والصدق والنزاهة والترفّع والضمير المهني إنما يدل بصورة جلية عن مدى استعداده الدائم للعطاء والتضحية ومدى إخلاصه وولائه لمؤسسته ووطنه.

- الانضباط: وهو في القوات المسلحة بمثابة الروح في الجسد. ­ المعرفة: وهي الوسيلة الناجعة لتسليح القائد بالإمكانات والقدرات المناسبة، في مجالي التخطيط أو التنفيذ لأي عمل مطلوب، فالمعرفة تعزز ثقة القائد بنفسه وثقة المرؤوسين به، ومن خلالها يستطيع الإحاطة بالمسائل كافة، ومواجهة مختلف الاحتمالات الطارئة، وامتلاك القدرة الواقعية على الاستنباط والتحليل والترابط والتسلسل المنطقيين للأفكار، وحسن التنظيم ودقته وصولاً الى اتخاذ القرارات الصائبة في الظروف والأوقات المناسبة. وكلما تعمقت وتوسعت وتطورت هذه المعرفة كلما استطاع القائد الاقتراب أكثر من مرحلة الإبتكار والإبداع.

- الإنتاجية: وهي العامل الحاسم الذي تتقاطع فيه الأخلاق والانضباط والمعرفة لتجسد إرادة القائد وتوجهه الصادق نحو تحقيق الإنجازات. وفي هذا الإطار فإن أركان القيادة، وبتوجيهات من قائد الجيش العماد ميشال سليمان، تحرص دائماً على إيلاء موضوعي التدريب والتعليم الأهمية القصوى لتحقيق هذه المقومات واكتساب المهارات والقدرات التقنية والتكتية، وذلك من خلال افتتاح الدورات المتنوعة في الداخل والخارج وعلى مختلف المستويات، والتشديد على التدريب المتواصل في القطع والوحدات، الإدارية منها والعملانية، وتوفير الوسائل التقنية الحديثة، والعمل باستمرار على تطوير المناهج والبرامج التعليمية، وأساليب وطرق تنفيذها وإغنائها بمواد اضافية بما ينسجم مع التغيرات الجارية في مجال التقنيات والعلوم العسكرية الحديثة.

 

أيها الضباط الأعزاء

في احتفالنا اليوم بتخرجكم تغمرني مشاعر الفرحة والاعتزاز وأنا أشاهد في ما بيننا ضباطاً من دول عربية شقيقة، تجمعنا بهم عناصر الانتماء الواحد الى هذه الأمة العربية الأصيلة، تاريخاً ولغة وحضارة ومصيراً مشتركاً، وهنا لا بد لي من التنويه بالمستوى الأخلاقي والإنضباطي والمناقبية العسكرية العالية التي تحلّى بها هؤلاء الضباط وبجديتهم وجهودهم المبذولة طوال مراحل التدريب. لهؤلاء الضباط الأشقاء أقول مجدداً: أهلاً وسهلاً بكم في جيشكم ووطنكم.

 

أيها الضباط الأعزاء

إن دورتكم هذه شكّلت فرصة ثمينة لكم لتبادل الخبرات والعلوم العسكرية وخطوة فعّالة على طريق تعزيز التدريب المشترك بين الجيوش العربية بما يسهم في تعزيز وإغناء المعارف العسكرية والإطلاع على المفاهيم والمصطلحات العسكرية ومبادئ وطرق ممارسة فن القيادة المعتمدة في هذه الجيوش، وكل ذلك يصب في خدمة تطلعاتها وأهدافها المشتركة. كمان أن هذه الدورة شكّلت حلقة هامة من حلقات التعاون الأخوي، البنّاء والمثمر بين البلدان والجيوش العربية الشقيقة، ومناسبة لإدراك أهمية هذا التعاون وتأثيره على واقعنا العربي. وخير شاهد على ذلك العلاقة الأخوية بين لبنان وسوريا وأثرها الكبير في تمكّن لبنان من دحر العدو الإسرائيلي الغاصب وتحرير القسم الأكبر من جنوبه. إضافة الى توفيرها لعوامل الاستقرار والنهوض في كلا البلدين الشقيقين وتشكيلها العامل الأبرز في تمكنهما معاً من تجاوز مختلف الأخطار والتحديات والرياح العاتية التي تعصف في منطقتنا العربية منذ عدة سنوات.

باسم قائد الجيش العماد ميشال سليمان، أتقدم بالشكر لسعادة السفراء والملحقين العسكريين ممثلي الدول العربية الشقيقة وممثلي المدراء العامين لقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة على مشاركتهم في هذا الحفل. كما أثني على كلية القيادة والأركان، قادة ومدرّبين وإداريين وأساتذة مدنيين على ما وفّرته من احتضان ورعاية ومتابعة لهذه الدورة وأدعوها الى المزيد من البذل والعطاء والجهد المستمر لتطوير أساليب التدريب ليواكب التطوّر السريع للعلم العسكري ولإعطاء أفضل النتائج في مختلف الدورات المفتتحة.

 وختاماً أهنئ ضباط دورة الأركان السابعة عشرة على تخرجهم وأتمنى لهم ولعائلاتهم التوفيق والنجاح في كل ما سيوكل إليهم من مسؤوليات ومهام، وأدعوهم لأن يضعوا ما اكتسبوه من معارف ومعلومات عسكرية ومدنية في خدمة وحداتهم ومرؤوسيهم، إذ ذاك يكونون على قدر الأمانة، أوفياء لقسمهم ومبادئهم وأهلاً لثقة جيشهم ومواطنيهم بهم.

 عشتم

عاشت الجيوش العربية

عاشت الأوطان العربية