دورات وتخريج

تخريج دورة الأركان السادسة والعشرين
إعداد: روجينا خليل الشختورة

اللواء الركن سلمان: «من عرف أن يكون متدربًا نشيطًا سيعرف أن يكون مدربًا ممتازًا وقائدًا ناجحًا»

إعتبر رئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان أنّ من «عرف أن يكون متدربًا نشيطًا سيعرف أن يكون مدربًا ممتازًا وقائدًا ناجحًا لا يعرف الهزيمة»، وقد أتى كلامه في سياق الاحتفال الذي ترأسه ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي، بمناسبة تخريج دورة الأركان السادسة والعشرين في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان. حضر الاحتفال عدد من السفراء والملحقين العسكريين وممثلي قادة الأجهزة الأمنية ورؤساء الجامعات الوطنية والإدارات الرسمية، إلى جانب عدد من ضباط الجيش وعائلات المتخرجين.


الوقائع
بعد النشيد الوطني اللبناني، كانت كلمة طليع الدورة المقدم الركن جورج رزق الـله الذي تحدث بالنيابة عن زملائه الضباط وقال: «في هذا اليوم المميز من أيام مسيرتنا العسكرية، في يوم من أيام الحصاد المدرار لمن زرع وكدّ وأتقن عمله، نشعر بفرح عظيم لأننا نحتضن في قلوبنا بذور النجاح ونستمتع بخطاه...».
وإذ اعتبر الكلية «مرتع البحث ومنهل العلم، ومصقل الرجولة ومنشأ القادة»، قال: «دخلناك طلاب علم ومعرفة وتخرّجنا فيك قادة محترفين، وهذا بفضل سهر وحكمة قائد الكلية ومعاونيه ومعلمينا الكرام، فلكم منا ألف شكر وتحية...».
بعدها، كانت كلمة الضباط العرب التي ألقاها العقيد خالد النويصر من القوات المسلحة السعودية، والذي شكر بالنيابة عن زملائه، القيادات التي اتاحت لهم المشاركة في هذه الدورة، والأساتذة الأكاديميين من مدنيين وعسكريين أشرفوا على تدريبهم.

 

قائد الكلية
قائد كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، العميد الركن علي مكة قال في كلمته:
«يسعدني أن أرحب بكم فردًا فردًا في هذه الكلية، وأن أشكركم على ما بذلتم من جهود، كلّ من خلال موقعه، للوصول إلى موسم الحصاد في هذا اليوم المشرق، حيث يعظم الإعتزاز بالنجاح، ويكبر القلب بضباط متخرجين، مزوّدين علومًا مدنية وثقافة عسكرية شاملة، على أمل الارتقاء بها في المستقبل القريب إلى ورشة بناء الوطن والجيش، بعد ورشة بناء الذات مهنيًا، وتحصينها بالخبرات والمعارف اللازمة».
وأضاف: «شهاداتكم التي تسلّمتموها اليوم هي بمنزلة رتبة ومرتبة، أنتم فيها حبّة البركة، منبتها مطارح هذه الكلية، التي توصيكم بدايةً عبر معلّميكم المتفانين، بألاّ تعتزلوا الكدّ والجهد في سبيل متابعة تحصيل كلّ جديد في المجال العسكري، وأمر المهمّة لكم، هو أن تبقوا على جهوزية ويقظة عاليتين للحفاظ على ما اكتسبتموه خلال أشهر دورتكم اللامعة، فاجعلوا يمناكم على القلوب وجباهكم إلى الأعلى، مصمّمين على إعلاء مسيرة الشرف والتضحية والوفاء، لأنّ في ذلك كلّه مفخرة وعزًّا لكم ولنا وللجيش والوطن».
وتابع العميد الركن مكة قائلاً: «عندما نتحدث في مجال العلم، تنجلي أمامنا حقيقة راسخة، هي أنّ في العلم الأساس واليقين، فعند حضوره لا مكان للشك والريبة، كما أنّ به تتوحّد المقاييس والمفاهيم وتتلاقى وجهات النظر، والأهم أن من خلاله تزداد ثقة الضابط القائد المسؤول بنفسه، فتدفعه قدمًا إلى متابعة بناء ذاته ومؤسسته ووطنه، على أسس صلبة لا تلين.
في يوم التخرج المشرق هذا، يشرّفنا وجود متخرجين من ضباط قوى الأمن الداخلي، وكذلك من الضباط القادة الأشقاء العرب، من المملكة العربية السعودية، جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية. هم نخبة ممتازة من ضباط القوات المسلّحة في هذه الدول، تابعوا دورة الأركان السادسة والعشرين في الكلية، حيث عملوا بكلّ جدٍّ ونشاط وحازوا نتائج ممتازة، وكانوا على مستوى ثقة بلدانهم وقياداتهم بهم، وبكلية القيادة والأركان في الجيش اللبناني.
كذلك لا بدّ من الإشارة إلى أنه يوجد بيننا، وضمن ملاك التعليم في الكلية، ضابط قائد من القوات المسلّحة الفرنسية، بذل معنا ولا يزال، أقصى الجهود لتطوير التعليم والارتقاء بالمناهج وفق أفضل أساليب التعليم العسكري العالي، كما أسهم بصورة فاعلة في عملية تحديث نظام المشبّه التكتي الإلكتروني، والتي تقوم بها الكلية دوريًا بالتعاون مع السلطات المختصة في قيادة القوات المسلحة الفرنسية».
ثم توجّه إلى المتخرجين قائلاً: «إن كل جهد بذلتموه خلال سنة متواصلة من التدريب النوعي والمكثّف، ستدركون نتائجه الإيجابية، حين تعودون لقيادة وحداتكم في الغد القريب، حيث ستجدون أيضًا أن ما نهلتم من معارف هو السبيل الوحيد للتعويض عن النقص في العتاد والتسلّح، فحروب الحاضر لم تعد سلاحًا ووسائل قتالية فحسب، بل أيضًا علمًا وفكرًا وقدرةً على تنفيذ المناورات الذكية.
كلّما ادلهمّ الجو أو تراءت الصورة قاتمة، كلما ازدادت حاجة المؤسسة إليكم، فوظّفوا إمكاناتكم في خدمتها، في الحرب كما في السلم، وتمسّكوا بعصبية الإنتماء إليها وإلى الوطن كلّه، لتكونوا دائمًا على قدر المسؤولية، وهي بلا شك مسؤولية جسيمة».
وبعد أن هنّأ المتخرجين، ختم داعيًا لهم بالتوفيق في مستقبل أيامهم، وتمنى أن يكونوا على الدوام قادة أكفياء في خدمة المؤسسة والوطن.

 

رئيس الأركان
كلمة قائد الجيش العماد جان قهوجي ألقاها ممثله رئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان الذي استهلها قائلاً:
«نلتقي اليوم هنا، في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، لنشهد بأمّ العين جمع حصاد سنة كاملة من الجهد والتعب في أرض خصبة، عوّدناها على المثابرة والعمل، وعوّدتنا على العطاء والخير الوفير.
في الواقع، لو لم نكن نرى في ذلك مفخرة من مفاخر مؤسستنا العسكرية، لما كان لهذا الإحتفال بهجته، والذي يزداد بهاءً بوقوفكم معنا، وبما نراه وإياكم من نتائج باهرة حقّقها الضباط المتخرّجون. وها قد حضرنا اليوم لتهنئتهم، وتأكيد نجاحهم وتفوّقهم، في ما هدفت إليه قيادة الجيش وما بذلوا من أجله».
ثم توجه إلى المتخرجين، بالقول: «لقد كنتم على مدى دورة الأركان السادسة والعشرين هذه، ضباطًا تلامذة متدرّبين، ونتيجةً لذلك أنتم اليوم تتخرّجون بعد إنهاء دروسكم العالية. لكنني على يقين تام بأنّكم لم تنسوا وظائفكم الأخرى كمدرّبين وموجّهين. كل واحد بينكم قائد مسؤول، ومن حقّه لا بل من واجبه، أن يطمح إلى تطوير صفته القيادية، وهذه هي حاجة المؤسسة إليكم، أن تكونوا متبصّرين ومستعدّين للتضحية، وجاهزين أيضًا لحسن قيادة مرؤوسين، يعملون معكم بالدرجة نفسها من هذه التضحية. ومن عرف منكم أن يكون متدرّبًا نشيطًا، سيعرف بالمقابل أن يكون مدرّبًا ممتازًا، وقائدًا ناجحًا لا يعرف الهزيمة».
وأضاف: «مع تقدّم العلوم العسكرية، وازدحام المعضلات والأعباء، وتنوّع الإحتمالات وتشعّبها، ومع ازدياد أعداد الوحدات وتوسّع اختصاصاتها ومهمّاتها، طرأ على هذه الكلية الكثير من التطوير، سواء على صعيد تنظيم المناهج التعليمية، الكفيلة بإعداد الضابط القائد ثقافيًا وقتاليًا، بما يتناسب مع متطلبات العصر، وطبيعة الأخطار التي يواجهها لبنان، لا سيما تلك المتمثلة بالعدو الإسرائيلي والإرهاب، أو على صعيد تزويد الكلية الوسائل والتقنيات الحديثة، التي من شأنها أن تسهم في التقريب بين النظرية والتطبيق، ومحاكاة ظروف المعركة الحقيقية إلى أبعد حدٍّ ممكن. من هنا تولي قيادة الجيش الاهتمام الأقصى بهذه المسائل، إذ تواكب باستمرار عملية التدريب بكلّ تفاصيلها، وتعمل جاهدة على معالجة الثغرات، وتحديد السبل الفضلى وفق الاقتراحات والمعطيات والنتائج».
وتابع اللواء الركن سلمان قائلاً: «تمرّ منطقتنا العربية بمخاض سياسي وأمني عسير، لم يسبق له مثيل منذ قرون من الزمن. وكلّ تغيير من هذا النوع وفي هذا الحجم، إنما يرتّب أثمانًا باهظة على الدول والمجتمعات، خصوصًا إذا لم تلامس الحلول المقترحة الجذور الحقيقية لهذا المخاض، لا أعراضه ونتائجه فحسب، كذلك من شأن هذا التغيير أن يضاعف حجم الأعباء والمسؤوليات الملقاة على الجسم العسكري، بمعزل عن الحالات التي ستستقر عليها الأنظمة السياسية. من هنا تأتي ضرورة الاستعداد لما هو أصعب وأرفع مسؤولية، سواء لناحية إعادة البناء، أم لناحية إعادة فرض الاستقرار الذي يشكّل بدوره القاعدة الصلبة لأي نهوضٍ اقتصاديٍ وعلمي واجتماعي.
وعلى الرغم من أن لبنان هو البلد الأعرق في المنطقة، في مجال تطبيق الديمقراطية وتوفير الحريات العامة على أنواعها، فإن الاهتمام الأول للجيش اللبناني كان ولا يزال، تحصين الوطن من تداعيات ما يجري على الساحة الإقليمية وخصوصًا في سوريا الشقيقة، وذلك عبر التدخل السريع لمعالجة الإشكالات الأمنية التي تحصل هنا وهناك، وتكثيف حضور القوى العسكرية على الحدود الشمالية والشرقية، لحماية المواطنين ومنع أعمال التسلّل والتهريب بالاتجاهين، بالإضافة إلى الاستمرار في ملاحقة شبكات الإرهاب والعمالة، والاستعداد الكامل لمواجهة مخططات العدو الإسرائيلي، الذي يسعى جاهدًا إلى استغلال ما يجري، بغية إحداث شقوق سوداء في نسيج مجتمعنا الواحد، وبالتالي تعريض وحدتنا الوطنية للخطر».
ثم ختم مهنئًا المتخرجين باسم قائد الجيش العماد جان قهوجي، فقال:
«أتوجّه إليكم بالتهنئة الخالصة والتشجيع المستمرّ، وأخصّ بينكم رفاقًا من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، وضباطًا عربًا أشقاء من المملكة العربية السعودية، جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية، تميزوا طوال فترة الدورة بالمناقبية والإنضباط والإكباب على التحصيل، ولن أنسى بالتأكيد توجيه الشكر إلى الضباط والأساتذة المدرّبين، كما إلى عائلاتكم التي بذلت جهودًا إضافية لتسيير أمورها الإجتماعية، في ظل انصرافكم إلى متابعة التدريب. كما أنني أرى في هذه الدورة، إشارة واضحة منكم للأبناء، بأنّ على الإنسان أن يكون جادًا وصبورًا ومنتجًا على مدى عمره، فبذلك تسمو الجيوش وتنهض الشعوب والأوطان».
إلى ذلك، جرى تبادل الدروع بين ضباط الدورة وقيادة الكلية، كما تليت مذكرة منح لقب ركن ومذكرة لائحة الشرف، بالإضافة إلى تسليم الشهادات للمتخرجين وتوقيع السجل الذهبي.
وختامًا، التقطت الصورة التذكارية وانتقل الجميع إلى مقصف الكلية للاحتفال بالمناسبة.